أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - -ذاكرة غرفة-















المزيد.....

-ذاكرة غرفة-


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1275 - 2005 / 8 / 3 - 09:49
المحور: الادب والفن
    


ركضت باتجاه الباب، أحاول سد الطريق أمامها كي لا تغادر الغرفة... فوقفت أمامي وهي تمسك بمجموعة الأوراق تضمها لصدرها وتنظر إلي وقالت: هيا دعني أمّر.. لن أعطيك شيء.
- لن تمري قبل أن تعيدي لي أوراقي...
- لن أعيد لك شيئا ... هذه الأوراق لي كل شيء بداخلها ملكي... كل نقطة حبر، كل كلمة هي ملكي أنا ولن يقرأه أحد غيري...
- هل أنت جادة فيما تقولين وتفعلين، أرجوك لا وقت لدي للعبث ولا للعب و دلع البنات، هيا أعيدي لي الأوراق.
- أنا جادة فيما أقول، ولعلمك ليست هذه الأوراق وحدها، بل كل ما كتبته وستكتبه لاحقاً لن يكون إلا لي ولن تقرأه أنثى غيري على وجه الأرض.

بعد أن تأكدت من جديتها وأن ما تقوله ليس مجرد محاولة مزاح أو دلال أنثى قلت لها:
عزيزتي.. أقسم لك أني منذ أحببتك لم أكتب إلا لك، لقد كنت دائمة الحضور في كل حروفي، وأصبحت تلازمين كل القصص والخواطر، حتى المقالات كان لك فيها حضور، فأرجوك عزيزتي كوني عاقلة وأعيدي لي الأوراق.
- لا تحاول عبثاً، قلت لك هذه لي بكل ما فيها، أليست كما تقول كتبت لي!! إذا سآخذها ولن يقرأني أحد في سطورك.
- لكن يا عزيزتي .. يجب أن أطبعها وأسلمها غداً للصحيفة كما وعدت رئيس التحرير مساء البارحة، أرجوك لا تتسببي بفصلي من عملي من أجل غيرتك الزائدة التي لا معنى لها.
- سمها ما شئت، غيرة بلا معنى، جنون، لن أعيد لك شيئا ولا تحاول.

اقتربت منها وضعت يدي على كتفيها بعد أن أحسست بيأس المحاولة في انتزاع الأوراق منها، وبعد أن أيقنت أنه لا حل إلا بالتحايل عليها ... ابتسمت في وجهها وقلت:
أعطني إياها وأعدك أن أكتب لك الليلة شيئاً جميلاً، كما أنني أنجزت تقريباً معظم الصورة الزيتية التي بدأت منذ أسبوع برسمها لك، لقد غدوت رائعة فيها.
فردت وفي وجهها علامات خبث ظاهرة: أنا دوماً جميلة في عينيك وفي أقلامك ورسوماتك لكني لن أعيد لك شيئاً فلا تحاول ولا تضحك عليّ كطفلة صغيرة.
- أنت طفلتي مهما كبرت يا صغيرتي ستظلين طفلتي المدللة.
- افتح لي الطريق ودعني أذهب، لن أعطيك شيئاً مهما حاولت هذه ليست لرئيس التحرير ولا لقرائك ولا لمعجباتك ... وليكن معلوماً لديك سآتي كل صباح إليك، قبل قهوتك المرّة وقبل فيروز أن تأتيك من المذياع لأجمع كل ما تكتبه في المساء وآخذه معي .. سأبقي لك مقالاتك السياسية فقط، هي لأصحابها ولا تعنيني.

