|
شّتانَ بين ، معركة هندرين و ( لا مَعركة ) سنجار !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4548 - 2014 / 8 / 19 - 22:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قائدٌ ما ، لمجموعةٍ من البيشمركة قبل حوالي النصف قرن : في ربيع عام 1966 ، كان الجيش الحكومي ، قد بدأ منذ فترة ، بتحشيد قواتهِ قرب " كلي علي بك " ، يرافقه حشدٌ من المُرتزقة الكُرد ، الذين درجتْ العادة على تسميتهم ب " الجحوش " !. هذه القوات الحكومية كانتْ مدعومةً بالمُدرعات والمدفعية والطيران الحربي .. وكانتْ مُكّلَفة بِشَنِ هجومٍ كاسح ، على البيشمركة الرابضين على سفوح جبل هندرين ، ذاك الجبل الإستراتيجي المُطل على المنطقة كُلها .. والحكومة كانتْ تدرك ، بأن الإستيلاء على هذا الجبل ، يُشكل ضربةً قاصمة للبيشمركة ، ويفتح الطريق للتقدم حتى الحدود الإيرانية . القائد الميداني للبيشمركة ، كانَ قد أشرف على الإستحكامات والمواضع الدفاعية ، على سفوح " جبل هندرين " ، الذي من المُفترَض أن يصدوا عنده ، ذاك الهجوم المُرتَقَب . كان التحدي كبيراً ، والفارق شاسعاً ، بين تسليح الجيش الحكومي ، والتسليح البسيط للبيشمركة .. إلا ان كَفة الميزان ، كانتْ تميل ، الى جانب البيشمركة ، من ناحية المعنويات والإيمان بالقضية . بدأتْ الطائرات بالإغارة ، تزامُنا مع رشقات المدفعية بأنواعها .. تلى ذلك تقدُم الدبابات والمُدرعات والمشاة .. إستغرقتْ المعركة أياماً عديدة ، لكن ذروتها كانتْ عند أقدام جبل هندرين .. حيثُ سَطَرَ فيها الثُوار ، ملاحِمَ بطولية في المقاومة والصمود ، وكّبدوا القوة المُهاجِمة خسائر فادحة .. في الأرواح والمُعدات .. وأستولوا على كمية جيدة من الأسلحة والعتاد ، وأخذوا معهم العديد من أسرى الجيش . تكبدَ البيشمركة من جانبهم ، عدداً من الشُهداء والجرحى . إنتهتْ المعركة ، بالمُحصِلة بإنتصارٍ كبيرٍ للثُوار ، في الواقعة التي إشتهرتْ ب : معركة جبل هندرين . قُواد البيشمركة ، حينها .. كانوا مع المُقاتلين في الخطوط الأمامية .. كانوا يأتون الى الجبهةِ ، أما مَشياً على الأقدام شأنهم شأن البيشمركة الآخرين ، أو ممتطين البغال أحياناً . لم يكُن أحداً منهم يمتلك سيارة . كانوا يأكلون نفس الطعام البسيط ، يرتدونَ أبسط الملابس .. ينامونَ في المواضِع .. عوائلهم كانتْ في القُرى الخلفيةِ ، مثل عوائل البيشمركة الآخرين .. لم يكونوا يعيشون في قُصورٍ ولا يحملون جنسياتٍ اجنبية ولا جوازات سَفَر .. قُواد البيشمركة الميدانيون ، في ذلك الزمان .. لم يكونوا أصحاب شركاتٍ ولا عمارات وليس عندهم أرصدة ضخمة في البنوك . ....................................... قائدٌ ما لمجموعةٍ من البيشمركة ، في هذا الزمان : يُهرول مُرافقهُ ، الذي هو قريبه في نفس الوقت ، ليفتح له باب السيارة الفاخرة ذات الدفع الرُباعي ، فيجلس في المقعد الخلفي ، بِكُل اُبّهة .. وتسير مجموعة من سيارات الحُراس أمامه ، وأخرى خلفه .. في موكبٍ فَخم . يصل الى المواقع الخلفية للبيشمركة في الجبهة ، فيستقبله بعض الضُباط بالترحاب والمُجاملة المفرطة . فيحتسي الشاي .. ويقوم بالإتصال من هاتفه النّقال ، بمرؤوسيهِ في المواقع الأمامية ، ويسأل عن أحوالهم ، ويتبادل النكات والضحكات ، مع بعضهم . يناوله مُرافقه ، أحد هواتفه العديدة ، قائلاً : أنها المدام . يقول لها : الحمد لله على السلامة .. هل وصلتُم ؟ كيف الأجواء هناك في ماليزيا ؟ إستمتعوا بأوقاتكم ولا تبخلي على الأولاد بالمصاريف .. هه هه .. نعم ، أنا في الجبهة .. لا يظل بالكم ، نحنُ مُسيطرون .. وإذا كان عندكم ستلايت في الفندق ، تستطيعون مُشاهدتي ، حيث ستقوم المحطة الفلانية ، بإجراءِ لقاءٍ مُهم معي ، هُنا .. بعد ساعةٍ من الآن . طيب . إذا إحتجتُم الى نقودٍ أكثر ، تستطيعين سحبها من حسابي . ماذا ؟ .. كما تُريدون .. إذا مللتُم من ماليزيا .. إذهبوا الى شُقتنا في ميرسين .. أنا سأوافيكم الى هُناك في أقرب فُرصة . مع السلامة . .................................. بين معركة جبل هندرين ، ومعركة " أو لا معركة " سنجار .. تَغّيرَ الزَمان .. تغّيرتْ الأحوال .. تغّيرتْ الأخلاق .. تبدلتْ المعايير ، تراجَعَتْ القِيَم .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مأثرة ( قاسم ششو ) ورفاقه الأبطال
-
الإيزيديون .. حقيقة في مُنتهى القَسوة
-
إعادة البناء .. الترميم والإصلاح
-
أحزاب : العُمال / الديمقراطي / الإتحاد .. ليست إرهابية
-
من وَحي الكارثة
-
إصابة المالكي ، بإنهيارٍ عصبي
-
تحريرُ - مخمور - ، فاتِحةُ خَير
-
بَطَلَين مِنْ هذا الزَمان
-
حذاري من الوقوع في مُستنقَع الشوفينية
-
أحسنُ رَدٍ كُردستاني ، على داعِش
-
العَجز عن تفسير ما يجري
-
الشعبُ مع البيشمركة ، أقوى كثيراً من داعش
-
على هامِش أحداث سنجار
-
إقترابات ، مما حصلَ في سنجار
-
سنجار .. معركة الحضارةِ ضد الهَمَجِية
-
النازحين .. وأحفادي ، هُم السبب في كُل المشاكِل
-
الفرقُ بين ( الفَرض ) و ( السُنّة )
-
جيش المالكي يُدّمِر ( المّزَة ) !
-
مَخالِب حّادة .. وقفازات من حَرير
-
الجَورَب الذهَبي
المزيد.....
-
إيران والسويد تتبادلان السجناء بوساطة عمانية
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثمانية من جنوده في عملية رفح
-
مع ارتفاع درجات الحرارة.. الغزيون يصطفون في طوابير للحصول عل
...
-
ألمانيا: ألفا أكاديمي يطالبون بإقالة وزيرة البحث العلمي.. وا
...
-
في انفجار عربة مدرعة.. مقتل ثمانية جنود إسرائيليين في رفح
-
مظاهرات حاشدة ضد صعود اليمين تعم شوارع مدن فرنسا (صور + فيدي
...
-
إسرائيل تقصف بلدتي ديرميماس وكفـركلا في جنوب لبنان
-
العميد يحيى سريع: مصير السفن المستهدفة خلال الـ72 ساعة الماض
...
-
تظاهرات في فرنسا ضد أحزاب اليمين
-
هل انكسرت هيبة الجيش الإسرائيلي بسبب هجمات حزب الله وحماس؟
المزيد.....
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
المزيد.....
|