أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله سعيد - الفولكلور العراقي – بين قوّة الحضور وسذاجة الإعلام















المزيد.....

الفولكلور العراقي – بين قوّة الحضور وسذاجة الإعلام


خيرالله سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 4472 - 2014 / 6 / 4 - 08:12
المحور: الادب والفن
    



حينما يتحدّث علماء الفولكلور العالميين عن أهمية ومحمولات التراث الفلكلوري في بلاد الرافـدين، فهـذا يعني أن ( الـذاكرة التاريخية ) تفرض التعامل مع هـذا النمط من الثقافة بنوع خاص من الكشف والتحليل، فعلى سبيل المثال، يقول عالم الفولكلور الإنجليزي والباحث المعروف في علم الفولكلور جيمس فريـزر ، في كتـابه المشهور ( الغصن الـذهبي ) : ( الشـرق حاضن الفولكلور، وحاضنه الأبعـد العـــراق ) فهـذا يعني إلقـاء المسؤولية التاريخية والمعرفية على كل العاملين في حقول الدراسات الآركيولوجية والتاريخية والإعـلامية، لأن ينتبهـوا الى خطورة وأهمية ذلك التصريح المعرفي، ويحاولون – قـدر الإمكان – تحقيق مضمونها، على الصعيد الأكاديمي والإعـلامي، إذ هي مسؤولية كبيرة، رماها علينا جيمس فـريـزر .
وأعتقـد أن الـدارسين لتاريخ العـراق القـديم، قـد بذلوا الجهـد الرائع في سبيل ذلك، وخصوصاً في مجال الدراسات الآركيولوجية التي قام بها الدكتور طـه بـاقـر، ومدرستهِ التي سارت على خطاه من بعـده، فهـو قـد وضع المعارف الرصينة للباحثين في كتابه الهـام ( مُقـدمـة في تـاريخ الحضارات القديمة ) بجزئيه الأول والثاني، ثم أردف ذلك بكتابين صغيرين هامين، الأول بعـنوان : ( مقدمـة في أدب العـراق القـديم ) والثاني بعـنوان: ( من تراثنا اللّغـوي – أو ما يعرف بالدخيل ) . وهـذه الكتب الثلاث لوحدها، تشكّل حصيلة معرفية للباحثين الذين يرومون معرفة ثقافة العـراق القديمة. بمعنى آخر، أن د. طـه باقـر، قـد وضع ( المفاتيح ) الأساسية للدخول لحضارة وادي الرافدين، وبنفس الوقت، أراد أن يؤكّـد مقولة جيمس فريزر المذكورة أعلاه ، وبشكلٍ مـبدع .
ومن ثـم أصبحت مسؤولية عـالم الآثار، الثقافية والمعرفية، واضحة الدلالة، بعـد أن كشف عن كل مخبـآت تلك الحضارة القديمة للعـراق .
إن هـذا التـأسيس المعرفي، من قبل علماء العراق، يُـلزم الإعــلام العراقي، بتتبّـع خطوطه العـامة سـاعة الإقـدام على ( تقـديم هـذا التراث مُصوّراً ) ضمن تقـاريره ونشراتـهِ الإعـلامية .
والملاحظ على ( شبكة الإعـلام العراقية ) سابقاً وحاليّـاً ، عـدم اكتراثها لمضامين الفولكلور العراقي الأصيل، وإن أقـدمت على تقديم بعض مفاصله، فإنها تُقـدّمه بشكل سـاذج، يعتـمد على ( جانب الصورة ) أكثر من اعتماده على جانب حقيقة التراث الفولكلوري. سـأذكر مثالاً واحـداً على ذلك هـو ( برنـامج – ولايات أهلـنه ) التليفزيوني الذي تقدّمـهُ القـناة العراقية الفضائية . فهـذا البرنامج، قـدّم حلقات مشوّقـة عن ( سكنة الأهـوار ) في العراق، وقد أدهشتنا الصورة حقّـاً، وشـدّتنا الى مسارات تلك المشاهـد الجميلة، ومياه الأهوار، وبساطة الناس ، وصدق انتمائهم للبيئة والأعراف، وتصرّفهم بحقيقة مشاعرهم وبـداهـة فطرتهم، وتلك هي أصالة هـذا الفولكلور، إلاّ أن ( مُعـد البرنامج ومقدّمته ومخرجه ) أشـكُّ كثيراً في اطلاعهم على ما كتبه د. طـه باقر عن الأهـوار والناس وثقافتهم ، بكتـبهِ أعـلاه، فـلا التعـليق يشير الى ذلك، ولا عـدسة الكاميرا عَرِفت كيفيّـة النفـاذ الى عُمق التـاريخ السُـومري، عـند هـؤلاء الناس سكنة الأهـوار .
ومِمّـا لفـت انتباهي الى تلك الملاحظات، هـو أن ( الأهـزوجة الشعبية ) التي حاول المخرج أو المصوّر أن يلقِّنها الى إحـدى الصحافيات الأجنبيات التي كانت ترافق فـريق العمل، والتي حاولت أن تردّد الأهـزوجة بشكل صحيح على النحو التـالي :
