وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 4473 - 2014 / 6 / 5 - 11:32
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يقول عالم الاجتماع المغربي د.عبد الصمد الديالمي في كتابه :
(المدينة الاسلامية والاصولية والارهاب :مقاربة جنسية ) - ط 1 -2008 – دار الساقي بالاشتراك مع رابطة العقلانيين العرب – بيروت – لبنان :
( ان تفجير الذات هجرة غير مشروعة , او (حريك )كما يقول المغاربة . وهي المفردة المتداولة لتسمية كل هجرة سرية نحو الشمال في قوارب الموت من شمال المغرب الى شواطيء جنوب اسبانيا . وتاتي هذه الكلمة من فعل (حرق) . بمعنى ان المهاجر السري يحرق ماضيه ويحرق كل اوراقه متطلعا الى اكتساب هوية جديدة . واذا كان هذا( الحريك ) نحو اوربا افقيا , من قارة الى قارة , فان ( حريك الارهابي) المفجر لذاته ( قبل تفجيره للاخرين )( حريك عمودي ) , من الاسفل نحو الاعلى , من الارض الى السماء , من جحيم الحياة الى جنة الله حيث تنتظره الحور .
انه حريك نحو الجنة .انها هجرة غير مشروعة اذا نظرنا اليها كانتحار , لكنها اكثرمن مشروعة من وجهة نظر الارهابي الذي لاينظر الى نفسه كارهابي ,وانما كاستشهادي يجاهد في سبيل الله ضد المرتدين والكفار .
ان التواعد بالالتقاء في الجنة , مكان السعادة الجنسية الابدية , لمؤشر له اكثر من دلالة على الحرمان الجنسي... ) .
واذا كان الفعل الارهابي ينبثق عن عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية ونفسانية , فلا بد من وضع كل تلك العوامل في ايديولوجيا معينة ,وهي الوهابية في هذه الحالة .
الجنس والمدينة العربية
ان المدينة العربية – الاسلامية تهدف الى تجاوز التجزئة القبلية , فهي مكان لاندماج الخصوصيات القبلية المختلفة باسم الايمان المشترك ,ذوالنزعة الكونية , اندماج في هوية جديدة , اسلامية , موحدة , ولكن في نفس الوقت ان الهوية الانقسامية لاتندثر في الواقع بشكل نهائي , الا داخل المجتمعات الفردانية الليبرالية . لذا نجد مؤسس المدن العربية – الاسلامية يحترمون في تقسيمها الطابع الاثني والقبلي , الى درجة تخصيص حي لكل قبيلة .
ليس للمدينة العربية الاسلامية مفعول ادماجي تحويلي مباشر . انها تجميع مركز لهويات اجتماعية مختلفة متصارعة في فضاء ( مجال) محدود .ولا بد لذلك التجميع من ان ينسف الهويات الانقسامية داخل هوية جديدة , واحدة , مدينية . لكن الهوية العربية القديمة القائمة على القبلية ورابطة الدم تقاوم النظام والهوية الجديدتين , مثل الزواج الداخلي.
ان التشبث بالقبيلة تشسبث شبه لاشعوري , في حين ان الاندماج الاسلامي ضرورة شعورية رسمية .
المدينة بين القبيلة والامة
كيف تمت مقاومة العقل القبلي للشمولية الاسلامية داخل المدينة وبها ؟وكيف تم الابقاء على نقاء النسب ؟.
لقد تم تحقيق ذلك بالمعمار الخاص بالمدينة العربية , حيث اصبح تنظيم العمارة العربية تنظيما معماريا انطوائيا للفضاء (المجال ) .فالمعمار الانطوائي ( غياب الشرفة , غياب النوافذ , الدرب اللامخرج ) ,او معمار البيت الشرقي في العراق ( والكلام لكاتب المقال ) حيث يقوم الفضاء على حوش داخلي تشرف عليه جميع فعاليات ونوافذ الدار وباستعمالات متعددة .
المعمار الداخلي الانطوائي ,هو معمار دفاعي يعبر عن ارادة الحفاظ على رابطة الدم والقرابة والاحتفاظ بكل فتيات العائلة لفتيان العائلة من اجل الحفاظ على وحدة الملكية العائلية , وحدة التملك ,اي الحفاظ على الاساس الاقتصادي .
لقد اضطرت المدينة ان تقننن استهلاك المراة للفضاء وان تضبط زواج المراة : انه دوران حاسم من حيث قدرته على مناقلة الثروة . الاسلام قائم على الوحدة الشاملة , في حين رابطة القرابة قائمة على الانعزال . ومن هنا نتفهم تفضيل الزواج الداخلي والميل الى معمار يحافظ على نقاء العائلة وانطوائها على ذاتها .فوراء الحفاظ على شرف العائلة تكمن في الواقع ارادة بقاء الوحدة الاقتصادية لكل نسب .
