أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علم الدين بدرية - خطوات أعرابيٌّ فوق جسد الصحراء















المزيد.....

خطوات أعرابيٌّ فوق جسد الصحراء


علم الدين بدرية

الحوار المتمدن-العدد: 4572 - 2014 / 9 / 12 - 00:35
المحور: الادب والفن
    


قراءة نقدية في رائعة الشاعر وهيب وهبة ، وقمة نتاجه (( خطوات أعرابيّ فوق جسد الصحراء )) ..
عندما يتكامل النص الأدبي ، ويصل إلى درجة من النضوج والوعي ، يتّخذ من اللغة وتطورها محوراً له ، ومن العمل الإبداعي متعة روحية ، وحاجة إنسانيّة جماليّة تتداخل وتتعامل فيها العناصر الفنيّة والثقافيّة تكمل بعضها عبر تاريخ الفن والإنسان .
ألعطاء هو نشاط إنساني ، والنشاط الإيجابي بحد ذاته فن ، والفن هو عمل وإنتاج يصل ذروته في أرفع الصّور عندما يكتمل في شكل محدد من أشكال الثقافة والوعي الاجتماعي ، ولكل صورة من صور الثقافة روحية كانت أم فنية ، فكرية أو أدبية استقلال نسبي ونوعية مختلفة مميزة ، وقوانين تطور ذاتي تستجيب لحاجات جماليّة في واقع تاريخي اجتماعي محدد ، وهي جزء من بناء ثقافي عام يُعبّر عن مرحلة اجتماعيّة من مراحل تطور المجتمع ، وهي تستجيب للمثل العليا ، الفكريّة والروحيّة ، والذوقيّة الجماليّة والفلسفيّة . وهكذا نجد أنفسنا أمام عملٍ إبداعي كبير ، تجتمع فيه مقوّمات الصورة الثقافيّة والحاجة الجماليّة والوعي الاجتماعي والواقع التاريخي ، المعاناة والانصهار الإنساني ... إنه محاولة الدخول في تاريخ الإسلام .. فالشاعر وهيب وهبة يخطو فوق جسد الجزيرة العربيّة ، من الجاهليّة حتى انبعاث رسالة النبوءة ويجاور خطوات الرسول ( صلى الله عليه وسلّم ) حتى حجّة الوداع .. هذا العمل يتوّج نتاج الشاعر خلال عقدين ونيّف ... هو مزيج لعناصر الأدب مجتمعة معًا ، نثرًا وشعرًا ، أسطورة ورمزًا .
خطوات أعرابيّ هي ملحمة القصيدة العربيّة ، أو قصيدة واحدة طويلة ، تجمع التاريخ والنبوءة ، الفلسفة والجغرافيا .. تلك هي رحلة إعرابي فوق جسد الصحراء . رحلة عبر الزمن ، داخل الوجدان والشعور والنفس البشريّة ( هنا تجد القمر والبحر والرمل والصحراء ) ... حتى ضاعت الفروق بين الشعر والنثر ، بين الأحدوثة والقصة ، بين الواقع والخيال ... الشاعر يقول في المقدّمة أن هذا العمل هو ( مسرحة القصيدة فوق جسد الصحراء ) وتمسرح القصيدة اتبعه الشاعر أيضًا في ديوانه " المجنون والبحر" ( 1995 ) هنا نجد مزيجًا لجميع عناصر الأدب معًا ، تنسكب في إطار واحد ينساب مع النّص في سمفونيّة متناسقة ، وأنا ربما أختلف معه في هذا التمسرح لأجد تعبيرًا أوفق ، فعندما يرتفع إنتاجنا الأدبي ليرقى إلى هذه الرموز التّاريخيّة ، ألفلسفيّة والدّينيّة ، يُصبح ( ملحمة القصيدة ) ويصبح قارئ النّص يبحث عن نفسه وذاته في ما كتب الشاعر ، وعن ذلك كتب وهيب ( لا تبحث عنّي في سطور الكتاب ، هو أنتَ هذا الأعرابيّ القادم ... إلى الصحراء ) ... هو يأخذنا في جولة بين الحاضر والماضي ... بين المنفى والتيه في أواخر الألفيّة الثّانيّة ، ونحن نقف على أعتاب الألفيّة الثّالثة ، وبين الجذور الضاربة في عمق الصحراء ، واحة الحقيقة ... أرض النبوءة ، مهد الحضارة والإنسان ... ويحدث الزلزال !! ها هو انفجار سدّ مأرب / يعلن أن الأرض واحدة / وأن النبوءة توقيت لزمن آت / ...
