|
من وَحي الكارثة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4542 - 2014 / 8 / 13 - 20:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لللذين لم يَمُروا بالتجربةِ .. للبعيدين الذين يسمعون ذلك في الأخبار فقط .. أقول ان ما يَمُر ُ بهِ العراق عموماً ، وأقليمُ كردستان ومحيطه خصوصاً .. هو كارثةٌ كبيرة بِكُل المقاييس . ودَعونا من الأسباب التي أدتْ الى هذا المُنحَدَر ، هل هي الحكومة الإتحادية بسياساتها الحمقاء ، أم مُؤامرات وتدخلات دول الجوار ، أو سوء إدارة أقليم كردستان ، أم الهجمة الشرسة لداعش والمتحالفين معها ، أم هي من نتائج الفساد المزمن المُستشري .. الخ ؟ أم هذه الأسباب جميعاً . دعونا من ذلك الآن . ولنفترَض ، أنه في أكثر الإحتمالات تفاؤلاً ، ان البيشمركة والقوة الجوية العراقية والجيش العراقي وبمساندة من الطائرات الأمريكية والغربية ، ستتمكَن خلال الأشهُر القادمة ، من تحرير محافظة نينوى كُلها ، ومحافظة صلاح الدين والأنبار وبعض ديالى وكركوك وبعض أطراف بغداد والحلة ، من دَنَس داعش .. فهل أن السلام والطمأنينة ، سوف تَعُم ؟ وهل سيعود النازحون والمهجرون الى مناطقهم ؟ وتصبح الحياة طبيعية ؟ ومتى سيكون ذلك بصورةٍ تقريبية ؟ * لنأخُذ مثلاً صغيراً وطازجاً .. يوم 5-6/8/2014 ، إنسحبَ البيشمركة والإدارة من " مخمور " ونزح الأهالي جميعاً الى العاصمة أربيل ومحيطها ، وسيطرتْ عليها قوات داعِش . وفي يوم 10/8/2014 ، وبدعمٍ من الطائرات الأمريكية والعراقية ، إستطاعَ البيشمركة ، تحرير المدينة وطَرد داعِش منها . أي بمعنى آخَر ، أنها بَقِيَتْ 4-5 أيام فقط بيد العَدو . وحتى عصر اليوم ، لم يَعُد إلا عددٌ يسير جداً ، من العوائل الى منازلهم ، للأسباب التالية : - عدم شعورهم بالأمان بَعد ، رغم التواجُد الكثيف للبيشمركة وقُوى الأمن .. فمادامَ هنالك إحتمال ولو ضئيل ، بتعرض المدينة الى قصفٍ مدفعي من قِبَل داعش ، فأنهم مُترددون في العودة . - الأضرار التي ألحَقتْها داعش ، ببعض محطات ضخ مياه الشُرب ، والعمل جارٍ الآن في حفر آبار جديدة ، لتعويض النقص في الماء في قسمٍ من الأحياء . - تكدُس النفايات خلال أيام الإحتلال ، وحاجة المدينة الى تنظيفٍ شامل . - أرى ان الأسباب أعلاه " ثانوية " ، والسبب " الرئيسي " هو : [ فُقدان روح التضامُن والعَمَل الجماعي ، وضُعف منظمات المجتمع المدني ، وإستمرار الإدارات الحكومية في نهجها البيروقراطي ، وإستغراق الأحزاب في الأعمال الإستعراضية والدعائية ] . هذه الأسباب في إعتقادي ، لاتختص بمخمور ، بل ان المُجتمع الكردستاني كُله يُعاني ، من هذه الآفات . فنحنُ نفتقِرُ الى الإستعداد الفعلي ، للعمل ( التطوعي ) التلقائي الإنساني . ففي البلدان المتقدمة ذات المجتمعات الراقية والمتعلمة ، وأثناء وبعدَ الكوارث الطبيعية او الناتجة عن الحروب والصراعات المُسلحة .. فأن الكُتلة الكبيرة من " الناس " ، تُبادِر من تلقاء نفسها ، الى العمل التطوعي ، والبدء بإزالة آثار الكارثة ، والبدء بإعادة البناء .. وذلك ناتجٌ عن شعورهم ، بواجب التكاتُف الإجتماعي والتضامُن ..