يا إلهي ما هذا العناد والجنون أشعر أني سأقدم على فعل مجنون، يبدو أني سأضربها إن لم تعيدها، لم يبق هنالك وقت لكي أطبع وأسلم القصة .... بدأت بتمالك أعصابي، ثم أعدتها للخلف وأجلستها على الكرسي ومددت يدي لأتناول الأوراق منها وأنا أقول لها: ضعيها هنا وادخلي للمطبخ وأعدي لنا فنجانين من القهوة لنتفاهم ...
- لعبة جديدة هذه تحاول التحايل علي بها .. !!!
- يا عزيزتي أرجوك .. أعدك أنني سأعيد لك كل الأوراق التي أكتبها بخط يدي، سأجمعها كلها وأعيدها بمجرد أن تقوم الفتاة بالصحيفة بطباعتها. ولن أرد على أي رسالة تصلني بعد نشرها .. لن أرد إلا على الرسائل التي تسأل عن الأسماء في القصة لأقول للجميع حينها أن كل كلمة أكتبها هي لك أنت فقط ... وأبوح لكل من أعرفهم عنك.
- ليست الكلمات فقط لي ... كل شيء فيك هو لي ... أقلامك، حروفك، حتى طعم قهوتك المرّة هي جزء من مرارة غيرتي من إعجاب الأخريات فيما تكتب .. دخان سجائرك الذي يشبه أنفاسي المحترقة .. حتى رائحة هذه الغرفة الرطبة والعابقة برائحة دخان السجائر المعتقة، ورائحتك المسكونة فيها هي لي ولن أسمح لأحد أياً كان أن يستنشق رائحة هذه الغرفة، أو أن يسرق حرفاً من حروفك.
- يا عزيزتي ... هذا ليس حباً هذه أنانية مطلقة، تملك، جنون .
- ومن قال لك إن الحب ليس بالأناني والمجنون ... من قال لك إنه ليس تملكاً... سمه ما شئت، قلت لك لا يهمني، ما أفهمه أني أدافع عن حقي فيك، منذ أن بدأنا نعيش هذا الحب وحدنا كان عليك أن تعي أن حياتك كلها ليس فيها إلا أنا وفقط أنا ...
يا غاليتي كفى ما رجوتك به بأن تعيديها ... أنا متأكد بأنك لن تقبلي لي بأن أظهر بمظهر الكاذب أمام من وعدته بالقصة.
- ولماذا لا تقول له الحقيقة، قل له حبيبتي أخذتها لأنها تعتبرها حقها، ثم أنك تخشى لوم الناس لك ولا تخشى غيرتي وخوفي أنا !!!!
- هذه ليست غيرة، هذا جنون وأنا لن أقبل به.
- جنون!!! ولن تقبل به !!! ألست من علمني أن الحب جنون !!!! وأن الحب هو التفرد في الجنون ... هو تملك الآخر لنصفه الآخر. أنسيت ما كنت تحدثني به، هل نسيت حين حدثتني عن الأسطورة اليونانية التي تقول إن الإنسان كان له أربع أيدٍ وأرجل وإن الآلهة قد غارت منه ومن قوته فأنزلت به الصاعقة وشطرته نصفين أحدهما ذكر والآخر أنثى، وإنه يبقى ضعيفاً حتى يجد نصفه الآخر ليكون قوياً تذكر ؟؟؟؟
هل نسيت كل هذا؟ لماذا تناقض نفسك الآن؟
-أنا لا أناقض نفسي، ولكن من حقي أن أقول للناس ما بداخلي تجاهك. من أنت ... لماذا أحببتك، لماذا اعتبرتك نصفي الآخر الذي منحني القوة.
-الناس .. ما دخل الناس في حكايتنا .. أنا لا أهتم للناس.. أفسح لي الطريق أريد الذهاب لأكمل قراءتها في غرفتي.
- لماذا لا نقرأها سوياً ... ما رأيك أن أقرأها لك أنا .. ألا تحبين سماعها بصوتي ... وأوضح لك بعض الكلمات التي لن تستطيعي قراءتها .. أليست هذه الغرفة تحديداً أحب مكان إليك لماذا ترحلين لتقرأيها بعيداً عنها !!!!

بدت ملامح الحيرة على وجهها، وابتسمت قائلة: ليس المكان هو ما أحبه، أحب كل مكان أنت فيه، لكن عدني بأن لا تأخذ الأوراق مني فقط نقرأها سوياً.
- ضعي الأوراق واذهبي لإعداد القهوة لنشربها وأنا أقرأ لك.
- لن أصنع أي قهوة ... حتى هذه القهوة غدوت أغار منها لأني أشعر أنك تحبها أكثر مني .. ولأنها تشاركني فيك كلما التقينا .... اسمع لن نشرب القهوة، ولن تمسك قلماً في وجودي، حتى الجريدة أشرطة فيروز وكل شيء أنثوي لا أريده في غرفتك سواي ...
- وإن قلت لك بأني أنا من سيصنع لك القهوة بيديه !!!

قالت بخبث: موافقة، لكن بشرط أن تضع قليلاً من السكر فيها ..

توجهت فرحاً باتجاه المطبخ وأنا أظن نفسي قد تحايلت عليها وجعلتها تعطني الأوراق.
وضعت الماء بالركوة وبمجرد أن وضعتها على الموقد حتى سمعت الباب يفتح وصوتها من خارج الغرفة تقول لي: أكمل صنع القهوة بدون سكر .... لن أعطيك شيئاً مما أحبه فيك ولن أدع الأخريات يقرأنني بين سطورك ....

( انتهت )

22/7/2005م
اربد / الأردن


(من مجموعة ... في الزنزانة الأخرى )



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البعد التاريخي في رواية الشهيد غسان كنفاني -رجال في الشمس-
- مدرسة المشاغبين العرب
- لماذا لم يقرعوا جدران الخزان بعد
- في الزنزانة الأخرى
- - تغار من الأقلام-
- ما جنته واشنطن من تفجيرات لندن الأخيرة
- لقاء صحفي مع الكاتب الفلسطيني مهند صلاحات بعنوان : ختان الإن ...
- شوق طويل في يوم أطول
- جدل ... ما تبقى بيننا
- في البدء كانت أنثى
- الإرهاب السلفي في خدمة الاحتلال في العراق
- رسائل أنثى شرقية (2)
- ذات القنبلة المشبوهة في بيروت!!
- أشياء شخصية للبيع
- رسائل أنثى شرقية
- فراغ عاطفي بحجم الأحلام
- هو واللصوص ....
- الأنثى الفضيحة
- جريدة الصباح
- صورة شخصية


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - -ذاكرة غرفة-