الى أي نفق مظلم يتجه العراق ؟

جاسم هداد

الحوار المتمدن-العدد: 1273 - 2005 / 8 / 1 - 04:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

عانى شعبنا العراقي الكثير الكثير طيلة حكم وتسلط نظام البعث المقبور لأكثر من ثلاثة عقود ونصف , وقدم التضحيات الجسام من أجل الخلاص من العسف والتسلط , من اجل نور الحرية والأحساس والشعور بالمواطنة العراقية , وقول كلمة الحق بدون خوف او وجل . وبعد سقوط الصنم , استبشر العراقيون خيرا , واعتقدوا انهم خرجوا من نفق الدكتاتورية والتمييز القومي /الطائفي الذي حشرهم فيه نظام البعث طيلة السنين الماضية , وظنوا ان ذاك العهد قبر واصبح بائدا .

لكن المتابع لما يجري في العراق الآن يصاب بأكثر من خيبة أمل , ليس على المستوى الحكومي , بل حتى على مستوى ما تم تسميته بـ " مؤسسات المجتمع المدني " . فالمتابع لما اطلق عليه " المؤتمر التأسيس لمؤسسات المجتمع المدني " الذي عقد في بغداد في 28 تموز 2005 والذي قامت بنقل وقائعه " الفضائية العراقية " , يلاحظ ان الجمعيات الحاضرة من لون واحد , أي من السائرة في فلك احزاب الأسلام السياسي , ومن الطبيعي فأن المكلفون بإدارة جلسات المؤتمر سيكونون بالضرورة من التابعين لتلك الأحزاب . وكان المؤتمر مكرس لبحث دور مؤسسات المجتمع المدني ومساهمتها في صياغة الدستور , والأستماع لمقترحاتها ومداخلاتها فيما يخص حقوق المرأة في الدستور . ولكون هذه الجمعيات من لون واحد , فالنتيجة معروفة سلفا . والمثير للغرابة ان رئيسة الجلسة كانت من اشد المتحمسات لطمس حقوق المرأة , بدلا من ان تكون مدافعة عن حقوق بنات جنسها . فعندما تقدمت احدى السيدات وطرحت سؤالا : لماذا لا تكون المرأة قاضية ؟ , فكان سؤالها المنطقي والشرعي مثار استغراب رئيسة الجلسة التي اكتفت بالجواب بأن ذلك مخالف للشريعة الأسلامية !! وعندما طرحت السيدة " سلامة الخفاجي " ضرورة الأخذ بمبدأ النسبة المقررة مسبقا لضمان مشاركة المرأة في الهيئات التشريعية في الوقت الحاضر ولفترة زمنية قد تكون اربع أو ثمان سنوات , كان موقف رئيسة الجلسة متناقضا مع رأي السيدة سلامة الخفاجي , معللة ذلك بأن العلي القدير لا يفرق بين المرأة والرجل فكيف نفرق نحن !! والأكثر غرابة ان طرحت ذلك للتصويت وبطريقة ملتوية , وكما يقال " كلمة حق يراد بها باطل " , حيث خاطبت الحضور : لدينا مقترحين الأول مع اعتماد الكفاءة والثاني مع اعتماد النسبة , واردفت : من منكم مع اعتماد الكفاءة , ولكم توقع النتيجة , فالأغلبية بطبيعة الحال كانت مع اعتماد الكفاءة , وبهذه الطريقة الملتوية الباطلة تم حسم موضوعة ضمان اعتماد نسبة مئوية لمشاركة المرأة في الهيئات التشريعية .

في ظل تسلط وتسيد احزاب الأسلام السياسي فأنها بلا شك آخذة العراق لنفق مظلم جديد , شبيه بالنفق الذي دخلت فيه الشعوب الأيرانية , بعد تسيد احزاب الأسلام السياسي هناك . وتكرار التجربة تلقي بظلالها على عراقنا , وكأنه مقدرا لهذا الشعب عدم الأرتياح , وكأنه مقدرا له ان يخرج من نفق دكتاتورية وتسلط البعث , ليدخل في نفق كتاتورية وتسلط احزاب الأسلام السياسي .

#جاسم_هداد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل