أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد ابداح - الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الثالث















المزيد.....



الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الثالث


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4533 - 2014 / 8 / 4 - 12:30
المحور: حقوق الانسان
    


الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الثالث
المحامي محمد ابداح
حقوق الإنسان وفقاً للإعلان العالمي
لحقوق الإنسان لعام 1948م

من خلال إستعراض نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نجد بأن تلك النصوص قد ميزت بين نوعين من الحقوق، النوع الأول يتناول الحقوق الشخصية له كحقه بامتلاك إسم وشخصية قانونية وحقه في الزواج وإنشاء أسرة وغيرها من الحقوق الشخصية، والنوع الثاني هي الحقوق العامة كحق التقاضي والإنتخاب وإنشاء الجمعيات والنقابات، والحريات العامة السياسية والإقتصادية وغيرها.
وفي الدول المتقدمة لايمكن الفصل بين شطري الحقوق الإنسانية من الناحية العملية ، مما يعني أن إنتهاك حقوق الحريات العامة يعني بالضرورة إنتهاكاً للحقوق الشخصية للإنسان، ففي الدول التي لاتراعي الحقوق السياسية العامة كحق الإنتخاب النزيه على سبيل المثال، فهي حتماً لاتراعي حماية الحقوق الشخصية للإنسان كعدم الإعتقال التعسفي وحفظ كرامته وسلامة جسده من التعذيب.
غير أن ما يهمنا في هذا البحث هو إجراء مقارنة بين الحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبين الحقوق الإنسانية في الإسلام والتي أقرتها النصوص القرآنية والأحدايث النبوية الشريفة، وإجتهادات فقهاء الدين وفقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية، وبناء عليه سنعرض مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من خلال بيان المدى الذي ذهبت إليه تلك المواد في حماية تلك الحقوق:

الحريات الشخصية والعامة:

أشارت المادة الأولى من الإعلان إلى أنه: ( يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء)، إن كلمة ( وُهبوا )، الواردة في النص السابق تثير حقاً بعض التساؤلات، فمصدر الهبة المشار إليها هو حتماً إرادة إلهية من قبل الله سبحانه وتعالى، ولو لم يشر إليه النص المذكور صراحة، قال تعالى : ( ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليّا ) مريم/50، وكذلك قال تعالى: ( فوهب لي ربي حُكماً وجعلني من المرسلين) الشعراء/21، وقال تعالى : ( رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين) الشعراء/83، فالهبة هي من عند الله عز وجل، وأما فيما يتعلق بالحريات، فهي أيضا هبة من الخالق و ليست منة من المخلوق قال تعالى : ﴿-;- مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾-;-فصلت: 46 ، وقال تعالى : ﴿-;- فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ﴾-;- الرعد: 40، فتلك حرية شخصية منحها الإسلام لكافة البشر، ولكن تم ضبط تلك الحريات في الإسلام ضمن ما وهبه الله سبحانه للناس من عقل وحكمة كي يميّز الإنسان بين الخطأ والصواب،قال تعالى: ( وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَميعاً أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنين) ‏يونس/ 99 ، وقال تعالى: ( لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ فقد استَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ لاَ انْفِصامَ لَها وَ اللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ ﴾-;- البقرة 256.
من الواضح أن النص على وجوب معاملة الناس بعضهم ( بروح الإخاء) كما ورد في المادة الأولى امن مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، هو وصف لقوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الحجرات/10 ، فلِمَ ياترى لم يتم الإشارة إلى ذلك الأمر؟ ، تكمن الإجابة ببساطة في كون تلك الإشارة ستشكل دعوة عامة لكافة سكان الأرض إلى الدخول في الإسلام وهذا ما لن يرضى به اليهود ولا النصارى ، فسبحان الله..
إن مفهوم الحرّية يعد من المفاهيم ذات المضامين الإجتماعية في الأصل ، والتي تلتقي عندها طبيعة ومشاعرالناس كافة، وهذه الصفة المشتركة التي تربط الإنسان بالحرية ليست ظاهرة حديثة في تاريخ الإنسانية، كما هي ليست من نتاج الفكر الحضاري بأنظمته الشمولية كالرأسمالية والإشتراكية ، وإن تم تطبيق تلك النظريات، لتعلقها بفكرة الحرّية وتقبلها إجتماعياً على هذا الأساس، ثم فشلها الذريع لاحقاً لثبوت تورطها في إستغلال البشرية حد العبودية، وإنما تعبّر هذه الصفة المشتركة عن فطرة أصيلة في النفس البشرية على مرالتاريخ إلى يوما هذا، وكأنها معركة مستمرة في مواجهة العديد من القيم الفكرية الشاذة عن طبيعة الفطرة الإنسانية.
وهذه الصفة العامة والمتعلقة بالحرية، نجد تفسيرها في جانب ثابت من تكوين الإنسان وهو الإرادة، فالإنسان مجهز ضمن تركيبه العضوي والنفسي بالإرادة، وهو لذلك يميل للحرية كما تميل سنابل القمح مع حركة الرياح، فالحرية ليست تعبيراًعملياً عن امتلاك الإنسان لإرادته ونجاحه في تسخيرها لتحقيق منافع خاصة، بقدر ماهي أداة طوعية لتحقيق منافع عامة تشمل الخاصة.