[ أن هذه المُجتمعات تَجُر حكوماتها جَراً ، الى إنتهاج سياسات بَنّاءة ، وتُحاسِبها على كُل صغيرةٍ وكبيرة ]. بعد تحرير سهل نينوى بالكامل والموصل وسنجار ... الخ ، نحتاجُ الى الإرتقاء بأنفُسِنا ، إلى تجاوُز ذواتِنا ، الى الكثير من ( العَمَل ) .. لانحتاج الى الكلام والثرثرة ، بل الى البناء .. ليسَ بناء الدور المُهَدَمة فقط ، ولا بناء الجسور المُحَطَمَةِ وحسب .. بل قبلَ ذلك ، الى بناء أنفُسِنا ، الى بناءِ إنسانٍ جديد .. إنسانٍ مُفّكِر ، مُنتِج ، شُجاع ، لايرضى بفساد الحُكام .. فهل لدينا عُذرٌ بعد أن نتجاوَز كل هذه الكوارث والمصائب الحالية ؟ ........................... مدينة مخمور ، بقيت أربعة أيام فقط تحت سيطرة قوات داعش ، ولن تعود كما كانتْ إلا بعد أشهُر .. فكيفَ بالموصل التي مضى عليها أكثر من ستين يوماً تحت حُكم داعش ، وسنجار المنكوبة منذ 3/8/2014 ومئات القرى العائدة لها ، والتي اُستُبيحَتْ ونُهِبَتْ عن آخرها .. الى أين يرجع نازحوها ، حتى لو تحررتْ خلال الأسابيع القادمة ؟ بلا منازل بلا أية أغراض بلا مال ، وفوق ذلك مُحّمَلين بجراحاتهم العميقة ؟ .. ........................ إذا لم تصقُل هذه الكارثة الكُبرى التي حاقتْ بنا ، إذا لم تصقُل أخلاقنا ، إذا لم ترتفع بِوَعينا ، إذا لم ترتقي بإنسانيتنا ، إذا لم تجعلنا نرفض من الآن فصاعِداً ، كُل مظاهِر الفساد واللاعدالة .. فأننا نستحِقُ كارثةً بعدَ أُخرى !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إصابة المالكي ، بإنهيارٍ عصبي
-
تحريرُ - مخمور - ، فاتِحةُ خَير
-
بَطَلَين مِنْ هذا الزَمان
-
حذاري من الوقوع في مُستنقَع الشوفينية
-
أحسنُ رَدٍ كُردستاني ، على داعِش
-
العَجز عن تفسير ما يجري
-
الشعبُ مع البيشمركة ، أقوى كثيراً من داعش
-
على هامِش أحداث سنجار
-
إقترابات ، مما حصلَ في سنجار
-
سنجار .. معركة الحضارةِ ضد الهَمَجِية
-
النازحين .. وأحفادي ، هُم السبب في كُل المشاكِل
-
الفرقُ بين ( الفَرض ) و ( السُنّة )
-
جيش المالكي يُدّمِر ( المّزَة ) !
-
مَخالِب حّادة .. وقفازات من حَرير
-
الجَورَب الذهَبي
-
أيُ عِيد ؟
-
الرئيس فُؤاد معصوم
-
الى متى الهروب من الإستحقاق ؟
-
إرحموا الطالباني ، ودعوهُ في سَلام
-
أُذْنان ولسانٌ واحد
المزيد.....
-
فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
-
الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
-
طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
-
آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات
...
-
RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
-
نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
-
البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا
...
-
إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد
...
-
تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس
...
-
مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|