أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - لماذا يتكلم العرب بالمصرى ؟















المزيد.....

لماذا يتكلم العرب بالمصرى ؟


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4521 - 2014 / 7 / 23 - 15:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يرى كثيرون من المتعلمين (المصريين) المحسوبين على الثقافة المصرية السائدة ، أنّ العرب يتكلمون (العامية المصرية) وأحيانـًا يسمونها (اللهجة المصرية) والسبب فى ذلك انتشار الفيلم المصرى والأغنية المصرية. وهذا الرأى فيه تبسيط وسذاجة وسطحية ، لأنه اعتمد على المظهر وتجاهل الجوهر. لأنّ الحوار فى الأفلام والمسلسلات وكلمات الأغانى ، أحد مظاهر البنية اللغوية المصرية ، وبالتالى فعلى من يتكلم عن أنّ العرب يتكلمون بالمصرى ، أنْ يدخل فى صميم علم اللغويات ، الذى يُفرّق بين لغات تحليلية / سهلة / سريعة الفهم ، ولغات تركيبية/ صعبة/ معقدة/ عسيرة على الفهم ، والسبب فى ذلك أن الأولى لا تعرف (الإعراب) عكس الثانية. ولأنّ اللغة العربية من بين اللغات المُـقـيّدة بالإعراب ، ولأنّ الناس فى تعاملاتهم اليومية يميلون إلى الأسهل والأسرع للتعبير عن رغباتهم. كما أنّ أغلب حماة اللغة العربية يُخطئون فى نحوها وصرفها بما فيهم د. شوقى ضيف رئيس مجمع اللغة العربية الذى وقــّع على توصية الدفاع عن اللغة العربية وفيها أخطاء فى الأسلوب والنحو(التفاصيل فى كتاب الراحل الجليل بيومى قنديل – حاضر الثقافة فى مصر- ط 4- ص36) كما أنّ عدد قواعد اللغة العربية فى نحوها وصرفها وإملائها يزيد عن 12 ألف قاعدة ، مقابل ألف واحد فى اللغة الإنجليزية وفق ما ذكره د. عبد الوهاب مسعود (المصدر السابق – ص35) ولأنّ أى إنسان ينحاز للبساطة وينبذ التعقيد ، لذلك انحاز العرب للغتنا المصرية لبساطتها وسهولتها ، بسبب بنيتها اللغوية التى لم تعرف الإعراب ، لذلك أخذ العرب الكثير من مظاهر اللغة المصرية الحديثة (وهذا التعبير يعود الفضل فيه للمرحوم بيومى قنديل) من بين تلك المظاهر انتشار أداة الإشارة المصرية (اللى) بين العرب ، فيقولون مثلنا : الواد اللى والبنت اللى والناس اللى ، أى تمّ الاستغناء عن أداة الإشارة العربية بتعددها المُربك : هذا الولد ، هذه البنت ، هؤلاء الناس ، هذا بخلاف حالات المثنى والجمع والمؤنث والمذكر. والتى تصل إلى تسع حالات ، فاختصرتها اللغة المصرية فى حالة واحدة : البنات دول ، الولاد دول ، ومع مراعاة أنّ الجمع فى اللغة المصرية يبدأ بإثنين . كما أنّ العرب استغنوا عن قاعدة (العدد عكس المعدود) العربية وفضلوا الصيغة المصرية ، لذلك يقولون تلات رجال ، تلات بنات ومع ملاحظة أنّ الصيغة المصرية مثل الصيغة الإنجليزية التى ثبــّــتتْ العدد مع المعدود .
