أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود ابراهيم - لقاء مع قائد المافيا في جنوب العراق















المزيد.....

لقاء مع قائد المافيا في جنوب العراق


داود ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1288 - 2005 / 8 / 16 - 09:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت السيارة تسير وسط شوارع بغداد عندما انطلقت في الساعة السادسة من صباح العاشر من تموز متوجها إلى نجف العراق.....كي أحظى بلقاء القائد الشيعي الشاب مقتدى الصدر ....وعلى طول الطريق كنت أسائل نفسي كيف سألتقي بذلك الشاب....وكيف سيكون استقباله لي ...؟؟
هل ساجد فيه الفطنة ... والرجاحة...واللطف المعهود لدى اغلب رجال الدين من الشيعة........؟؟
لم أكن متعودا على الإجابة وتوقع ما سيجري....ولهذا السبب أبعدت هذا الموضوع عن ذهني ورحت اتامل مناظر الطريق في رحلتي إلى النجف ...وأحاول رسم صورة لمستقبل العراق...من خلال مقاطع الشوارع ...وتقاسيم وجوه الناس الذين التقي بهم كلما شعر سائق السيارة برغبة في التوقف...كانت صور مقتدى الصدر تملا شوارع مدينة الثورة التي زرتها من وقت قريب...وكذلك المدن التي مررت بها في طريقي....لكنني فوجئت باختفاء هذه الملصقات التي تعود أتباعه على إلصاقها باختيار الزوايا والأماكن العالية...لقد بدت النجف خالية منها ؟؟
كانت تلك أول علامات استغرابي ...وتوقعت أن بانتظاري مفاجئة ...وما هي إلا لحظات وكانت السيارة تشق طريقها وسط مقبرة دار السلام....وكم كان المنظر مهيلا ومرعبا....في مجرد تصور انك تسير وسط مقبرة عمرها سبعة قرون....فمنذ سبع مائة عام والشيعة يدفنون موتاهم في هذا المكان فقط ...وكم كان منظرا يثير الرثاء والضحك في نفس الوقت....حين ترى احد القبور وعليه آثار رصاصات ( الآباتشي ) أو قذائف جيش المهدي ....لقد كانت المقبرة ومن خلال ملاحظة مشهد الدمار الذي حل بها مسرحا واسعا للعمليات الحربية .... ومن الغريب حقا أن تجري لعبة الموت ( الحرب) وسط عالم الموت ( مقبرة النجف التاريخية ...اكبر مقبرة في العالم )....لا اعرف معاني الشعور...والإحساس الذي انتابني في تلك اللحظات....أقوى جيش في العالم يصنع الموت في اكبر مقبرة في العالم....إنها صورة غير واضحة لم افلح في حل رموزها بعد....؟
واصلت السيارة طريقها إلى شارع الرسول..وسط النجف...والتقيت بأحد الموجودين في مكتب الصدر ...وابلغني عن الساعة التي سيستقبلني فيها ذلك القائد الشاب.....وقد حددت في الساعة الثانية عشرة ظهرا ....وبعد تجوالي راجلا في النجف....وزيارتي لمرقد الإمام علي ....حيث تأملت طبيعة التحول الذي حصل في الإجراءات الأمنية المشددة حول الضريح وكذلك طبيعة الأجواء الأمنية المفروضة في النجف والتي كانت توحي إلى من يكون فيها انه بالفعل في قلب عاصمة الشيعة المقدسة ، حلت الثانية عشرة...ووصلت إلى مكتب الصدر...ولم يكن باستقبالي..وإنما تم نقلي إلى مكان آخر في النجف...وهناك كان الصدر في الوقت المحدد..!
امرني الحرس بخلع ساعتي وأي شيء احمله في جيوبي...وطلبت الإبقاء على القرطاس والقلم...فوافقوا بعد أن تم فحصهما بعناية ...ثم دخلت...فوجدته أمام عيني للمرة الأولى .
كان شابا ضخم الجثة....كبير الرأس....إلى درجة تفوق التي كنت أشاهده فيها على التلفاز..كانت عمامته السوداء كبيرة إلى درجة ملفته للنظر ..صافحته وأديت له التحية... وجلست إلى جانبه ...على الأرض...حسب التقاليد الدينية هناك.. لم ينطق الصدر بأي كلمة ترحيب... عدا....( الله بالخير )... التي نطق بها بصوت لا يكاد أن يكون مسموعا ..كان ساكنا ... وغير مهتم للأمر الذي جئت من اجله...فأشار إلي احد حراسه الشخصيين بان ابدأ الحديث معه ...؟!!
غريب حقا....أن أقابل شخصية بهذا الثقل في المسرح العراقي السياسي دون أن اسمع ... كلمة ترحيب أو اهتمام..كان الاستقبال روتينيا جدا جدا ....وبدأت بالحديث...والتحية...وسألته عن أسباب عدم تأييده للعملية الديمقراطية في العراق....فكان جوابه....إن الإسلام ليس فيه ديمقراطية...إنها مستوردة من الغرب...والنظام الإسلامي نظام متكامل لا ينبغي إدخال الدخائل عليه..!
كانت كلماته بسيطة جدا...وكان أحيانا يستخدم ألفاظا لا يستعملها إلا الرعاع....أدركت إن ذلك يتعلق بطبيعة المحيطين حوله...لم يكونوا بمستوى ثقافي يمكن قياسه حتى.....وواصلت الأسئلة....ما هو البرنامج السياسي لجيش الإمام المهدي..؟؟
فأجاب:
برنامجنا دعوة الناس إلى الدين لا السياسة ....؟؟
فأجبته على الفور...لم افهم جيدا ما تقصد ( مولانا ) ؟
وكان جوابه....أنت تريد مني بيان منهجنا السياسي ....ومنهجنا هو الإسلام....لماذا لا تذهب إلى ( بوش) وتسأله ما هو منهاجه السياسي..؟؟
لم يكن مقتدى الصدر....حسب تقييمي الأولي لكلماته إلا ( صبي ) عديم الخبرة والدراية بالحياة و حتى بأمور الدين...فكيف بالسياسة......وقد خرجت بحصيلة أولية عنه.....لم يكن ذلك الشاب رجل دين أو سياسة....لقد كان قائدا لمافيا جنوب العراق ....يتكلم بفضاضة لا يستخدمها أي رجل دين....ويستخدم كلمات الشوارع البعيدة عن التهذيب بشكل يوحي وكأنني أمام احد البقالين في الكوفة....( تريد تمشيهه عليه حبيبي ؟) ( تاهت علينا وبعد ما نعرف راسهه من رجليهه )...وكلمات كثيرة....جعلتني اشمئز...واتسائل :
اهذا هو الذي تهتف باسمه الجموع والملايين ......؟؟
أي تخلف هذا الذي مني به شعب العراق بان يكون احد قادته بهذا المستوى من الانحطاط الفكري ...؟؟
أي رعاع هؤلاء الذين يحيطون به إلى درجة يكون هو مثلهم الأعلى.....؟؟
لا غرابة ...في ذلك....فهؤلاء أنفسهم قد تحملوا رغما عنهم همجية صدام وزمرته في السابق...فكيف لا يطيقون صبيانية الصدر....أم كيف بامكانهم احتمال عالم حر...لقد كان يتذرع مقتدى بالاحتلال الذي جعله مثل قميص عثمان....فكلما سألته عن شيء....قال لي لا يجوز في ظل الاحتلال...وغير مشروع....ولم احتمل بعدها....وسألته سؤالي الأخير :

