أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جورج حداد - حرب الافيون العالمية الاولى في القرن 21: محاولة السيطرة على العالم عبر السيطرة على سوق المخدرات















المزيد.....



حرب الافيون العالمية الاولى في القرن 21: محاولة السيطرة على العالم عبر السيطرة على سوق المخدرات


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 1261 - 2005 / 7 / 20 - 13:04
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


دشنت احداث 11 ايلول الاميركية انطلاقة الحملة الصليبية الانغلو ـ اميركية ضد العالم العربي والاسلامي. والواقع ان هذه الحملة لم تأت في فراغ، بل كتكملة منطقية للمعركة الكبرى التي تدور رحاها منذ اكثر من قرن، بين الامة العربية والشعوب الاسلامية المظلومة، من جهة، وبين القوى الامبريالية والصهيونية العالمية، من جهة اخرى. والقضية الفلسطينية، واقامة اسرائيل، والصراع العربي ـ الاسرائيلي،هي عنوان، او وجه رئيسي وحسب، لهذه المعركة.
ويخطئ كثيرا كل من يظن ان هذه المعركة تهم العرب والمسلمين وحدهم، ذلك ان هدفها الرئيسي هو الهيمنة على العالم بأسره، والتحكم بمصائر جميع شعوب العالم، كبيرها وصغيرها، باسم "النظام العالمي الجديد".
وتعمد الدوائر الستراتيجية العليا، التي تدير هذه الحملة الصليبية الجديدة، الى الضرب على وتر ترسبات التراث الصراعي القديم بين الشرق (العربي ـ الاسلامي) والغرب (الاوروبي ـ المسيحي)، منذ ايام الاسكندر المقدوني وصور وهنيبعل وقرطاجة وروما وبيزنطية والفتح العربي الاسلامي، مرورا بالحروب الصليبية و"استعادة" (ريكونكستا) الاندلس من العرب على ايدي "مكتشفي" اميركا بالذات، وحتى استعمار البلدان العربية وانشاء اسرائيل في قلب الوطن العربي.
وتستغل الدوائر المشار اليها هذه الترسبات من اجل تأليب دول "العالم الاول" بأسرها، وغيرها من الدول التي تستطيع، بالتضليل والضغط، جرها الى مخططاتها، ضد العرب والمسلمين. ولهذا لم يكن صدفة ابدا، ولا زلة لسان عفوية كما قيل، حديث الرئيس بوش، غداة التفجير المشبوه لبرجي مركز التجارة العالمية في نيويورك، عن "الحملة الصليبية". وما يؤكد هذا الاستنتاج، انه قبل ان تقع احداث 11 ايلول 2001، وبالتالي قبل "زلة اللسان" المدروسة للرئيس بوش، كان دهاقنة الامبريالية والصهيونية العالمية قد بدأوا يمهدون الطريق امام كل ذلك، من خلال ما اسموه "صراع الحضارات"، التي حددوا فيها بشكل واضح جدا ان المعركة القادمة، بالنسبة لهم، هي مع العرب والمسلمين.
ولا يسعنا هنا الا ان نلاحظ ان بعض القوى الاسلامية قصيرة النظر، التي وقعت في فخ منطق "صراع الحضارات"، لم تعد ترى من المعركة سوى العجاج الذي تثيره او يثار حولها، وهي تـَعمى او تتعامى عن المقدمات والظروف العامة والاهداف الستراتيجية الرئيسية، المباشرة والبعيدة، لهذه المعركة العالمية الشاملة والكبرى.
فإذا تذكرنا للحظة ان الهدف الستراتيجي الرئيسي الابعد لمخططي هذه المعركة هو السيطرة على العالم بأسره، وليس فقط على منطقة دون اخرى، لاكتشفنا، ببساطة كبيرة كبساطة الحقيقة، أنه (و"لخيبة امل الاسلاميين قصيري النظر" الذين سبق وقاتلوا مع الاميركيين ضد الشيوعية، ولا يزالون يناصبون الشيوعية، بل والدمقراطية والعلمانية، العداء الى اليوم، وكذلك "لخيبة امل الشيوعيين والدمقراطيين والعلمانيين قصيري النظر"، الذين ناصبوا ولا يزالون يناصبون الحركات الاسلامية العداء، بدون تمييز)، فإن "الحملة الصليبية" الجديدة على العالم العربي والاسلامي، ما هي سوى استمرار، بأشكال واسلحة ايديولوجية واساليب حرب اخرى، لـ"الحرب الباردة" السابقة والعداء المستميت للشيوعية، الذي كان الهدف منه ليس "التفنيد الايديولوجي" للشيوعية، كنظرية فلسفية وسياسية واقتصادية واجتماعية، بل ضرب القضية الوطنية لشعوب البلدان الاشتراكية السابقة، والتوسع واحتلال الاراضي والسيطرة على مقدرات حياة تلك الشعوب التي سبق لها واختارت، بملء حريتها وبدماء الملايين من ابنائها، خيار بناء ما سمي النظام الاشتراكي، ايا كان الرأي في هذه التجربة التاريخية لتلك الشعوب، التي يعود لها هي نفسها تقرير مصيرها بحرية.
وهذا يعني ثانيا، ايضا ببساطة الحقيقة، ان "الحملة الصليبية" الحالية ضد العرب والمسلمين ليس الهدف منها الاسلام كدين وايديولوجيا، بل ان ذلك هو ذريعة ومدخل لضرب القضية الوطنية والتوسع واحتلال الاراضي والسيطرة على مقدرات حياة الشعوب العربية والاسلامية.
ويعني ثالثا، ايضا ببساطة الحقيقة، ان "الحملة الصليبية" الحالية ضد العرب والاسلام لن تكون نهاية المطاف، بل هي مرحلة او نقلة استراتيجية في الخطة الشاملة، الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية، للسيطرة على العالم.