ان المعمار الانطوائي يعكس ارادة الزواج الداخلي , اي ارادة الاحتفاظ بصفاء النسب وبوحدة الملكية العائلية وتوارثها في الخط الابوي .
انها ممارسة قبلية تقاوم الثورة الاسلامية التي ( ابدلت )المراة شخصا قانونيا له حق الملكية وحرية التصرف فيها.
ان الفردانية الاسلامية بدات من المراة ,وبالمراة .
الاصولية تعبير عن حرمان جنسي
في العالم العربي ,لايزال حضور المراة في الشارع العمومي يثير سلوكيات ذكورية عنيفة, تنطلق من النظرة المدققة والملحاحة لتنتهي بالاغتصاب .
ان الفاعل الاجتماعي العربي , من خلال سوسيولوجية العفوية , يحمل المراة مسؤولية التفكك الاخلاقي والاجتماعي الذي تعاني منه المجتمعات العربية التي لاتفرض الحجاب او الفصل الصارم بين الجنسين .. بالنسبة للاسلامويون , يجسد الحجاب سلاح المعركة الحالية ضد الفتنة , اي ضد الحداثة الجنسية, فهو يحمي المراة عند تحركاتها ويحفظ جمالها .
ان خطر الاختلاط الجنسي يضبط بفضل الحجاب او الفصل بين الجنسين في الجامعة , في الشواطيء,في الحافلات . من هنا يبدو الاسلاموية لاتظل صامتة او لامبالية امام اشكالية استهلاك المراة للمجال ( الفضاء) العمومي , لكن غالبا مالاتقول باجبار المراة على البقاء في البيت .
يقول د.الديالمي انه يمكن تاسيس فرضية التر ابط بين الشخصية الاصولية المتشددة وبين الحرمان الجنسي انطلاقا من خمسة براهين :
البرهان الاول
يكمن في الترابط الذي اقامه W.Reich انطلاقا من تجربته الاكلينيكية , بين الزهد في الحياة والتصوف من جهة وبين اضطراب التجربة الجنسية من جهة ثانية . وهذا الى اعتبارالنزعة التصوفية حنيناوتطلعا لاشعوريا الى لحظة الذروة الجنسية .فكلما اضطربت التجربة الجنسية ,تم البحث عن الاتحاد بالله , بمعنى ان الاتحاد الروحي بديل عن الاتحاد الجسدي الفاشل .
البرهان الثاني
وضعه عالم نفس اجتاعي امريكي اسمه والين wallinمفاده ان تدين الزوجات الامريكيات يهدف الى تقليص المفعول السلبي لحرمانهن الجنسي على حياتهن الزوجية . انه تدين تعويضي يساعد النساء المحرومات جنسيا على بلوغ نشوة روحية غير جنسية , اعلى واسمى .
البرهان الثالث
توصل اليه اولا كينزي ثم ماسترز وجونسون . ويبين الترابط بين الاضطرابات الجنسية وبين ارتفاع الممارسات الدينية .
البرهان الخامس
يقيم عالم الاجتماع الالماني هيلموت رايش البرهان الخامس , حيث يبين كيف ان الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة تؤدي الى ظهور اخلاق جنسية متشددة ومحافظة .
كل هذه البراهين النفسانية – الاجتماعية تمكن من اعتبار الاسلاموية حنينا وتطلعا لا شعوريا الى جنسانية مُرضية وكاملة , حيث يبدو الاشباع الجنسي اكثر تعذرا في مساكن ذات كثافة سكانية مرتفعة .
ان العجز الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يعاني منه المسلم المقهور اليوم , والذي يمنعه من التحكم بالنساء , يقوده الى التشبث بقوة باسلام يحفظ له امتيازاته الذكورية بغض النظر عن اوضاعه المادية المزرية , ويحفظ له حقه في متعة جنسية متعددة انطلاقا من ضرورات فحولته المزعومة .وبالامكان ان نرى في الاسلاموية ,والكلام للديالمي ,مطالبة بجنسانية تستهدف الانجاب (عوض المتعة ) , وتقوم على تعدد الزوجات لانها ترفض الحداثة الجنسية . ولان الحداثة الجنسية تكمن في المتعة وفي الزواج وفي الربط بينهما .فالاسلاموية , كمشروع سياسي لاتزهد لا في السلطة ولا في الجنس , تسعى ايضا الى استعادة الرجل المسلم لامتيازات التعددية التقليدية , وتحاول مقاومة تحديث هذه العلاقات بين الجنسين وتحديث العلاقات الجنسية .
مقالتنا : (الجنس بين الاثارة وشحة الامكنة ) , وعلى الرابط التالي : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=417719
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