أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - مصطلح المنهج والطريقة في النص القرآني















المزيد.....

مصطلح المنهج والطريقة في النص القرآني


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4567 - 2014 / 9 / 7 - 00:44
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


المنهج في القرآن الكريم ورد بلفظه الصريح (منهاجا) {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم}المائدة48,وهو بذلك سبق اللسان العربي ببيان المعنى ألتحديدي والقصدي لهذه الكلمة مبين المدلول الحقيقي للمنهاج والمنهج وما نهج عليه القوم في أمر ما,وبين في سياق الآية المذكورة حقيقة علمية تتعلق بالاختلاف الطبيعي للناس في المنهج وجعل في تحديده هذا أشارة إلى خاصية المنهج الإنساني تبعا للعوامل الموضوعية والذاتية للناس فقال{ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} أي على منهج واحد.
والمنهج علما هي تلك الوسائل العملية التدبيرية والتكيفية لنوع معين من الممارسات المنضبة به والتي يستخدمها الناس لتحقيق غاية ما بناءً على معطيات أولية وافتراضات مبدئية يراد منها الحصول على نتائج من خلال هذا المنهج واستخدامه وبالتالي فهو رؤية نظرية متكاملة ذات وسائل عملية تترجم إنعكاسات نفسية لصاحب المنهج وتشير إلى أسسه ومعطياته الخاصة,وهذه المناهج تختلف حسب الموضوع كما تختلف حسب الماحوليات المتحكمة إضافة للاختلافات الذاتية للذي يتعاطى به.
فهناك مثلا المنهج العلمي الذي تتحكم به قوانين العلم التجريدي ومحدداته الخاصة وهو يختلف من حيث الموضوع عن المنهج التاريخي مثلا,كما يوجد المنهج الدراسي الملتزم بتحقيق أهداف مرسومة بوسائل محددة تتصل بنتائج العملية الدراسية واستحقاقاته,وعوامل الزمن والمكان لها تأثير في رسم المنهج شكلا وموضوعا كما يقال مثلا المنهج الكلاسيكي أي القديم والمنهج المعاصر,كما يقال مثلا المنهج الأوربي والمنهج الصيني تبعا للمكان وظروف الفكر الأيديولوجي المرتبط به,وأخيرا يقولون هذا منهج عام وهذا منهج فلان في دراسة الموضوع الفلاني,لذلك قال الله تعالى ولكل جعلنا منهجا.
فقد أفصحت الآية الكريمة عن سبق معرفي لم يدركه الإنسان إلا متأخرا عنه ليثبت أنه أي كتاب الله حق وعلم لا يحاط به إلا بما شاء الله,وهذا السبق يحتم علينا أن نفهم مَدلولية المنهج من خلال رؤية عقيدية تستلهم قصدية النص وكيفية البناء اللفظي والتفريق بينه وبين الشرعة والطريقة التي وردت في نفس الآية السابقة.
فلو قارنا مدلولية الطريقة كما وردت بالنصوص القرآنية مع مثيلاتها التي تناولت المنهج نلاحظ الفارق بالقصد من الإستخدام اللفظي لكليهما على أساس ماهية المنهج وماهية الطريقة ولنقرأ النص التالي مثلا الذي يشير مثلا إلى تقارب في المعنى يبدو للقارئ في أول وهلة{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً}الجن16,النص يشير لمعنى محدد مأخوذ من أصل لفظة أخرى وهي الطريق,والذي يعني كما في معاجم اللسان العربي هو الدرب المطروق أو الوسيلة التي توصل إلى غاية أو تنهي عند حد ما,ومن التعريف تكون الإشارة إلى ما هو معتاد للسير عليه أو معد للسير عليه ويوصل إلى غاية ينتهي عندا حد الطريق فهو المسلك المؤدي بين الفرض وينتهي بتحقق الغاية وليس تحقق النتيجة .
