أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جاسم ألصفار - محاور الخلاف في الحركة الاشتراكية الروسية (الجزء الاول)















المزيد.....

محاور الخلاف في الحركة الاشتراكية الروسية (الجزء الاول)


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 4600 - 2014 / 10 / 11 - 22:03
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



في يوليو/تموز 1903 انعقد اجتماع المؤتمر الثاني للحزب الاشتراكي الديمقراطي العمالي الروسي في بروكسل اولا ، ثم تابع اعماله في لندن. وكان هذا المؤتمر عن حق مؤتمر تأسيسي للحزب الاشتراكي الديمقراطي العمالي الروسي رغم الخلافات حول الموضوعات البرنامجية والتنظيمية التي هيمنت على اجوائه ابتداءً من فترة التهيئة له وحتى انتهاء اعماله. ومن اهم نتائج هذا المؤتمر بروز تياران في حزب الاشتراكيين الديمقراطيين العماليين الروس، يختلفان في نهجيهما السياسي، والفكري فيما بعد، هما "البلاشفة" (الاكثرية) و"المناشفة" (الاقلية)، اللذين امتد خلافهما داخل الحزب حتى العام 1912 ليفترقا كحزبين مستقلين عن بعضهما بصورة نهائية.
حضر المؤتمر الثاني مندوبون عن 25 منظمة حزبية من منظمات الحزب الاشتراكي الديمقراطي العمالي الروسي العاملة داخل روسيا وخارجها.، وبلغ عدد اعضاء المؤتمر الفعليين المساهمين في اعماله والذين لهم حق التصويت 43 عضوا اضافة الى 14 مندوبا حضروا المؤتمر بصفة مراقبين. وكان الهدف الرئيسي للمؤتمر اعتماد البرنامج والنظام الداخلي للحزب.
كان المفكر الاشتراكي الروسي الكبير بليخانوف في ثمانينات القرن التاسع عشر وبعده لينين في تسعينات القرن التاسع عشر، قد وضعا كل منهما على حده مقترح برنامج سياسي للاشتراكيين الديمقراطيين الروس، دارت حولهما نقاشات ساخنة في صحيفة "الشرارة" (الايسكرا)، عند تهيئة وثائق المؤتمر، ابتدأت منذ بداية عام 1902 لتنتهي بالنقد اللاذع الذي وجهه المفكر الاشتراكي اللامع لينين لبرنامج بليخانوف، متهما اياه اعتماد اساليب تقليدية وحذرة تجعله عائق في طريق النضال الثوري للطبقة العاملة. ولحل الخلاف في موضوع "البرنامج"، عهد لمجموعة من الكتاب والمفكرين العاملين في صحيفة "الشرارة" توحيد مشروعي البرنامجين المقترحين من قبل لينين وبليخانوف مع الاخذ بنظر الاعتبار، الملاحظات التي اثيرت في سياق حوارات "الشرارة".
فكان البرنامج المعد للمؤتمر الثاني حاملا لبصمات افكار بليخانوف المعتدلة ومتجاوزا للصيغ المتشددة المقترحة من قبل لينين، سواء في جزئه النظري او العملي. ومع قبوله، على مضض، بصياغات البرنامج المعتدلة الا ان لينين تمكن من تضمين البرنامج فقرة لم تكن موجودة في برنامج بليخانوف عن الاصلاح الزراعي. وعند مناقشة الصيغة الاخيرة للبرنامج والمعدة من قبل مجموعة "الشرارة" في المؤتمر الثاني للحزب، لم تدخل عليها سوى تعديلات بسيطة قبل ان تقر كبرنامج عمل رسمي للاشتراكيين الديمقراطيين العماليين الروسي، ولتبقى برنامجا لهم بوضعه هذا لغاية عام 1919 .
على ان اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثاني للحزب الاشتراكي العمالي الروسي، واجهت من جهة اخرى، صعوبة في ايجاد صيغة مشتركة للفقرة الخاصة بالنظام الداخلي للحزب والتي تحدد عضوية الحزب فاقترحت على المؤتمر مناقشة صيغتين للعضوية احداها معدة من قبل لينين والاخرى من قبل مارتوف. وقد كانت الصيغة التي اقترحها لينين تحدد عضوية الحزب "بالاعتراف ببرنامج الحزب والمشاركة في دعمه ماليا اضافة الى المساهمة في اعمال واحدة من تشكيلاته التنظيمية". اما المقترح البديل الذي قدمه مارتوف فيعتبر عضو الحزب هو "من يقبل برنامجه ويساهم في دعم الحزب ماليا، ويشارك شخصيا في نشاطات الحزب بإشراف ومتابعة واحدة من منظمات الحزب المناطقية".
ومع ان الفارق في صيغة المقترحين لم يكن كبيرا من الناحية الشكلية الا ان الفارق المبدئي بينهما كان شاسعا. فلينين، في صيغته التي اصر عليها كان يعني ما اوضحه في كتابه "ما العمل"، حزبا صغيرا، مكونا من منظمات وتشكيلات حزبية عالية الانضباط ومتدرجة المستويات، تضم ثوريون محترفون وملتزمون بتنفيذ قرارات قيادتهم الحزبية. اما مقترح مارتوف، فانه يفترض اشراف ومتابعة من منظمات رئيسية، مناطقية او مهنية، لبقية اعضاء الحزب الذين لا يشترط في عضويتهم للحزب العمل في واحدة من تشكيلاته التنظيمية.
