أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - محمد ابداح - حق الحضانة - بحث قانوني















المزيد.....



حق الحضانة - بحث قانوني


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4514 - 2014 / 7 / 16 - 08:34
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


الحضانة

تعريفها، أهميتها ، حكمها ، شروطها
في الفقه والقانون



بحث مقدم من المحامي المتدرب محمد إبراهيم إبداح
لاستكمال متطلبات نيل أجازة المحاماة الشرعية

بإشراف المحامي الأستاذ عمر العبادي


عمان – الأردن
2012

بِسْمِ اللَّهِ ٱ-;-لرَّحْمَـٰ-;-نِ ٱ-;-لرَّحِيمِ

المقدمة
الفرد الصالح هو أساس الأسرة الفاضلة التي تشكل بدورها نواة المجتمع الناجح ، ولهذا فإن القوانين والتشريعات في جميع دول العالم عُنيت بالفرد منذ نعومة أظفاره ، ويعد المنزل الركيزة الأساسية للتربية والمؤثر الأول في الطفل باعتباره ينشأ في ظل والديه في بداية المراحل الأولى من عمره حيث يكون محل تأثر تام بكل ما يحيط به في أجواء الأسرة أو خارجها لذا كان من أهم أهداف الزواج تحقيق الأنس والراحة والطمأنينة بين الزوجين لقوله تعالى:{ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [ سورة الناس الآية 18 ]، إن حفاظ الوالدين على تماسك الأسرة له كل الأثر في سلوك أبنائهم وحسن تكيفهم وتوافقهم النفسي والعقلي،غير أن التماسك والمودة والرحمة والتفاهم والتي تعد دعائم الرابطة الزوجية ليست بالأمر الهين، فقد تعصف مشاكل الحياة ببناء الأسرة وتؤدي إلى التنافر فتنتفي الغاية المرجوة من الزواج، وإن لم تُجد جميع وسائل الإصلاح للتوفيق ينتهي الأمر بانفصال الأبوين عن بعضهما ومن أهم تداعيات هذا الانفصال مسألة حضانة الأطفال الناتجين عن هذا الزواج والمشاكل التي تثار حول كفالتهم وحضانتهم، ومن هنا تزداد أهمية الحضانة ، وأهمية القوانين والتشريعات التي تحفظ للأبناء حقوقهم وتكفل رعايتهم منذ ولادتهم حتى البلوغ حيث تثبت نسبهم و تدبر رضاعتهم وحضانتهم والإنفاق عليهم وإدارة شؤونهم المالية ، وقد أراد المشرع من وراء هذه الأحكام حماية الصغار من الضياع ، وقد تعهدت جل التشريعات الوضعية بعديد من الأحكام تتعلق بمصير الطفل وحمايته .
وبعد فهذا بحث عن تعريف الحضانة، وحكمها، ومن الذي تجب له الحضانة ومن أولى الناس بالحضانة وعن شروط الحاضن، وحق مشاهدة المحضون مما نص عليه المشرع الأردني استنادا لتعاليم الدين الإسلامي من القرآن الكريم والسنة النبوية ومذاهب واجتهاد الأئمة والفقهاء.
كما ولا يسعني في ختام التمهيد إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل للأستاذ المحامي عمر العبادي لمساعدته لي ووقوفه بجانبي طوال فترة التدريب بالمتابعة والنصح والإرشاد المتواصل ، حتى تمكنت بفضل الله من إتمام فترة التدريب على أعمال المحاماة الشرعية ، فله مني كل الشكر وعميق الامتنان ، وكذلك فإنني أتوجه بالشكر لرئيس لجنة مناقشة البحث والأعضاء الكرام .





تمهيـــد
نظراً لأهمية موضوع الحضانة وتأثيره المباشر على حياة الصغار من تربية ورعاية ونظراً لاعتمادهم الكامل في هذا السن الصغير على الحاضن بكل ما يتعلق بشؤون حياتهم وما لذلك من أثر على سلوك الصغار مستقبلاً فقد قمت باختيار موضوع الحضانة كمادة في بحثي للحصول على شهادة مزاولة مهنة المحاماة الشرعية .
وفي سبيل تحقيق الغاية من البحث وهي الفائدة العلمية والعملية من خلال دراسة مواد ونصوص قانون الأحول الشخصية الأردني ، قمت بدراسة بعض المراجع التي تناولت قوانين وتشريعات وأحكام أصول الفقه الإسلامي المستندة في ذلك لأدلتها التفصيلة إلى الكتاب والسنة وإجماع فقهاء وعلماء المسلمين وبينت المراجع ومصادرها كتوثيق للأدلة والمواد المقدمة كما وخصصت لها صفحة مستقلة في نهاية البحث وذلك لمن أراد الرجوع إليها للاستزادة وعموم الفائدة .




خطــــــــة البحث
مقدمــة
تمهيـد
الفصل الأول : مفهوم الحضانـة
المبحث الأول : تعريف الحضانــة
المبحث الثاني: مشروعية الحضانة
المبحث الثالث : حكم الحضانة ، أركان الحضانة ، شروطها.
الفصل الثاني : مكان الحضانة وأجرتها وسقوطها وانتهائها.
المبحث الأول : مكان الحضانة ، أجرة الحاضنة ، أجرة مسكن الحاضنة .
المبحث الثاني : مراتب الحواضن ، مشاهدة المحضون، سقوط الحضانة، انتهاء الحضانة .
خلاصـة واستنتاجات
خاتمـــــــــة
المراجـــــــع
الفهــــــرس
الفصل الأول : مفهوم الحضانــة
المبحث الأول : تعريف الحضانة :
من خلال دراستي لقانون الأحوال الشخصية الأردني وجدت بأن المشرع الأردني لم يقم بتعريف الحضانة في نصوصه القانونية سواء في قانون الأحوال الشخصية أوفي قانون أصول المحاكمات الشرعية ، خلافا لبعض قوانين الأحوال الشخصية في البلدان العربية والإسلامية الأخرى كالعراق والكويت والجزائر والمغرب على سبيل المثال لا الحصر وباعتقادي بأن ذلك ليس نتيجة لقصور أو إغفال من قبل المشرع الأردني لأن الفقه هو من يقوم بالتعريف عموما ويبدو بأن المشرع الأردني اكتفى بالنص على تعريف الحضانة ضمنا من خلال المادة 171/أ من قانون الأحوال الشخصية الأردني المعدل لعام 2010 التي اشترطت في مستحق الحضانة ما يلي : (يشترط في مستحق الحضانة أن يكون بالغا عاقلا سليما من الأمراض المعدية الخطيرة أمينا على المحضون قادرا على تربيته وصيانته دينا وخلقا وصحة وأن لا يضيع المحضون عنده لانشغاله عنه وأن لا يسكنه في بيت مبغضيه أو من يؤذونه ) ، وتلك الشروط تشكل بمجملها مفهوما عاما للحضانة وأهدافها ، وفي اعتقادي أن النص صراحة على تعريف الحضانة له أهمية قصوى لما لهذا التعريف من دور كبير في توضيح حقيقة المسؤولية العظيمة والملقاة على عاتق الحاضن ، حيث نجد في كثير من الحالات العملية من واقع الحياة لدى البعض ممن يتحملون مسؤولية الحضانة ، بأن مفهوم الحضانة يقتصر عندهم على تأمين المسكن والمأكل للمحضون فقط وبذلك يكونوا قد أتموا ما عليهم تجاه المحضون نظرا لفهمهم المحصور بتعريف الحضانة بهذا المنظور الضيق الأفق صارفين النظر عما هو يساوي بأهميته مرتبة المسكن والمطعم بل وقد يفوقهما أهمية ، ألا وهو تأمين بيئة مناسبة للسلامة الصحية والنفسية والبدنية والعقلية جنبا إلى جنب مع تأمين المسكن والمطعم للمحضون وبغير ذلك فلن يستقيم أمر المحضون حيث يخرج للمجتمع وهو يعاني من مشاكل نفسية تؤثر على تفاعله وسلوكه نتيجة لما لاقاه من سوء معاملة في صغره ، وقد نص المشرع الجزائري صراحة على تعريـف الحضانـة في المادة 62 مـن قانون الأسرة الجزائري :( الحضانة هي رعاية الولد وتعليمه والقيام بتربيته على دين أبيه والسّهر على حمايته وحفظه صحة و خلقا ، ويشترط في الحاضن أن يكون أهلا للقيام بذلك ) وعرّفتها المادة 97 من المدونة المغربية للأحوال الشخصية بأنها: ( حفظ الولد مما قد يضره قدر المستطاع والقيام بتربيته ومصالحه )، كما عرفتها المادة 54 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية بأنّها:( حفظ الولد في مبيته والقيام بتربيته )(1) وقد عرفها الشافعية بأنها : ( حفظ من لا يستقل بأموره وتربيته بما يصلحه ، ويدفع عنه الضرر، بغسل جسده وثيابه ودهنه وكحله ).(2)
ـــــــــــــ
1- أحكام الأحوال الشخصية / د. عبد الوهاب خلاف، ص : 116، ط 2، دار القلم، الكويت 1410هـ.
2- الحضانة والنفقات في الشرع والقانون ،د. أحمد الجندي،دار الكتب القانونية ،مصرط1 ، 2004 ص9
نرى مما سبق تركيز المشرع في التشريعات المقارنة على تعريف الحضانة وعلى أسبابها وأهدافها وهي رعاية المحضون ، وتعليمه والقيام بتربيته الصالحة والسهر على حمايته وحفظه صحة ودينا وخلقا وعقلاً، وبذلك فإنني أستحسن فكرة النص صراحة على تعريف معنى ومفهوم الحضانة في نصوص قانون الأحوال الشخصية الأردني لأن ذلك يعتبر يعد أفضل لمصلحة المحضون ، لاحتواء التعريف على أهداف الحضانة وأسبابها ولشموليته على أفكار محددة وواضحة ويجمع في عمومياته كل ما يتعلق بحاجيات الطفل الدينية والنفسية والصحية والخلقية والتربوية والعقلية والمادية .
الحضانة لغـــــة:
الحضانة لغة من الحضن،وهو الجنب،لأن الحاضن يضم الطفل المحضون إلى جنبه، ومنه حضن الطائر صغيره إذا ضمه إلى نفسه تحت جناحيه وحضنت المرأة صبيها إذا جعلته في حضنها أو ربته،والحاضن والحاضنة الموكلان بالصبي يحفظانه ويربيانه وحضن الصبي يحضنه حضناً بمعنى رباه واعتنى به.(1)

