أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عطية - ضحايا بلا عيد!














المزيد.....

ضحايا بلا عيد!


عادل عطية
كاتب صحفي، وقاص، وشاعر مصري

(Adel Attia)


الحوار المتمدن-العدد: 4588 - 2014 / 9 / 29 - 20:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في موكب عيد الأضحى، في ذكرى الكبش الذي قدمه الله لخليله ابراهيم، بديلاً عن ذبح ابنه، تتزاحمني أفكار جمة، يدفعني بعضها إلى الماضي، الذي يطوي وراءه ذكريات عديدة، ويجبرني بعضها الآخر على الوقوف متلفتاً يمنة ويسرة، متأملاً في هذه الاحتفالية، التي تضج بأهازيج تصطبغ بطابع الحزن العميم!
ليس لأننا شعب تعوّد أن يقول مع أريج أفراحه: "اللهم اجعله خيراً"!
وانما لأننا نحيا في هذه الحقيقة القاسية: ان هناك جماعات دموية، تقدم أضحيّات بشرية، على مذابح مطامعها المتشارهة، باسم إله لا يوجد إلا في خيالهم؛ لأن الله الذي نعرفه ضحى بالحيوان من أجل الإنسان، أما هم فيضحون بالإنسان من أجل الحيوان المتوحش الذي بداخلهم!
بعضهم، يستغل المكانة المرموقة ليوم الجمعة، باعتباره، إسلامياً: أفضل أيام الاسبوع، وعيداً لأيامه؛ فجعلوه، بفتوى شرعية، يوم: "عيد أضحى"، إسبوعي!
وبعضهم يرى أن كل يوم يمر عليهم، وهم يجزّون فيه الرقاب البشرية، ويلقون بها، بشغف، على طرقات الذئاب، والكلاب؛ لهو يوم: "عيد أضحى"، في حد ذاته!
ولأن الذنب بالذنب يُذكر؛ فقد حدث، في أحد أيام طفولتي المبكرة، أن خبطت رأسي بالكرسي، فإذا بأمي توقّع على الكرسي القصاص، بدلاً من معاقبتي أنا؛ لأنتبه لنفسي مرة أخرى!
أعترف لكم، انني وجدت في تصرّفها هذا، متنفساً للصعداء!
ولأن هذه الحكاية ليست حكايتي لوحدي، ولأنها حكاية كل أم؛ فلا تزال عملية نقل الذنب كائنة في أعماقنا، ولا يزال قلبي وقلبكم يجد الراحة والسلام، حينما ننقل آثامنا السوداء ونضعها على آخر، حتى ولو كان هذا الآخر هو الشيطان، ألسنا نتهمه، جميعاً، أنه وراء كل شر؛ فنذبحه معنوياً؛ لنخرج من الذنب بلا ذنب!
وكما حمّلنا الرجيم، جرائمنا المبتكرة، حمّلنا ذكوريتنا، بشراً، وطيراً، وحيواناً، أنانيتنا!
فالرجال يُدفعون إلى ساحة الوغى؛ ليكونوا أكثر ضحايا الحروب، بينما النساء في بيوتهن في الحفظ، والصون!
وعند اعداد طعامنا اليومي، فإننا:
نذبح الديك، ونترك الدجاجة؛ لأنها تبيض!
ونذبح العجل، ونبقي على الجاموسة؛ لأنها تلد، ولأنها تدر اللبن!
ونذبح الخروف، بينما النعجة نطلقها لتتمتع بنعمة الحياة، دون أن تذرف دمعة واحدة على شريكها في المأمأة!
قد يكون في ذلك شيء من المنطقية، لكن العجيب: أن يتم هذا التصنيف بمعرفة الذكور، وبيدهم!
انني في عيد "الايمان والامتحان"، أحيي كل الانعام، التي لا تزال تُنحر في أواني التاريخ البشري، حتى أصبحت من الرموز المجيدة للبذل والعطاء، والتضحية، والفداء!
والتي لا تزال تخجل الكثير من بني البشر، الذين لا يكفّون في مواسم الزلفى، عن الهتاف عالياً من أعماق الحناجر، مرددين في صدى متتابع لا ينتهي: "بالروح بالدم نفديك يا فلان"!
فإذا ما جاء يوم الوفاء، والعطاء.. كانوا: أول من يبادر بالادبار، والهروب في الظلام!
صحيح أن الروح غالية جداً "فيا روح ما بعدك روح".. ولكن الصحيح كذلك: ألا يقدم مثل هؤلاء المرائين أرواحهم على طبق من كلام ولو كان من فضة، فالسكوت في هذه الحالة ليس من ذهب، فحسب، بل ومن حياة وحياء!...



#عادل_عطية (هاشتاغ)       Adel_Attia#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقائب البريد المثقوبة!
- كتابات متناثرة
- لقب العذاب!
- سؤال سبتمبر!
- عوافي!
- ألا من سفائن قلبية!!
- الصراخ الصامت!
- الذنب والحب!
- محبة غير مشروطة!
- سقوط بلا صوت!
- وحدوه!
- من وحي السبّاك!
- من شطحات عقل ساخر!
- في قبضة الأرق!
- صائم السنين!
- طريق المعدة!
- عقدة الخواجة!
- غزوة الملصقات الدينية!
- إنتخبوا خوفكم!
- الفانوس!


المزيد.....




- نانسي بيلوسي أول رئيسة لمجلس النواب تعلن عدم ترشحها للكونغرس ...
- حاملة طائرات صينية متطورة جدًا تدخل الخدمة.. تعرف على -فوجيا ...
- فيديو - فيتنام.. إعصار -كالمايغي- يجتاح البلاد ويخلّف قتلى و ...
- بيان تعزية في وفاة المناضل سيون أسيدون
- قصف عشوائي على الخرطوم.. هل هناك التزام بوقف إطلاق النار؟
- الانتخابات البرلمانية في العراق: نحو رسم خارطة سياسية تتناسب ...
- نيويورك تايمز: الجمهوريون يبحثون عن عدو بديل من بيلوسي وربما ...
- حزب غباغبو يقاطع الانتخابات البرلمانية وسط انقسام المعارضة
- الجيش الإسرائيلي يجمد خطة لتقليص قوات الاحتياط
- ملهِمون وقادة ظل و100 ألف متطوع صنعوا -ملحمة ممداني-


المزيد.....

- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عطية - ضحايا بلا عيد!