وقد لاحظتُ أنّ الشعراء والروائيين العرب الذين ألتقى بهم فى الندوات يقولون تعلب بالتاء وليس ثعلب بالثاء ، ويقولون ديب وليس ذئب الخ فما سبب هذه الظاهرة ؟ سببها أنّ اللغة المصرية القديمة لم تعرف الحروف بين أسنانية مثل الثاء والذال والظاء ، وهو ما اكتشفه عالم اللغويات ألان جاردنر. وهى الحروف التى يتوجّب خروج اللسان عند نطقها. ولأنّ اللغة - أى لغة - أحد أركان الهوية القومية ، لذلك ظلّ شعبنا طوال تاريخه يرفض خروج اللسان عند نطق ثعلب وثلاجة الخ كما أنّ كلمة ذئب دخل عليها تغيريْن : الذال تحولتْ إلى دال ، والتغير الثانى الاستغناء عن الهمزة على نبرة لتكون بالجر، ولذلك نقول بيت (بالجر) وليس بيْت بالسكون .
كما لاحظتُ أنّ العرب الذين يتصادف جلوسى معهم فى المؤتمرات ، يُفضلون صيغة الجملة الاسمية ويستبعدون الجملة الفعلية الشائعة فى اللغة العربية فيقولون : العمال حفروا البير، وليس حفر العمال البئر. والسبب أنّ اللغة المصرية القديمة كانت تـُفضل الجملة الاسمية وقد شرح هذه الظاهرة بتوسع أ. عبد العزيز جمال الدين فى كتابه (لغتنا المصرية المعاصرة) الصادر عن منشورات مصرية عام 2011. ونقل عن د. أحمد مختار عمر فى كتابه (تاريخ اللغة العربية فى مصر) عن أنّ العرب الذين استقروا فى مصر تأثروا باللغة المصرية فكتب ((وقد كان نفوذ اللغة المصرية على اللغة العربية كبيرًا)) (ص19) ونقل عن د. شوقى ضيف فى كتابه (تحريفات العامية للفصحى) مآخذه على ((جريمة إهمال الإعراب فى مصر)) وذكر بعض الأمثلة منها أنّ (ابن برى) العالم اللغوى المتوفى فى القرن 12م كان يُهمل الإعراب وكذلك الشاعر(ابن سناء الملك) فى كتابه (دار الطراز) الذى قال فى موشحه السادس (فرجعت خايب.. حين فر هارب) وفى الموشح 18قال (غزالا فاتر الأجفان فاتن) وفى الموشح 21قال (قولا صحيح) وفى الموشح 23 قال (كنت غادر. طرفا فاتر. سيفا باتر) وفى الموشح 24 قال (ما أرانى راضى) وفى الموشح 25 قال (لم أكن ذاهل.. لم أكن قاتل) (ص 25) كما ذكر أ. عبد العزيز جمال الدين أمثلة أخرى عن التعبيرات المصرية المخالفة لقواعد اللغة العربية من كتاب (أخبار مصر) لابن ميسر وابن العسال وغيرهما. وذكر أمثلة من طريقة كتابة الكلمات المصرية تحت عنوان (لغة الجبرتى فى سلسلة تطورات اللغة المصرية) (من ص78- 85)
ولاحظتُ أنّ العرب (سواء فى المسلسلات العربية أو الذين أقابلهم) يُفضلون التعبير بصيغ الأفعال المصرية. وفى هذا الشأن كان للمرحوم بيومى قنديل فضل وضع جدوليْن للفرق بين صيغ الأفعال المصرية والعربية فذكر ثمانى صيغة عربية مقابل صيغة مصرية واحدة : حائر(فاعل) أجرب (أفعل) كسول (فعول) بطر(فعل) ملىء (فعيل) مكروب (مفعول) متعب (مفعل) محتاج (مفعال) يقابلها على التوالى صيغة واحدة (فعلان) : حيران ، جربان ، كسلان ، بطران ، مليان ، كربان ، تعبان ، حوجان . وفى الأسماء ذكر خمس صيغ عربية : كوب ، حبة ، مبراة ، حدأة ، طائرة ، مقابل صيغة واحدة مصرية : كبايه ، حبايه ، برايه ، حدايه ، طياره (حاضر الثقافة فى مصر- ص159) وهذا فى علم اللغويات معناه الاقتصاد وتوفير الجهد .