ـــــــــــــ
1 - أحكام الأحوال الشخصية / د. عبد الوهاب خلاف، ص : 118، ط 2، دار القلم، الكويت 1980.

الحضانة شرعاً:
حفظ صغير أو معتوه أو معاق عما يضره، وتربيته ورعاية مصالحه،إلى أن يكبر أو يصح، والحضانة والكفالة سواء، وعرفها بعض الفقهاء بأنها حفظ من لا يستقل بأموره وتربيته بما يصلحه، وعرفها بعضهم بأنها صيانة العاجز والقيام بمصالحه،وعرفها ابن عرفة: بأنها حفظ الولد في مبيته وطعامه ولباسه ومضجعه وتنظيف جسمه(1) .
مقتضى الحضانة:
وتعني الهدف من الحضانة وهو حفظ المحضون وحمايته وضمان سلامته وإبعاده عما يؤذيه وتربيته وإرشاده ونصحه وذلك بعمل ما يصلحه وتعهده بطعامه وشرابه وغسله ورعايته وتعهد نومه ويقظته وكل أمور حياته طوال تلك المرحلة والتي يكون فيها معتمدا على رعاية الآخرين.




ــــــــــ
1- أحكام الأحوال الشخصية / د. عبد الوهاب خلاف، ص : 118، ط 2، دار القلم، الكويت 1989هـ.
المبحث الثاني : مشروعية الحضانة
وردت العديد من النصوص في القرآن الكريم والسنة وإجماع الأمة والمعقول مما يدل على مشروعية الحضانة بما يضمن مصلحة المحضون على النحو التالي:
أولاً- الكتـاب: لقد دلت كثير من نصوص الكتاب على مشروعية الحضانة ومنها قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}(1) ، وهنا تتحدث الآية الكريمة عن كفالة مريم، واختلاف الأحبار فيمن يقوم بكفالتها لنيل الأجر والثواب من الله، عندما جاءت بها أمها وهي صغيرة، ويقابل الكفالة الحضانة فهذا دليل صريح على مشروعية الحضانة ، وكذلك قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً, وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}(2) ، وتدل الآية الكريمة على أنه يجب على الأبناء رعاية آبائهم حق الرعاية، وذلك في مقابل رعايتهم له وحفظه وحضانتهم له في صغره، عندما كان ضعيفاً لا يملك شيئاً، وهذا يبين فترة الحضانة ومشروعيتها وإلا لما طالب المولى جل وعلا المجازاة قياساً بالمثل عند كبر الوالدين(3) .
ــــــــــــ
1-سورة آل عمران: الآية (44).
2-سورة الإسراء: الآيتين (23- 24).
3- أحكام الأحوال الشخصية / د. عبد الوهاب خلاف، ص 119، ط 2، دار القلم، الكويت 1989هـ.

ثانياً- السنـة:
جاءت كثير من الأحاديث النبوية الشريفة لِتدلل على مشروعية الحضانة، ومنها قصة صلح الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكفار مكة عندما تبعتهم ابنة حمزة رضي الله عنهما حينما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة بعد مضي الصلح ، فتبعته ابنة حمزة قائلة : (يا عمّ يا عمّ) فتناولها عليّ, فأخذ بيدها وقال لفاطمة رضي الهي عنها: دونك ابنة عمك احمليها ،فاختصم فيها علي وزيد وجعفر، فقال علي: أنا أحق بها وهي ابنة عمي، وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي، قال زيد: ابنة أخي،-;-فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال: الخالة بمنزلة الأم-;- ( أخرجه البخاري في صحيحه).
ويتبين لنا من خلال قضاء النبي صلى الله عليه وسلم بأن الخالة أحق بالحضانة عند عدم وجود أقرب العصبات غيرها وهذا دليل على مشروعية الحضانة، وفي تقديم الخالة على غيرها لزيادة شفقتها لأنها بمنزلة الأم،وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم, جاءته امرأة، فقالت: يا رسول الله ، إن ابني هذا كان بطني له وعاء ، وثديي له سقاء ، وحجري له حواء ، وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ( أنت أحق به ما لم تنكحي-;- (أخرجه الامام أحمد في مسنده) ، ويتضح لنا بأن النبي صلى الله عليه وسلم بين لمن له الأولوية في الحضانة وهي الأم، وذلك عند عدم وجود مانع النكاح وهذا دليل على مشروعية الحضانة.
ثالثاً- الإجمـاع:
انعقد إجماع الأمة على مشروعية الحضانة من لدن عهد رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ولم يخالف أحدٌ ذلك(1).
رابعاً- المعقـول:
أن الإنسان في بدء خليقته يولد ضعيفاً، لا يستطيع أن يقوم بحوائجه منفرداً ، بل لا بد من وجود من يقوم على رعايته والعناية به ، في كل ما يحتاجه في تلك المرحلة من رضاع ونفقة وحسن تربية وتعليم وغير ذلك ، فكانت الحضانة هي الملاذ الآمن لرعاية هذا الصغير حتى يكون فردا صالحا وناجحا في الحياة . (2) .