وانقسم المؤتمر عند نقاشه للمقترحين بين متشددين مناصرين للصيغة التي تضمنها مقترح لينين، وبين معتدلين مؤيدين لصيغة مارتوف. وقد ميز مارتوف واكسلرود في نقاشهما لمقترح لينين، بين مصطلحي "المنظمة" و" الحزب" مؤكدين على ان العمل في ظروف تتطلب السرية تجعل من الصيغة التنظيمية المقترحة من قبل لينين، صالحة فقط لمنظمات تكون انوية لحزب جماهيري كبير من الانصار والمؤيدين.
وعند التصويت على المقترحين، ايد 28 مندوبا مقترح مارتوف، بينما صوت ضده 22 مندوبا. ولكن الاعتدال في سياسة المؤتمر لم يدم طويلا، حيث غادر المؤتمر بعد الجلسة 27 (عدد جلسات المؤتمر الثاني للحزب الاشتراكي الديمقراطي العمالي الروسي كانت 37 جلسة)، عدد من المندوبين، بينهم سبعة من مجموعة "الشرارة"، فأصبحت الغلبة للتيار المناصر للينين، عند الانتقال للتصويت على اهم بند في جدول اعمال المؤتمر، وهو انتخاب اعضاء اللجنة المركزية للحزب وهيئة تحرير صحيفة "الشرارة".
تجدر الاشارة الى ان اجواء المؤتمر قد توترت منذ الجلسة 30 وتحولت الحوارات الديمقراطية الى نقاشات متشنجة واعتراضات متبادلة في جلسات المؤتمر التالية، تكللت برفض مارتوف لترشيحه لعضوية هيئة تحرير "الشرارة" وامتناع عدد لا بأس به من المندوبين المعارضين لنهج التشدد الذي طغى على اعمال المؤتمر في جلساته الاخيرة، عن المساهمة في انتخاب اللجنة المركزية.
اختتم المؤتمر الثاني اعماله بانتخاب هيئة تحرير "الشرارة" واللجنة المركزية من بين انصار لينين. ومنذ ذلك الحين، اصطلح على تسمية الاقلية التي اعترضت على التشكيلة الجديدة لهيئة تحرير "الشرارة" واللجنة المركزية "بالمناشفة" (الاقلية) الذي دخل التاريخ مقابل مصطلح "البلاشفة" (الاغلبية) الذي اطلق على انصار لينين في المؤتمر الثاني للحزب الاشتراكي الديمقراطي العمالي الروسي.
وهنا لابد من وقفة لتبيان موقف المفكر الاشتراكي الكبير بليخانوف من مواضيع الخلاف في جلسات المؤتمر الثاني للحزب، والتغير السريع في موقفه فيما بعد. فاثر اقرار صيغة البرنامج الموحد الذي اعدته اللجنة التحضيرية للمؤتمر، كما ذكرت اعلاه، اصبحت مساهمة بليخانوف في النقاش الذي دار بشأن النظام الداخلي غير متميزة، واكتفى بتأييد الصيغة التي اقترحها لينين دون تحفظ. وهذا مفهوم، فبليخانوف رجل نظري ولا يهتم كثيرا للشؤون التنظيمية وتفاصيلها، وقد اعجبته للوهلة الاولى شخصية الاشتراكي الشاب المتحمس لينين واسلوبه اللاذع في الدفاع عن وجهة نظره. وحتى حين نبهه احد المندوبين الى خطورة الانجرار وراء مشروع لينين، رد بليخانوف بطرفة تاريخية فرنسية، وقال اثرها بان تحالفه مع لينين لن ينفصم. ولكن الاحداث بينت لنا فيما بعد هشاشة هذا التحالف الذي لم يدم طويلا.
فبعد انتخاب هيئة تحرير "الشرارة" برئاسة بليخانوف وعضوية لينين، تبنى لينين سياسة اعادة ترتيب في صفوف الحزب، بتشذيبه من المناشفة، الذين كان بينهم حزبيين قدامى تربط بعظهم علاقات وطيدة ببليخانوف. الامر الذي اثار حفيظة بليخانوف واعتراضه على تنفيذ سياسة التصفية الحزبية للمخالفين السياسيين في الحزب. وتبنى بليخانوف سياسة، لم ترق للينين، بإعادة الوفاق الحزبي والتقارب مع المخالفين فكريا وسياسيا لقيادة الحزب الجديدة. واحتجاجا على ذلك ، تخلى لينين في نهاية عام 1903عن عضويته لهيئة تحرير "الشرارة". فاستغل بليخانوف الفرصة ليعيد كتاب "الشرارة" المبعدين عنها، وجميعهم من المناشفة، مما اثر على سياسة "الشرارة" لصالح المناشفة. اما لينين الذي غادر فعليا قيادة الحزب فانه انشغل بتكوين تيار شبه مستقل من البلاشفة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي العمالي الروسي.
وبعد هذا التغيير، استمرت "الشرارة" لأكثر من عام تنشر العديد من المقالات التي خطها بليخانوف والعديد من الكتاب الاشتراكيين الروس والاجانب (كاوتسكي وروزا لوكسمبورغ وغيرهم)، في نقد طروحات لينين والتنبيه الى مخاطر الدكتاتورية والانعزالية في الفكر الاشتراكي. وعليه، فان بليخانوف الذي لم يدرك المغزى الحقيقي لأفكار "المركزية الديمقراطية" والانضباط والطاعة الحزبيين عند مناقشتها في المؤتمر الثاني للحزب، عاد ليعارضها بشدة في اول تجلي لها في الواقع، عند محاولة لينين تطبيقها في الحياة الحزبية الداخلية، وليصبح فيما بعد ناقدا ومفندا للقاعدة الفكرية التي قامت عليها طروحات لينين في هذا الشأن.