إنها رحلة ممتعة وسفر عبر البعد الآخر ، البعد الروحي في تقمّص الإنسان ، اتحدت لتشكّل قصيدة واحدة طويلة ، بصورة مسرحيّة تعبر بنا حدود الزمان والمكان ، فتتقارب المسافات وتتباعد ... وتنتهي الفوارق لتكون ذلك الأعرابيّ الواقف أمام الحقيقة عاريًا ، حافيًا ، أمام حقيقة الوجود واختلاط المكان والزّمان في صيرورة الأشياء . إنّه الدخول في البعد الرابع .. تشعر أنكَ تعيش وتحيا كلّ اللحظات الآن ، وفي كلّ مكان ، وفي كلّ زمان ... إنّه شعور داخلي يقودكَ إلى حقيقة نفسكَ إلى رجع الصدى ، إلى جذوركَ المدفونة بالأعماق ، في الرّمال المتحرّكة .. أسمع نشيد النّخيل في إنشادكَ / أسمع ملائكة تهتف باسمك / وعباد تشهد أو تستشهد باسمك / في لحظة خلق إلوهيّة / فتحت السماء أبواب الجنّة / وخرجت للعالمين رسولا / .. هتف صوت جبريل في الغار / ... هو أنتَ سيّد الأرض / خرجت رسولا / وأنزل عليك الكتاب / اقرأ باسم ربك الذي خلق / ... هنا كانت الولادة وكان الانتماء ، خرج النّور من الجزيرة العربيّة ، إلى الأمة العربيّة والعالم أجمع ... فصدّر حضارة وإيمانًا ، علمًا وتقوى ، من الكوفيّة والعقد الفريد ... وها هو شاعرنا يؤكد ( ص57 ) وتكون هي الصحراء ممتدّة كعروق يدي / من عدن إلى فارس / إلى العراق إلى بلاد الشّام / إلى بحر الرّوم ، إلى البحر الأحمر إلى قلبي / ...
أدخل في بوتقة الزمن الحاضر / وأنا الهارب من زمني / والداخل في جلدي أبحث عن موطن قدمي / ...
لست وحدكَ . كم مشرد هنا / هائم هذا الزمان / هل يُرجع التاريخ حفنة من تراب في يدي ، ويسكن الأهل ذات التراب ؟!
أهو حنين واغتراب ..؟!
هنا نري الشاعر يعبّر عن غربة دفينة في هذا العصر المادي الفظيع الرّهيب ، حيث تضيع فيه الجذور والأصل والقيمة الروحيّة والإنسانيّة . ولا يرى مناصًا من الهرولة صوب الجزيرة العربيّة للبحث عن التراث والتراب وأصالة النفس والروح ... ربما كانت الصحراء قميصي ... / لا ... هي الصحراء / لا .. يكذب نجمي . يستعمل شاعرنا الرموز العامة والرموز الخاصة ... أتشبّه بما يشبهني من جنان دنان النفس / أتشبّه بماء يمزج روحي / ويشكّل تكويني / وتكوين المكان / من سقراط الينابيع / من أرسطو المنطق والحكمة ... وغرب صنعاء جبل يعلن حضور النبي شعيب إلى مدين
لا أستغرب وجود هذه الرموز الخاصة ، خاصة وإن الشاعر هو ابن لمذهب الموحدين الدروز ، وليدو الصوفيّة ، إنه الشعور العرفاني العميق والقديم ، هو تداخل الفلسفات الوجدانيّة الروحانيّة ، انه ذلك الموحد المؤمن بالرسول والإسلام ، وبمذهب التوحيد عقيدة وإيمان ، يقوده رحيق العرفان في عقيدته التوحيديّة ، ليمتزج بالجذور وباللغة العربيّة ... لو اجتمعت كلّ عناصر الكيمياء / في تركيبة الزئبق والماء / تولد لغة واحدة / رفعت الدّنيا من الحضيض إلى القمّة / ... وهو يعني هنا لغة النبوءة ، اللغة العربيّة .
هي لحظة خلق التكوين / أن تعود إلى مكة / وان تكون حجّة الوداع / لا الله إلاّ الله – بهذه العبارات المؤثرة ، ينهي الشاعر وهيب وهبة ديوانه الجديد ، خطوات أعرابيّ فوق جسد الصحراء .. فللشاعر الفاضل أتمنى المزيد من العطاء ، ومزيدًا من التقدم في دنيا الأدب ، وإلى القارئ الكريم أتمنى أن تكون له رحلة ممتعة عبر هذه الملحمة الشّيقة ، الغنيّة بالتعابير اللفظيّة والقيمة الأدبية للقصيدة .
كانون ثاني سنة 2000



#علم_الدين_بدرية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صمت
- أَنْتِ فَجْرِي
- قالت وقال ( 4 )
- من وحي شامبالا
- رسائل مسائيّة
- هُنَا وهُنَاك
- شجون
- قالت وقال ( ٣ )
- يوميّات شتائيّة
- يوميات شتائيّة ( 2 )
- تساؤلات وصلاة
- إليكِ في البعد الآخر
- قالت وقال ( 2 )
- لا تبكي سوريا
- رثاء شهيد
- ** مَوْجٌ وَحَنِيْن **
- قالت وقال
- مَواسِمُ الْحَصَادْ
- همس الروح
- الزِّيْز


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علم الدين بدرية - خطوات أعرابيٌّ فوق جسد الصحراء