علم الدين بدرية
الحوار المتمدن-العدد: 4351 - 2014 / 1 / 31 - 19:09
المحور:
الادب والفن
قالت وقال ( 4 )
علم الدين بدرية
ذَاتَ لِقَاءٍ عَلىَ وَجْهِ الْبُحَيْرَةِ الْمُشَظَّى بِالصَّقِيْعِ وَصَفَعَاتٍ مِنَ الزَّمْهَريْرِ ، أَوْرَقتْ زَهْرَةُ لُوتُس فَأَضَاءَتْ مَسِافَاتٍ آفِلَة فِي عُمْقِ اِعْتِرَافٍ جَلِيْديٍّ أَبَتْ أَنْفَاسُهُ التَّجَمّد فَبَاحَتْ مِشْكَاةٌ لاَ تُطْفِئهَا رِيَاحُ الْغُرْبَةُ وَصَمْتُ السُّكُونِ فِي تَعَاريْجِ الزَّمَنِ الآفِلِ بِبِقَايَا هَوَاجِسٍ وَتَعْتَعَاتِ اِحْتِضَارٍ فِي مَرَاكِبِ الرَّحِيْلِ فَرَسَمَتِ الأَنَامِلُ الْمُحَنَّطَةِ هَذَا الْحِوَار ...
قَالَ لَهَا : مَتَى تَشْدُو الشَّمْسُ لِهَذَا الْفَجِرِ الْعَاقِرِ ، فَتَبْعَثُ الدِّفْءَ فِي عُرُوقٍ لَمْ يَعُدْ لِلْحَيَاةِ فِيْهَا لَوْنٌ وَبَقِيَتْ نَبَضَاتٌ خَافِتَةٌ مَا زَالَتْ تَخْفُقُ عَلىَ قَارِعَةِ لِقَاءٍ رَغْمَ الصَّقِيعْ ..
قَالَتْ : فِي عُمْقِ الْبُحَيْرَةِ دِفْءٌ وَمَا سَطْحُهَا إلاَّ تَمْوِيْهٌ ، فَعِنْدَمَا تُشْرِقُ الشَّمْسُ سَيَتَبَخَّرُ الْجَلِيْدُ وَتُزْهُو زَهْرَةُ الْلُّوُتُس بِنُوُرِهَا الْمَجِيْد فَتُزْهِرُ عَنَاقِيْدُ الْحُبِّ تَراتِيْلَ عِشْقٍ وَصَلاةِ تَهَجُّدٍ مِنْ جَدِيدْ !!
قَالَ : لَكِنَّ الْقَمَرَ يَنْعَكِسُ هُنَا كُلّ لَيْلَةٍ فَتَسْطَعُ الْبُحَيْرَةُ كَلؤْلُؤةٍ وَسَطَ الصَّحْرَاءِ ...لا يُوُلَدُ لَنَا مِن اِنْعَكَاسِ الصُّوُرَةِ سُوَى أَمْلاَحٌ سَقِيْمَةٌ وَسَرَابُ اِنْعِتَاقٍ وَشَوْقٌ فِي مَسَارِب الْخَيَالْ ..
قَالَتْ: الْقَمَرُ بَارِدٌ كَعُمْقِ الْمُحِيْطِ فَلاَ الْجَلِيْدُ يَذْوِي وَلاَ نُوُرَهُ يَشْعِلُ الْلَّهِيبْ .. هُوَ اِنْعِكَاسٌ يَا صَدِيْقِي وَمُنْذُ مَتَى كَانَ اِلانْعِكَاسُ هُوَ الْحَقِيْقَة ؟
قَالَ : أَنَا وَأَنْتِ وَالْلَّيْلُ وَالنَّهَارُ أُسْطُوُرَةٌ سَطَّرَهَا الْقَدَرُ ، هَلْ هُوَ حُلْمٌ قَدِيْمٌ عَادَ يَتَجَدَّدُ عَلىَ عَزْفِ وَتَرْ ..؟
قَالَتْ : أَنْتََ مِنَ الْقَلْبِ نَبَضَاتُهُ وَمِنَ الرُّوحِ أَثِيْرُهَا .