( لـو ادري تـمـر منّـاه رشـيت الـدرب ريحــان )
وتكرّر هـذا المشهـد أكثر من مرّة، دون الانتباه الى الخطـأ الفظيع في ( نهاية الأهـزوجة ) ، والتي يرددونها ( رشيت الـدرب ريحان ) . إذ يفـترض بفريق العمل أن يـدرك محمولات الفولكلور العراقي بكل ابعـاده الفنيّـة والمعـنويّـة .
فعلى صعيد ( الـوزن الشعري ) فـإن ( عجز الأهزوجة ) بالشكل الذي قُـدّم ، بان فيه الـزُحـاف والكسر الوزني، اذ هـناك زيادة حرف واحد على التفعيلة الشعرية في كلمة ( ريحان ) إذ يتوجّـب أن تكون الأهـزوجة على النحو التـالي :
( لـو ادري تـمـر منّـاه رشـيت الـدرب ريحــه )
وقتها يستقيم الـوزن، وتنساب الكلمات ببساطة اللّـسان، هـذا أولاً ، وثانياً، من ناحية المعنى المحمول في الأهـزوجة، فـإنه يتوجّـب أن تُـدرك معاني كلمة ( رشيت الـدرب ) إذ انّـها تقـود الى المعنى الصحيح إذا جاء بعـدها كلمة ( ريحـة ) حيث المعنى العام يشير الى ( تعطير الدرب بأبهج الروائح ) وليس بالريحـان ، إذ أن الريحان لا يُـرش بل يُـزرع ويشتل، فـالرش للشئ الذي يمكن نثره باليـد كما الماء، ومن هـنا نستدل على أن نهاية الأهـزوجة يجب أن تكون بكلمة ( ريحـة ) وهو المعنى المقصود لصاحب الأهزوجة الشعرية.
والغريب في الأمر، أن المخرج أو المصوّر ، يحاول أن يوضّـح لتلك الصحفية الأجنبية ( بترجمة المضمون لكلمة ريحان، بوصفهِ زهـرةً !؟ وهو نبتـة وليس زهرة .
* إن لغـة الإعـلام المرئيّة، يتوجّـب فيها أن تـأخذ بعين الاعتبار الأمور التالية، عـند الخوض في موضوعات الفولكلور العراقي :
1- أن تكون هـناك ( لغـة الخطاب الإعـلامي ) الموجّـه الى المتلقي، بصورة سليمة وصحيحة، لأن المشاهـدين ( بالملايين ) وعليه يتوجّب الحذر في إيراد مفردة غير صحيحة .
2- أن يكون – فريق العمل – لديه الخبرة والاطّلاع على ( قـاموس تلك البيئة ) ويخاطب أهلها بنفس مفردات ذلك القاموس، حتى تكون هـناك لغـة مشتركة، تعي لغـة المخاطب ( الفلاح أو الراعي )البسيط ، من جهة، ومن جهة أخرى تخاطب المشاهـد بلغة اعلامية مختلفة – اثناء التعليق وتقديم المشهد .
3- لغـة الكـاميرا، في مثلِ هـذه الموضوعات أو الأعمال، يجب أن تكون ( لغـة كشفٍ ) حقيقية، تستجيب لمحمولات التراث التاريخية، وعقلية المشاهـد والمخاطب ، أي بمعنى أن يكون هـناك ( بحث أنثروبولوجي) تقدّمه الكاميرا لنا من خلال فريق العمل، الذي يكون قـد أعـدّ العُـدّة للولوج في مثلِ هـذه الموضوعات الثقافية التاريخية، من خلال بقاياها ، بحيث يكون المشاهد ( يسمع لغتين ) لغـة البيئة وساكنيها، دون تـزويق لفظي أو تشذيب أو تـدخّـل فيها، وتنقـل كما هي . ولغـة ثانية ، هي لغـة الإعـلام بعين الكاميرا، والتعليق المعرفي المصاحب لهـذه العين الكاشفة ( الكاميرا) .
فلو كان هـناك تعليقاً على ( مشهـد التنور والخبز فيه ) وكيف صنعته المرأة السومرية، بوصفهِ شـاهـداً حيّـاً ، ينطق بلسان تلك المرحلة التاريخية، وما زال يؤدّي وظيفتهِ ، كما صنع من أجلها. فلو كان ( فريق العمل ) قـد اطّلع على ( كتابات طه باقـر) المشار إليها أعلاه، لأوجـد التعليق التاريخي والمعرفي لهـذا الأثر الهام ( التنور السومري ) لقدّمَ ( معلومة دقيقة ) نال عليها الثناء ، ولكن – للأسف – لم يكن فريق العمل مُدرك لهـذه المهمة المعرفية.
على أيّة حـال، تلك ملاحظاتنا السريعة، على مشاهدة واحدة لهـذا البرنامج الجميل ( ولايات أهلنه ) آمل من طـاقم العمل، أن يـأخذ هـذه الملاحظات بعين الاعتبار، لأن عملهم ( يـوثّـق ) بالصورة والصوت واحـدة من أهم مفاصل الفولكلور العـراقي بجـذورهِ السـومرية .