الحرية المقنعة :
آمن الإنسان منذ البدء بأنّ الحرية المطلقة لا يمكن أن تُوفّر للفرد في وسط مجتمع ما، لأن الحرية المطلقة تصطدم بحريات الآخرين، وبالتالي يؤدي استقطاب المصالح المبنية على الحرية المطلقة في أي مجتمع لتفسخه في النهاية ، ولكي يحتفظ كل فرد بقدر الحرية كافياً للمارسة حياته الخاصة ، كان عليه التنازل عن قسم منها لصالح الحياة العامة ، وتتجلى صور هذا التنازل من خلال إحترام وتطبيق القوانين الرسمية والسارية في مجتمعه.
وقد حرصت كافة الدول الغربية على إظهار الحد الأقصى لمفهوم الحرية الشخصية ، وتبدو الحرية في هذا السياق كمركبة موجهة عن بعد، يعيش فيها فيها المواطن الغربي في ظل تحكم الجهات الرسمية في دفة القيادة، وفي ظل هذا المفهوم أضحى كل شيء مباح طالما بقي الفعل داخل تلك المركبة، وقد إستمر رقص المواطن الغربي على ألحان وأحلام تلك الحرية، وكما يبدو فإن هذا الحلم لم يدم طويلاً فقد إستيقظ المواطن الغربي ليجد الآثار المرعبة لتلك الحريات، إبتداءاً من تفسخ الروابط الإجتماعية بين افراد الأسرة الواحدة، وإنتهاءا بحالات الإنتحار، وعلى الرغم من تحقيق الجوانب المادية ، في ظل الحريات الغربية إلا أنها تبقى حريات سطحية تحفل بالتناقضات الخطيرة كالتحررمن القيم الأدبية والإخلاقية والدينية والإجتماعية ، بخلاف الإسلام الذي بمفهوم عملي للحرية، فهي ليست ثورة على القيم الإنسانية بحجة الحريات الشخصية، بل على المعاني الفكرية والعملية، وبهذا كفل للإنسان أرقى وأسمى أشكال الحرية التي عرفها الناس على مرّ التاريخ.

روح الأخاء:
أشارت الفقرة الأخيرة من المادة الأول للإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن على البشر كافة أن يتعاملوا مع بعضه بروح الأخاء: ( وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء) ، ولطالما أسهب علماء النفس وعلم الإجتماع الغربيين في تفسير طبيعة وأصول العلاقة الإجتماعية بين البشر، وقدموا نظريات علمية في أسباب وضروريات تعامل البشر مع بعضهم البعض، ولسنا بمعرض الكشف عن نظريات علم الإجتماع والخاصة بتفسير طبيعة العلاقات البشرية، فهي عديدة ، وبعضها يصل لدرجة تصنيف البشر بناءاً على ألوانهم، وبعضها الآخر يستبيح العبودية، ولكن فالمقابل فإن الإسلام قد حسم هذا الأمر من خلال الآية الكريمة التالية : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ-;- وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ-;- إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ-;- إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/13 ، وعليه فإن الإسلام جشع على تعارف البشر، وليس فقط التعامل بالآخاء عند التلاقي ، فتلك حكمة إليهة لأعمار الكون، كما أن مقياس التفاضل بين البشر ليس العرق أوالدين أو الثقافة أو اللون، وإنما التقوى بمفهومها الشامل سواء في العبادات أو المعاملات كافة.

