علم الدين بدرية
الحوار المتمدن-العدد: 3982 - 2013 / 1 / 24 - 07:52
المحور:
الادب والفن
يوميّات شتائيّة
صقيع
تمر بنا الأيام وتظل الحروفُ خامدةً تَصهلُ من مخابئها الخاوية لا تأتي بجديدٍ ولا تُحي بذورًا نثرها الخريف على واجهات الصحراء والواحات البعيدة بُعدَ الأرضِ عن القمر ... ها هي لوحاتي تتمرد على الأفول في عمق المحيط ثم تعود رافضة أن تسير معي إلى حيث أُريد .. هكذا تمُسي ألواني نافرةً من لحن المغيب ... لا ماضٍ يُعيدُ اتّزانها ولا للحاضر بريقْ .. !! يََتموسقُ الحزنُ على أوتار عودتي ويََعزفُ الغروبُ أغنيةَ الوداعِ الأخير ... فهل نلتقي في خارج بوتقة الزمان والمكان .. ؟؟ ربما على حافة الأحلام أو على قارعة النسيان .. هكذا تمرُّ بنا الأيام ويطولُ انتظارنا في بحيرات الصقيع فالقارب لا يأتي وموانئ العشق أصبحت خرائبَ ومستنقعاتٍ للألم الخصيب .. رحلة سفري قاربت على الانتهاء والمحطات يغشاها الضباب على طول الطريق ..!!!!
في فجرِ نهارٍ كان يخلع رداءَ الصقيع عن ليلٍ باردٍ وجافٍ من فصل المطر والثلج ، رأيتُ طيفكِ يلوحُ في فضاءٍ لا يحدّ ويرسمُ فوق زجاجِ الثلوج عروسًا من زهورِ اللوز الأبيض .. لا أدري كيف استطاعت هذه الصورة أن تشكّل صباحي برائحة الياسمين الذي تجمد تحت صفعات الصقيع الشمالي على باب حديقتي .. ربما أدركُ الآن بكلّ وعي الظاهر والباطن ، أن هناك أزمانًا تتداخل في اللا متناهي وتشكّل أبعادًا أخرى في حقيقة الوجود ،أبعادًا تخرج تمامًا عن واقع الحال الملموس في قاموس الوقت الممدود .. الآخذ في التقلص والامتداد .. في مثل هذا الزمن المتناهي في اللا زمن تتكوّر أنفاسي وتتبخر روحي في أثيرٍ قطبيٍّ يتعتعُ بسكون في مرايا الوقت وخدعة الوجود ، ربما اليوم ولأول مرة يراودني شعور أنني أمتلك اللانهاية في فراغ الفضاء .. زهر اللوز ذلك النور المنبعث من انعكاسات الوهم الماثل في المادة ، يُثملُ إحساسي ويدغدغُ الصورَ في ذاكرتي الكونيّة .. فأمتثل لواقع محدد يعيد إليّ أصداءَ الرّجعة الأولى ولونَ التجلّي .. ويبعث برائحة الياسمين المتحجر في تحرّر انبعاثي لأولد كل يوم من جديد في بؤرة معاناة تسلبُ مني حتى التّفكير وتشلُّ ما تبقى من زوابعٍ تخترقُ أحلامي الآنيّة في عالمي الأرضي المليء بالأحزانْ ..!!
#علم_الدين_بدرية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