والدوائر الستراتيجية الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية تمهد، منذ الان، لخطواتها او نقلاتها الستراتيجية التالية، في المخطط الجهنمي للهيمنة على العالم، التي تريدها ان تكون هيمنة تامة، بدون شريك وبدون حسيب او رقيب، وبالتالي بدون ان تكون مضطرة لمحاربة اي ايديولوجيا، لا شيوعية ولا اسلامية ولا غيرها، ولا لتبني اي ايديولوجيا، لا دمقراطية ولا ليبيرالية ولا صليبية ولا حتى "ايديولوجيا عبدة الشيطان".
واذا وضعنا الطغمة الامبريالية الانغلو ـ اميركية ـ الصهيونية في مكانها الطبيعي، كطغمة اجرامية لا عقيدة ولا دين ولا ايديولوجيا ولا مبدأ لها، سوى الركض وراء تكديس المليارات على حساب المجتمع الدولي بأسره، بدون اي اعتبار لأي قيمة، سياسية او اخلاقية او فلسفية او دينية، انسانية او قومية او عائلية او فردية، لاستطعنا ان نكتشف ببساطة كبيرة ان هذه الطغمة قد وجدت ضالتها منذ زمن ليس بالقصير، في "سلاح ـ سلعة" ينسجم تمام الانسجام مع طبيعتها الطفيلية المطلقة، وهو: "سلاح ـ سلعة" المخدرات.
وهذه الطغمة تعمل بشكل حثيث اولا على تأهيل نفسها، وثانيا على إعادة تركيب كل البنى الدولوية والمجتمعية، التي تسيطر او تؤثر عليها، لاجل الاستخدام المجدي الكامل لهذا "السلاح ـ السلعة"، "العجائبي" بالنسبة لها.
ونظرا للأهمية الاستثنائية ولخطورة هذا الاكتشاف، فإن طغمة الشر المطلق، الامبريالية الانغلو ـ اميركية ـ الصهيونية، تحاول قدر المستطاع الا تسلط الاضواء على هذا السلاح. واذا اجرينا جردة لكل التحليلات، المؤيدة والمعارضة، لـ"الحملة الصليبية" العالمية الحالية، التي تقودها الادارة الاميركية الراهنة، لوجدنا انها تتمحور حول ثلاثة اسباب، او ابعاد رئيسية، هي:
1 ـ ما يسمى "مكافحة الارهاب"، التي يراد تحت لوائها ضرب كل مقاومة وطنية واجتماعية ـ انسانية، للطغمة الاحتكارية الامبريالية، الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية، في مسعاها للهيمنة الاحتكارية الاحادية على العالم.
2 ـ الاحتلال والهيمنة السياسية ـ العسكرية، تحت الشعارات الكاذبة لنشر الدمقراطية.
3 ـ السيطرة على المقدرات الاقتصادية للعالم، ولا سيما النفط والغاز الطبيعي والممرات التجارية العالمية الرئيسية.
ولا شك ان هذه الابعاد كلها هي حقيقية وواقعية، وينبغي التصدي لها. ولكن في كل من هذه الابعاد، فإن الطغمة المعنية تبقى بحاجة الى "شركاء"، دولا او قوى او مؤسسات سياسية واقتصادية ومالية.
كما ان هذه الابعاد تفترض ان تتقيد الطغمة المعنية بحد ادنى من القوانين والاعراف الحقوقية والشرعية الدولية، وان تخضع ولو شكليا لبعض القرارات الدولية من الهيئات التي تشارك دولها فيها، كالامم المتحدة، وحتى الاحلاف العدوانية كحلف الاطلسي وما اشبه. وهذا ما تريد تلك الطغمة المجرمة التحلل منه نهائيا. ذلك ان الهيمنة العالمية المطلقة التي تطمح اليها تتنافى مع اي منطق مشاركة لها، او مراقبة عليها، من اي جهة اتت، حتى من اقرب حلفائها واتباعها انفسهم، وحتى من دولها الخاصة بالذات.
وهذا ما يدفع تلك الطغمة لأن تعمل المستحيل، كي تخفي أقصى ما تستطيع البعد الرابع للحملة الصليبية القائمة حاليا، وهو البعد المتعلق بالمخدرات. وهو بالضبط ما نحاول تناوله في هذا العرض.
في التجربة التاريخية العالمية، انه في القرن الثامن عشر حاول المستعمرون الانجليز مد "حضارتهم" الغربية من الهند، لاستعمار الصين ايضا. ولما فشلت حملاتهم العسكرية الاولى، لجأوا، وليس بدون اغماض العين والمباركة الفعلية من قبل "كنيسة الدولة"، الى سلاح الافيون، الذي اخذوا ينشرونه لتسميم الصينيين وشل ارادة المقاومة لديهم، وايجاد "قاعدة حليفة" في صفوفهم، الامر الذي مهد لهم سبيل الانتصار العسكري لاحقا. وهذا ما عرف تاريخيا بـ"حرب الافيون". وطبعا ان كمية مادة الافيون التي استخدمت في هذه الحرب كلفت الخزينة البريطانية بعض النفقات، مثلها مثل اي باب من ابواب النفقات الحربية، التي تم تعويضها من الارباح الناتجة عن الاستعمار.
واستنادا الى هذه "التجربة الحضارية!" ـ الاستعمارية الثمينة، فإن الطغمة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية تلجأ الان الى المخدرات، بطريقة "عصرية" و"علمية" و"اقتصادية"، "ارقى" و"افضل" و"اكثر عقلانية" مما جرى في حرب الافيون الانجليزية ضد الصين. ويتبين ذلك فيما يلي:
اولا ـ ان الطغمة الاحتكارية الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية تتعامل مع المخدرات اولا كبيزنس، اي كمشروع مالي مثله مثل اي مشروع مالي ـ انتاجي ـ تجاري آخر. وبذلك فهو لن يكلفها شيئا، كما كلف الافيون الامبراطورية البريطانية في حينه. بل بالعكس، ان تجارة المخدرات هي كفيلة بتمويل اي "حرب أفيون" اخرى في عصر "العولمة" الاقتصادية الراهنة المتوحشة بالمطلق.