عدم التمييز في الحقوق والواجبات :
لايختلف إثنان على أن الدول في وقتنا الحالي، تمنح مواطنيها حقوقاً لاتمنحها لمواطني الدول الأخرى على الرغم من وحدة الدين واللغة والثقافة وغيرها من العوامل الشتركة، والغريب أن المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن:( لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصرأواللون أوالجنس أواللغة أوالدين أوالرأي السياسي أوأي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أوالميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء، وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود)، فسبحان الله ، فأي دولة في يومنا هذا على إستعداد أن تفتح أبوابها بلا تعقيدات أمنية ومالية وسياسية في وجه لاجىء تقطعت به السبل ؟، فهل ياترى كان سيحدث ذلك في زمن الدولة الإسلامية الموحدة ؟، ولكنه يحدث الآن وأمام أعين الجميع يموت اللاجيء على الحدود من البرد والجوع والمرض، أو غيرها من الأسباب ، فأين لجنة الأمم المتحدة والتي وضعت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من قول الله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا ) الإسراء/ 70، وقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْـمَحْرُومِ) المعارج/ 24،25 ، وأين هم من قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( مَثَلُ الْـمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْـجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْـجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْـحُمَّى)، فكيف نرى اليوم حقوق الإنسان من مسلمين وغيرهم في العالم .

الحق في الحياة :

المادة (3): لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه.

كفلت جميع القوانين الوطنية والدولية الحقوق المنصوص عليها في المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، غيرأن الواقع بعيد عن ذلك بعد السماء عن الأرض، فالناس تعتقل لأتفه الأسباب وتعذب وتقتل في السجون والمعتقلات، وأصحاب النفوذ والسلطة يسرقون ميزانيات حكوماتهم، ويتم تعويض ذلك من خلال الضرائب المستمرة، والحديث عن معاناة المواطن العربي في ظل الأنظة العربية الشمولية، لايحتاج دليل.
تجارة الرقيق :
المادة (4): لايجوزاسترقاق أواستعباد أي شخص ويحظرالاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعه.
تساق اليوم وفي عصر التطور والإنسانية ، ملايين النساء كالخراف إلى أسواق البغاء سواء بواسطة ___________________________________________________________________________
1- البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم (5665)، ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين (65).
عمليات الإختطاف من قبل المافيات الدولية لتلك التجارة، أو نتيجة الفقر الذي نتج عن الأنظمة الرأسمالية وغيرها من سياسات القهر والظلم والإحتكار، وكذلك يخطف الأطفال من بين ذويهم ليتم إجبارهم على العمل بالسخرة وبالحد الأدنى من الأجور، وإجبارهم على المشاركة في النزاعات المسلحة في العديد من بؤر التوتر في العالم، وكل تلك الإفعال حرمها الإسلام وعاقب عليها، فهل نجحت نصوص ومواد الإعلان العالمي في مكافحة تلك الجرائم مثلما فعل الإسلام.
التعذيب والإهانة :
المادة (5): لايعرض أي إنسان للتعذيب والعقوبات والمعاملات القاسية والوحشية والمسيئة للكرامة.

إن الإحصائيات المتعلقة بعدد الوفيات الناتجة عن عمليات التعذيب في السجون والمعتقلات لدى كافة دول العالم في يومنا هذا، ليست بحاجة إلى محلل أو خبير مختص بحقوق الإنسان، كي يكشف عن الأعداد البشرية الهائلة والتي وقعت ولاتزال نتيجة تلك الجرائم، وحتى لدى الدول المتقدمة.
لقد نهى الإسلام عن التعذيب والضرر بالبشر باي شكل من الأشكال ، والأدلة القرآنية و الأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بهذا الأمر كثيرة جداً لمن أراد الإطلاع ، وقد كفلت تلك الأوامر من القرآن والسنة منع ارتكاب تلك الجرائم ، إبان فترة العصور الإسلامية الأولى ، وأما اليوم فلا تمتلك الدول الإسلامية قرارها بيدها بل من قبل الدول العظمى الإستعمارية.

الإعتراف بشخصية الإنسان :
المادة (6): لكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية.
إن أول تحويل في أسس الدين قام به الإسلام ودعا له هو الإعتراف بشخية الإنسان بشخصية الإنسان وبأهليتها للتصرف وتحمل مسؤولية عن هذا التصرف بمواجهة الثواب والعقاب ، ونرى في قول الله تعالى : (بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) القيامة / 14، 15 ، خير مثال على أن الإسلام جعل الشخص مسؤول عن تصرفاته ورقيبا على نفسه ، كما شدد القرآن الكريم من استعمال الكلمات الدالة على شخصية الإنسان كالعقل، واللب، والتفكير، والتدبير، والعلم، والفقه، والتذكر، ومدح الذين يفكرون ويتدبرون ويعقلون،وقد عني الإسلام بشخصية المرأة وإعطائها الحرية التامة في التصرف المباشر في شؤونها وخصوصاً المالية دون الرجوع للزوج، وذلك تركيز لاستقلالها الشخصي وإعطائها مكانتها بصفتها كائنا بشريا له نفس الوضعية والقيمة التي للرجل.


