امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4593 - 2014 / 10 / 4 - 15:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منزلي يبعد 200 متراً عن الجامع ، وخمسمئة متر عن جامعٍ آخر .. وما بين الجامعَين هنالك ثلاثة مدارس ، فيها مئات العوائل من النازحين الإيزيديين . كذلك على مقربةٍ مِنّا ، هنالك كنيسة مُكتظة بالنازحين المسيحيين .
إلتقيتُ في الأيام الأولى من الأحداث ، ببعض النازحين من قُرى سنجار ، الذين نَفَذوا بجلدهم في 3/8/2014 ، بعد ان سمعوا بآذانهم ورأوا بأعينهم ، عناصر داعش ، وهُم يُكّبِرون ثم يذبحون آباءهم .. يُكّبِرونَ ثم يختطفونَ أخواتهم .. الكثير من الأطفال النازحين ، الهاربين من الموت المُحّتَم .. الذين شاهدوا هذه المناظِر المُرعبة .. باتوا يرتجفونَ لاإرادياً ، حين يسمعونَ : اللهُ أكبر ! .
ولأن المدارس المُستضيفة للنازحين الإيزيديين هؤلاء .. تقعُ بينَ جامِعَين .. وأن الجامِعَين شهدا ، إقامة صلاة العيد في الصباح الباكِر .. فلقد تخّيلتُ حال مئات الأطفال الإيزيديين وهُم يستمعونَ مُرغَمَين للتكبيرات المُتكرِرة المُنطلقة ، من مُكبرات الصوت العملاقة . أنا الذي أبعد مِئَتَي متر عن الجامِع ، إستيقضتُ من جراء صوت التكبيرات .. فكيف بالأطفال النازحين ، الذين على بُعد بضعة أمتارٍ فقط ؟! .
أنا أدركُ ، بأن صلاة العيد فيها دعوة الى التسامُح والمَحَبة ، وان التكبيرات تعبيرٌ عن عظَمة الله ، وان هذه المراسيم ، عموماً .. هي رسالة خَير وتعايُش . أنا أعرفُ ان " الله " الذي نادوا بإسمهِ فجر اليوم ، خلال صلاة العيد ، في الجامع القريب من منزلنا .. هو إلهُ الخير والمحبة والإنسانية والعَيش المُشتَرك والتسامُح . رُبما .. أدرك كُل ذلك .
ولكن الطِفل الإيزيدي الذي ، رأى والدهُ يُذبَح وسط التكبيرات في قُرى سنجار .. لا زالَ يرتعدُ خوفاً عند سماعهِ : اللهُ أكبر .. بالنسبة لهذا الطفل المسكين ، فأنه يتصوّر ، ان ذلك الإله هو إله الشَر والقَتل والذبح وإراقة الدماء ! .
..........................
ان جزءاً مُهماً ، من مُعالجة آثار ، المأساة التي حصلتْ بعد 3/8/2014 .. يكمُن في القضاء على إله الشَر الذي تُنادي بهِ عصابات داعِش .. في مُحارَبة ( فِكر ) إله القتل والذبح والإغتصاب . علينا نحن المُسلمين ، ان نُؤسِس لعلاقةٍ صِحية جديدة مع الإيزيديين والمسيحيين واليهود ..
علينا ان نعمَل بِجد ونُكافِح .. من أجل ان لايرتعد طفلٌ إيزيدي حين سماعه : أللهُ أكبر !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