ثانيا ـ ان لهذا البيزنس خصوصيات استثنائية اهمها:
أ ـ انه يدر ارباحا خيالية لا يمكن لاي بيزنس آخر، بأي حساب مالي عادي، وبناء لأي مبدأ اقتصادي، ان يضاهيه فيها.
ب ـ باعتبار ان المخدرات لا تزال تخضع للمنع والتحريم والتجريم، وتقع تحت طائلة القانون الاخلاقي والجنائي، فإن الاموال الهائلة المتأتية منه تبقى "في الظل"، ولا تخضع للرقابة المالية والسياسية لا الرسمية ولا السياسية العامة، او الخاصة. وهذا ما يتيح للطغمة الاحتكارية الاجرامية الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية ان تتصرف بهذه الاموال كما تشاء، على مدى العالم بأسره، دون الخضوع لرقابة حتى دولها ومجتمعاتها او حتى احزابها المعنية، ناهيك عن مؤسسات المجتمع الدولي بشكل عام. وولتبيان اهمية هذه النقطة نقدم المثال التالي: اذا ارادت "السي آي ايه" او "الموساد" مثلا، تنظيم سلسلة اغتيالات او انقلاب دموي او عملية ارهابية كبرى، فهي تحتاج ليس فقط الى قرار سياسي معين، بل ايضا والى تمويل معين يحتاج هو نفسه الى قرار من مرجع رسمي او شبه رسمي او حزبي معين الخ. وبذلك تكون تلك الطغمة مضطرة للخضوع، في نهاية المطاف، لمؤسسة ما من مؤسسات الدولة التي توجد فيها، او المؤسسات الحزبية او السياسية في المجتمع الذي هي جزء منه. اما في حالة توفر اموال المخدرات "غير الشرعية" وغير الداخلة في اي حساب اقتصادي رسمي و"شرعي" من الاساس، فإن الطغمة الاجرامية الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية تصبح طليقة اليدين كليا، في التقرير والتخطيط والتنفيذ والتمويل، لاي خطة او حملة او حتى حرب قذرة في اي مكان في العالم، بما في ذلك داخل بلدانها بالذات، وبمعزل وحتى ضد مؤسساتها بالذات، الرسمية وغير الرسمية.
ج ـ انه يقوم على "مبدأ" "المصلحة المطلقة" او "المصلحة بذاتها"، التي لا تقيم اي اعتبار لاي "قيمة" اخلاقية او وطنية او دينية او سياسية او فكرية الخ الخ. فالامبراطورية البريطانية حينما لجأت الى سلاح الافيون، استخدمته فقط ضد الصينيين، اما الطغمة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية فهي تستخدم هذا البيزنس اينما كان، بدءا من "بلدانها" بالذات. وهذا ما يجعل هذه الطغمة "الاجرامية بالمطلق" بغنى تام عن اي "عفش!" ايديولوجي او وطني او حقوقي او اخلاقي او ديني الخ الخ، كانت ولا تزال اي طغمة امبريالية "تقليدية" مضطرة لأن تحمله على كاهلها وتتاجر به.
وهذه "التحررية المطلقة" او "الليبيرالية المطلقة"، تتيح بالتالي لهذه الطغمة بالتحديد "اللقاء المصلحي" ـ بدون اي "حواجز" ناشئة عن اي "معتقدات مسبقة" ـ مع جميع المجموعات الاجرامية والفاسدة في العالم، بما فيها "المعادية" لها، بالمقاييس الدينية والوطنية والايديولوجية والسياسية، ايا كان "العفش" الايديولوجي او السياسي او الفكري او الاخلاقي او الديني "الآخر"، الذي تحمله تلك المجموعات. وللمثال: اذا كانت توجد حرب بين دولتين، فالطغمة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية هي قادرة، بواسطة بيزنس المخدرات، وامواله، ان تكون في وقت واحد "مع" الطرفين المتحاربين، وبمختلف الاشكال والالوان السياسية وغير السياسية التي تبدلها كما تبدل الجوارب. ويصح ذلك حتى لو كان احد اطراف هذه الحرب الدولة الاميركية ذاتها. والشيء ذاته يقال في حال وجود حرب اهلية، دينية او عقائدية او عشائرية الخ، مهما كان من "دينيتها" و"عقائديتها" و"عائليتها". فالطغمة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية، بواسطة بيزنس المخدرات، يمكنها ان توجد في الوقت ذاته "في المعسكرين"، وأن يقاتل "رجالها" المرتبطون بهذا البيزنس "على المتراسين"، وبذات الحمية الدينية والعقائدية والسياسية والعشائرية التي يقاتل بها الآخرون... وأكثر! ودون اي وازع او عائق اخلاقي الخ. فطالما يكون "البيزنس" ماشيا، فكل شيء آخر هو مباح.
وبالرغم من كل المظاهر التي تطفو الان على سطح الاحداث، فإن "حرب الافيون" العالمية الجديدة قد قطعت حتى الان اشواطا بعيدة. وفيما يلي نحاول ان نلقي بعض الضوء على هذا البعد "المخفي"، او "المغفل" عن عمد او عن جهل، من الحرب الانغلو ـ اميركية على العالم، من خلال بعض الوقائع المعروفة وغير المعروفة:
في مؤتمر صحفي عقده رئيس مؤسسة اجتماعية تأخذ على عاتقها مكافحة المخدرات ومعالجة الشبان المدمنين، في بلغاريا، صرح بأن الاحزاب السياسية الاساسية في البلاد هي التي تمسك بيدها قنوات تهريب المخدرات، وبرأيه ان كلا من "ان دي سي في" (حزب الملك السابق، رئيس الوزراء الحالي) و"دي بي سي" (حزب المواطنين البلغار ذوي الاصل التركي) يمسك بيده قناتين، و"سي دي سي" (اتحاد القوى الدمقراطية، حزب المعارضة الرئيسي المعادي بشدة للشيوعية، والموالي تماما لاميركا واسرائيل) يمسك لوحده اربع قنوات. اما بقية القنوات فيمسكها اشخاص محسوبون على "بي سي بي" (الحزب الاشتراكي، الشيوعي سابقا).