مبادىء العدالة والمساواة :
المادة (7): كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق بالتمتع بحماية متكافئة دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق بحماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا.

من عظمة الإسلام أنه يمزج بين العدل والمساواة، فالحق أنه لا حرية ولا مساواة بلا عدل، وبلا شريعة حاكمة للناس جميعًا على قدم المساواة، وكل شعارات تنسى العدل ووسائل فرضه وحمايته هي شعارات فارغة المضمون تخدع المظلومين! وفي الإسلام تختلط كلمة المساواة بكلمة العدل، فكأنها كلمة واحدة، أو عملة ذات وجهين، وهذا الحق لا شك فيه؛ فالعدل يفقد معناه إذا كان لأصحاب دين دون دين، أو لقومية دون قومية، أو لطبقة دون طبقة، بل يجب أن يكون مطلقًا بلا حدود، كما يقول الله سبحانه : ( وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) النساء/ 58 ، فالمساواة في الحقوق والواجبات وأمام العدالة من الحقوق الأساسية للإنسان، ولا يجادل في هذه الحقوق إلا عدو للإنسانية وقد كان الإسلام أسبق من كل النظم المعاصرة، وأزكى في تقدير هذا الحق الفطري، إذ إن الناس في الإسلام سواسية ولا تفاضل بينهم، فكلهم لآدم وآدم من تراب، ولا فرق بين رجل وامرأة، الغني والفقير سواءٌ في القيمة الإنسانية، فلا تفاضل بين الناس في هذه الناحية إلا بالعمل الصالح والكفاءات الممتازة، وبما يقدِّمه كل فرد لربه، ولإخوانه ووطنه، وذلك بخلاف الأنظة الوضعية كالرأسمالية التي أفرزت تفرقة طبقية بين أفراد المجتمع الواحد.

حق التقاضي :
المادة (8): لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون.

يعتبر حق التقاضي من أهم المبادئ الضامنة لحقوق الإنسان والمكفولة لكل إنسان تحترمه جميع الشرائع والقوانين السماوية حتى وإن لم ينص عليها القانون الوضعي، فالمتتبع لنص المادة 8 السابقة من الإعلان العالمي حول الحقوق يرى في الفقرة الأخيرة عبارة (التي يمنحها له القانون)، وهذا الأمريفتح المجال لضياع حقوق البشر.
وهذا ما يحدث على أرض الواقع في الكثير من الحالات، فلا يحق للنازح أو اللاجىء في الدولة المضيفة حق التقاضي في محاكمها الوطنية كون تلك الدولة لايوجد في دستورها نص قانوني يمنح حق التقاضي إلى النازح أو اللاجىء ، وعليه فتضيع حقوق البشر، وذلك بخلاف القانون السماوي الذي كفل حقوق الناس جميعا مواطنين أولاجئين أو مقيمين، وحرمان الناس من اللجوء إلى القضاء بأية وسيلة من شأنه الإخلال بحقهم في الحرية والمساواة في التكاليف والواجبات والانتصاف كما أن منع الناس من ممارسة هذا الحق يفتح الباب أمام اقتضائهم حقوقهم بأنفسهم بطرق غير سليمة ويقود إلى سيادة قانون الغاب بدلاً من سيادة حكم الشرع والقانون، في حين كفل الإسلام حفظ حقوق جميع البشر مواطنين أو لاجئين أو غيرهم.

الحماية من الإعتقال والحجز التعسفي :
المادة (9): لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً.
إن نظرة سريعة على عمليات القمع والإعتقال التعسفي في معظم دول العالم، تنسف كافة مبادىء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فأين كل تلك القوانين مما يحصل من تجاوزات وإنتهاكات واضحة لحق الفرد في عدم حجزه أو نفيه أو إعتقاله لأوهن الأسباب، وبالمقابل فإن نظام القضاء في الإسلام أوجد حدوداً واضحة للعقوبات يتم فيها أخذ أقصى درجات الدقة ، كسماع الشهود والتثبت من صحة الدعوى قبل القيام بأي نوع من الإجراءات، قال تعالى : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة/ 179، فالهدف من العقوبة في الإسلام هو الحفاظ على الحياة وليس سلبها، كما يحدث في الكثير من الحالات في وقتنا الحالي من ظلم وتجاوزات لأبسط حقوق الإنسان، حيث تسن القوانين وتطبق العقوبات الوضعية من أجل القمع وحماية المصالح الخاصة.

ضمان حق التقاضي ونزاهة القضاء:

المادة (10): لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه.