ـــــــــــــ
1+2- أحكام الأحوال الشخصية / د. عبد الوهاب خلاف، مرجع سابق ، ص 121.
المبحث الثالث: حكم الحضانة :
اختلفت الآراء الفقهية حول كون الحضانة حقاً أو واجباً ، وتعود أهمية هذا التقسيم لما يترتب من آثار وأحكام على كل منهما ، فلو اعتبرنا بأن الحضانة واجب فلن يستطيع الحاضن التخلي عن واجبه اتجاه المحضون حيث أن الواجب لا يسقط إلا بالأداء ،ولو اعتبرنا بأن الحضانة حق فيمكن للحاضن إسقاط حقه بالحضانة أو التنازل عنه وحكم الحضانة أنها واجبة لأن المحضون يهلك بتركها، ونجد دليل وجوب الحضانة للصغير في قول الله سبحانه تعالـى في سـورة مريم:{ فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكـريا}وكذلك قال تعالى:(وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) ] أخرجه الإمام أحمد في مسنده[ وفي قول النبي عليه الصلاة والسلام:( بحسب المرء من الإثم أن يضيع من يعول) ] الصحيحين [، وفي غيرها من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة والتي تحث بل وتأمر برعاية الصغار وحضانتهم وكفالتهم ، قال ابن قدامة:(كفالة الطفل وحضانته واجبة، لأنه يهلك بتركه،فيجب حفظه من الهلاك،كما يجب الإنفاق عليه وتجنيبه المهالك ويتعلق بها حق القرابة، لأن فيها ولاية على الطفل واستصحاباً له) (1) كما وتتطلب الحضانة الحكمة واليقظة والانتباه والخلق حتى إنّه يُكره على الإنسان أن يدعو على ولده أثناء تربيته ،كما يُكره أن يدعو على نفسه و خادمـه
ـــــــــ
1- الحضانة بين الشريعة والقانون /د. محمد عليوي ناصر – دار الثقافة عمان ص 11 ، ط1 عام 2002 .

وماله لقوله عليه الصلاة والسلام:( لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاءٌ فيستجيب له) [ رواه بخاري ومسلم ٍ] ، وروى أبو موسى عن ابن عباس أن أوس بن عبادة الأنصاري دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله إنّ لي بنات وأنا أدعو عليهن بالموت، فقال:( يا ابن ساعدة لا تدعوا عليهنّ، فإنّ البركة في البنات هنّ المجملات عند النعمة والمعينات عند المصيبة والممرّضات عند الشّدة ثِقلُهُنَّ على الأرض و رِزقهن على الله ) (رواه بخاري ومسلم) ،وكان لابد من أجل تسليط الضوء على هذا الأمر أن نعرض ًآراء الفقهاء في كون الحضانة حق أم واجب على النحو التالي:
أ‌- فقهاء الحنفية : انقسمت أقوالهم لثلاث آراء وهي :
1- أن الحضانة حق للأم ، ولا تجبر عليه ولها الامتناع عن القيام بها .
2- أن الحضانة حق للصغير فليس للأم الامتناع عنها بل وتجبر عليها .
3- أن الحضانة حق للأم والصغير معاً فإن وجد من يقوم بالحضانة فلا تجبر الأم وإن لم يوجد من يقوم بالحضانة فليس للأم الامتناع حيث أن حق المحضون أقوى وبذلك تعد الحضانة واجب( كفائي )بمعنى لو قام بها أحد من أهلها سقط عن الباقين. (1)
ـــــــــ
1- الحضانة بين الشريعة والقانون/ د. محمد عليوي ناصر /دار الثقافة ،عمان،ط1 ،2002 ص32
ب – فقهاء الشافعية :
اعتبر فقهاء الشافعية بأن الحضانة حق خاص يمكن إسقاطه أو التنازل عنه إلا في حالة واحدة وهي انعدام الأب وانعدام من يليه ، ففي تلك الحالة ليس لها إسقاط الحضانة حرصا على مصلحة المحضون وهنا تصبـح الحضانة واجباً ( تعينيا ) على الحاضن حيث أن المحضون ليس له مال ولا أب فتجبر الأم على الحضانة وليس لها الامتناع فهي حينئذ كالأب . (1)
ج – فقهاء المالكية :
وقد اختلف المالكية في بيان شأن الحضانة إلى ثلاث أقوال وهي :
1- أن الحضانة حق خاص للأم يجوز لها التنازل عنه .
2- أن الحضانة واجب ( كفائي ) .
3- أن الحضانة واجب ( تعيني ) .




ـــــــــــ
1-الحضانة بين الشريعة والقانون/ د. محمد عليوي ناصر /دار الثقافة ،عمان،ط1 ،2002 ص32
د- فقهاء الحنابلة :
للحنابلة في أحقية أو وجوب الحضانة قولان : الأول هو أن الحضانة حق خاص للأم ، والثاني على أن الحضانة واجب ( كفائي ) ، بمعنى أن الحضانة حق للأم ، وتصبح واجب في حال عدم توفر أي حاضن شرعي آخر ،(1) وبناءً على ما سبق يمكن القول بأن الواجب في الحضانة أقوى من الحق لما تقتضيه مصلحة المحضون من الحفظ والرعاية ولقد نص المشرع الأردني على أحقية الأم في حضانة صغارها من خلال المادة 170 من قانون الأحوال الشخصية الأردني المعدل لعام 2010 فنص على:( الأم النسبية أحق بحضانة ولدها وتربيتها حال قيام الزوجية وبعد الفرقة) وكلمة أحق في المادة السابقة هي للتفضيل بمعنى أن الأم أحق بحضانة صغيرها في حالة حدوث تنازع وفي اعتقادي بأن الحضانة ألأجدر أن تكون من باب الواجبات على الحاضن وليس الحقوق الشرعية له ، وذلك لمصلحة المحضون خصوصا في حال امتنع الحاضن الشرعي عن حضانة الصغير لأسباب شخصية وغير معلنة كالرفض الكيدي لحضانة الصغير من قبل الأم أو بسبب ضغوط من قبل أهل الأم وذلك نكاية بالزوج وانتقاما وتعجيزاً له بدون مراعاة لحقوق الصغار وهذا ما لاحظته في عدة قضايا أثناء تدريبي العملي في المحكمة حيث قد يحدث أن ترفض الأم حضانة صغارها لأسباب وحجج غير
ـــــــــــ
1 - الحضانة بين الشريعة والقانون/ د. محمد عليوي ناصر /دار الثقافة ،عمان،ط1 ،2002 ص34
مبررة فيضيع الصغار والذين لا حول لهم ولا قوة غير اجترار المآسي والتعرض للاضطراب النفسي من جراء ما يحدث لهم وقد يكون سبب رفض الحضانة من قبل الأم لأسباب أخرى عديدة وبأعذار وهميــة ذات دوافع شخصية لا يراعى فيها مصلحة الصغار وهم أصلا موضوع ومضمون الحضانة ، وبناء عليه فإن كان أمر حضانة الصغار واجب على الأم في حال عدم وجود مانع يحول دون حضانتها لصغارها فإن الأم في هذه الحالة لن تستطيع الامتناع عن حضانة صغارها بموجب القانون سواء لأسباب كيدية أو ضغوط من أهلها أو غير ذلك إلا لأسباب فعلية ظاهرة، وقد حسم المشرع الأردني هذا الأمر من خلال المادة 186 من قانون الأحوال الشخصية الأردني المعدل لعام 2010: ( تلزم الأم بالحضانة إذا تعينت لها وإذا لم تتعين ورفضت حضانة أولادها يلزم القاضي الأصلح لمن له حق الحضانة بها ) ، وخيرا فعل المشرع الأردني بهذا الأمر حيث يعد قانون الأحوال الشخصية الأردني المعدل لعام 2010 من أفضل قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية والذي يكفل حق الصغار وحق الحاضنة والزوجة عموما لما تضمنته نصوص التعديل من حفظ للحقوق وسرعة في تنفيذ الإجراءات القانونية.



