أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمودة إسماعيلي - عبد الباري عطوان وتأليه صدام حسين















المزيد.....

عبد الباري عطوان وتأليه صدام حسين


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4485 - 2014 / 6 / 17 - 21:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مؤخرا وبمقالة يعلق فيها عبد الباري عطوان ـ كتحليل سياسي ـ على الوضع الذي يشهده العراق بعد دخول تنظيم "داعش"، كتب يقول بختام للمقالة : "لا نريد ان ننكأ الجراح اكثر من هذا، ولكننا نختم هذه المقالة بالقول، ودون اي تردد، ورغم معرفتنا المسبقة بآراء من يختلف معنا ويكابر ويعاند بأن العراقيين، شيعة، وسنة، واكراد، سيترحمون على مرحلة ما قبل الغزو الامريكي، ونظام الرئيس صدام حسين، الذي تثبت الايام انه كان عراقيا وطنيا اصيلا ولم يكن طائفيا رغم كل مساوئه في نظر هؤلاء، واراد بناء عراق قوي متعايش يحقق التوازن مع جيرانه ويحافظ على هويته العربية، وينتصر لقضايا امته العربية والاسلامية، ولهذا تآمروا عليه والعراق لانه يشكل خطرا على الغرب واسرائيل"(1). ولا نعرف متى سيتوقف عن تكرار هذه الأسطوانة، زيادة على أنه من المخجل أن يقوم الواحد بمقارنة وضع أسوأ بوضع سيء ـ نظرا لأنه يقل عنه سوءً كتصوّر ـ بدل نشدان واقع أرقى وأفضل للمقارنة، حتى ولو بالخيال : على الأقل كي لا يتبنى المواطنون نوعا من التقمص النفسي المازوخي إثر تطويق الخيال بأوضاع سيئة في المقارنة.

لكن المشكل هو في أن عبد الباري عطوان ـ دون أن ننفي أنه ككاتب له أكبر تأثير بالمنطقة كمعلق ومحلل للأوضاع السياسية والعسكرية، لكن التأثير لا يعني البراعة كما أن التغيير لا يعني التقدم ـ مهووس بشخصية صدام حسين كبطل ثوري ومنقذ سياسي، وهذا أمر معروف بحكم أن الآراء تختلف حول الكيانات النافذة والمؤثرة : فلازال هناك من يقومون بزيارة قبر هتلر المتنقّل، كما أن هناك من يتأسفون على القذافي، ومن يودون عودة ليس فقط مبارك بل الحجاج ابن يوسف الثقفي، على هذا المنوال هناك من يرى في صدام حسين المسيح في نسخته العراقية، منهم السيد عبد الباري عطوان. وحتى في تقديمه لأحد كتبه لا يتوانى عن إثارة هذه النقطة ـ كتأسف على ما فات ـ وكأن العراق كان جنة قبل سقوط نظام صدام : "ولم يكن من قبيل المفاجأة أن يعترف كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة، بأن الأوضاع في عهد النظام السابق في العراق كانت أفضل حالا من الأوضاع في عهد الديموقراطية الأمريكية، لأن العراق كان آمنا وموحدا، بينما تغيب الخدمات الأساسية والأمان عن العراق الحالي، وبات ثمانية آلاف شخص عراقي يفقدون أرواحهم شهريا، وأصبح البلد مقسما وفقد المعايير الطائفية والعرقية"(2). وقد مثل هذا لعبد الباري عطوان "حصان طراودة" ليركب عليه حتى يتمكن من تمرير وتقديم أفكاره ورأيه عن صدام حسين.

والسبب بالنسبة لعبد الباري عطوان هو : "أن الغزو الامريكي للعراق الذي تم بدعم عربي للاسف هو المسؤول الاول عن كل هذه الكوارث التي حلت وتحل بالعراق وشعبه ومن ثم، المحاصصة الطائفية التي بذر بذور فيروساتها بول بريمير الحاكم العسكري الامريكي بتوصية من السيد الاخضر الابراهيمي مبعوث الامم المتحدة في العراق، (اعتذر الابراهيمي عن هذا الخطأ رسميا)، والحقها بحل الجيش العراقي، وهي كلها مجتمعة قادت وتقود الى الحروب الاهلية الطائفية والعرقية التي نرى ارهاصاتها ومقدماتها في اسوأ صورها حاليا في هذا البلد"(3). وحتى لا نخوض في حديث عن "متلازمة تشومسكي" والتي أصابت العديد من المثقفين، على اعتبار أن انهيار مبنى بالخرطوم فإن السبب يعود للولايات المتحدة، شخص دهسته سيارة بوهران فإن السبب يعود للولايات المتحدة، مغني فشل في استقطاب جمهور كافي بالرباط فإن السبب يعود للولايات المتحدة، تمزق قميصك بالشارع فإن السبب..