قَالَ : لاَ الْخَفَقَاتُ تَهَجُرُ الْقَلْبَ وَلاَ رُوُحُ الرُّوحِ تَتَخَلىَ عَنِ الْوَمِيضْ.
قَالَتْ : هَلْ مَا أَسْمَعُهُ وَعْدٌ أَمْ اِسْتِثْنَاء أَمْ حَقِيْقَةٌ لاَ تَعْتَرِفُ بِالأَبْعَادْ ..؟
قَالَ : يَا زَهْرَ الْلَّوْزِ الأَبْيَضْ ، يَا حُلُمًا يُزْهِرُ فِي كُلِّ الأَبْعَادْ ، يُوُرِقُ عَلىَ أَفْنَانِ الْفُؤَادْ ، يُشْرِقُ بِدِنَانِ الرُّوُحِ كَتِلْكَ الْوَمَضَاتِ السَّاحِرَةِ الْمُتَجَليَّةِ فِي قَلْبِ الْلُّوُتُسْ .
قَالَتْ : فِي سُكُونِ الْلَّيْلِ تَتَذَبْذَبُ أَمْوَاجٌ تَائِهَةٌ فِي الْبُعْدِ الآخَر ، عَلىَ مُنْحَدَرَاتِ هَاوِيةٍ تَنْزَلِقُ فِي قَعْرِ الْمُحِيْطِ ، عَلىَ جِدَارٍ أثِيْريٍّ تَقِفُ بَعْضُ الْخَفِقَاتِ لِتُعِيْدَ قَارِبنَا تَائِه الْمَسارَاتِ ، إِلى اِتِّجَاهٍ مُعَاكِس يَرْسُمُ النَّبَضَاتِ لِقَلْبٍ يُعِيْدُ تَشْكِيْلَ الاتِّجَاهَاتِ ... خَلْفَ الأُفُقِ شَاطِئٌ وَأَحْلامٌ وَخَلْفَ الْلَّيْلِ فَجْرٌ وَشَمْسٌ وَابْتِسَامْ .. زَهَرَةُ الْلُّوتُسُ عَانَقَتِ الْيَاسَمِيْن فِي صَقَيْعِ الْلَّيْلِ فَوْقَ بُحَيْرَاتِ الْمَلْحِ الْبَعِيْدَةِ فَانْفَرَجَتْ سَمَاؤنَا ضُوءًا وَعْدًا وَبَقَاءْ .
قَالَ : يَغْتَالَنِي الصَّمْتُ فَأبُوحُ بِحرُوفِ كَلِمَاتُكِ .. أَرْسُمُكِ فِي لَوْحَتي زَهْرَةَ لُوتُس بَيْضَاءْ .. فَهَلْ سَتَقْرَئِيْنَنِي يَا عُصْفُورَتِي ذَاتَ مَسَاءْ.. فَيُثْمِرُ عُنْقُودُ دَالِيَتِي ذَاتَ رَبِيْعٍ ..ذَاتَ لِقَاءْ ..!! سَأهمسُ لكِ وَاقِعًا .. قَدْ لاَ يَكُون لِلَيْلي فَجْرٌ ..وَلا شُروق لِشَمْسِي بَعْدَ فُرَاق .. فإن كُنْتِ لي خَيَالاً ..فَظِلالُكِ لَنْ تَخْتَفِي فِي الآفَاق .. بُعْدٌ آخر سَيَرْسُمَها حَتمًْا ذِكْرى ووعدًا .. ذَاتَ وَفَاءْ !!