لو حكمت العراق بعد طرد الاحتلال ماذا ستفعل ..؟؟
فكان جوابه....لم أفكر في ذلك........ساعتها يحلها الحلال ..؟؟
ألا يدرك الصدر إن كلماته هذه ( توجب ) على الله الحلال نفسه....أن لا يخرج المحتل من ارض العراق لان خروج يعني إن العراق سيكون امة بلا مصير ..؟
ألا يدرك مقتدى ومن اتبعه إن همجيتهم الافيونية تلك ستوصلهم إلى حافة الهاوية....كما يحصل لهم الآن في النجف....حيث يمزق أهالي النجف أي صورة له....وتوعدوه بالقتل وكل مكن اتبعه إذا ما حاول مرة أخرى إثارة القلاقل فيها ..؟؟
الم يستفد مقتدى الصدر من درس النجف...؟؟
لما لا يترك حوزته...التي يحلو له أن يسميها بالناطقة.. (ولعمري ما هي إلا بكماء صماء )...ويترك المصير لصاحب المصير...إلى متى يخدع نفسه ويخدع العالم بأنه يريد مواجهة الاحتلال فقط....أين هو برنامجه السياسي...أي ظلامية هذه التي يرفض بموجبها الديمقراطية ..؟؟
قائد بلا استراتيجية....وحركة بلا أهداف.....تنادي بإخراج المحتل دون تحديد المصير...إنا لله وإنا إليه راجعون...اللهم إني أسالك...أن تبعد قوى الظلام عنا....وان تجعلنا نحيا في ظلال محبتك والسلام....وجنبنا الأشرار الذين استحوذ عليهم الشيطان...الاخسرين أعمالا...الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون إنهم يحسنون صنعا ..!
داود إبراهيم
نجف العراق
تموز 2005




#داود_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغداد...إلى أين يا ساحرة العباد ؟؟
- آلهـــة الصحوة الاسلاموية..!!
- الاسلامويون....ووهم الثوابت الدينية في رحلة الطريق المسدود
- افيقوا يا عرب...واقطعوا شرايين الصحراء..؟؟
- يا دعاة الاسلام...لا تعبدوا الشيطان انه عدو مبين....وان اعبد ...
- انسان الحضارة .....ونقد الثوابت الدينية
- القرآن.......وازمة التنظيم
- مفاهيم....في العلمانية المقدسة
- ليس للحقيقة وجه واحد ....والموت لأرسطو...والمجد لسفسطة عصر ا ...
- الله علماني....والمخلوق متدين...فهل يكون المخلوق إلها لو أصب ...
- عهد الارتقاء الانساني.....والليبراليين العرب
- لما هذا العقوق للطبيعة؟
- الحتمية التاريخية وطريق إصلاح المجتمع الإسلامي- الحلقة الثان ...
- موقع الاسلام في القرية الكونية في عالم المستقبل
- متحضرين بلا حضارة
- الحتمية التاريخية وطريق إصلاح المجتمع العربي الإسلامي _ الحل ...
- هذه الارض تدعى كربلاء
- نبيةٌ تدعى الصحراء...رسالة إلى الرسول محمد
- هل ان القران كتاب نافع لادارة حياة البشر؟؟ في سبيل مناقشة مو ...
- البحث عن الشيطان- الجزء الثاني


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود ابراهيم - لقاء مع قائد المافيا في جنوب العراق