ليس فقط أن هناك نوع من التعامي التاريخي ـ نظرا لضرر التأليه على التحليل المنطقي ـ فإن أي محلل يحترم نفسه لا يمكن أن يلقي بأسباب وضع معين على طرف واحد : فما دور صدام حسين في ما آل إليه العراق ؟ والذي حكم العراق منذ عصر الديناصورات كأنه إله سومري، دون حديث عن الويلات الاقتصادية والاجتماعية التي جرها على العراق نتيجة جشعه العشائري وعدوانيته الداخلية والخارجية ـ ما حدث بعد صدام هو أن الوضع العراقي الحقيقي انفضح ولم يتغير بعد نزع غطاء القمع والاستبداد ـ ويأتي عبد الباري عطوان ومن ينهج نهجه ليتأسف على مرحلة الدكتاتور نتيجة اللاستقرار التي آل إليها العراق بسبب صدام حسين نفسه. ودائما كان سعيه في مواضيعه هو إخراج صدام حسين ـ كالشعرة من العجين ـ مما آل إليه الوضع السياسي للعراق، كما كتب يقول بإحدى مقالاته : "المسؤول الاكبر عن كل هذه المأسي التي تتكاثر على العراق وشعبه هو النهج الطائفي الذي اتبعه السيد المالكي والمجموعة المتحالفة معه في حكم العراق، وهو النهج الذي مارس سياسة الاقصاء والتهميش، والثأرية ورفض التعايش باشكاله كافة وتعطيل المصالحة الوطنية بالتالي، وهذا النهج اخطر بكثير من “الارهاب”، في رأينا ”بل هو الارهاب عينه، لانه يوفر الاسباب والذرائع والتربة الحاضنة الخصبة للارهاب الآخر الذي يستغيث من اخطاره ويستعين بالغرب لمحاربته"(4).

ولست أول ملاحظ لهذه النقطة، فقد سبق أن كتب السيد طلال شاكر ـ قبل 8 سنوات ـ محللا هذا الموقف : "لماذا يصر كاتباً ومثقفاً مثل عبد الباري عطوان في جعل بطلاً مزيفاً وشخصية لئيمة وغادرة كصدام حسين فارساً مرفوع الهامة.. انها غرابة الأرض العربية وجدبها وعجزها في تقديم أبطال حقيقيين وهي عقدة المنكسرين والتائهين الذين يجدون تعويضاً في صور المستبدين وعنفهم وقسوتهم وهمجيتهم، كبديل عن التهاوي الداخلي الذي يستغرقهم ويحطم أنفاسهم انه ذل العبيد القابع في نفوس المستذلين، انه ارث ثقافة بدوية خاوية تلك الثقافة التي جعلت من خالد بن الوليد سيف الله. وعمر بن العاص داهية، والحجاج بن يوسف الثقفي حازماً ومؤمناً ومقداماً وبن لادن شيخا ومجاهداً، ان صناعة البطل في هذا الوجدان المتعصب بقيت في منطلقاتها وخطابها عقيمة ومكابرة ومستبدة!!، بل وأصرت هذه الصناعة البالية على تقديم الكثير من الأسماء التاريخية والمعاصرة بوصفها رموزاً مقدسة وعظيمة، وهي في حقيقة الأمر لاتستحق إلا اللعنة والازدراء وهي رموز مخجلة ومن العار التفاخر بها والانتساب لها"(5).

ولزيادة فهم هذا الموقف، وحسب حازم صاغية : "ففي ظل عدم وجود مراجع ورموز في مجتمع خائف أو مغلق أو متقلب أو متحول، يمكن للرئيس العراقي أن يتحول إلى “إيميج” (صورة) لجزء من الشبيبة التي حُرمت من أن يكون لديها إلفيس بريسلي أو جيمس دين أو غيفارا خاصون بها. بيد أن هذا الواقع المأساوي يقول عن العراق الذي صنعه صدام أكثر مما يقول عن الصانع نفسه. فحتى “الاقتناع” في الدول التوتاليتارية يبقى، كما نعلم جيدا، تعبيرا عن استدخال القمع وعن زيف الخيارات، بحيث لا يبعد بنا الأمر كثيرا عن معادلة الخوف والرهبة(6). والصروة (الإيميج) لها قوة التوسع والتأثير الخارجي، كما نرى في تأثر اللاعراقيين بنفس الصورة.

