أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - علاقة نشوء الحداثة كفكر فلسفي بالعلمانية السياسية














المزيد.....

علاقة نشوء الحداثة كفكر فلسفي بالعلمانية السياسية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4577 - 2014 / 9 / 17 - 23:00
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بالرغم من أن الحداثة والعلمنة والعلاقة الأيدلوجية التي تربط بينهما وعداءهما للدين وتناقض قوانينهما إلا أن المؤكد من القراءة التأريخية المنصفة الحيادية أن كل المبررات التي قادت هذا التحول هي موجودة في درجة أو بأخرى بما يختزنه العقل الأوربي المستنير من مقدمات عقدية دينية لها جذور وشواهد في التأريخ الديني التوراتي الأنجيلي الذي كان تأثيره مدويا وفعالا في أوربا في ذلك العصر ولا زال يمارس نفس التأثير من خلال النخبة التوراتية بأنتماءه العقدي أو بأسيات التفكير ومقدمات المعرفة التكوينية لهذه النخبة((أكثر ما تتجلّى علاقة الحداثة بالعلمنة عند فاتيمو Gianni Vattimo.فهو في هذا المجال،يعرِّف الحداثة بقوله،"إنها الحقبة الزمنية التي تميّزت بهجران الرؤية المقدسة للوجود،والتوكيد على القيمة الدنيوية بدلاً عنها،أي العلمنة Secularization".أما الفكرة الأساسية في مفهوم العلمنة،وعلى المستوى النظري،فهي فكرة الإيمان بالتقدم(أو أيديولوجيا التقدم) والتي تستمد أو تأخذ صورتها من استمرار الرؤية المسيحية-اليهودية للتاريخ((مترجمة من Cambridge, Massachusetts, 1987, 1st lecture, p..)).
هذه القراءة التأريخية صحيحة تماما وتشير بدرجة أو أخرى إلى الجذور التوراتية للفهم الأسرائيلي وليس اليهودي للأشياء والفصل بين وجودها وبين ماهيات الوجود على أساس مادي لذلك نرى مثلا في قصة البقرة عند بني أسرائيل كيف تطورت من مفهوم بسيط كان يكفي أن يمثل أرادة الله بأختيار أي واحدة منها,ولكن التفكير الأسرائيلي الذي يفرق بين الوجود والماهية حولها إلى عقدة في الضمير المعرفي لديهم مما زاد في العبء عليه وما مثله من صورة من صور الرد على الله بالمعاندة والمكابرة{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }البقرة67,فمفهوم البساطة والتجريد عندهم كان يمثل لهم مستوى من مستويات السلوك الغير جاد والغير مقبول بقولهم(أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً) مع علمهم ويقينهم بأن كلام موسى عليه السلام لا يمثل إلا قيمة أعتقادية عليا يؤمنون بها.
إن هذا السلوك لم يكن الأول في حياة الأسرائليين من خلال التفريق بين الماهية والوجود بل تعدى ذلك إلى ما هو أبعد وأكثر خطورة ويمثل أنتهاكا للمبادي العقدية التي يؤمنون بها{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ }البقرة55,هذا السلوك يمثل أعلى درجات الوجودية المادية عند بني أسرائيل بل يمثل منهج حياتهم المبني على كل ما هو مادي وجودي.
وهو ما يخالف ذلك أساسا إيمانهم المبني على أثبات ماهية الوجود من خلال قواعد الإيمان التي يزعمون أنهم يتبعونها,وهي من المؤكد ليس من ضمن أساسيات ومعطيات الدين التوراتي الذي جاء به موسى عليه السلام الذي في حقيقته كما في كل الديانات الأبراهمية بصورتها الحقة التي قدمت الإنسان ككائن مكرم من الله بما سخر له ما في السماء بدرجات التي ندركها أو التي لا نعلمها ولكن نؤمن بها غيبا ,وما في الأرض ليحقق سعادته على مستوى العدل والأصلاح كوظيفة والطاعة لله كوسيلة لها.
