|
هُنالكَ أكثر من - ديمتري - في جَبَلي بعشيقة وسنجار
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4561 - 2014 / 9 / 1 - 15:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في روايةٍ سوفييتية ، عن الحرب العالمية الثانية ، قرأتُها قبلَ سنين طويلة ، لا أتذكر عنوانها بِدقة .. تدور أحداثها في قريةٍ روسيةٍ كبيرة ، اُحتُلَتْ من قِبَل الجيش النازي الألماني .. لكن سُرعانَ ما نشطتْ المُقاومة المُسلَحة ، من أبناء القرية المتواجدين في الجبل والغابة القريبة .. حيث كانوا يُنفذون عمليات بطولية ، ضد قوات الإحتلال . والغريب ان الذي كانَ يقود الثُوار .. هو " ديمتري " الشاب الفلاح البسيط ، في الجمعية التعاونية ، الكولخوز .. ولم يكُن من الناشطين البارزين في الحزب الحاكم .. ولا يتكلم كثيراً ، ولا يبدو مُتملِقاً للحكومة او الحزب ، ولم يكُن بالطبع ، مُستفيداً من الإمتيازات التي يحصل عليها المنافقون . غير ان معدنهُ الحقيقي ، ظهرَ بعد إحتلال القرية بأيام قليلة .. ففي حين تقاعَس العديد ، من المسؤولين ، وتهرَبَ آخرون من الذين كانوا يتشدقون بالشعارات ، بل إستسلم بعضهم .. فأن ديمتري ، الوطني الحقيقي ، الغيور ، خططَ منذ اللحظة الأولى ، للمُقاومة .. وجمع الأنصار ، وبدأ حرب عصابات جريئة ، دّوَخَتْ العدو ! . ...................... بعد مأساة سنجار فجر 3/8/2014 .. فأن خيوط اللغز ، إمتدَتْ لِتَلُف بنسيجها المُحّيِر .. قرقوش وبعشيقة وبحزاني وتلكيف ... الخ ، بعد أيامٍ قليلة . فوجدتْ هذه المُدُن والقصبات والقُرى .. نفسها ، وعلى حين غّرة .. عارية الظَهر .. بِلا أية حماية ! . فإضطرَ الأهالي الى النزوح الجماعي ، وتركوا منازلهم وأعمالهم وممتلكاتهم .. خوفاً من بطش وإجرام دولة الخلافة الإسلامية . هُنا أيضاً .. وفي الأيام الأولى ، للإحتلال الداعشي الغاشِم .. للبلدتَين التوأم ، الرائعتَين : بعشيقة وبحزاني .. برزتْ " المُقاوَمة " .. هُنا أيضاً ظهرَ رجالٌ تمّسكوا بقسمٍ من الجبل المُطِل على بعشيقة .. بإمكانياتهم البسيطة جداً .. بأسلحتهم المتواضعة .. لكن بإرادةٍ من فولاذ .. ساهموا ، الى جانب البيشمركة ، في منع العدو من التقدُم وإحتلال الجبل .. بل أكثر من ذلك .. يقومون بعمل كمائن للعدو في مُحيط البلدتَين . ان إنتشار " البيشمركة " النظامية الرسمية ، على الجبل ، خطوة منطقية وذلك جزءٌ بسيط من واجبهم ، الذي يُؤدونهُ للدفاع عن الأقليم وشعبه .. ومنع العدو الغاشم من تنفيذ مآربهِ ، في التقدُم أكثر . ومن الطبيعي ، ان حكومة الأقليم بكُل إمكانياتها ، تقفُ داعمةً البيشمركة وتوفير كل إحتياجاتهم ، قَدر الإمكان . ............................. لكن أود أن أُشير هُنا ، الى مأثرةٍ قامَتْ بها ، مجموعةٌ صغيرة ، من أنصار الحزب الشيوعي وأصدقاءهم من المتطوعين ، وغالبيتهم من أهالي بحزاني .. فبإمكانياتهم التي لاتتعدى ، الكلاشينكوف وكمية محدودة من العتاد .. قامَتْ مفرزة من ( 13 ) مُقاتِل ، بعملية تسلُل الى عمق الوديان في بحزاني ، ظهيرة يوم 19/8/2014 .. ثم إستطاعتْ الوصول الى قمة الجبل ، في منطقة " كَلي الشيخ بكر " ، مُقابِل القَمة التي يتمركز فيها ، قّناصوا عصابات داعش " حيث ان القناصين كانوا يمنعون حركة البيشمركة ، ويرصدون أي مُحاولة لإسترجاع بعشيقة وبحزاني " . إستمرتْ المواجهة ، بين أفراد المفرزة الأبطال ، وقوات داعش ، نصف ساعة .. قُتِلَ فيها إثنان من الدواعش . بعدها إنسحبَتْ المفرزة ، وإستطاعتْ بالكاد الوصول الى بساتين بحزاني ، ثم الى مواقعهم الأصلية .. وأصيبُ أحد الأنصار بجروح ، أثناء تبادل إطلاق النار . لا يهمُ هُنا ( حجم ) العملية ، ولا عدد الأعداء الذين قُتِلوا .. بل ان صدى ما جرى ، والتأثير المعنوي على العدو ، كان كبيراً بِحَق . فالإحتلال الداعشي لبعشيقة وبحزاني ، كان يتوقع أي شئ مثل : غارات الطائرات الأمريكية / قصف راجمات او مدفعية البيشمركة / هجوماً برياً كبيراً .. أما أن يحدث تسلًل في وضح النهار ، وفي هذه المنطقة ، وبمفرزة صغيرة واحدة من متطوعين من أهالي المنطقة ، وفوق ذلك بأسلحة بسيطة .. وعملية ناجحة بإمتياز .. فأن ذلك ما لم يتوقعوهُ مُطلقاً ! . .............................. كما ان ( أبو شمو ) سّجلَ مأثرةً في جبل سنجار ، طيلة الأيام الصعبة الأولى ، فكان يقطع مسافة عدة كيلومترات يومياً .. مشياً ، في منطقة دوكرى، وفي ذاك الحَر الكافِر ، لينقل الماء ، الى الأطفال العطشى .. فأن مفرزة الأنصار ، في بحزاني ، دّوختْ العدو الداعشي في ظهيرة 19/8 . أنحني إجلالاً لِكُل " ديمتري " شُجاع ، في سنجار وبعشيقة وبحزاني وكُل مكانٍ آخر.. يضع روحهُ على كّفِهِ ، مُقاوِماً بِشَرَف .. غير مُنتَظِرٍ لمُكافأة أو تقدير أو إمتياز .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مِنْ أجلِ عنقود عِنَب !
-
حذاري من الإنزلاق !
-
تُوّزَع مجاناً .. ليستْ للبيع
-
قَد تابَ وأنابَ
-
لماذا ولِمَنْ أكتُب ؟
-
شّتانَ بين ، معركة هندرين و ( لا مَعركة ) سنجار !
-
مأثرة ( قاسم ششو ) ورفاقه الأبطال
-
الإيزيديون .. حقيقة في مُنتهى القَسوة
-
إعادة البناء .. الترميم والإصلاح
-
أحزاب : العُمال / الديمقراطي / الإتحاد .. ليست إرهابية
-
من وَحي الكارثة
-
إصابة المالكي ، بإنهيارٍ عصبي
-
تحريرُ - مخمور - ، فاتِحةُ خَير
-
بَطَلَين مِنْ هذا الزَمان
-
حذاري من الوقوع في مُستنقَع الشوفينية
-
أحسنُ رَدٍ كُردستاني ، على داعِش
-
العَجز عن تفسير ما يجري
-
الشعبُ مع البيشمركة ، أقوى كثيراً من داعش
-
على هامِش أحداث سنجار
-
إقترابات ، مما حصلَ في سنجار
المزيد.....
-
أجبرهم على النزوح.. أندونيسيا تصدر تحذيرا من حدوث تسونامي بع
...
-
التغير المناخي وراء -موجة الحر الاستثنائية- التي شهدتها منطق
...
-
مصر.. رجل أعمال يلقى حتفه داخل مصعد
-
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين
-
أسباب تفوّق دبابة -تي – 90 إم- الروسية على دبابتي -أبرامز- و
...
-
اكتشاف -أضخم ثقب أسود نجمي- في مجرتنا
-
روسيا تختبر محركا جديدا لصواريخ -Angara-A5M- الثقيلة
-
طريقة بسيطة ومثبتة علميا لكشف الكذب
-
توجه أوروبي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع تركيا
-
كولومبيا تعرب عن رغبتها في الانضمام إلى -بريكس- في أقرب وقت
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|