الدكتور جاسم الصفار
بغداد 10/10/2014



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جذور التشدد في الحركة الاشتراكية الروسية (الجزء الثاني)
- جذور التشدد في الحركة الاشتراكية الروسية (الجزء الاول)
- من زاوية اخرى (الجزء الثاني)
- من زاوية اخرى (الجزء الاول)
- صناعة الكذب
- هزيمة المهزوم
- المبدأ اولا
- نخطو الى الوراء من اجل خطوات الى الامام
- المشروع السياسي والمعركة الانتخابية
- كتابات مبعثرة من مفكرة احزاني
- ألأمل
- نحن البديل
- لنزرع بذور الخير
- خطاب مفتوح الى اصدقاء في التيار اليساري -قفوا معنا في معركتن ...
- عقيدة الظلم والقهر
- الشرف والدونية
- الاشتباه اساس التهمة في عراقنا الجديد
- قراءة للمشهد السياسي العراقي قبيل الانتخابات
- حكاية الدفئ المفقود في العلاقات الايرانية الغربية
- خاطرة في شهر محرم


المزيد.....




- في ذكرى هيروشيما وناغازاكي- تحذير مستخلص من التاريخ: ”هذا م ...
- من أجل تجاوز مغرب بسرعتين: مغرب الرأسماليين ومغرب الكادحين- ...
- إجلاء موظفي سفارة کيان الاحتلال في اليونان بسبب الاحتجاجات ا ...
- بعد «الربيع العربي»… صيف الاحترار الأقصى
- حزب النهج الديمقراطي العمالي يدعو إلى تصعيد وتوحيد النضال لم ...
- «الديمقراطية» تحذر من خطورة قرار اجتياح كل القطاع وإحتلاله ع ...
- -أوديسة- كريستوفر نولان تُغضب البوليساريو بعد التصوير في الد ...
- تسقط حكومة قطع الأرزاق.. متضامنون مع هشام البنا
- تجويع غزة.. حين يتساوى الميسورون والفقراء
- قانون طرد المستأجرين: لا بديل عن التنظيم الشعبي للدفاع عن ال ...


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جاسم ألصفار - محاور الخلاف في الحركة الاشتراكية الروسية (الجزء الاول)