الوجود والماهية عند الله مترابطة على أساس وظيفي يتحقق كل منهما من خلال وجود الأخر الضروري ليحقق هدفية الخلق والأستخلاف,فالتعابير الفلسفية التي تفرض تصور على دلالة أن لكل شيء من الأشياء ماهية ووجوداً، فالماهية فيها هي مجموعة ثابتة من الخصائص،والوجود هو نوع من الحضور الفعلي في العالم… وبالتالي يعتقد الكثير من الفلاسفة أن المهية تأتي أولاً ثم يتبعها الوجود،إن أصول هذه الفكرة موجودة في التفكير الديني,بدليل أن من يريد بناء بيت يحسب أن يعرف بدقة صورة هذا البيت وهيئته وهنا تسبق الماهية.
وكذلك شأن من يؤمنون بأن الله هو خالق الناس انهم يعتقدون أن خلق الله قد تمّ بعد أن استعان بفكرته عنهم،وهي ماهيتهم{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ }ص71،أما الذين لم يحتفظوا بإيمانهم بالله فقد احتفظوا بهذه الفكرة التقليدية القديمة بان الشيء لايتحقق وجوده ما لم يكن منسجماً مع ماهيته، وقد رأى القرن الثامن عشر كله،أن هناك ماهية مشتركة عامة،لكل الناس دعيت بالطبيعة البشرية،وخلافاً لهؤلاء جميعاً تؤكد الوجودية,أن الوجود يسبق المهية عند الإنسان فقط والإنسان وحده،يعنى هذا ببساطة كلية,أن الإنسان يكون أولا،أي يتحقق وجوده ثم يصبح بعد ذلك هذا أو ذاك.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصائدي ............... لحن الفضة والذهب
- تطور قواعد السلوك الدولي ومبادي القانون الأممي الكوني
- المسئولية الأفتراضية عن الأرهاب ونسبتها للعرب والمسلمين
- الحرب والسلام مسئولية العالم المتحضر
- الأصولية النصية والأصولية الدلالية ح1
- الأصولية النصية والأصولية الدلالية ح2
- اليباب في اسطورة الخلق
- قصة الخلق في الأسطورة العراقية
- الخلق والأسطورة
- صورة الخلق في الأساطير الأولى
- الأسطورة والتاريخ والدين
- القصد والأعتباط وخيارات عالم سبيط النيلي ح5 والأخير
- القصد والأعتباط وخيارات عالم سبيط النيلي ح4
- لميعة _ قصة قصيرة
- تصريح لناطق لا يملك صوت
- رسائل من وإلى باسم الحب
- القصد والأعتباط وخيارات عالم سبيط النيلي ح3
- القصد والأعتباط وخيارات عالم سبيط النيلي ح2
- القصد والأعتباط وخيارات عالم سبيط النيلي ح1
- سلطان القوة وقوة السلطة ح2


المزيد.....




- الكويت.. شجون الهاجري تحظى بالتضامن من زملائها على مواقع الت ...
- كيف علقت الصين على الضربة الأمريكية ضد المنشآت النووية الإير ...
- حصريًا لـCNN.. كيف سيكون رد طهران على هجوم أمريكا؟ متحدث باس ...
- مصر.. الحكومة تكشف عن خطة لعدم انقطاع الكهرباء خلال الصيف وخ ...
- بعد ساعات من استهداف المنشآت النووية الإيرانية.. واشنطن تقلّ ...
- الدفاع المدني السوري: 15 قتيلاً على الأقل وعشرات الإصابات جر ...
- فظائع في الظل.. كيف تمددت فاغنر في إفريقيا على أنقاض القانون ...
- سوريا: 15 قتيلا على الأقل في هجوم انتحاري داخل كنيسة في دمشق ...
- مدير مكتب الجزيرة في طهران: 3 جهات بإيران تحدد الخطوة القادم ...
- مساعد الذكاء الاصطناعي بواتساب يسرب رقم هاتف أحد المستخدمين ...


المزيد.....

- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - علاقة نشوء الحداثة كفكر فلسفي بالعلمانية السياسية