ويقول ان اجمالي تجارة المخدرات في بلغاريا يبلغ 100 مليون ليفا (حوالى 60 مليون دولار) شهريا، وان المدعين العامين ورجال الشرطة "لهم سعرهم"، وأن سعر المدعي العام هو "50000 ليفا" (حوالى 30000 دولار). ويضيف ان اشخاصا معينين في الاحزاب السياسية هم الذين يحركون الاموال المتحصلة من تهريب المخدرات. وقال ان معلوماته مصدرها "الناس"، وبالاخص من الشباب ـ ضحايا المخدرات. ولم تنف السلطات الرسمية ما جاء على لسانه، بل صرح بعض المسؤولين ان المراجع المختصة ستتخذ التدابير اللازمة بأسرع وقت بمجرد الحصول على المعطيات الضرورية.
ويقول العارفون ان قسما كبيرا من المخدرات تستمر في المرور عبر منطقة البلقان، التي تعتبر احد الممرات العالمية الرئيسية للمخدرات.الا ان المشاركين في هذه التجارة من عصابات التهريب والتوزيع لا يحسبون الحساب تماما في ماذا يغرقون، ولذلك فإن معدل القتل في صفوفهم سيستمر في الارتفاع.
ان الاجهزة المختصة، في بلغاريا وغيرها، التي توصلت في المدة الاخيرة الى نجاحات مهمة على صعيد مكافحة المخدرات، لا تزال حتى الان تفتقد المعلومات الكافية حول كواليس تهريب المخدرات، التي تمكنها من اجراء تقييم صحيح لهذه المعركة الكبرى من اجل مئات مليارات الدولارات.
وان سلسلة الاغتيالات التي وقعت في بلغاريا والبلقان، والتي ذهب ضحيتها حتى الان: القائد الميداني القومي الصربي جيلكو جنياكوفيتش(أركان)، رجل الاعمال البلغاري الكبير إيليا بافلوف، المافيوز السوري الاصل فاتك، رئيس الوزراء الصربي السابق زوران دجيندجيتش، واعتقال المافيوز الصربي سريتين يوسيتش (يوتشا)، ومحاولة اغتيال المافيوز البلغاري ايفان تودوروف (الدكتور)، وكذلك تصفية العشرات من السمكات الاصغر حجما من العالم السفلي، والهجمات التي يتعرض لها العديد من السياسيين، تقدم الاساس للاستنتاج بأن ما يجري في "القطاع البلغاري" والممر البلقاني لتجارة المخدرات، ينطبق على مجمل اللوحة الخاصة بتجارة المخدرات الدولية.
ويقول لورنسو مرتينس، مدير المنظمة العالمية لمكافحة المخدرات، إن بيزنس المخدرات هو التجارة غير المشروعة الاكثر ريعية في العالم بعد تجارة السلاح، وهو يدر ما لا يقل عن 500 مليار دولار سنويا.
وحسب بعض تقارير الامم المتحدة بالذات، فإن تبييض غالبية الاموال المتحصلة في تجارة المخدرات، والتي تبلغ مئات المليارات سنويا، انما يجري في الولايات المتحدة الاميركية بالذات.
والمعركة من اجل السيطرة على تهريب وتوزيع المخدرات تلقي الضوء ايضا على اسباب الحرب الاميركية على افغانستان.
فحسب مصادر رسمية، ان 38 بالمائة من المخدرات، القادمة من آسيا والشرق الادنى، تمر عبر بلغاريا، في طريقها الى اوروبا الغربية والولايات المتحدة الاميركية.
في احد الطرفين توجد افغانستان، وفي الطرف الاخر توجد كوسوفو (التي جرى انتزاعها من يوغوسلافيا) وألبانيا.
ولكن في المقام الاول تأتي افغانستان، التي هي اهم منتج دولي للمخدرات. وحسب الانتربول، فإن حوالى 80 بالمائة من الافيون تأتي من هذا البلد، حيث في البدء يجري تحويل الافيون الى مورفين، ومن ثم الى هيرويين. ويجري الحصول على المحفزات، اي المواد الكيماوية الضرورية لعملية التحويل، من فبارك في اوزبكستان وتركمانستان.
ولادراك "الاهمية الستراتيجية" لهذا البلد، على هذا الصعيد، يكفي ايراد بعض المعلومات وهي: يتم سنويا في افغانستان انتاج 250 طنا من الهيرويين. والكيلوغرام الواحد من الهيرويين ماركة "9999" يساوي سعره في اسواق الولايات المتحدة واوربا الغربية لا اقل من 000 100 دولار اميركي. مقابل مثل هذه القيمة للمنتوج النهائي، فإن نفقات زراعة المادة الخام وعملية تحويلها هي نفقات بخسة جدا، ولا تتجاوز 1 بالمائة من هذا المبلغ، اي حوالى 1000 دولار للكلغ.
وحينما جاؤوا الى السلطة في كابول قبل عدة سنوات، فإن الطالبان جعلوا مسألة زراعة خشخاش الافيون سياسة رسمية للدولة. وكان أسامة بن لادن، مستعينا بصفته كرجل اعمال وبعلاقاته الدولية، هو الذي يشرف على عملية تبييض اموال المخدرات، وكان يتلقى مقابل ذلك ما بين 2 و10 بالمائة من تجارة المخدرات الافغانية، التي كانت تقدر في مختلف المراحل ما بين 150 مليونا ومليار دولار سنويا.
وكان جزء من هذه الاموال يذهب لدعم الحركات المسلحة الاسلامية المحلية، وكذلك الاجنبية التي كان يتم ادخالها الى جمهوريات آسيا الوسطى السوفياتية السابقة. وجزء ثان كان يذهب لدعم زراعة وتجارة المخدرات. ومقابل المخدرات، كان الطالبان يشترون السلاح، الذي كانوا يستخدمونه لتوسيع زراعة المخدرات. وهكذا كانت الحلقة تتسع باستمرار.
