عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4567 - 2014 / 9 / 7 - 08:21
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هنا تبرز قيمة عدم التصنيف بما هو وضعي عقلي علمي حقيقي وبين ما هو ديني حقيقي بل هو أعقد في رأيي من تبسيطه بهذه الثانئية الوضعية في مقابل الديني التي نجدها في معظم الكتابات الإسلامية السائدة،والتي قليلا ما تدرس المناهج الفلسفية أو تدرك تركيبها وتنوعها بالعمق الذي فهمها به أهل العلم الرباني من الذين تلقوا العلم والدين من مصدرهما الأصلي كتاب الله وعلم الرسول صلى الله عليه وأله وسلم؛فقد أكد بعض علماء السلف على موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول مثل ابن تيمية دون بيانية هذا التوافق بالصورة التي تضع قواعد وتصنع مفردات معرفية بعيدة عن التنظير الأجوف مقابل النظرية المتكاملة التي صاغها الإسلام كدين، بينما انحرف بعضهم بالعقل في موقفه من الدين مثل أبي بكر الرازي.
لقد نشأ صراع طويل وعميق بين المعتزلة الذين قدسوا العقل ورفعوا من منزلته على حساب النقل وإن لم ينكروا ضرورته وأستدلال العقل على النقل عندهم يقوم على ضرورة موافقة النقل للعقل في معادلة ناقصة لأن العقل السليم وليس العقل المجرد يستدل على النقل من خلال قوانينه السليمة التي صاغها أصلا بتكامل قوى النفس الأربعة بدرجة التمام وليس بدون ذلك .
وهذا يعني إيمان العقل أصلا وخضوعه للمنطق الديني السوي وهذا مذهب الشيعة الذي يتلخص بأن الدين لا يعرف أصلا إلا بالعقل السليم, وهي ذات المعادلة التي صاغها الإمام علي بجوابه لليهودي عند سؤاله عن((كيف عرفتم محمدا بالله أم عرفتم الله بمحمد)),فكان جوابه أنا عرفنا محمدا والتصديق به بالله,فالعقل السليم الذي هو من الله وإليه يعود هو كان طريق معرفتنا بمحمد أي بالنقل الذي جاءبه محمد صلى الله عليه وأله وسلم وليس العكس {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }ق37.
العقلانية لا تتناقض بالمفهوم الذي تقدم في قياستها مع الدين لأن الدين ألقى على العقل مهمة التصديق بالكليات والضروريات أستنادا إلى قواعد العقل أي بتعقلها لا مجرد التصديق الفطري أو القهري والتسليم بما في النقل كما يقول الأشاعرة وهي الفئة الثانية التي كانت قطب الصراع الفكري في الأسلام على محور دور العقل والنقل.
النقل الصحيح الأصيل قادر أن يفرض التصديق به من قبل العقل من خلال نفس الحجة التي ألقها الدين على النقل وليس بذاتيه خاصه منه كونه دين ولذلك قيل النقل الصريح يقبله العقل الصحيح بتبدل في الألفاظ اللسانية فالنقل الصريح لابد أن يكون أصيلا وصحيحا حتى يقبله العقل السليم الصيح في مساراته الأخذيه,والنتيجة في جوهرها واحد أن الدين لا يتعارض مع العقلانية بل طريقه للتطبيق النقل مادام سليما أصيلا غير منحرف ولا محرف,وهنا تقع مع التحريف أشكالية تقاطع العقلانية مع الدين المحرف.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