أركان الحضانة وشروطها :
الركن الأول : الحاضن
اختلف الفقهاء في ترتيب أهل الحضانة نتيجة اختلاف الأسس التي اعتمدوا عليها في آرائهم باستثناء الأم اتفاقاً حيث قدمت على الجميع في موضوع الحضانة إذا اجتمعت فيها شروط الحضانة واختلف الفقهاء في مراتب المستحقين للحضانة بعد الأم فقد اعتبر الفقهاء تقديم الأم سبباً لتقديم أمهاتها من بعدها وثم من يليهم من مستحقي الحضانة (1)وفيما يلي شرح هذه المراتب على كالآتي حسب آراء الفقهاء:
أ‌- فقهاء الحنفية : وقد رتبوا أصحاب حق الحضانة لتقديم النساء أولاً ثم للعصبة من الرجال ثم حضانة ذوي الأرحام على النحو التالي:
الأم وأمهاتها وإن علون لأن الحضانة عند الحنفية ولاية فالأم أحق بحضانة صغيرها وبناء عليه فإن النساء من جهتها أولى من الحضانة من غيرهن ولا يشمل ذلك النساء من جهة أب الأم بل تتقدم أم الأب عليهن ثم الجدة من جهة الأب وإن علت باستثناء أم الأب البعيدة من جهة أب الأب، ثم الأخت الشقيقة، ثم الأخت لأم ،ثم أخت الأب (العمة) ، ثم بنت الأخت الشقيقة ، ثم بنت الأخت لأم (2) ، ثم الخالة لأبوين ، ثم الخالة لأم ثم لأب ، ثم بنت أخت المحضون لأب ، ثم بنات أخ
ـــــــــــ
1+2 الحضانة بين الشريعة والقانون – د. محمد عليوي ناصر- مرجع سابق ص 45
المحضون لأبويه ،ثم بنات الأخ لأم ، ثم بنات الأخ لأب ، ثم العمات لأبوين ،ثم العمة لأم وبعدها العمة لأب ويليها خالة الأم فخالة الأب ثم عمات الأم فعمات الأب ، أما بنات العم والعمة والخال والخالة فلا حق لهن في الحضانة حسب قول الحنفية وذلك لعدم المحرمية، أما حضانة ذوي الأرحام فهم من باب الفروض وليسو ما أهل الميراث، ويشترط فيهم أن يكونوا ذو رحم محرماً عن المحضون وتعد مراتبهم بعد فقد العصبات كالتالي: جد المحضون لأمه ، ثم أخ المحضون لأمه ، ثم ابن أخيه لأمه ثم عم المحضون لأم (أخ الأب من أمه) ثم خال المحضون الشقيق ثم الخال لأب ثم الخال لأم وهؤلاء عند الحنفية لهم حق الحضانة لأنهم يدلون بولاية الزواج (1) ، وعند تساويهم في المرتبة يتم ترجيح الأصلح والأتقى والأكبر ولا حضانة لابن العم والعمة لأنثى ولا لابن الخال وابن الخالة .
ب- فقهاء الشافعية : أما فقهاء الشافعية فقد رتبوا أهل الحضانة على النحو التالي: الأم ثم أمهات الأم ، ثم أخت المحضون ، ثم الخالة ، ثم أم الأب ، ثم أم الجد لأب،ثم أمهاتها إن علون ، ثم أم أب الجد لأب ،ثم الخالات ثم العمات أو تقدم الشقيقة على غيرها كما تقدم التي لأم على التي من جهة الأب ، وتتقدم الخالة على بنت الأخ وبنت الأخت ، وتتقدم بنت الأخ وبنت الأخت على العمة وعلى كل
ــــــــ
1- الحضانة والنفقات في الشرع والقانون / د. أحمد الجندي – مرجع سابق – ص 24
جدة ترث ، مثل أم أبي الأم ، وفي حال عدم وجود النساء فتكون الحضانة للأب ثم آباء الأب الأقرب فالأقرب ثم الأخ الشقيق ثم الأخ لأب ثم ابن الأخ الشقيق ثم ابن الأخ لأب ثم العم الشقيق ثم العم لأب ثم ابن العم وقيل لا حضانة له لفقده المحرمية حيث تسلم البنت لامرأة ثقة تحت إشرافه ونفقته (1) .
ج - فقهاء المالكية : رتبوا أهل الحضانة على النحو التالي : الأم وأمهاتها ، ثم جدة أم المحضون من ناحية والد أمها ، ثم جدة والد أم المحضون ،ثم جدة أم والد الأم من الأب ، خالة المحضون الشقيقة ، ثم خالة المحضون لأم ، ثم خالة المحضون لأب، ثم خالة أم المحضون الشقيقة ، ثم خالته لأم ،ثم لأب ، ثم عمات أم المحضون الشقيقة ، ثم التي لأم ثم لأب ، ثم يلي ذلك أمهات الأب من ناحية الأم ثم أم أب المحضون ، ثم جدة أم الأب من ناحية أمه ، ثم جدة أب الأب لأمه(2) .
د - فقهاء الحنابلة : وترتيب أهل الحضانة عندهم كما يأتي الأم وأمهاتها ، ثم للأب ثم أمهاته ثم الجد لأب وأمهاته ، ثم جد الجد وأمهاته ، ،ثم الأخوات الشقيقات ثم الأخوات لأم ثم الأخوات لأب ( وهذا ما جرى عليه الأحناف) ثم ــــــــــ
1+2-الحضانة بين الشريعة والقانون – د. محمد عليوي ناصر مرجع سابق ص 47
الخالات ثم العمات ، ثم الأب ، ثم الجد لأب وان علا ثم الأخ الشقيق ، ثم الأخ لأب ، ثم بنوهم على ترتيب الميراث ، ثم العمومة فبنونهم ثم عمومة الأب فبنوهم.
يتضح لنا مما سبق أن مراتب أهل الحضانة لدى الفقهاء والمسلمين تقتضي أن تكون الأم الأولى بحضانة ولدها وإن اختلاف الفقهاء في ترتيب أهل الحضانة يعود في اختلافهم لاختيار الطريق الأسلم لرعاية مصلحة المحضون (1) .
و قد نص المشرع الأردني في المادة 170 من قانون الأحوال الشخصية الأردني المعدل لعام 2010 في أحقية الحضانة على : ( الأم النسبية أحق بحضانة ولدها وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة ، ثم بعد الأم ينتقل الحق لأمها ثم لأم الأب ثم للأب ثم للمحكمة أن تقرر بناء على ما لديها من قرائن لصالح رعاية المحضون إسناد الحضانة لأحد الأقارب الأكثر أهلية .




ــــــــــ
1- الحضانة بين الشريعة والقانون – د. محمد عليوي ناصر مرجع سابق ص 50
شروط الحاضن :
يشترط فيمن يتولى أمر الحضانة توافر صفات معينة وشروط تضمن حسن قيامه بحضانة الصغار على أكمل وجه وقد حددت المادة 171 من قانون الأحوال الشخصية الأردني المعدل المذكور شروط مستحقي الحضانة على النحو التالي:
أ‌- يشترط في مستحق الحضانة أن يكون بالغاً عاقلاً سليماً من الأمراض المعدية الخطيرة ، أميناً على المحضون ، قادراً على تربيته وصيانته ديناً وخلقاً وصحةً وأن لا يضيع المحضون عنده لانشغاله عنه، وأن لا يسكنه في بيت مبغضيه ، أو من يؤذيه ، وأن لا يكون مرتداً .
ب‌- مع مراعاة ما جاء في الفقرة (أ) من هذه المادة يشترط في مستحق الحضانة إذا كان من النساء أن لا تكون متزوجة يغير محرم من الصغير .
ج‌- يشترط أن يكون الحاضن ذا رحم محرم للمحضون ، حال اختلاف الجنس .
ولتسليط الضوء على شروط الحاضن ينبغي لنا أن نستعرض آراء الفقهاء حول هذا الأمر والتي نجملها على النحو التالي :
أولا: الشروط المتفق عليها إجماعا :
أ‌- البلوغ : حيث أجمع الفقهاء على أن الإنسان قبل البلوغ لا يعتد بتصرفاته ولا يعتبر محلاً للتكليف بالواجبات الشرعية .
ب-العقل: وهي سلامة العقل من أية شوائب تؤثر على عمله والعلم بصفة الأشياء من حسنها وقبحها وكمالها ونقصانها والعلم بوزن الأمور بين الشر والخير والواجبات وتقدير الأمور وإدراك المسببات .
ج- الحرية : اجتمع الفقهاء على أن الحكم الفقهي لوجوب هذا الشرط مرهون بوجود مسبباته مع العلم بانعدام الحاجة لهذا الشرط لاختفاء الرق والعبودية في العصر الحديث وقد اعتمده الفقهاء في عصر شاع فيها الرق وبيع الجواري.
د- الأمانة : وقد تعرض الفقهاء لموضوع الأمانة بأهمية بالغة فمثلاً يجب أن يكون الحاضن أميناً بحيث لا تضيع حقوق المحضون عنده بسبب انشغاله عنه، وأن يكون الحاضن أميناً في حفظ المال والدين والعرض وأن تكون الحاضنة ملتزمة بأخلاق الدين والعرف والعادات حتى لا تؤثر سلبياً على المحضون.
هـ - القدرة : والمقصود بالقدرة هنا القدرة المادية والجسدية والعقلية والصحية وأن يكون الحاضن خالياً من أي أمراض معدية وخطيرة .
و- الخلو من زوج أجنبي عن المحضون: اجمع الفقهاء بسقوط حضانة الأم في حال تزوجها برجل أجنبي عن المحضون ولم يختلف عن هذا القول احد منهم (1)
واستند الفقهاء في هذا الشرط على أساس الحديث النبوي الشريــف الآتي:( عن
ــــــــــ
1- الحضانة بين الشريعة والقانون – د. محمد عليوي ناصر مرجع سابق ص 79

عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثدي له سقاء ، وحجري له حواء ، وأن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : أنت أحق به ما لم تنكحي ) (1) . وقال ابن قدامة: (ولا تثبت الحضانة لكافر على مسلم، وبهذا قال مالك، والشافعي، وسوار ، وأصحاب الرأي، إلى أن قال: ولنا أنها ولاية، فلا تثبت لكافر على مسلم، كولاية النكاح والمال، ولأنها لم تثبت للفاسق فالكافر أولى، فإن ضرره أكثر، فإنه يفتنه عن دينه، ويخرجه عن الإسلام بتعليمه الكفر، وتزيينه له،وتربيته عليه ، وهذا أعظم الضرر، والحضانة إنما تثبت لحظ الولد، فلا تشرع على وجه يكون فيه هلاكه وهلاك دينه ) (2)،وقد حسم المشرع الأردني هذا الأمر في المادة 171/أ من قانون الأحوال الشخصية المذكور مشترطا في مستحق الحضانة:( أن لا يكون مرتدا)، ويقول السرخسي:(والولد في العادة يلحقه الجفاء والمذلة من زوج الأم ، فكان للأب أن لا يرضى بذلك فيأخذ الولد منها) (3) .

ــــــــــ
1- رواه البخاري ومسلم في الصحيحين .
2- أصول الفقه الإسلامي / الدكتور محمد مصطفى شلبي /ج7 ص 118 الدار الجامعية /بيروت
3- راجع الحضانة بين الشريعة والقانون – د. محمد عليوي ناصر مرجع سابق ص 86
ثانيا: الشروط غير المتفق عليها :
اختلف الفقهاء في خمسة شروط فمنهم من اخذ بها مجتمعة ومنهم أخذ ببعضها وهذه الشروط هي:أن يكون الحاضن رحماً محرما والاتحاد في الدين بين الحاضن والمحضون، وان يكون الحاضن غير مرتد ، وان لا يمسك المحضون في بيت المبغضين له ، وان لا يمتنع الحاضن من التربية مجاناً في حالة كون الأب معسر، وقد أخذ الأحناف بأربعة من الشروط السابقة باستثناء شرط اتحاد الدين حيث تثبت الحضانة، قال ابن عابدين:( تثبت الحضانة للأم النسبية ولو كانت كتابية أو مجوسية أو بعد الفرقة إلا أن تكون مرتدة) (1)،أما الشافعية فقد أخذوا بالرحم المحرم وقيدوه بالمحضونة الأنثى كما أخذوا بعدم كفر الحاضن للمحضون المسلم أما الارتداد فلم يرد عندهم نص عليه لأنهم يعدونه شرطاً لازماً حيث اشترطوا الإسلام ، والارتداد خروج عن الإسلام قال الباجوري: (يشترط إسلام الحاضن فيما إذا كان المحضون مسلماً )(2) ، ولم يأخذ الشافعية بشرط الإمساك في بيت المبغضين والامتناع عن التربية مجاناً ، أما المالكية فاختلفوا في أمر الحضانة لغير الرحم المحرم فمنهم من اشترط الرحم المحرم للأنثى المحضونة ومنهم من لم يشترط ذلك ، ولم يأخذوا ببقية الشروط ، وقد أخذ الحنابلة بشرط الرحم المحرم ، وباتحاد الدين ولم يأخذوا بالشروط الثلاثة الأخرى .
ـــــــــــ
1+2 راجع الحضانة بين الشريعة والقانون – د. محمد عليوي ناصر مرجع سابق ص 78
الركن الثاني : المحضون
المحضون هو الطفل الصغير الذي لا يقدر على القيام بأموره بنفسه ويمر المحضون بثلاثة أدوار الأول منها ملزم أن يبقى عند النساء لان حياته ستقوم بها وهي دور الرضاعة ، قال تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) والدور الثاني ما بعد الرضاعة إلى التمييز وهو دور الحضانة واختلف الفقهاء في السن التي تنتهي بها دور الحضانة فقيل بالسبع وقيل بالتسع وقيل بالبلوغ (1) . والدور الثالث ما بعد التمييز على البلوغ وهي التي يضم فيها الى الرجال .







ـــــــــــ
1- راجع الحضانة بين الشريعة والقانون – د. محمد عليوي ناصر مرجع سابق ص 97

الفصل الثاني : مكان الحضانة وأجرتها وسقوطها وعودتها .
المبحث الأول : مكان الحضانة ، أجرة الحاضنة ، أجرة مسكن الحاضنة .
مكان الحضانة:
هو مقر إقامة المحضون حيث يقيم أبواه مع الزوجية ، أو حيث يقيم أحدهما بعد الفرقة أو الانفصال ، وقد بحث الفقهاء هذه المسألة حيث قال فقهاء الحنفية بأنه إذا كانت الزوجية قائمة أو كانت الأم مطلقة وضمن مدة العدة فمكان إقامة الصغير في مسكن الزوجية في بلد الأب وليس للأم ولا يجوز نقل الولد للإقامة في مكان آخر إلا بإذن الولي ، وقال الشافعية في حال قيام الزوجية يقيم الصغير في بلد الأب وعند الافتراق وفي حال سفر الأم فالأولى أن يبقى المحضون عند الأب احتياطاً لحفظ النسب ولسهولة الإنفاق والتعليم والصيانة (1) ، وأخذ المالكية في معيار البعد فإن كان سفر الأم في نفس البلدة التي يسكن فيها الأب فلا حرج في ذلك ، أما إذا كان سفر الأم الحاضنة للمحضون لخارج البلد الذي يسكن فيها الأب فوجب أخذ إذن الولي وعلى هذا سار فقهاء الحنابلة ، وقد تطرق قانون الأحوال الشخصية الأردني لموضوع سفر الحاضن في المادة 175 حيث نص على : ( لا يؤثر سفر الولي أو الحاضنة بالمحضون إلى بلد داخل المملكة على ـــــــــــ
1- راجع الحضانة بين الشريعة والقانون – د. محمد عليوي ناصر مرجع سابق ص 128