ان قيام الاميركيين بإضفاء الصفة الشيطانية على حليفهم السابق بن لادن، قد بدأت بالضبط في اواخر صيف 1998. وقد تولت ذلك "السي آي إيه"، اي اجهزة المخابرات ذاتها التي كان هو نفسه عميلا لها منذ بداية التدخل السوفياتي في افغانستان. وحدث هذا التبدل حينما بدأت تلك الاجهزة وزميلتها الانجليزية تتأكد ان "الارهابي رقم واحد في العالم" لديه النية لأن يسيطر على بيزنس المخدرات الافغاني بمجمله، بما في ذلك ايصال "السلعة" الى اوروبا. وقد اعقب ذلك تفجير السفارتين الاميركيتين في كينيا وتنزانيا، وهو ما نسب الى بن لادن، بالرغم من ان قلة من الناس صدقوا ذلك في حينه، اما هو نفسه فقد نفى في البداية ذلك. ولكن هذا لم يمنع البيت الابيض وشخصيا بيل كلنتون ان يعلنوا اسامة بن لادن بوصفه "العدو رقم 1 للولايات المتحدة الاميركية".
ان قلة فقط من الاختصاصيين لاحظوا حينذاك ان ما يسمى "قوس القزح الاسلامي لعدم الاستقرار"، الذي تم تشكيله من قبل الستراتيجيين الاميركيين على الحدود الجنوبية لاوراسيا، توجد كل التبريرات لتسميته ايضا "قوس قزح المخدرات". ففي احد طرفيه توجد افغانستان الافيون، وفي الطرف الآخر يوجد اكبر مصدّر للقنب الهندي، وهي ألبانيا.
كما في افغانستان، كذلك في قسمه الالباني، فإن "قوس قزح المخدرات" جرى إنشاؤه في التسعينات، بمشاركة العملاء والمتعاونين مع "السي آي إيه" والمخابرات العسكرية الاميركية.
ومنذ ربيع سنة 1997، ارتفعت في البرلمان الايطالي ملاحظات تقول إن نشر الشبكة الالبانية لتوزيع المخدرات في العالم انما يتم عبر التصدير غير المشروع لـ"اللاجئين" من كوسوفو، بحجة انقاذ "النساء والاطفال من جرائم بلغراد". ومنذ ذلك الحين اصبح واضحا ان مسألة زعزعة الاستقرار في البانيا وكوسوفو هو قبل كل شيء مسألة صراع ضد مافيات الاسلحة والمخدرات، من اجل اعادة تقسيم مناطق النفوذ والسيطرة على تدفق المخدرات في عصر ما بعد اتفاقية دايتون (اتفاقية تسوية الازمة في يوغوسلافيا السابقة، التي وقعتها الاطراف المعنية، بمن فيها سلطة ميلوسوفيتش قبل اعتقاله المسرحي).
وهنا يجب التذكير بمشاركة الغرب، ولا سيما "السي آي إيه" والمخابرات الالمانية، في تأسيس وتكوين "جيش تحرير كوسوفو" الالباني. فتحت رعايتهم بالضبط، اصبحت مافيا المخدرات الالبانية واحدة من اقوى المافيات في العالم، وترتبط بشكل وثيق مع كارتيلات المخدرات الاميركية اللاتينية (كارتيل "تيهوانا" وغيره)، ومزارع الافيون في افغانستان الطالبان (في مزاري شريف وغيرها)، كما مع "الفروع" في لاوس (لوانغ بها بانغا)، وفي جزر كايمون وفي لندن.
وفي مطلع التسعينات انضمت الى "الجوقة" المافيا الشيشانية. احدى قنوات الترانزيت الشيشانية لنقل المخدرات من افغانستان كانت تمر عبر اوزبكستان. كان جوهر دوداييف (الرئيس الشيشاني الاول الذي اغتيل في 1996) يقيم علاقات جيدة مع الاوزبكيين في "اتحاد الشمال" في افغانستان، ومع البشتونيين في حركة طالبان، الذين كانوا يفردون للشيشان دور القاعدة الثانية من حيث الحجم، كقاعدة ترانزيت لموزعي المخدرات، تعمل على "اساس المقايضة"، حيث ان الشياشانيين كانوا يؤمنون السلاح، المسروق من الجيش السوفياتي، مقابل "البضاعة" الافغانية. وفي الوقت ذاته، فإن شيشانيا آخرا هو أصلان مسخادوف (الرئيس المنتخب الثاني للشيشان الذي تم اغتياله مؤخرا)، كان يستخدم علاقاته مع لاتفيا وأنغوشيا، لشق قناة ترانزيت من المطار الانغوشي سليبتسوفسكايا الى العاصمة اللاتفية فيلنيوس والى شياأولاي، عبر اوفا، قازان وبيتربورغ، وصولا الى مرفأ كلايبيدا، الذي تتجه السفن منه نحو الجزيرة الالمانية ريوغين وألمانيا. وهناك يكون الصقليون والالبان في انتظار "البضاعة".
وقسم آخر من الهيرويين كان يتجه الى انجلترا، تحت مراقبة موظفي دائرة الجاسوسية البريطانية، МI-16، ومن بينهم الموظفون "الجمركيون"، التابعون لمؤسسة "كراون ايدجنتس"، المتخصصون على وجه التحديد بتهريب المخدرات. وعلى هذه الخلفية تمت ايضا الزيارة التي قام بها مؤخرا الى صوفيا رئيس МI-16 المعزول حديثا، ديرلاف، التي اقل ما يقال فيها انها كانت زيارة محيرة.
ان جزءا من "البضاعة" كان يباع في فيلنيوس، مباشرة لممثلي المجموعة الاستونية، التي كان يتزعمها... لاآر، رئيس وزراء استونيا السابق، الذي بدوره كان يعيد ارسال الهيرويين الى ستوكهولم، ومن هناك الى واشنطن، بمساعدة الاستونيين، الذين يخدمون في الجيش الاميركي، او الذين يعيشون في اميركا، وكذلك عبر قنوات عملاء "السي آي إيه"، الذين ذاع من بينهم اسم هاري بيست.