ومن هنا يتبين أن الطريق ومنه الطريقة نسبة له هي المسار الواجب أخذه للوصول للغاية والآية إنما تشير لهذا المعنى من خلال المقدمة فيها{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا}أي أتخذوا الطريق المستقيمة أي لم ينحرفوا عنها لكانت النتيجة{لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً},وبذلك ينحصر مفهوم الطريقة على الوسيلة فقط دون أن يكون لهذا المفهوم الشمولية النظرية ولا تحديد الوسائل والسبل اللازمة للتنفيذ,فالطريقة هي جزء من المنهج وتتحدد فقط في المسار الوضعي للموضوع ولا تتعدى ذلك كما في الآية التالية مثلا {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى }طه63.
فالسحر إذن في تصور القائل(فرعون)هو الفعل ألتغييري الذي يستهدف جر المخاطب إلى مسار أخر وليس إلى مجموعة متكاملة من المقدمات والوسائل والسبل والتصورات التي تصب جميعا في تحقيق النتيجة منها وبذلك فرق القرآن الكريم بين المنهاج والطريقة على أساس كونية المنهج وشموليته وتكامله وبين الطريق والطريقة التي تعني الجاني ألمساري الذي يختطه السالك فقط,{وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى }طه77.
وبالتفصيل فإن للمنهج والمنهاج قواعد وأسس كيفية تجتمع لتكون ما يمكن أن نصفه كذلك لا بد من توافرها حتى يصح لنا أن نقول عنه أنه منهج منها:.
1.القسم النظري ويتحدد بالنقاط التالية.
• ضرورة تبني الأس الفكري والعقيدي (المقدمات) الذي يبتنى عليه المنهج أو ما يسمى في عالم اليوم الخط الأيديولوجي الذي يتبنى المنهج ويعطيه الشخصية الإعتبارية التي تنتسب له وتصطبغ به.
• الرؤية المسبقة والافتراض السابق لما يجب أن يكون عليه المنهج وما يوصل للنتيجة,فهما قسمان نظريان الأول يتعلق بالكيف العملي والثاني بالكيف الغائي.
• تحديد الأدوات المناسبة(التكتيكية والإستراتيجية ) التي تترجم الرؤى السابقة وترتيبها على النحو الذي يجعل الأمر ممكنا وقابل للحدوث,وهذا يشمل الوسائل والسبل ومنها الطريق الذي يجب أن يسلك.
• رسم الخط النظري لمسار المنهج مستخدما لما هو واجب الأخذ به للوصول للغاية وتوقع وقياس النتيجة طبقا لها أو طبقا لما يؤمل أن يوصل لها.
2. القسم العملي ويشمل ما يلي:.
• تفعيل الخطط والنظريات وتحويل ما هو تصوري إلى مفردات عملية تجسد ما هو كائن من الممكنات.
• ترتيب الأولويات من المفردات المتاحة(عناصر التنفيذ) والمخطط لها حسب ما هو مستلزم لتسخيرها كأدوات تنفيذ ما يترجمها لفعل حادث أو قابل لأن يحدث.
• أستحضار القياسات والمقارنات بين المنفذ والمؤجل واللاحق التنفيذ وتصحيح المسارات تأخيرا وتقديما أو تبديل الأولويات حسب ما يستجد من أمور خلال التنفيذ على أن لا يخل ذلك بالمخطط التصوري الأولي ولا يتعارض مع توقعات النتيجة.
• العمل على فرز وتحييد وتعطيل العناصر المعطلة أو المعرقلة والتي لم يكن في الحساب الأولي توقع حدوثها أو تحويل مساراتها خارج أطار البرنامج التنفيذي مما يؤمن سلامة العناصر الأخرى ويؤمن فاعليتها على الوجه الذي يقود للنتيجة المرجوة.
• تأشير ودعم نقاط القوة والبناء على ما يعزز المنهج عمليا من المفردات الداعمة أو التنفيذية ومراقبة تأثير ذلك كله على النتيجة والاستفادة من مجالات النقد والتصويب الذاتي.