حقه في إمساك المحضون ما لم يكن لهذا السفر تأثير على رجحان مصلحة المحضون ، فإن ثبت تأثير السفر على مصلحة المحضون يمنع سفره وتنتقل حضانته إلى من يليه من أصحاب حق الحضانة ) ، وكذلك بينت المادة 176 من القانون الأردني المذكور ( أنه إذا كان المحضون يحمل الجنسية الأردنية فليس لحاضنته الإقامة به خارج المملكة أو السفر به خارج المملكة لغاية الإقامة إلا بموافقة الولي وبعد التحقق من تأمين مصلحة المحضون ، وكذلك نصت المادة 177 / أ من القانـون الأردني المذكور أنه : ( إذا كان السفر بالمحضون خارج المملكة لغاية مشروعة مؤقتة ولم يوافق الولي على سفر فللقاضي أن يأذن للحاضن بالسفر بالمحضون بعد أن يتحقق من تأمين مصلحته وبيان مدة الزيارة وأخذ الضمانات الكافية لعودته بعد انتهاء الزيارة على أن تتضمن تقديم كفالة يستعد فيها الكفيل بالحبس حتى إذعان الحاضن بعودة المحضون مع منع سفر الكفيل حتى عودة المحضون إلى المملكة .
ب‌- أذا رغب الأب الحاضن في الإقامة بالمحضون خارج المملكة وامتنعت مستحقة الحضانة عنها أو سقط حقها فيها لأي سبب فللأب السفر بالمحضون بعد تقديم الضمانات التي توافق عليها المحكمة .
نلاحظ مما سبق أن معيار بحث الانتقال أو السفر بالمحضون قد حدد حسب أقوال الفقهاء ببعد المسافة وقربها واشتراط تحقق مصلحة المحضون من هذا السفر والتأكد من عدم الإضرار به ومدى الأمان المتوفر في المكان المقصود إليه انتقال المحضون وهذا ما سار عليه المشرع الأردني .
أجرة الحضانة :
اختلف الفقهاء في أجرة الحضانة ففريق أوجبها وفريق منعها وآخر عدها بين الأجرة والنفقة فقد قال الحنفية أن الأم مع قيام الزوجية لا تستحق أجرة على الحضانة ولا على الرضاع لوجوبهما عليها ، وسار على ذلك الشافعية أيضاً ، على أن الحنابلة أعطوا الأم أجرة الرضاع ولو كانت الحاضنة أثناء قيام الزوجية والظاهر أن الحضانة عندهم داخلة ضمن الرضاع وان حكم أجرها كحكم اجر الرضاع ، أما المالكية فلا يجعلون للحاضنة أجرا على الحضانة باستثناء أن الحاضنة لها نفقة بقدر حضانتها بعد وفاة الأب (1).
وقد نصت المادة 178 من قانون الأحوال الشخصية الأردني حول موضوع أجرة الحضانة على ما يلي :
أ- أجرة الحضانة على المكلف بنفقة المحضون وتقدر بأجرة مثل الحاضنة على أن لا تزيد على قدرة المنفق ويحكم بها من تاريخ الطلب وتستمر إلى إتمام المحضون سن الثانية عشر من عمره .
ـــــــــــ
1- راجع الحضانة بين الشريعة والقانون – د. محمد عليوي ناصر مرجع سابق ص 179

ب-تستحق الحاضنة أجرة مسكن لحضانة المحضون على المكلف بنفقته ما لم يكن لها أو للصغير مسكن يمكنها أن تحتضنه فيه .
ج- لا تستحق الأم أجرة للحضانة حال قيام الزوجية أو في عدة الطلاق الرجعي .
أجرة مسكن الحاضنة :
نجد اختلافاً في أقوال الفقهاء حول مسألة سكن المحضون والحاضن حسب علاقة هذا السكن بالزوجية قبل الانتقال وبعده ومدى ما يتعلق به من مصلحة المحضون والنفع المطلوب تحقيقه لهم فلفقهاء الحنفية قولان في مسكن المحضون والحاضنة الأول يقول أن أجرة السكن في الحاضنة غير واجبة والقول الثاني أن أجرة سكن الحاضنة واجبة شرط أن لا يكون للحاضنة مسكن وسار الشافعية على قولين فمنهم من قال بعدم وجوب أجرة مسكن الحاضنة إذا كانت على ذمة الأب فهي تسكن حيث يسكن الأب أما إذا كانت الحاضنة أجنبية فتأخذ أجرة حضانة فقط ، والقول الثاني أن تأخذ الحاضنة أجرة حضانة وأجرة سكن وهذا قول الإمام الشافعي : ( في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام بيان أن على الأب أن يقوم بالمئونة في إصلاح صغار ولده من رضاع ونفقة وكسوة وخدمة) (1) .
ـــــــــــ
1- الحضانة بين الشريعة والقانون – د. محمد عليوي ناصر مرجع سابق ص 202


أما فقهاء المالكية فلا يقررون للحضانة أجرة لكنهم يقولون بالأجرة إن قامت الحاضنة بمونة الخدمة قال الراهوني: ( ولا أجرة للحاضنة على الحضانة وإنما لها أجرة إن كفته مونه الخدمة)، واختلف المالكية في أجرة سكن الحاضنة فنمهم من أقرها حسب مقتضى حال الحاضنة إذا كانت معسرة أو موسرة ومنهم من قال بعدم وجوب أجرة السكن ، ومنهم من قال باجتهاد الحاكم بفرض الأجرة جزء على الأب وجزء الأم الحاضنة بحسب يسارها، أما فقهاء الحنابلة فلم يتطرقوا إلى مسألة السكن أو أجرة السكن حيث قالوا بأن يجبر الرجل الأب على نفقة أولاده من الذكور والإناث ومن ضمنها أجرة السكن (1) .
نجد مما سبق أن غالبية الفقهاء جعلوا أجرة المسكن للحاضن على عاتق الأب أو ولي المحضون سواء بتهيئة دار سكن أو بدفع أجرة لغرض السكن إلا أنهم اختلفوا في أن أجرة السكن منفصلة عن النفقة أم أنها تدخل ضمنها وأغلب أقوالهم أنها تدخل ضمن النفقة .