من المعلوم انه في ظل أحكام عرفية، وعدم إستقلال ونزاهة القضاء، فإن الحديث عن المحاكمات العادلة هو من باب الجدل الفلسفي لا أكثر، فأي مساواة وأي عدل هذا الذي نحن نتحدث عنه في ظل قوانين غير مطبقة، بل يتم تطبيق قوانين عرفية ويتحكم في مسارها من لايراعي حق ولا عدل.






ضمان قواعد وأصول الإدانة الجنائية والمدينة :
المادة (11):
أ- كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه.
ب- لا يدان أي شخص من جراء أداة عمل أو الامتناع عن أداة عمل إلا إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكاب، كذلك لا توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب الجريمة.

من الضروري الإشارة إلى أن العديد من ضحايا الإعتقال والحجز على ذمة التحقيق يمضون سنوات خلف قضبان السجون فقط لحين إنتهاء التحقيق، بل ويتم تجاهلهم عمداً بحجة جمع المعلومات ، فتلك حجة واهنة، لا تتم بغية تحقيق العدالة وإنما بغية الإنتقام والكيد وحبس الحريات، فهنيئاً للشعوب بقوانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ضمان حرمة البيوت والخصوصية :

المادة (12): لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق بحماية القانون من هذا التدخل أو تلك الحملات.

وعلى النقيض تماماً فحدث ولاحرج عن التدخل السافر في الحياة الخاصة للمواطنين، في وقت أصبح التصنت على حياة المواطن فناً لأجهزة الدولة ، فلا إحترام لخصوصية البشر.

حرية التنقل والسفر:
المادة (13):
أ- لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
ب- يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه.
لاتعاني معظم الدول النامية من مشكلة تنقل أوسفر مواطنيها فهم يولدون ويموتون وبعضهم لم يتمكن من الخروج من قريته أومدينته، وذلك لإنشغاله بتحصيل قوت يومه الذي يقضي حياته يوماً بيوم في صراع للبقاء نتيجة سياسات التجويع والتركيع المتبعة من السلطات الحاكمة.









ضمان حقوق اللاجئين : المادة (14):
أ- لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد.
ب- لا ينتفع بهذا الحق من قدم للمحاكمة في جرائم غير سياسية أو لأعمال تناقض أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.

يجب الإشارة إلى أن دول العالم الثالث تعتبر أكبر الدول المصدرة للنازحين واللاجئين، بسبب كثرة الحروب والنزاعات المسلحة على السلطة، إضافة لسياسات القهروالإضهاد والظلم، وربما يكون هذا البند ملائماً لمواطني تلك الدول، وذلك في حال تمكنوا من النجاة من خطر الفرار واللجوء بمساعدة عصابات تهريب البشر عبر الحدود، ولكن الأصل البحث في أسباب فرارهم من بلدانهم.

المادة (15): ضمان حق الجنسية :
أ- لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
ب- لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها.

لقد أضحت الجنسية لبعض الدول تجارة مربحة، فبعض الدول العربية تمنح الجنسية مقابل من يدفع أكثر، وبعضها تمنح الجنسية لبعض الرياضيين من الدول الغربية متخصصين في رياضات مختلفة كما في حالة رياضة رفع الأثقال كي يمثلها في دورات الألعاب الأولمبية ويحصل لها على ميدالة ذهبية بإسمها، ولكنها لن تمنح الجنسية لمواطن عربي أو مسلم هو بأمس الحاجة لذلك، بل حتى لاتمنحه حق الإقامة ، ولكنها قد ترسل له بطانية بيضاء نظيفة تصلح كفنا كونه لايملك ثمنه.


المادة (16): حق الزواج وتكوين إسرة:
أ- للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.
ب- لا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كاملاً لا إكراه فيه.
ج- الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.

في الحقيقة لم تبق الحرية الشخصية مجالاً للحديث عن حق المرأة في الزواج ممن تحب، وفق الأسلوب المعاصر وليس التقليدي ، وكذلك حق المراهق في الخروج عن طوع أهله والتعبير عن نفسه، فهي حقوق مقدسة، منحت حلولاً عملية لأسرع طريقة للإنحلال الخلقي والتفسخ الأسري.

حق التملك والتصرف القانوني بالملكية الخاصة:

المادة (17):
أ- لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
ب- لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً.
في عصرنا الحالي، يعد الحصول على عمل يؤمن لقمة العيش، حلماً جميلا لمواطني دول العالم الثالث بما فيها الدول العربية باستثناء ( دول الخليج العربي ) ، وعليه فالتملك ميزة لانزاع فيها إلا إن تجرأ الفقير وحاول تحسين ظروفه فعليه عندها مواجهة أصحاب النفوذ وتحمل العواقب.
حرية الدين والمعتقد والتفكير :
المادة (18): لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.
قد يكون من العبث الحديث عن حرية الرأي أو الدين أمام مجتمعات يقتل فيها الإنسان على الهوية، وضمن ما يطلق عليها عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية كما يحدث في سوريا وغيرها.