* * *



#خيرالله_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسات في الموال العراقي
- حوار ثقافي تاريخي مع د. خيرالله سعيد : ( القسم الأول )
- رسالة الى السيد وزير الثقافة العراقية – د. سعدون الدليمي الم ...
- في رثاء الناقد الراحل يوسف سامي اليوسف .
- إلى الصديق سلامة كيلة - حين ينتكأ الجرح !
- المحاضرات الثقافية على نظام البالتوك
- صباح الخير أيُّها الزبداني .
- الوراقة والورّاقون في الحضارة العربية الإسلامية
- مصرِ ِ هبّت من جديد
- -لم تَضع أو تضيّع- إلى سعدي يوسف
- وقائع ندوة موسكو الفكريّة والسياسية عن إحتلال العراق
- نعـــوة - وفاة الروائي العربي الكبير د. عبد الرحمن منيف
- بغداد - معلقة سميح القاسم المعاصرة ! - الجزء الرابع والأخير
- بغداد - معلقة سميح القاسم المعاصرة !- الجزء الثالث من أربعة ...
- - بغداد - معلقة سميح القاسم المعاصرة ! - الجزء الثاني
- بغداد - معلقة سميح القاسم المعاصرة
- بيــان
- عراقيون . . . . بين الإبداع والمنفى
- سرمدية الأحرف المضاءة على صفحات التاريخ العراقي ظهور اللويثا ...
- سرمدية الأحرف المضاءة على صفحات التاريخ العراقي - معركة الغم ...


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله سعيد - الفولكلور العراقي – بين قوّة الحضور وسذاجة الإعلام