ـــــــــــ
1- الحضانة بين الشريعة والقانون – د. محمد عليوي ناصر مرجع سابق ص 202

المبحث الثاني : مشاهدة المحضون ، انتهاء الحضانة ، سقوط الحضانة وأسبابها
مشاهدة المحضون :
إن أول ما يثار بعد افتراق الأبوين هي محاولة الاستئثار بأمر حضانة الصغار وإبعاده عن الآخر قدر الإمكان مما يجعل المحضون محور هذا التنازع ويعرضه إلى الكثير من الانعكاسات التربوية والنفسية ومهما تضافرت الجهود لتعويض الصغير عما فقده بفراق أبوية فلا نتمكن من تحقيق هذا الهدف على أكمل وجه وهذا ما جعل الفقهاء ينظمون علاقة الأطفال بوالديهم بعد الطلاق وفق اجتهاداتهم بما يتلمسونه من الكتاب والسنة قاصدين الأفضل لمصلحة الصغار وعلى هذا سار مشرعي القانون فيما يطلق عليه بالمشاهدة أو الرؤية بين الحاضن والمحضون، والرؤية لغة هي النظر بالعين والمعاينة وتعنى اصطلاحاً مطالعة وتبصر الصغير والنظر في شؤونه وتوجيهه والتواصل معه بما يضمن مصلحته ،وقد بحث الفقهاء مسألة مشاهدة المحضون ورعايته واجمعوا على أن مسألة الرؤية والمشاهدة مرتبطة بمسألة الرعاية ومتابعة المحضون مادياً ومعنوياً مع ضمان استمرار اتصال الصغير بأمه الحاضنة وأبيه البعيد عن الحضانة من خلال حد مقبول من مشاهدة وإشراف والديه وقدروا مدة المشاهدة وعدد مراتها تبعاً للعرف السائد وظروف الأبوين والصغير وتغير الزمان والمكان بما يضمن مصلحة المحضون ويترك أمر تحديد المشاهدة والاستزارة والاصطحاب لما فيه من تقديم خير أو دفع ضرر للصغير إلى القاضي الذي يحدد كل ذلك وفقاً للظروف فقد نصت المادة 181 من قانون الأحوال الشخصية الأردني المعدل لعام 2010 على ما يلي:
أ‌- لكل من الأم والأب والجد لأب عند عدم الأب الحق في رؤية المحضون وزيارته واصطحابه مرة في الأسبوع والاتصال به عبر وسائل الاتصال الحديثة المتوفرة عندما يكون في يد أحدهما أو غيرهما ممن له حق الحضانة وللأجداد والجدات حق رؤية المحضون مرة في الشهر وذلك كله إذا كان محل إقامة طرفي الدعوى والمحضون داخل المملكة .
ب‌- إذا كان محل إقامة الولي الحاضن والمحضون خارج المملكة فللمحكمة تحديد أو تعديل مكان وزمان وكيفية رؤية المحضون وزيارته واصطحابه مرة في السنة على الأقل ثم يحدد ذلك كلـه مع مراعاة سن المحضون وظروفه وبما يحقق مصلحته ومصلحة طرفي الدعوى على أن لا يمنع الحكم الصادر في هذه الدعوى صاحب الحق في رؤية المحضون وزيارته واصطحابه من ذلك في محل إقامة المحضون .
ج‌- إذا كان محل إقامة المحضون داخل المملكة ومحل إقامة صاحب حق الرؤية والاستزارة والاصطحاب خارجها فللمحكمة عند حضوره إلى المملكة تحديد أو تعديل مكان وزمان وكيفية رؤية المحضون واستزارته واصطحابه المدة التي تراها مناسبة مراعية سن المحضون وظروفه وبما تراه محققاً لمصلحته ومصلحة طرفي الدعوى .
د‌- في الأحوال المنصوص عليها في الفقرتين ب وج من هذه المادة للمحكمة الإذن بمبيت المحضون عند صاحب الحق في الرؤية المدة التي تراها مناسبة وبالضوابط المذكورة .
هـ- لطالب الرؤية والاستزارة والاصطحاب والاتصال بالمحضون الاتفاق مع الحاضن على تحديد زمان ذلك ومكانه وكيفيته فإذا لم يتفقا يعرض القاضي على الطرفين أو الطرف الحاضر منهما زماناً ومكاناً وكيفية لذلك ويستمع لأقوالهما أو الحاضر منهما بهذا الخصوص ثم يحدد ذلك كله مراعياً سن المحضون وظروفه وبما يراه محققاً لمصلحته ومصلحة طرفي الدعوة .
و- يتضمن حكم الرؤية والاستزارة والاصطحاب التزام المحكوم له بإعادة المحضون الى حاضنه بعد انتهاء المدة المقررة وعلى المحكمة بناء على طلب الحاضن منع سفر المحضون ضماناً لحقه .
ز- يلزم طالب الرؤية بدفع ما تقدره المحكمة من نفقات لتنفيذ الرؤية عند طلب الحاضن ويستثنى من ذلك نفقات إحضار المحضون إلى المملكة .
كما ضمن القانون حق الولي في المشاهدة حيث إن عرقلة المشاهدة قد تلحق أضرارا بالمحضون وبالطرف الآخر صاحب الحق بالمشاهدة وهي عملية كيدية ما لم تكن أسبابها مقنعة،وتجدر الإشارة بأن المشرع الأردني قد منح لأصحاب الحق في الحضانة والمشاهدة الاتفاق حول كيفية وزمان ومكان الرؤية وباعتقادي أن هذا الأمر يعد في مصلحة المحضون نظراً لتغير الظروف من وقت لآخر حيث نصت المادة 182 مـن قانـون الأحـوال الشخصيـة الأردني المذكور على ذلك في الفقرة أ:( للقاضي تعديل زمان الرؤية والاستزارة والاصطحاب والاتصال بالمحضون ومكان ذلك وكيفيته إذا ما يبرر ذلك عند الطلب وحسب ما تقتضي المصلحة) .
ب-( يجوز لطرفي الحكم الاتفاق على تعديل زمان ومكان ومدة وكيفية الرؤية والاستزارة والاصطحاب والاتصال بالمحضون أمام رئيس التنفيذ المنفذ لديه الحكم ) .
وفي اعتقادي أن هذا الأمر له تداعيات ايجابية لأطراف الحكم حيث يمنح ذلك فرصة للأب والأم للحديث معاً والاتفاق على تحديد موعداً لمشاهدة الصغير من حيث المكان والزمان وفي ذلك الأمر فرصةً قويةً لتقريب وجهات النظر بينهما وإمكانية إعادة النظر في علاقتهما معاً مما يهيئ ظروفاً ملائمة قد ينتج عنها عودتهما لبعضهما البعض مما يعود بالفائدة على الجميع ، وقد تطرقت بعض القوانين إلى وضع عقوبات تأديبية على الحاضن المعرقل للمشاهدة مثل إنذاره ابتداءً ثم سحب الحضانة مؤقتاً لو تكررت منه ، وهذا ما سار عليه المشرع الأردني في المادة 183 من قانون الأحوال الشخصية المذكور حيث نصت على :
أ-(أذا امتنع الحاضن عن تمكين المحكوم له من الرؤية أو الاستزارة آو الاصطحاب أو الاتصال بالمحضون دون عذر وتكرر تخلفه أو امتناعه بعد إنذار قاضي التنفيذ له جاز لقاضي الموضوع بناء على الطلب اسقاط الحضانة مؤقتاً و نقلها إلى من يليه من أصحاب حق الحضانة ولمدة محدودة لا تزيد عن ستة أشهر) .
ب-( على من انتقل إليه حق الحضانة مؤقتاً تنفيذ حكم الرؤية أو الاستزارة أو الاصطحاب كأنه صادر بحقه ) ، ونلاحظ هنا بأن المشرع الأردني لم يترك أمر حق المشاهدة بلا ضوابط وذلك لمنع أي عرقلة كيدية من قبل من ينتقل إليه أمر حضانة الصغير .
ج- على المحكوم له بالمشاهدة في حالة تخلفه عن الحضور في الموعد المحدد لمشاهدة المحضون بدون عذر ، وقف تنفيذ الحكم لمدة لا تزيد عن ستة أشهر بناء على الطلب .
يتضح لنا مما سبق أن مسألة الرؤية والمشاهدة مرتبطة بالرعاية أصلاً إذ لا تعني الرعاية دفع نفقات مادية فقط وإنما رعاية المحضون معنوياً ونفسياً ومن أهم الأولويات استمرار اتصاله بأمه الحاضنة وأبيه البعيد عن الحضانة ولا يتصور الرعاية الجيدة إلا من خلال الحد المقبول من مشاهدة وإشراف والدي المحضون وهي من أقوى صلات الرحم فيقتضي تعميقها.