حرية التعبير عن الرأي :

المادة (19): لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة دون تقيد بالحدود الجغرافية.

نتفق مع هذا الطرح، ولكن السؤال حول ماهية الأفكار التي يسمح بتداولها، ففي الوقت الحالي تطرح مواضيع الحريات الشخصية الخاصة بالعلاقات الإباحية والتحلل من القيم الإخلاقية فهي دارجة.

حرية الإشتراك في الجمعيات السلمية :
المادة (20):
أ- لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية.
ب- لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما.

إن أول سؤال يطرح على الفرد عند تقدمه للحصول على وظيفة أو حتى تأشيرة دخول لبلد ما ، هل أنت عضو في أي من المنظمات أو الجمعيات، وقد تكون تلك الجمعية أو المنظمة سلمية ومعترف فيها دولياً ولكن غير معترف فيها لدى دولة الإقامة أو الزيارة لاسباب فكرية أو سياسية أو غيرها من الأسباب والتي قد تكون مبررة أو غير مبررة، وعندها سيتم مطاردة أي شخص منتمي لتلك الجمعية ، بل وإعتقاله والتحقيق معه، وربما طرده ومنعه من أية حقوق، بل إن بعض الدول تجبر المواطنين على الدخول في الأحزاب الحاكمة من أجل الحصول على حقوقهم في التعليم والصحة.
حق التمثيل والإنتخاب:
المادة (21):
أ- لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً.
ب- لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البلاد.
ج- إن إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت.
من الواقع العملي، تعتبر العملية السياسية والإنتخابية في معظم دول العالم صفقات تجارية وتبادل للمصالح الخاصة ، ولاعلاقة لمصالح الشعوب فيها، وربما لم تقرأ لجنة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحديث النبوي الشريف : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .. إلى آخر الحديث ).
حق الضمان الإجتماعي والتقاعد :
المادة (22): لكل شخص بصفته عضواً في المجتمع الحق في الضمانة الاجتماعية وفي أن تحقق بوساطة المجهود القومي والتعاون الدولي وبما يتفق ونظم كل دولة ومواردها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي لاغنى عنها لكرامته وللنمو الحر لشخصيته.

ونرى في المقابل أن الدوائر الرسمية والوزارية في بلدان العالم الثالث، وكذلك مؤسسات الضمان الإجتماعي قد أصبحت في بعض الدول مرتعاً للفساد ونهب ثروات الشعوب ولا من مجيب.
حق العمل وكسب الرزق:
المادة (23):
أ- لكل شخص الحق بالعمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية و له حق الحماية من البطالة.
ب- لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجر متساو للعمل.
ج- لكل فرد يقوم بعمل الحق في أجرعادل مرض يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان تضاف إليه، عند اللزوم، وسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
د- لكل شخص الحق في أن ينشئ وينضم إلى نقابات حماية لمصلحته.
في ظل المحسوبية وعدم العدالة في توزيع فرص العمل الجيدة وخصوصاً المناصب التي يتم توريها لبعض العائلات وابنائهم، فإن الحديث عن العدالة والمساواة أمر يثير الإشمئزاز حقاً.

ضمان الحقوق العمّالية :

المادة (24): لكل شخص الحق في الراحة، وفي أوقات الفراغ، ولاسيما في تحديد معقول لساعات العمل وفي عطلات دورية بأجر.
لست أدري أي راحة يتحدثون عنها ومواطن الفقير في معظم دول العالم يعمل بوظيفتين في اليوم فقط كي يستر نفسه ويطعم أولاده ويكاد لايكفي ما يجنيه من عمله، لان من يملك قرار رفع الأجور على المستوى الرسمي ، هو ذاته مالك الشركة التي يعمل فيها المواطن أو شريكاً فيها.

ضمان الحياة الكريمة للمواطنين وخصوصاً الفئات الأضعف:
المادة (25):
أ- لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.
ب- للأمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين، وينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية سواء أكانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي أو بطريقة غير شرعية.


إن الأمومة والطفولة والكهولة ورعاية المسنين والأيتام ، أصبح لها شركات خاصة تجني أرباحاً هائلة باسم الإنسانية، وأصبح لها منابر تجهر بإسم حقوق الإنسان فقط للوصول إلى مناصب وزارية ومصالح خاصة، فيكفي أن نعلم بأن الله سبحانه قد قرن بر الوالدين بعبادة الله ، قال تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الإسراء/23-25، فأين قوانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من تلك الآية الكريمة.