وبغض النظر عن محاكمته المشوشة التي أدارتها جماعة من الحمقى، فهذا لا يمحي كيف "استقرت صورة صدام حسين على رسالة سادية أحادية وظيفتها نقل الخوف، الخوف وحده، إلى المتلقي(7). فمن المهين مقارنة "عراق الصراع" (الحالي) بعراق الخوف (عهد صدام) : كاستبدال ـ عن رغبة ـ الوضع الأول بالثاني، فالعراق كشعب يستحق افضل من ذلك، والتعاطف مع العراقيين لا يمت بصلة للتعاطف مع صدام ـ كما يتم الخلط ـ حتى لو كان صدام عراقيا بالانتماء (عشائريا في النخاع).

________________________
هوامش :

1 : عبد الباري عطوان ـ حربان اهليتان بانتظار العراق والنموذج الليبي الدموي غير مستبعد؛ الرأي اليوم : 12/6/2014
2 : عبد الباري عطوان ـ القاعدة التنظيم السري؛ دار الساقي : ص8
3 : عبد الباري عطوان ـ حربان اهليتان بانتظار العراق.. المصدر السابق
4 : عبد الباري عطوان ـ يعارضون التدخل الامريكي العسكري في سورية ويفرشون له السجاد الاحمر في العراق؛ الرأي اليوم : 14/6/2014
5 : طلال شاكر ـ عندما يجعل عبد الباري عطوان صدام مرفوع الرأس؛ الحوار المتمدن
6 : حازم صاغية ـ كذا أنا يا دنيا: صدام ذكرا، من كتاب الرجولة المتخيلة (مجموعة مؤلفين)؛ دار الساقي : ص264
7 : حازم صاغية ـ المصدر السابق : ص258



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منطقة الشرق الأوسط.. من مهبط الأنبياء لمهبط الصواريخ
- البلادة كآلية نفسية لتحمّل الواقع المر
- نساء كاتبات رفضن عبادة الرجل :
- نقد العقل العربي : ليس هناك عقل أساساً حتى يتم نقده !
- الانكباب المرضي للفنانين المشارقة على الأغاني والألحان المغر ...
- يكرهون الغرب ويحبون بلدانه
- كيف يراك الآخرون ؟
- تحليل الوضع السياسي المصري (الراهن) في ظل قراءة ميكيافيلية
- سوريا : أخطر منطقة في العالم بالنسبة للإنسان !
- اعتياد المواطنين للعبودية عبر خطاب الصبر
- عقدة الإنتماء : أو انعكاس صدمة الدولة على الأفراد
- الإنسان ليس كائن بل مفهوم
- أسئلة لما بعد الموت
- الطبيعة البشرية للأفراد تنعكس في الصحفي
- الميكانيزم الدفاعي الجماعي : أو كيف يتصرف المُجتمع المصدوم م ...
- تحويل الأطفال من كائنات ذكية إلى مرضى نفسيين
- التشريع الذكوري للحكم ب-إخصاء- المرأة سياسيا
- تقرير خاص عن حالتك النفسية
- السلطة الوراثية للرجل على المرأة
- ما يقوله الناس


المزيد.....




- الأرض أم المريخ؟ شاهد سماء هذه المدينة الأمريكية وهي تتحول ل ...
- وصف طلوع محمد بن سلمان -بشيء إلهي-.. تداول نبأ وفاة الأمير ا ...
- استطلاع رأي: غالبية الإسرائيليين يفضلون صفقة رهائن على اجتيا ...
- وصول إسرائيل في الوقت الحالي إلى أماكن اختباء الضيف والسنوار ...
- شاهد: شوارع إندونيسيا تتحوّل إلى أنهار.. فيضانات وانهيارات أ ...
- محتجون يفترشون الأرض لمنع حافلة تقل مهاجرين من العبور في لند ...
- وفاة أحد أهم شعراء السعودية (صورة)
- -من الأزمة إلى الازدهار-.. الكشف عن رؤية نتنياهو لغزة 2035
- نواب ديمقراطيون يحضون بايدن على تشديد الضغط على إسرائيل بشأن ...
- فولودين: يجب استدعاء بايدن وزيلينسكي للخدمة في الجيش الأوكرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمودة إسماعيلي - عبد الباري عطوان وتأليه صدام حسين