قَالَتْ : هَلْ مِنَ الْمُسْتَحِيْلِ أَنْ نُغَيَّرَ مَسَارَاتِ اليَاسَمِيْن بِمَا تَبَقََّى لَنَا مَنْ حُلْمٍ .. هَلْ مِنَ الصَّعْبِ أَنْ تُغَرِّدَ مَعًا عَصَافِيْرُ الرُّوحِ بِمَا لَدَيْنَا مِنْ فَرَحٍ وَدُمُوعْ .. فَالْمَسَافَةُ تَبْقَى هِي الْمَسافَةُ فِي كُلِّ حِينْ . لِذَلكَ أُحَاوِلُ كُلَّمَا الْتَقَيْنَا الصُّعُودَ عَلىَ دَرَجَاتِ الْوَقْتِ ، أُحَاوِلُ أَنْ أَخْلَعَ أَوَّلَ مَا أَخْلَع ، ثَوْبَ الالْتِصَاقِ بِزمَنٍ لاَ يَعْرَفُ طَعْمَ اِخْضِرَار الأَمَل.. وَلاَ يَأْتِي بِجَديْدٍ .. يَذُرُّ رِيَاحًا وَاهِنَةً لاَ تُبَشِّرُ سُوَى بِمَاضٍ لاَ يُثْمِرُ وَلاَ يُبْدِعُ ولاَ لَهُ وَهَجٌ أَوْ تَحْدِيدْ .
قَالَ : لِمَاذَا تُرِيْدِيْنَ يَا رَفِيْقَةَ الأُمْسِيَاتِ وَهَمْسَ الرِّوحِ فِي الْخَافِقَاتِ أَنْ نَجْعَلَ لِحِوَارَنَا وَاقِعًا جَدِيْدًا لاَ يَحِدَّهُ هَذَا الشَّكْلُ أَوْ ذَاكْ .. اِفْتَحِي كُلَّ نَوَافِذِ الْبَوْحِ عَلىَ مَا تُرِيْدِيْنَ مِنْ مَسَافَةٍ لاَ تُحَدُّ بِوَاقِعٍ أَوْ كِتَابْ .. فِي النِّهَايَةِ سَأَتْلُو عَلَيْكِ فِي مِحْرَابِ الاعْتِرَافِ الْمَفْتُوحِ أَنَّ الْلُّوُتُس يَنْمُو فِي كُلِّ الْلِّقَاءَاتِ وَأَنَّ أَنَامِلُكِ اِعَتَادَتِ الْكِتَابَةِ عَلىَ شَاطِئٍ خَفَقَاتُهُ تَخْتَبِئُ خَلْفَ الذِّكْرَيَاتِ ، تُبَعْثِرُ الْكَلِمَاتِ لَوْنًا لأَكْمَامِ الْوُرُدِ الثَّامِلَةِ عَلىَ أَْغْصَانِ الْمَسَاءِ النَّائِمَةِ تَحْتَ نَافِذَةِ الْقَمَرْ تَسْتَكِيْنُ فِي شِفَاهِ الْلَّحَظَاتْ .. فَكُونِي مَعِي إنْ شِئْتِ أَنْ تَكُونِي ، خَارِجَ حُدُودِ الْلُّغَةِ وَالْوَقْتِ وَالتَّعْرِيْفِ وَالأُمْنِيْاتْ ..
لِمَ لاَ يَمْتَدُّ بِنَا الْبَوْحُ خَارِجَ حُدُودِ الْكَلامْ ؟! لِمَ لاَ نَصْنَعُ لَنَا مَرْكِبًا يَشُقُّ مَسَاءَاتِ الأَحْلاَمْ ؟! سَاتْرُكُ لَكِ بَصَمَاتِي عَلىَ الْجَلِيْدِ فِي عَطَشِ الْعِنَاقْ ، مَا خَرَجَ لَنْ يَعُودَ وَمَا الْبَوْحُ إلاَّ نُصُوصٌ لَهَا زَمَانٌ وَمَكَانٌ وَأَبْعَادْ .. فَإذَا طَارَتْ مِنْ عِشِّ الْقُلُوبِ لَنْ تَحُطَّ إلاَّ فِي الْقَلْبِ الآخَر .. إِنْ أَرَدْتِ تَخَطِّي الْوَاقِع الآفل فِي الصُّعُودِ نَحْوَ النرفَانَا لَكِ ذَلِكَ وَإنْ آثَرْتِ الصَّمْتَ .. لَنْ يُغَيَّرَ ذَلِكَ شَيْئًا ..!!
#علم_الدين_بدرية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