ومن المثير للفضول انه في اذار 1999، نشرت "التايمز" اللندنية، وعلى الارجح "بإيعاز من فوق"، تحقيقا جاء فيه ان "جيش تحرير كوسوفو" يتم تمويله من قبل مافيا المخدرات، التي تعمل في مختلف ارجاء العالم، بما في ذلك في السويد، سويسرا والمانيا، وان قادة هذا "الجيش"، ومنهم هاشم تاجي ويعقوب كراسنيجي، انما اصبحوا قادة ميدانيين (عسكريين)، لكي يسهل عليهم العمل في تهريب المخدرات. وهذا هو الخط الشمالي للمخدرات، من افغانستان الى اوروبا واميركا.
اما الخط الجنوبي فليس اقل فعالية، وهو يمر عبر بلغاريا. وهو ينطلق من افغانستان عبر تركمانستان وبحر قزوين، ويمر عبر القوقاز ويدخل في تركيا. ومن هنا، بأحد تفرعاته في البحر، يصل الى البانيا وايطاليا. وبتفرع آخر يمر عبر بلغاريا ومكدونيا ويصل الى صربيا، هنغاريا والنمسا. ومن البانيا، وعبر البحر الادرياتيكي، يمر بإيطاليا، ومنها يدخل الى النمسا.
والتفرع الجنوبي الثالث هو بواسطة الحاويات البحرية، التي يجري تحميلها في كونستانزا (رومانيا)، وتصل عبر البحر الاسود الى ايطاليا او تركيا.
وفي ايار 1999، حينما كان عدوان الناتو ضد يوغوسلافيا في اوجه، أعلن من قبل... مصدر ياباني، ان التشكيلات الاجرامية التي أنشأها "جيش تحرير كوسوفو" تنقل الى اوروبا، عبر ممر بلقاني (تركيا ـ بلغاريا ـ مكدونيا ـ كوسوفو)، لا أقل من 6 اطنان من الهيرويين شهريا. وهكذا انتزع الشبتريون(الاسم القومي للالبان)، الكوسوفيون والالبانيون، بسرعة، جزءا مهما من سوق المخدرات الاوروبي من ايدي الكارتيلات الصقلية.
وتبع ذلك معلومات من باريس، افادت بأن الاجهزة الخاصة الفرنسية تعتبر ان "جيش تحرير كوسوفو" هو لاعب رئيسي في تحقيق صفقات "المخدرات مقابل الاسلحة"، وانه فقط خلال سنة 1999، فإن هؤلاء "المناضلين من اجل الاستقلال" ادخلوا الى اوروبا من الهيرويين ما قيمته 2 ملياري دولار.
ولم يعد للانكليز حينئذ ما يقومون به سوى ان ينشغلوا في "التحقق من الحسابات البنكية لجيس تحرير كوسوفو في... سويسرا". ولكن هذا لم يمنع بيل كلنتون من ان يعلن في ايار 1999، ان ميلوسوفيتش "سيكون له حساب" ليس فقط مع الناتو، وانما ايضا مع "جيش تحرير كوسوفو". وبكلمات اخرى، فإن كلينتون أعلن على الملأ عن الشراكة المباشرة بين الولايات المتحدة الاميركية وإرهابيي المخدرات.
ولم يكن ذلك محض صدفة. لان احد اهم ابعاد إقامة ما يسمى النظام العالمي الجديد لاميركا، باستثناء السيطرة الجيوبوليتيكية على النفط، هو ايضا التوصل الى السيطرة المعولمة على زراعة وشبكات نقل وتهريب وتجارة المخدرات.
ولكن هذا ليس سوى البداية. فهناك امور اخرى، يعرفها قلة فقط من الناس...
خلال التسعينات من القرن المنصرم، وبعد انسحاب الاتحاد السوفياتي من افغانستان، بدأت على الكرة الارضية تتشكل مجموعتان، مرتبطتان بتجارة المخدرات من افغانستان:
المجموعة الاولى، المرتبطة بتجارة المخدرات الافغانية، كانت تمثل تحالفا له خصوصيته، مؤلفا من شخصيات رفيعة المستوى من النخبة الانجليزية وحاشية قصر باكنغهام، ومن احدى الجماعات "الاسلامية!"، التي يهتم أعضاؤها، لاسباب مختلفة، بالسيطرة على انتاج المخدرات.
ومن ضمن هذه الجماعة موظف كبير في الامم المتحدة، تعمل تحت رعايته العديد من المنظمات العالمية التي تعنى بشكل خاص بالانتاج الزراعي في العالم الثالث، وهو احد ممثلي انجلترا في تهريب المخدرات. وهو من المقربين من العائلة المالكة البريطانية، وأحد كبار اغنياء الكرة الارضية، ارستوقراطي ـ دبلوماسي، شرقي وغربي في وقت واحد، مدافع عن الطبيعة، يعرف قادة العالم عن كثب، وفي الوقت نفسه هو زعيم احد الاجنحة "الاسلامية!".
بعد دخول الجيش السوفياتي لافغانستان في 1979، فإن هذا الموظف الكبير في الامم المتحدة وحماته الانكليز، كانوا يموضعون اللاجئين و"المجاهدين" الافغان في كل ارجاء العالم، وكونوا من خلالهم حتى نهاية التسعينات شبكة عالمية واسعة لتهريب وتوزيع والاتجار بالهيرويين الافغاني.
والوجهات الاساسية لنشر الهيرويين كانت الوجهة الغربية (جلال اباد ـ قندهار ـ مقاطعة هلمند ـ زاهدان ـ طهران ـ تبريز ـ اسطنبول ـ بلغاريا ـ اوروبا) والجنوبية (بيشاور ـ كراتشي ـ ومن هناك عبر البحر والجو الى اوروبا، الشرق الادنى والمنطقة الاسيوية للمحيط الهادي، وقبل كل شيء نحو الولايات المتحدة). ان نقل الكميات الاساسية من المخدرات الافغانية في الثمانينات كان يمر بالتحديد عبر الوجهة الجنوبية، بفضل اجراءات المكافحة التي كان يمارسها سابقا الاتحاد السوفياتي وبلغاريا، في منطقة البلقان.