انتهاء الحضانة:
نلاحظ اختلاف الفقهاء في مسألة انتهاء مدة الحضانة حيث أن غاية كل رأي هو تقديم ما فيه الأفضل لرعاية المحضون ورفع الضرر عنه فنجد أن فقهاء الحنفية قد حددوا صفات معينة تظهر في المحضون لتكون دليلاً على انتهاء مدة الحضانة فمن أقوالهم ( الأم والجدتان أحق بالغلام حتى يستغني عنهن فيأكل وحده ويشرب وحده ويلبس وحده ويغتسل وحده وللفتاة بلوغها حد الشهوة) (1) ، وقد حدد بعض فقهاء الحنفية سن البلوغ بسبع سنين للولد و تسع سنين للفتاة وهذا ما سار عليه الشافعية حيث قال الإمام الشافعي رحمة الله عليه: ( فإذا بلغ أحدهم سبعاً أو ثماني سنين وهو يعقل خٌير بين أبيه وأمه) (2) ، وقد قال فقهاء المالكية أن حد انتهاء الحضانة للذكور هو الاحتلام وحد انتهاء الحضانة للأنثى حتى تبلغ مبلغ النكاح ، أما عند الحنابلة فتنتهي عندهم مدة الحضانة بسبع سنين سواء كان المحضون ذكراً أو أنثى، وقد نصت المادة 174 /أ من قانون الأحوال الشخصية الأردني المعدل لعام2010 على :
أ- تستمر حضانة الأم إلى إتمام المحضون خمس عشر سنة من عمره ، ولغير الأم إلى إتمام المحضون عشر سنوات .
ـــــــــــ
1-الحضانة بين الشريعة والقانون – د. محمد عليوي ناصر مرجع سابق ص 101
2-كتاب الأم ، الإمام الشافعي– مجلد 3 ص 92 راجع الحضانة بين الشريعة والقانون – مرجع سابق
ب-يعطى حق الاختيار للمحضون بعد بلوغ السن المحددة في الفقرة أ من هذه المادة في البقاء في يد الأم الحاضنة حتى بلوغ المحضون سن الرشد .
ج-تمتد حضانة النساء إذا كان المحضون مريضاً مرضاً لا يستغني بسببه عن رعاية النساء ما لم تقتض مصلحته خلاف ذلك .
سقوط الحضانة:
يسقط حق الحضانة حسب نص المادة 172 من قانون الأحوال الشخصية المعدل لسنة 2010 في الحالات التالية :
أ‌- إذا اختل أحد الشروط المطلوب توافرها في مستحق الحضانة.
ب-إذا تجاوز المحضون سن السابعة من عمره وكانت الحاضنة غير مسلمة .
ج- إذا سكن الحاضن الجديد مع من سقطت حضانة بسبب سلوكه أو ردته أو إصابته بمرض معد خطير .
ويعود حق الحضانة إذا زال سبب سقوطه وفق ما نصت عليه المادة 174 من قانون الأحوال الشخصية الأردني المذكور .



خلاصـة واستنتاجات
1- نجد مما سبق بأن الحضانة لها أهمية كبرى في رعاية الطفل وحماية الأسرة وتنمية روح المودة والرحمة التي يجب أن تؤسس عليها البيوت ليكون المجتمع أكثر تماسكاً والمجموعة أكثر تضامناً.
2- حكم الحضانة :الحضانة فرض عين في حق أحد الوالدين أو أقربائهم ضمن أولويات ذكرها الفقهاء تفصيلاً، فإن لم يوجد من تجب عليه الحضانة أو وجد ولكنه امتنع لأي سبب، فإن الحضانة تصبح فرض عين على المسلمين .
3- الأصل في أحكام الحضانة رعاية الأصلح للمحضون، وعليه فكل أمر يعود بالفساد على المحضون في دينه وعرضه وبدنه ونفسه وغير ذلك، ينبغي أن يمنع ، لأنه مخالف لمقاصد الشريعة وأحكام الحضانة.
4- الأصل في الحضانة أنها للنساء، فقد فطرن على نوع من الحنان والشفقة لا يوجد في الرجال، وهن أرفق وأهدى وأصبر على القيام بما يعود بالمصلحة على المحضون، وعليه كانت الحضانة للأم ما لم تتزوج، لقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة التي طالبت بحضانة ولدها: "أنت أحق به ما لم تنكحي".
5- الحضانة حق مشترك بين الأم والولد، فلها أن تتنازل عن حقها بشرط عدم ضياعه، ولا تجبر عليها إلا إذا ترتب على تركها ضياع مصلحة المحضون.

الخاتمة
بعد استعراضنا لحقيقة الحضانة وأحكامها وشروطها يمكن القول أن الحضانة مع ما فيها من حق أورده الفقهاء ورجال القانون إلا أنها واجب أكثر منها حقاً يتحدد بين الكفائي والتعيين فلو وجد الأب أو حاضن آخر غير الأم ولم ترغب الأم بالحضانة فلا تلزم الأم بها وإلا فتعينت الحضانة على عاتق الأم لعدم وجود حاضن ، وقد أحسن المشرع الأردني بذكر هذا الأمر نص المادة 182 المذكورة في قانون الأحوال الشخصية المعدل لعام 2010 حيث أن غالبية القوانين العربية لم تذكر هذا الأمر ، وقد ذكرت المادة 182 من قانون الأحوال الشخصية الأردني المعدل لعام2010 على أنه : ( يمكن للحاضن من الاحتفاظ بأصل الوثائق أو المستندات الثبوتية الضرورية لقضاء مصالح المحضون داخل المملكة أو صور مصدقة عنها حسب مقتضى الحال كشهادة الولادة وبطاقة التأمين الصحي) ،وفي اعتقادي أنه لا حاجة لإضافة هذه المادة في القانون المعدل كون الحاضن مسؤولاً عن رعاية ومتابعة كل شؤون المحضون الصحية والنفسية والجسدية والتعليمية فمن البديهي أن يكون له حق الاحتفاظ أو المطالبة بأية وثائق تخص المحضون لأنها تتعلق بحق المحضون من رعاية شؤونه ومن أجل إتمام المعاملات والإجراءات الخاصة به.

لائحــة دعـوى
فضيلة قاضي محكمة عمان الشرعية الأكـرم ،،
المدعية : فاطمة عبد الله وكيلها المحامي ...........
المدعي عليه: قاسم خليل أحمد وعنوانه للتبليغ: ..........
موضوع الدعوى : ضم الصغار لحضانة الأم
وقائع الدعوى :
المدعية فاطمة عبد الله زوجة المدعي قاسم خليل احمد ومدخولته بصحيح العقد الشرعي ، وقد تولد للمدعية من المدعي عليه وعلى فراش الزوجية الصحيح كل من الصغير سميح وعمره ثلاث سنوات ، والصغيرة زينب عمرها سنتين والصغيرين المذكورين تحت يد المدعي عليه وفي حضانته والمدعية هي صاحبة الحق في حضانة الصغيرين المذكورين والمدعي عليه ممتنع عن تسليم الصغيرين للأم كي تقوم برعايتهما وحضانتهما .
الطلب :
تلتمس المدعية تبليغ المدعي عليه لائحة الدعوى وتعيين موعد المحاكمة ودعوته لها وغب الثبوت الحكم بضم الصغيرين للمدعية ومنع المدعي عليه من معارضتها في ذلك وتضمين المدعي كافة الرسوم والمصاريف التابعة للدعوى وأتعاب المحاماة .
وتفضلوا بقبول فائق الاحتـرام
وكيل المدعية/ ...

المراجـــع

1- أصــول الفقــــه / الدكتــــور محمــد مصطفى شلبــي / الدار الجامعية للنشر - بيروت.
2- الحضانة بين الشريعة والقانون/ د. محمد عليوي ناصر /دار الثقافة ، عمان،ط1 ،2002 ص34
3- أحكام الأحوال الشخصية / د. عبد الوهاب خلاف، ص : 116، ط 2، دار القلم، الكويت 1970م.
4- الحضانة والنفقات في الشرع والقانون ،د. أحمد الجندي،دار الكتب القانونية ، مصر- الطبعة الأولــى ، 2004 .


الفهرس
الموضوع رقم الصفحة
مقدمــة 2
تمهيـد 4
خطـة البحث 5
الفصل الأول : مفهوم الحضانة 6
المبحث الأول:تعريف الحضانة 6
مقتضى الحضانة 7
المبحث الثاني : مشروعية الحضانة 10
المبحث الثالث: حكم الحضانة 13
أركان الحضانة وشروطهــا 15
الركـن الأول : الحاضــن 15
شــروط الحاضــن 18
الشروط المتفق عليها 19
الموضوع رقم الصفحة
الشروط غير المتفق عليها 22
الركن الثاني: المحضون 23
الفصل الثاني: مكان الحضانة وأجرتها وسقوطها 24
مبحث أول: مكان الحضانة ، أجرة الحضانة ، أجرة مسكن الحضانة 24
مبحث ثاني: مشاهدة المحضون ، انتهاء الحضانة ، سقوط الحضانة 29
انتهاء الحضانة 34
سقوط الحضانة 35
خلاصـة 37
خاتمـة 38
المراجـع 39
الفهرس 40



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصعود من القمة
- رسالة إلى أخي الداعية


المزيد.....




- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - محمد ابداح - حق الحضانة - بحث قانوني