واكتشفتُ أنّ العرب يستخدمون صيغة السؤال المصرية ، أى يضعون أداة الاستفهام فى آخر الجملة وليس فى أولها كما هو الحال فى العربى ، فيقولون – كما يقول شعبنا المصرى : كنت فين ؟ بدل : أين كنت ؟ العربية. و: اسمك إيه ؟ بدل : ما اسمك؟ العربية الخ
وقد ردّد بعض العرب مقولة انتشار الفيلم المصرى والأغنية المصرية ، من بينهم الكاتب المسرحى اللبنانى عصام محفوظ الذى كتب فى مقدمة مسرحيته (الزنزلخت) بالحرف ((العمل المكتوب بالعامية سينحصر فى إطاره المحلى بعيدًا عن الجمهور العربى ، وينطبق هذا على كل كتابة بالعامية فى كل الأقطار العربية باستثناء مصر التى كانت عاميتها الوحيدة بين العاميات المفهومة على نطاق واسع بسبب انتشار الفيلم المصرى بحواره العامى وكذلك الأغنية المصرية منذ أكثر من نصف قرن)) (دار الفكر الجديد – بيروت) وفى جريدة (بانوراما) التى تمّ توزيعها علينا فى مهرجان القاهرة السينمائى عام 93 قال المخرج التونسى (حسن دلدول) فى شهادته ردًا على سؤال من الصالة عن عدم انتشار الفيلم التونسى فى البلاد العربية فقال ((يوجد إقبال من المُهتمين العرب بالسينما التونسية فى قاعات العرض الخاصة. ولكن تواجهنا صعوبات فى نشر السينما التونسية فى السوق العربية لصعوبة اللهجة التونسية. وقد خطوتُ خطوة جديدة بدبلجة فيلم (شيش خان) باللهجة المصرية وهذه أول تجربة من نوعها سوف نـُجرّبها كمحاولة لتوزيع الفيلم التونسى فى الأسواق المصرية والعربية)) (نشرة ديسمبر93) ورغم أهمية هذا الكلام فإنّ أحدًا – خاصة من المصريين – لم يتطرق إلى أنّ السبب يكمن فى البنية Structure اللغوية التى هى الأساس . وأنّ الفيلم المصرى والأغنية المصرية أحد مظاهر هذه البنية اللغوية ونتيجة لها .
واكتشفتُ أنّ الأديبة اللبنانية حنان الشيخ فى روايتها البديعة (مسك الغزال) الصادرة عن دار الآداب – بيروت فى طبعتها الأولى عام 88 كتبتْ الحوار وأغلب فقرات السرد على لسان شخصياتها باللغة المصرية وبالمفردات المصرية ، فاستخدمتْ ((زى البيضه)) بدل (مثل) و ((بس نعمل إيه؟)) (ص8) و(بس) هنا بمعنى (لكن) العربية ، بينما لها استخدام آخر بمعى فقط مثال : هى دى الفلوس بس؟ كما أنها استخدمتْ صيغة السؤال المصرية بوضع أداة الاستفهام فى آخر الجملة. وكتبتْ ((إوعى تكونى ملاك)) (ص10) وكلمة (إوعى) بديل كلمة (إياكى) العربية. واستخدمتْ كلمة (كمان) المصرية (ص21) بدل كلمة أيضًا العربية. وأداة الإشارة المصرية (اللى) (ص23 وصفحات أخرى عديدة) بدل الصيغ العربية التسع . وتميل إلى التعبيرات المصرية مثل (فستانك حلو) (ص23) بدل (فستانك جميل) وحذفتْ الألف من واو الجماعة فكتبت ((جايين تكشفو الأسرار؟)) (ص24وصفحات عديدة خاصة ص108) وهى هنا أكدتْ ما ذكره علماء علم اللغويات الذين شبّهوا الألف فى واو الجماعة بالزائدة الدودية التى استغنى