ولكن من جهة ثانية، ظهر في سوق المخدرات لاعب جديد، قوي جدا، بدأ تقدمه منذ ثمانينات القرن الماضي. وكان هو "السي آي إيه" والجيش الاميركي. ذلك ان القواعد العسكرية الاميركية هي منتشرة في كل انحاء العالم، وهي مغلقة بوجه الاشخاص الغرباء. والطائرات الاميركية، التي تطير من قارة الى اخرى، لا تخضع للمراقبة والتفتيش. والبلدان التي تحط فيها تلك الطائرات، ومنها بلغاريا، ليس لديها ادنى فكرة عن البضائع التي تنقلها الطائرات الحربية الاميركية.
وبعد الاحتلال الفعلي لكوسوفو من قبل البانيا، تبدلت الوضعية في اسواق المخدرات في اوروبا. فالجماعات الاجرامية الالبانية اخذت تسيطر على حوالى نصف تجارة المخدرات بالمفرق في اوروبا. ان الطائرات الحربية الاميركية الناقلة للمخدرات من افغانستان، اخذت تحط في القواعد العسكرية في كوسوفو والبوسنا، وفي فيرفورد في انجلترا، وفي رامشتاين في المانيا الاتحادية، وفي مورون في اسبانيا.
وبهذه الطريقة بنى الاميركيون شبكتهم الخاصة لتجارة المخدرات في اوروبا، شبكة يتكون عناصرها من ذوي الاصول الالبانية، ويشرف عليها ضباط كبار من"السي آي إيه" ودائرة التجسس في البنتاغون.
يتضح من ذلك، ان الامر اصبح يتعلق بتصادم غير محسوب العواقب بين مجموعتين هائلتين. ويمكن تسميتهما مجازا "المجموعة الانغلو ـ اسلامية(!)" و"المجموعة المخابراتية (السي آي إيه) ـ العسكرية الاميركية".
واذا جرى اعادة تقييم، من زاوية النظر هذه، للاغتيالات التي حدثت في بلغاريا وصربيا في الاشهر الاخيرة، فإن الامور ستصبح اكثر وضوحا، ويمكن حتى التنبؤ ببعض الاحداث القادمة.
ومنذ ايام الحرب السوفياتية في افغانستان، كان لـ"المواطن البريطاني" "المسلم!"، الموظف الكبير في الامم المتحدة، صديق كبير هو احمد شاه مسعود. وكان هذا الشخص بالحقيقة يمثل عقبة كبيرة، قبل كل شيء للاميركيين، ولطالبان ولرجلهم بن لادن. فبين مسعود وبن لادن كانت توجد منافسة حول لقب "المحرر الحقيقي لافغانستان". وكان مسعود و"حلفه الشمالي" في افغانستان بحاجة الى السلاح والمال، اللذين كان يتم تأمينهما مقابل المخدرات. فمدخول احمد شاه مسعود من هذه التجارة كان يصل في سنوات مختلفة حتى 500 مليون دولار سنويا. وبالنسبة لـ"أسد بانشير" فإن المخدرات كانت مجرد وسيلة، بواسطتها كان يمكنه ان يتابع الصراع من اجل الزعامة في افغانستان. وكان "تحالف الشمال" يسيطر على اقل من 20 بالمائة من اراضي افغانستان، ولكنه كان يقدم مساحة اكبر لزراعة المخدرات. فمسعود لم يكن له نية في ان يتقاسم النفوذ والسلطة والارباح مع احد، حتى مع اصدقائه الانجليز. وهو بالتأكيد لم يكن صديقا لاميركا. وفجأة تم اغتياله من قبل انتحاري ـ استشهاي قبل بضع ساعات من الهجوم الذي تعرضت له نيويورك وواشنطن في 11 ايلول 2001.
وقبل احداث 11 ايلول بوقت وجيز اعلن الطالبان، في المناطق المحكومة من قبلهم، تطبيق حكم الاعدام ضد زراعة نبتة المخدرات. وعلى الارجح ان الملا عمر وحماه بن لادن قد حسبا انهما يستطيعان هما لوحدهما ان يسيطرا على اموال المخدرات، بدون بريطانيا والولايات المتحدة. وهذا ما اصاب لندن وواشنطن بالسعار.
وبعد ثلاثة اشهر من ذلك محا الاميركيون عن وجه الخريطة نظام الملا عمر، اما بن لادن فقد توارى عن الانظار.
ان حكومة الدمى الاميركية التي نصبت في كابول، اي حكومة قرضاي، هي في الواقع حكومة مخدرات، وقد حولت البلاد الى مزرعة ضخمة لخامة المخدرات.
كل هذا يعني انه في الوقت الحاضر يجري خوض لا "حرب لمكافحة الارهاب" في افغانستان، بحر قزوين والشرق الادنى، بل حرب الافيون العالمية الاولى في القرن 21.
والهدف المباشر لهذه الحرب ليس السيطرة على منطقة دون اخرى من العالم، بل السيطرة على العالم باسره، من قبل قلة، والاصح القول عصابة صغيرة من حيتان الرأسمال الاحتكاري العالمي، الذين يمسكون بايديهم مقدرات ومصائر جميع شعوب العالم، ويتحكمون بها بشكل مطلق، بدون اي مرجعية معنوية: حقوقية او اخلاقية او فكرية او ايديويلوجية او دينية، وبدون اي رقابة مؤسساتية دمقراطية او شبه دمقراطية، منتخبة او توافقية او تحالفية، وطنية او دولية: كالامم المتحدة، والاحلاف والمعاهدات الدولية، الجماعية والثنائية، والدول الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني ايا كانت، كالحكومات والبرلمانات والاحزاب والنقابات، بما في ذلك داخل الدول التي ينتمي اليها افراد تلك العصابة. وبذلك تتحول تلك العصابة الى نوع من "الحكومة" البلوتوقراطية العالمية مطلقة الصلاحية، تستمد قوتها "التشريعية" والتنفيذية من مصالحها ذاتها، بحيث تصبح "هي العالم، ومصلحتها هي القانون الاوحد... الالهي والبشري".
