أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - قصاصة ضائعة _ قصة قصيرة















المزيد.....

قصاصة ضائعة _ قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4567 - 2014 / 9 / 7 - 13:00
المحور: الادب والفن
    


قصاصة ضائعة


ثلاث ساعات أمضاها يبحث عن قصاصة ورق أحتفظ فيها بمجموعة أرقام ومستندات وبعض الأسماء , المؤكد أنها لم تخرج من حدود غرفته المغلقة دوما بأسرارها وخفاء ما تتضمن من حكايات بطلها واحد يصارع من أجل أن يخلق صورة لإنسان خالي من كل النواقص والتركيبات المتناقضة التي يرى فيها أن العقل في غالب الأحيان هو المسئول الأول عنها .
نظرته للأشياء تبدأ في كل مرة من مرحلة النقد والشك مرورا بما يسميه عملية التحقق من التوافق مع قانون عقله , قد يكون لدراسة نظم الذكاء الصناعي وهندسة العقل الإلكتروني علاقة في ما يفهمه من تناقضات الواقع والمفترض الأساسي للنظام الكوني ,القصاصة التي أزعجته في هذا الصباح يمكن أن يسترشد لها من خلال إعادة ترتيب الأحداث وصولا للحظة الأخيرة التي تركها في مكان مها إنها فكرة الأستعادة الرجعية للزمن , هكذا تعلمت منه أحد المصطلحات التي كثيرا ما يلفت نظرنا لها دون أن نعي تماما ما تعني لكنها دوما حاضرة في نقاشاتنا , طلبت منه أن يفعل ذلك ,لم لطلبي أنتباه وأستمر ببعثرة الأشياء خلاف النظام المعتاد لا بد أنها بذات قيمة لأجلها تم خرق النظام .
لم ننجح في العثور على ما جئنا لأجله ولكن هناك ألتزام حدي في الموضوع لا بد أن نتصرف في حدود المعقول الذي لا يؤدي بالرجل لأن يفقد جزء من الهالة العلمية التي كان يحظى بها بين زملائه وأصدقاءه هنا في العمل أو حتى في لمحيط ,طلبت أن نحتسي شيئا من القهوة وفي مكان عام على أقل تقدير أعادة تهدئة المحسات الحسية العقلية التي زاد أضطرابها فسله في أن يثبت واحده من نظرياته العلمية وهيأن التفكير المبرمج يمكنه أستعادة الزمن في كافة تفاصيله لذا سيتمكن الإنسان من ملاحقة تاريخه بكل دقة .
التوتر ما زال مؤثرا وانفعالاته بادية بالتصرفات اللا إرادية التي تظهر بحركة أصابعه وهي تتحرك عشوائيا ,قد يكون الفنجان الرابع مضر أكثر لو تناوله وهو مستغرق تماما في ترتيب أجزاء الذاكرة ليبحث عن مكان ما , أقترحت عليه أن نتمشى قليلا مع بدء لحظات المساء ومشهد الغروب في مكان هادئ وترك كل التفكير بالموضوع , نظر للأمر وقرر الموافقة أشترطنا أن يترك فكرة البحث الآن على الأقل طالما أنه متأكد أن مكانها ليس خارج حيطان الغرفة .... المسير الطولي في شوارع مفتوحة وهادئة يثير بعقلي أنا الكثير من الأفكار الجذابة منها أن الحياة عبارة عن طريق تسير به ولا تدري أي منعطف عليك أن تسلكه أو يفاجئك لتتحول إلى أخر .
تذكر جزئية قد تفيد في تتبع المكان المطلوب بالرغم أننا كنا نناقش موضوع ليس له علاقة بما يبحث ورغم عتبي عليه إلا أنه علل أن كل الأمور في النهاية ترتبط بعقدة الذاكرة وقد تقودك الأحداث من حيث لا تعلم إلى حيث بالك مشغول ... كرر أعتذاره الحقيقة أنا في داخلي مسرور لأن اقتراحي قد أثمر جزئيا في تصحيح المسارات بعد تهدئة التوتر النفسي , عالم المرأة بالنسبة له عالم لا يختلف كليا عن ذات عالمنا لكنه يتفوق عليه بكثرة العطر وتعدد الألوان غير أنه ومع التجريد التام لا يختلف بشيء عن عالم الرجال المتصلب وبما يدور حوله من عالم لا عقلاني , نظريته هذه قد تستمد بعض مكوناتها لطريقة تصفيف وتصنيف المميزات الموضوعية من الجو الصارم الذي يعيشه مع عالم الرقم والحرف .
لم أنجح في إثارة عواطفه نحو عالم المرأة الأكثر ولعا فيه أنا بل الأكثر خبرة في فهم تفاصيله ولكن لا بأس أن نمضي لأخر الطريق لعلنا ندرك ثمرة مما تغنينا عن العودة إلى الجو المشحون بقصاصة ورقة ...قدرتي على الإقناع ليست حاسما دوما لكنها تترك أثار محسوسة خاصة بعد الخوض المتكرر بتفاصيل دقيقة وأكثر حميمة , وأيضا هناك مشكلة أنني لم يسبق لي أن تطرقنا لمثل هذه المواقف .