جسد الإنسان عنها بعد التطور الطبيعى بعد أنْ توقف عن أكل الأعشاب واللحوم النيئة بعد اكتشاف النار. والأداة (اللى) كما هى أداة إشارة فهى أيضا أداة وصل فكتبتْ (اللى تدفعيه) (ص25) واستخدمتْ أداة النفى المصرية ((مش معقول)) (ص27 وصفحات أخرى عديدة مثل مش موجوده) واستخدمتْ المفردة المصرية (لسه) بتوسع فى ص28، 125وفى معظم صفحات الرواية. وهذه الكلمة التى يقولها شعبنا مئات المرات فى اليوم الواحد ، لها أكثر من استخدام مثل : فلان لسه ماشى (نفى للتعبير عن الزمن الماضى) وعندما يتأخر الطبيب عن موعده نقول للمُمرض : هوّ إحنا لسه ح نقعد أكتر من كدا ((للتعبير عن زمن الحاضر المستمر) وعندما تتأخر مكافأة الموظفين يقول المسئول المالى : دا لسه بدرى علا صرفها عشان رئيس الهيئه مش فاضى يمضى علا الموافقه. واستخدمتْ حرف الباء بكثرة والذى يدل على المضارع المستمر فى المصرى مثل : الواد بياكل ، الواد بيلعب الخ وحنان الشيخ استخدمتْ بكثرة كلمة (عشان) بدل (من أجل) بالعربى وأحيانا تكتبها باللبنانى (مشان) (ص 28، 45، 49، 50، 58،73 ، 133مجرد أمثلة) واستخدمتْ كلمة (مصارى) المنتشرة فى المنطقة العربية (ص33) بدل كلمة (نقود) وفى نفس الصفحة التعبير المصرى (ماشى الحال) وفى نفس الصفحة أيضًا استخدمتْ صيغة الفعل المصرى ((كنت ضجرانه)) بدل (كنتُ أشعر بالضجر) العربية. وهى على وزن : تعبانه ، زهقانه، حرّانه، جعانه الخ وفى الصفحة التالية (36) كتبتْ (كنت نعسانه) مما يؤكد إصرار الأديبة اللبنانية على الكتابة بالمصرى فكتبتْ ((نور تعبانه)) (65،124) و(عطشانه) (169) و(غلطانه- ص209) واستخدمتْ التعبير المصرى ((خلينا نفكر)) (47) بدل (دعنا نفكر) بالعربى و((يا ريت حبيبى)) (78) بدل ( يا ليتَ) بالعربى و(جنينة الحيوانات) (81 ، 125) بدل (حديقة) و((إزيك وحشتينى)) (89) بدل (كيف حالك؟ أنا مشتاقة إليك) بالعربى . وكتبتْ ((قولى لمقصوف العمر يستنانى)) (149) بدل (ينتظرنى) و((أستناك بالسيارة - ص 204) كما أنّ (مقصوف العمر) تعبير مصرى منحوت من كلمة (قصف) العربية. وكتبتْ بناطيل وبنطلون (153، 158) وليس (بنطال) وكتبت تليفزيون وليس (تلفاز) كما يفعل متعلمون مصريون يُشوّهون الأصل ، لوعيها العميق بأنّ العرب لم يخترعوا البنطلون ولا التليفزيون. و(مبسوطة) (186) بدل سعيدة بالعربى و(أنا مش فاضى أوصلك) (187) بدل أنا مشغول أو ليس لدى وقت بالعربى و(بكره ص195) بدل باكر العربية. وفى نفس الصفحة ((باين عليكى مصدعة)) بدل (يبدو الصداع عليك) بالعربى . وكتبتْ ((إنتَ فين؟)) (212) بدل (أين أنت؟) العربية. وأم الفتاة (تمر) تـُعاتبها قائلة (يا نايمه على السرير.. يا مولعه الكهربا) (230) وإذا كان من اليسير رد (نايمه) لأصلها العربى (نائمة) فإنّ كلمة (مولعه) يصعب ترجمتها من المصرى إلى العربى إلاّ بشرح معناها.