حق التعليم :
المادة (26):
أ- لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزامياً وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة.
ب- يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملاً، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وإلى زيادة مجهود الأمم المتحدة لحفظ السلام.
ج- للآباء الحق الأول في اختيار نوع تربية أولادهم.


أصبح التعليم الخاص تجارة رائجة في وقتنا الحالي ، وفي ظل إهمال متعمد من قبل كافة الأطراف المعنية إبتداءاً من المعلم في المدارس الحكومية والذي يسارع لإنهاء ساعات عمله، من أجل الذهاب نحو التدريس في معاهد ومؤسسات التعليم الخاصة، وقد لايلام المدرس بقدر ما تلام الحكومات التي تعطي المعلم حقه وتكرمه حتى يتفانى في عمله، فأين حق المعلم من قوانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟ وكذلك فإن وزارات التعليم مجهدة من كثرة الأوامر الرسمية الخاصة بسن مناهج تعليمية تناسب توجهات السلطة الحاكمة، وتثبت اركانها وتحض على حب الزعيم ، وليس طلب العلم.
لقد خلق الله الإنسان وزوده بأدوات المعرفة وهي السمع والبصر والعقل قال تعالى : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) النحل/78 والإسلام دين العلم فأول آية نزلت في القرآن أمرت بالقراءة قال تعالى : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم ) العلق/1-5 ،والعلم في الإسلام يسبق العمل قال تعالى : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ) محمد/19 ، وقال تعالى : ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً ) الإسراء/36 ، ورفع الإسلام مكانة العلماء قال سبحانه : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) آل عمران/18 ، و أثنى الله عليهم بقوله : ( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء ) فاطر/28 ، وللعلماء في الإسلام منزلة تعلو من سواهم قال تعالى : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) المجادلة/11 ، ولأهمية العلم أمر الله رسوله أن يطلب المزيد منه فقال : ( وقل رب زدني علماً ) طه/114، وقد مدح الله العلماء بقوله : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ) الزمر/9 .
وأهل العلم هم أسرع الناس إدراكاً للحق و إيماناً به، قال تعالى : ( وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم ) الحج/54 ، والإسلام يدعو إلى طلب العلم، وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم طلب العلم فريضة على كل مسلم وبين فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وأن العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ًو لا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر وأخبر عليه الصلاة والسلام أن طلب العلم طريق إلى الجنة فقال صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ) رواه البخاري ، والإسلام يدعو إلى تعلم سائر العلوم النافعة والعلوم درجات وللعالم ثواب عظيم والدال على الخير كفاعله وإذا مات العالم فإن أجره عند الله لا ينقطع قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) رواه مسلم/1631 .
وإذا نشر العالم علمه بين الناس كان له مثل أجور من اتبعه قال عليه الصلاة والسلام : ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً ) رواه مسلم/2674.
وقراءة القرآن وتعلمه وتعليمه من أفضل الأعمال كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار ) أخرجه البخاري/73 ومسلم/815 ، فبعد ذلك كله أين كل تلك الحقوق المبتورة في قوانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأين هي أمام عظمة الإسلام وعدله.

ضمان حماية الحقوق الإبداعية البشرية :

المادة (27):
أ- لكل فرد الحق في أن يشترك اشتراكاً حراً في حياة المجتمع الثقافي وفي الاستمتاع بالفنون والمساهمة في التقدم العلمي والاستفادة من نتائجه.
ب- لكل فرد الحق في حماية المصالح الأدبية والمادية المترتبة بإنتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني.


لقد بين الإسلام حق الإنسان في التعلم ، وحدد ضوابط صالحة للعلم النافع لكافة المجتمعات، كما حفظ حقوق البشر في التمتع بانتاجهم وأبداعاتم الفنية والأدبية والصناعية قبل ظهورماتدعى بحقوق الملكية الأدبية والصناعية ، بل أن المغالاة في حماية حقوق الملكية التجارية قد أدى لقيام بعض التجار بحرق المحاصيل الزراعية هائلة في المواسم الجيدة كالقمح من أجل ضمان سعر مرتفع لها وعدم إغراق السوق بتلك المنتجات في الوقت الذي يموت فيه مجتمعات بأكملها من الفقر والجوع، فاين قوانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من تلك التصرفات.

حماية الحريات العامة:

المادة (28): لكل فرد الحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققاً تاما.
لقد سبق التطرق لبيان موضوع الحريات، وكل الشكر لمواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لإعادة التذكير بحقوق الحريات المسلوبة.

ضرورة التقيد بالأنظمة وإحترام القوانين:

المادة (29):
أ- على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نمواً حراُ كاملاً.
ب- يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط ، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي.
ج- لا يصح أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.

إن كافة المؤتمرات والدراسات العلمية العديدة والتي تجري بشكل يومي في معظم أنحاء العالم حول ضوابط الحريات والحقوق، قد لخصها الإسلام بكلمتين فقط وهما ( لاضرر ولاضرار)، وهذا أمر من رسول الله عليه الصلاة والسلام للناس كافة، فهذا الحديث يبيّن السياج المحكم لضمان مصالح الناس، ولذا فإن نفي الضرر يقصد به عدم وجود الضرر فيما شرعه الله لعباده من الأحكام ، وأما نفي الضرار فهو نهي عن إحداث الضرر أو فعله.
ومن هنا ، فإن نفي الضرر يؤكد أن الدين الإسلامي يرسّخ معاني الرحمة والتيسير ، وعدم تكليف الإنسان ما لا يطيق ، فلا يمكن أن تجد في أحكامه أمراً بما فيه مضرّة ، أو نهياً عن شيء يحقق المصلحة الراجحة ، وإذا نظرت إلى ما جاء تحريمه في القرآن الكريم أو في السنة النبوية فلابد أن تجد فيه خبثا ومفسدة ، مصداقا لقوله تعالى: (ويحرّم عليهم الخبائث) الأعراف/ 157
على أن الضرر المنفي في الدين لا يتناول العقوبة والقصاص، لأن عقاب المجرم على جريمته هو السبيل الوحيد الذي يردع الناس عن انتهاك حدود الله ، والاعتداء على حقوق الآخرين ، وهذه الحدود التي شرعها الله عزوجل هي مقتضى العدل والحكمة، ولم يقتصر الحديث على نفي الضرر في الشريعة ، بل أتبعه بالنهي عن إضرار العباد بعضهم لبعض، فالمكلف منهي عن كل فعل يترتب عليه إضرار الآخرين ، سواء قصد صاحبه الإضرار أم لم يقصد، وهذا أصل عظيم من أصول الدين فإن الفرد إذا التزم بصيانة حقوق غيره وعدم الإضرار بها، فإن من شأن ذلك أن نزع فتيل المنازعات بين الناس.
المادة (30):
ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه.

صحيح القول بأننا نتفق مع ما ورد في المادة الأخيرة من نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، غير اننا لايمكن التغافل أو إنكار سياسة الوزن بمكيالين والتي تتبعها الأمم المتحد تجاه القضايا الدولية وخصوصاً فيما يخص حقوق المسلمين في العالم.
وفي الختام لايسعني القول إلا هنيئاً لشعوب العالم بقوانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تلك الحقوق الغير مفعّلة ابداً في ظل ظلم الحكومات المستبدة بشعوبها.
قال تعالى: ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) الكهف/49
فربما كان من الأجدر بمن وضع قوانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أن يقوم بدراسة القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ، كي يضمن قواعد جديدة وتفعيلاً ضامناً لتنفيذ تلك الحقوق.
ومن المؤكد أن السطات الحاكمة في الدول الإسلامية في حالة غياب تام عن معاني ومقاصد الشريعة الإسلامية، وإن جرت بعض المحاولات لتطبيقها، فتكون غالباً لتحقيق مآرب شخصية.



تم بحمد الله
محمد ابداح
عمان في 28/02/2014-;-



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعيني
- قرية بيت دجن الفلسطينية
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الأول
- قرية لفتا الفلسطينية
- دعوها فإنها مأمورة !
- الأشياء الخفية
- سقوط إسرائيل
- النفط العراقي من كردستان العراق لإسرائيل وأمريكا !
- عقود النكاح في الجاهلية
- هل تذكريني رفيقتي
- حقيقة القلوب
- سوق الأحوال
- فقه الطحالب- قراءة في أزمة الفكر العربي
- تعريف الميراث وبيان أركانه وشروطه
- علم الفرائض في الإسلام
- الأمثال الشعبية الفلسطينية
- حق الحضانة - بحث قانوني
- الصعود من القمة
- رسالة إلى أخي الداعية


المزيد.....




- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...
- مسؤول أممي لبي بي سي: -المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب- ...
- الأونروا تدعو لرفع القيود عن وصول المساعدات إلى شمال غزة
- الأمم المتحدة: هناك مؤشرات وأدلة واضحة تثبت استخدام إسرائيل ...
- نادي الأسير: الاحتلال يستخدم أدوات تنكيلية بحق المعتقلين
- رفح.. RT ترصد أوضاع النازحين عقب الغارات
- ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح ...
- بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد ابداح - الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الثالث