رن هاتفه الجوال ليقطع كل إمكانية لمزيد من التهدئة الطرف الأخر كان مديره التنفيذي يتسأل عن نهاية متوقعة ودقيقة ومحددة عن ما كلف به من أجراء لنعود للمربع الأول ولحالة التوتر السابقة , قررنا أن نعود للشقة وللغرفة الملعونة ,تذكرت من الدروس التي كنا نحاول أن نجد لها واقعا في عالمنا الواقعي يوم كنا ندرس علم النفس السلوكي , أحاول أن أستعيد منطق النظرية أخذت بالمحاولة أن يعيد بالذاكرة خطوة خطوة من أخر لحظة وليس أعادة التذكر من بداية الحدث ...مستعينا بالجزئية التي تذكرها ونحن نقطع الشارع المستقيم .
النظريات البحثية حسب ظني إن لم تقترن بتجارب عملية متكررة تبقى دوما بحاجة إلى تأكيد أو تصحيح لمفاهيمها طالما أنك لا تملك مصداقية خاصة بما تنظر له , في نظرية بلاك ستيب , خطوة للوراء لم تثمر في تذكر شيء مع عقل منشغل وخالي من الترتيب المنطقي تحت وطأة التوتر والحاجة المفرطة في الحصول على نتيجة لذا عزفت عن المتابعة وتركت صديقي يتدبر الأمور أنا أتذكر ملاحظاته النقدية القاسية بخصوص إهمال العقل للتصنيف والتصفيف وترتيب المنطق العقلي , وأن الإنسان بالحقيقة ما هو إلا روبرت غير مبرمج وفق قاعدة عقلية منطقية حسابية .
لم يبقى مكان في الغرفة لم يفتش فيه ولا أي أحتما ممكن أن يكون محلا للتوقع دون أن يطرقه والنتيجة كما في المرة السابقة , هباء لا أثر ولا أي إشارة ممكن أن تقود لنقطة بداية , برغم أنه تذكر كثيرا من التفاصيل والخطوات السابقة والموازية في وقتها لوقت ترك الورقة هنا ... هل العقل حقيقة لدية القدرة على الاستجابة للأوامر الفورية متى ما شاء الإنسان أن يتذكر أم أنه دوما يخضع لمزاجيته الخاصة وطريقة عمله , هذا كان سؤالي الذي أحاول أن أجد قانونا يمكنني الوثوق به في كل حال أتعرض له أو غيري مشابها لحال صديقي هذا .
أخيرا قرر صديقي أن يعتذر لمديره عن إداء لمهمة لفقدانه بيانات هامة لا يمكنه العمل بدونها وليشهد لنفسه بأول هزيمة عملية يتعرض لها , كان الأمر شديد الوطأة وثقيلا بشكل لا يحتمل , أقترحت أولا أن يتصل بالمدير لطلب منحة من بعض الوقت لتهيئة بعض الأرقام والتفاصيل ومن خلال هاتفه الخليوي , تردد في الاستجابة ومع إلحاحي حاول لكن الجواب كان حادا وقاطعا بالرفض التام رد صديقي بالاعتذار عن تحمل المهمة وطلب من رئيسة الإعفاء , أغلق الهاتف وصعدنا بالسيارة نحو مطعم لتناول العشاء , أخرج المحفظة ليدفع الأجرة , كانت القصاصة الملعونة بين أوراق النقد .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معيار التمييز بين العقلي والديني
- العقلانية والدين
- مصطلح المنهج والطريقة في النص القرآني
- التاريخ بين الأسطورة والتزييف
- إشكالية غياب المنهج العلمي في كتابة التاريخ العربي والإسلامي ...
- إشكالية غياب المنهج العلمي في كتابة التاريخ العربي والإسلامي ...
- الممكن في حكومة اللا ممكن ..................... العبادي وتحد ...
- داعش خطيئة الدين والتاريخ 2
- داعش خطيئة الدين والتاريخ 1
- كيف نقرأ النص تأريخيا
- نقد التجربة الدينية , نقد في النقد
- نشأة الدين بين العبقرية وبين حقيقة الوحي
- عار التأريخ وخطيئة الإنسان
- فنتاستك _ قصة قصيرة
- فكرة الوجود وحقيقة الغيب
- الشيئية وفكرة العدم
- شبهات تأويل النصص الديني
- معنى السلفية الفكرية والسلفية الدينية
- نقد الفكر الديني ودورة في تصحيح المسار الفكري
- رسالة من عاقل _ قصة فصيرة


المزيد.....




- السجن 18 شهراً لمسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-
- رقص ميريام فارس بفستان جريء في حفل فني يثير جدلا كبيرا (فيدي ...
- -عالماشي- فيلم للاستهلاك مرة واحدة
- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - قصاصة ضائعة _ قصة قصيرة