والفنانة اللبنانية الكبيرة فيروز عندما غنـّتْ ((سألتك حبيبى علا وين رايحين؟)) فإنّ الشاعر التزم بصيغة السؤال المصرية : أداة الاستفهام فى آخر الجملة. ونظرًا للتشابهات العديدة بين المفردات اللبنانية والمصرية ، فإنّ (علا وين) اللبنانية قريبة من (علا فين) المصرية. ولو أنّ الشاعر التزم باللغة العربية لكانت الجملة هكذا : سألتك حبيبى إلى أين سوف نذهب؟)) وأغلب العرب يستخدمون (إحنا) المصرية بدل (نحن) العربية. وكدليل على أنّ (البنية) اللغوية هى المعيار للحكم على أية لغة قومية، أسوق المثال التالى : نحن المصريين عندما نـُرحّب بالضيف نقول : أهلا بيك ، بينما اللبنانيون يقولون أهلا فيك ، والفرق له علاقة بالبنية. ولأنّ البنية فى منطقة حوض البحر المتوسط بها تشابهات فإنّ الشعب اللبنانى مثل شعبنا المصرى فى كراهية نطق حرف القاف. ومع ملاحظة أنّ اللبنانيين أكثر تشددًا من شعبنا ، والسبب كما يقول علماء علم اللغويات هو (توفير الجهد) بمعنى أنّ استخدام حرف الألف أيسر على (الحلق) من استخدام حرف القاف.
000
إنّ انتشار صيغ الأفعال المصرية والتعبيرات والمفردات المصرية فى المنطقة العربية ، يدل على أنّ شعبنا يمتلك (ثروة) قومية لم تحظ بأى إهتمام من المتعلمين المصريين المحسوبين على الثقافة المصرية السائدة ، بل العكس فإنّ كثيرين هاجموا اللغة المصرية التى أطلقوا عليها (عامية) لدرجة أنْ شنّ أحدهم (د. عاطف العراقى) هجومًا حادًا على لغة شعبنا فكتب ((غير مجدٍ فى يقينى واعتقادى أنْ نتصور أنّ الحل فى اللجوء إلى ما يسمى باللغة العامية. هل العامية تعد يا قوم لغة ؟ أى قواعد لتلك اللغة ؟ هل سمعتم عن لغة بلا قواعد ؟ أليس من المؤسف والمخجل أنْ نتباهى بتلك الجرثومة أو الزائدة الدودية والتى نـُطلق عليها ظلمًا وعدوانـًا لغة عامية ؟ إننى أقطع بأنّ العامية هى لغة الظلام ، لغة الركود ، لغة الشوارع الخلفية)) (نقلا عن بيومى قنديل – مصدر سابق- ص 148- ومقال د. عاطف عراقى منشور فى صحيفة الأخبار المصرية 29/8/85) والأمثلة عديدة من حماة اللغة العربية (ومع ملاحظة أنهم يُخطئون فى نحوها وصرفها) هذا هو موقفهم من لغة شعبنا (مع ملاحظة أنهم لم يعتمدوا على علم اللغويات ـ ولم يتعلموا اللغة المصرية القديمة كما فعل المرحوم بيومى قنديل ، فوضع يده على الظواهر اللغوية التى كانت موجودة فى اللغة المصرية القديمة وما زالت موجودة فى لغتنا الحديثة ، وبالتالى توصل إلى أنها لغة مستقلة عن العربية ، حتى ولو كنا نستخدم الكثير من الألفاظ التى يُقال أنّ أصلها عربى ، ولكن بمراعاة أنّ الكلمات فى أى لغة هى (الطوب) أما (البنية) فهى الأساس .