• مراقبة تفاعل العناصر التنفيذية وملائمتها للمخطط والمرسوم له من خلال إعداد نظام التقويم والتصويب وملاحقة النمط التنفيذي لكي لا ينحرف عن المسار العملي الواقعي والحقيقي.
• وأخيرا على من يضع المنهج أن يطابق في كل مرحلة بين المحصلات النهائية ومقارنتها مع الخط التنفيذي الموحد والمرسوم سلفا , وتهيئة الإمكانيات اللازمة للمراحل المقبلة من دون أن يهمل ترتيب الأولويات مع الأخذ بعين الإعتبار الممكن وإبتداع المعالجات لكل المعوقات استنادا على المعطيات الأولى وتوافقها مع النتيجة النهائية.
عندما تكتمل مفردات القسمين على الوجه الذي يحقق الغايات تكون قيمة المنهج حقيقية وقادرة على فرض الإمكانية اليقينية لتكرار تجربة المنهج بإعتبار أن ما تم ليس مجرد تنظير تصوري ولكن لأنه عمل حقيقي أفرزت التجربة قدرته على المعالجة وفاعليته في تحقيق الغايات,ومن هنا يسكون للمنهج قيمة علمية تفرض نفسها على الواقع ليس بالصورة القهرية مثل ما يحصل في كثير من المناهج التي تبنى على أسس غير قادرة أو متمكنة من تحقيق ما تريد الرؤية الفكرية من وراء بسطه وطرح المنهج لمعالجة موضوع ما.
فمثلا المنهج الرسالي عندما يطرح فكرة العيش الوجودي للإنسان على الأرض لا يتخلى عن ثوابت الرسالة ويرسم لها طريق عملي يتصف بكونية مزدوجة تتمثل في البساطة واليسر من جهة وبالأصالة والحق من جهة أخرى راسما الطريقة المثلى التي تحقق غاية الغايات وهي سعادة الإنسان استنادا للعلة الأصلية وهي الرحمة مع التشديد على أن تكون الغايات مبررة بالعلة وبالتالي هي التي تحدد الوسائل والمفردات التنفيذية المبنية على أحقية العلة وليست على أهمية النتيجة فقط.
فالذي يؤمن للمنهج الرسالي صوابية الطرح العقدي الإيماني هو سلامة وصحة الأسس التي يقوم عليها المنهج ومرتكزاته القائمة على عنصر الخير والرحمة والنجاة من أخطاء وخطايا النفس الإنسانية التي جبلت على قطف المعجلات من اللذات والنعم دون النظر إلى النتائج البعيدة والغائية التي تمتد ما بين العلة الأولى مرورا بالمفردات التنفيذية والسلوك ألتحصيلي لها ومقدار توافقها مع خط الله الذي يسميه القرآن الكريم بالصراط المستقيم{الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }إبراهيم1.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاريخ بين الأسطورة والتزييف
- إشكالية غياب المنهج العلمي في كتابة التاريخ العربي والإسلامي ...
- إشكالية غياب المنهج العلمي في كتابة التاريخ العربي والإسلامي ...
- الممكن في حكومة اللا ممكن ..................... العبادي وتحد ...
- داعش خطيئة الدين والتاريخ 2
- داعش خطيئة الدين والتاريخ 1
- كيف نقرأ النص تأريخيا
- نقد التجربة الدينية , نقد في النقد
- نشأة الدين بين العبقرية وبين حقيقة الوحي
- عار التأريخ وخطيئة الإنسان
- فنتاستك _ قصة قصيرة
- فكرة الوجود وحقيقة الغيب
- الشيئية وفكرة العدم
- شبهات تأويل النصص الديني
- معنى السلفية الفكرية والسلفية الدينية
- نقد الفكر الديني ودورة في تصحيح المسار الفكري
- رسالة من عاقل _ قصة فصيرة
- في معنى التداولية الفكرية
- دراسة في الفلسفة البعدية (الأفتراضية البعدية)
- الدين وملامح الصراع العقلي


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - مصطلح المنهج والطريقة في النص القرآني