أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - لميعة _ قصة قصيرة














المزيد.....

لميعة _ قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4573 - 2014 / 9 / 13 - 14:19
المحور: الادب والفن
    


لميعة
لا أدري ما الذي يربط بين الشاعرة العراقية الكبيرة لميعة عباس عمارة وبين المطربة لميعة توفيق وبين لميعة أم عباس لوحة سريالية متنقلة تحمل في وجودها شيء خفي صعب على اتفسير كما هو صعب على الشرح ولكن ما أن يذكر اسم لميعة حتى تتوارد الخواطر لتقودني مرة بعد مرة إلى عالم لميعة أم عباس ... فيه غموض السحر وعالم الأموات والمقابر , وفيه أيضا قدرة الإنسان أن يؤاخي بين الهدوء وعالم متحرك خلف السكون الطاغ .
قادتني الظروف أن ألتقي أم عباس لميعة أكثر من مرة وفي كل مرة أنشد لعالمها بحثا عن مزيد من التفصيلات ومزيدا عن الإثارة العقلية وهي تساكن الأموات وتجالس كل من له صلة بالموتى أو يشتغل في عالمهم المسكون بالحكايات والتصورات , حتى أني كنت أظن وهذا أعتراف حقيقي أن عالم المقابر عالم نهاري فقط ما أن تغيب شمس اليوم حتى يتحول إلى الصخب المدمر حيث تخرج الأرواح من محابسها مرتديه أقنعة الجن لتمارس هوايتها اليومية والسرمدية ,منهم من يتولى مهمة المشاكسة والإزعاج والتخويف في حدود المقبرة ,الشجعان منهم والأقوياء يذهبون كما أسمع ليتولوا مهام الربط والعقد وتنفيذ مشاريع السحر المدفونة عند أرجل الموتى أو فوف صدورهم .
لميعة وحدها تعيش العالمين معا فهي لا تنام في النهار كما تدور بين زوار القبور وروادها وفي الليل ترتدي زي الكاهنة التي تنبش القبور بحثا عن ودائع فاسدة لتخرجها من بين الحجر والتراب كأنها مجس حساس تتلمس أي تغيرات طارئة على هيئة القبر , تعرف من ملامح أي شيء جديد ماذا جرى وكأنها في مهمة دفاع عن الإنسان في وجه الشياطين وأتباعهم لا تعود حتى تحصي أنفاسهم فردا فردا ,البعض من السحرة والساحرات لا يعرفون لميعة يأتون بسذاجة الأغبياء يطلبون منها أن تعمل لهم ما يسمى بتعميد أعمالهم فتقبل بترحاب وتأخذ حقها منهم ثم تعرف كيف تتعامل مع الشر المودع لديها تجمع أطفال الفقراء الذين يجوبوا المقبرة ليتبولوا على ما جمعت منهم في حفلة بول جماعية .
لميعة قبل أثني عشر عاما جاءت من بعيد لا نعرف بالضبط من أي منطقة ومعها ولد صغير أسمه عباس لكن من المؤكد ومن لهجتها أنها من منطقة الجنوب تبحث عن سحر دفنته أحدى الساحرات عند قبر منسي لكنه قرب علامة لا يمكن نسيانها ,بقيت أشهر وأشهر تبحث عنه بين القبور الدارسة حتى أهتدت على ما تظن أنه فعلا السحر المقصود أخرجته وبال عليه الصغير عباس وانتظرت أن يعود أباه , عاد وكلمها ولكن شعرت لأول مرة أن ما كانت تبحث من أجل أن يعود نهرا جاريا أصبح كالنار يحرق كل شيء ,كرهت جنس الرجال ولم يفلح أن يسترضيها التي كانت تتمنى أن تعيش فقط خادمة تحت أقدامه وبقيت ساكنة حيث وجدت المبتغى .
لميعة التي بكت كثيرا حتى صارت من ألم الجرح شاعرة تلبس حروفها ثياب الحزن الجنوبي الغارق في أصل الجرح أشتهرت بين النساء بالنوح والنواح المقفى وكأن عالم الموتى لا يريحه إلى كلماتها التي ترتدي معاطف من حديد تمزق جسد الروح لإجبارها أن تنوح مع صوتها ,صوت لا تتمالك وأنت في قمة النشوة أو الفرح إلا أن تخر باكيا تمتلك رعشات لا تدري من أين جاءت من مفردات الحروف الباكية أم مع الصوت الشجي المحمل بعذابات الفراق والقهر.
ما لم يخبر به العراف لميعة عباس عمارة أنبأها به وقال وصدق قد تكون واهمة لكنها مؤمنة حقا أن روح الميت التي ذهبت بعيدا بعد أن توكلت بالسر لا ينفع معها أن تنزع المسمار من القنبلة الموقوتة فقد تفجر سحرها ولم تعد نصيحة العارفة قادرة أن تعيد المارد الذي حمل السر ومضى ,تأخرت أنا كثيرا أن ألتقي لميعة عباس عمارة في كلية الآداب جامعة بغداد لأخبرها قصة العراف ...كما لم ألتق يوما بالفنانة لميعة توفيق لأخبرها كيف يمكن أن يكون للشدو رنة وموسيقى تبكي الحجر عند لميعة أم عباس.
...................................................12-9-2014



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصريح لناطق لا يملك صوت
- رسائل من وإلى باسم الحب
- القصد والأعتباط وخيارات عالم سبيط النيلي ح3
- القصد والأعتباط وخيارات عالم سبيط النيلي ح2
- القصد والأعتباط وخيارات عالم سبيط النيلي ح1
- سلطان القوة وقوة السلطة ح2
- الفراق اللذيذ _ قصة قصيرة
- سلطان القوة وقوة السلطة ح1
- العقل وإشكالية صناعة المعرفة
- رؤية ... قصيدة للغائب الأتي والرحيل المزمع
- هل العقل موجود حقيقي ؟.
- ما هو التأريخ وكيف بدأ ح1
- ما هو التأريخ وكيف بدأ ح2
- ما هو التأريخ وكيف بدأ ح3
- قصاصة ضائعة _ قصة قصيرة
- معيار التمييز بين العقلي والديني
- العقلانية والدين
- مصطلح المنهج والطريقة في النص القرآني
- التاريخ بين الأسطورة والتزييف
- إشكالية غياب المنهج العلمي في كتابة التاريخ العربي والإسلامي ...


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - لميعة _ قصة قصيرة