وبينما يُردّد أغلب (المتعلمين) (المصريين) مقولة (العامية المصرية) وأنّ أصلها اللغة العربية بمعنى أنها (عامية العربية) رغم أنهم غير متخصصين فى علم اللغويات ولا يعرفون أى شىء عن اللغة المصرية القديمة ، فإنّ المفكر إسماعيل أدهم (من أب تركى وأم مصرية) كتب يُخاطب شعبنا قائلا ((اتركوا اللغة العربية (الفصحى) فلكم فى العامية لغة قومية. نظموها وضعوا لها قواعدها . تحرّروا من ربقة اللغة العربية واستعبادها لكم . وإنى شخصيًا لم أعرف العامية إلاّ منذ أعوام قلائل حيث عرفت العربية من الكتب. ولكن منذ حططتُ رحالى فى مصر لدراسة حياتها الاجتماعية والأدبية وقفتُ على ثروة جديدة هى اللغة المصرية. والقول بأنها عامية العربية خطأ . فهذه هى لغتكم وهى أولى بعنايتكم من إحياء لغة بدو لا يربطكم بهم صلة ولا رابط . ولابد للمصريين من ثورة فكرية تتصل بمشاعرهم قبل عقولهم ، تتمزق خلالها أوصال العقلية العربية. وتتخلص مصر من الكابوس العربى)) (قضايا ومناقشات – ج 3 دار المعارف المصرية- عام 86- ص 34، 65، 66) إنّ ما قاله إسماعيل أدهم يدل على أنه قرأ كثيرًا فى علم اللغويات (وهذا يبدو من مراجعه العديدة) وبالتالى وضع يده على الحقيقة التى ترفضها الثقافة المصرية السائدة ، وهى أنّ ما نتكلمه فى حياتنا اليومية (لغة مصرية) مستقلة تمامًا عن اللغة العربية كما قال المرحوم بيومى قنديل وأ. عبد العزيز جمال الدين وأ. شريف الصيفى وغيرهم من المؤمنين بلغة العلم ، ونحوا العواطف الدينية والمذاهب الأيديولوجية. ولعلّ صرامة منهجهم العلمى أحد أسباب تجاهلهم (باستثناء مقالات الهجاء المكتوبة بالعاطفة الدينية المضروبة بالعروبة فى خلاط واحد) وكان انتشار اللغة المصرية فى المنطقة العربية الدليل على (الثروة) التى يمتلكها شعبنا كما قال إسماعيل أدهم ، وأنّ سبب انتشارها يكمن فى بنيتها التحليلية التى نبذتْ الإعراب ، أما حكاية انتشار الفيلم المصرى والأغنية المصرية ، فنتيجة لتلك البنية اللغوية ، التى يُحافظ عليها الأميون ويُعاديها المتعلمون (المصريون) بالاسم.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوميات بين تقدم الشعوب وتخلفها
- جريمة تأسيس أحزاب دينية
- الإسلاميون والماركسيون والأممية
- مرجعية الإرهابيين الدينية والتاريخية
- متى يدخل الإسلام مصر ؟
- جريمة الاحتفال بمولد النبى
- فى البدء كان الخيال
- شخصيات فى حياتى : ع . س . م
- شخصيات فى حياتى : الأستاذ المنيلاوى
- شخصيات فى حياتى : ثابت الأسيوطى
- العلاقة بين العروبة والبعث
- الصراع بين الوحدة الإسلامية والوحدة العربية
- الإعدام = رصاصة الرحمة
- عودة الروح وعودة الوعى
- مغزى مكافأة أحد كبار الأصوليين
- كوميديا / سوداوية / عبثية / واقعية (2)
- كوميديا / سوداوية / عبثية / واقعية
- الحقوق الإنسانية والإسلام (3)
- الإسلام وحقوق الإنسان (2)
- الإسلام وحقوق الإنسان (1)


المزيد.....




- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - لماذا يتكلم العرب بالمصرى ؟