لقد كانت فكرة الحكومة العالمية حلما راود اصحاب جميع الرسالات "السماوية" والانسانية. وكان هذا الحلم يقوم على قاعدتين: الإخاء الانساني العام، والاتحاد في "الانا المطلق" للانسان، اي الالوهية، التي كانت تعطى كل صفات الحق والخير والعدل والرحمة، التي يمكن ان يتمتع بها الانسان، ويتحرز بها ضد الشرور والآثام والظلم. ولكن جميع تلك الرسالات فشلت حتى الان في اقامة الحكومة العالمية لـ"مملكة الحق والعدل" الدينية او الانسانية الوجه واللسان.
ولم يبق من محاولات تحقيق هذا الحلم سوى الرموز التي خلفتها، والمتمثلة بالاماكن الشرقية المقدسة (في فلسطين والاردن ولبنان والعراق والسعودية الخ)، بالنسبة للتجارب الدينية، وبموسكو، بالنسبة للتجربة "الاشتراكية".
وفي الوقت ذاته، كانت قوى الشر والطغيان والاستعمار، تسعى من جهتها لتوحيد العالم في حكومة عالمية واحدة، يسودها مستبد واحد او سلالة او جماعة مستبدة واحدة. وربما كانت اول محاولة، في هذا السبيل، هي محاولة الاسكندر الكبير، او الاسكندر ذي القرنين، وكانت آخر محاولة، غير الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية الحالية، هي محاولة هتلر، الذي رفع شعار "النظام العالمي الجديد"، تماما كما يرفعه اليوم سيد البيت الابيض الاميركي وجوقته العالمية. وما بين الاسكندر المقدوني وهتلر يمر شريط طويل من الطغاة العالميين، من نيرون الى جنكيز خان الى نابوليون.
وهناك شيء مشترك بين جميع محاولات اقامة الحكومة العالمية، "السماوية" العادلة او الاستعمارية الظالمة، هو: اما انطلاقها مما يسمى بمفردات اليوم منطقة "الشرقين الادنى والاوسط"، اي الاراضي المقدسة، واما استهدافها هذه المنطقة كمدخل او منطلق لاقامة تلك الحكومة العالمية. والنجاح والفشل في هذه المنطقة كان بمثابة مقياس للنجاح او الفشل في المخطط العالمي. ولعله ليس من الصدفة ان هزيمة الصليبيين في هذه المنطقة، هي التي اخرت لعدة قرون امكانية الاستعمار الغربي للشرق بأسره. كما ان هزيمة نابوليون وهتلر في هذه المنطقة، كانت بمثابة مقدمة قدرية لهزيمتهما في روسيا، ومن ثم في اوروبا الغربية. واخيرا لا آخرا كانت هزيمة الاتحاد السوفياتي في مواجهة المتطوعين العرب والمسلمين في افغانستان، مقدمة لانهيار الامبراطورية السوفياتية بكاملها.
ولا بد من الملاحظة انه، خلافا لجميع المحاولات التاريخية السابقة لاقامة الحكومة الاستعمارية العالمية، فإن المحاولة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية الحالية اصبحت، اكثر من اي محاولة تاريخية سابقة، اقرب من تحقيق هدفها النهائي، ذلك ان اي محاولة سابقة لاقامة الحكومة العالمية كانت تقوم بها قوة هي نفسها "غير عالمية"، ولم تستطع ان تفرض "عالميتها الذاتية". اما بالنسبة لهذه العصابة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية، فإن تجريديتها "المصلحية المطلقة" عن اي "قيمة" اخرى غير هذه "الذات المصلحية المطلقة" التي تجد تجسيدها المثالي في بيزنس المخدرات، فهي تمتلك ـ موضوعيا وذاتيا ـ كل مقومات "العالمية"، كي تكون الشيء نفسه وضده في الوقت نفسه، بدون اي حرج، طالما انها هي "ذاتها" شيء ثالث "آخر" تماما، ليس هو لا "الشيء بذاته" ولا "الضده". فهي يمكنها ان تكون، ولا تكون، في نفس الوقت، وبنفس "القوة" و"الصدقية": "اميركية" و"ضد ـ اميركية"، "عربية" و"ضد ـ عربية"، "يهودية" و"ضد ـ يهودية"، "مسيحية" و"ضد ـ مسيحية"، "اسلامية" و"ضد ـ اسلامية" الخ الخ. ولكنها في كل وقت ستكون الشيء الثالث "الآخر"، اي "المصلحة المطلقة" المجردة، التي لا ترتبط بأي فئة او اتنية او حزبية او وطنية او اقتصاد وطني معين الخ الخ.
وللوصول الى اهدافها الجهنمية، تسعى هذه العصابة لتوريط مختلف الدول والمؤسسات الدولية في مخططاتها، بهدف اساسي هو: تلطيخ سمعة تلك الدول والمؤسسات، لضرب اي مرجعيات ممكنة الوجود غير "مرجعيتها" هي، المطلقة في النهاية. ومن الامثلة الصارخة على ذلك مؤخرا:
ـ ما سمي "خريطة الطريق"، لحل النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي. فقد جرى توريط "الامم المتحدة" و"الاتحاد الاوروبي" وروسيا، بالاضافة الى الدولة الاميركية، في هذا "الحل". والعصابة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية، صاحبة هذه "الخريطة" تدرك تماما ان هذه "الخريطة" ليست "حلا" بل "مشكلة". ومع ذلك فهي قد طرحتها بهدف اساسي هو: إظهار عجز، وعن هذا الطريق تلطيخ سمعة، الدول والمؤسسات الدولية المعنية، بما فيها اميركا كدولة، من اجل افقادها اي صفة، كمرجعية دولية وقانونية الخ، ودفع الفلسطينيين واليهود في نهاية المطاف الى القبول بأي أمر واقع، تفرضه العصابة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية على الارض، وبدون اي مرجعية لها حد ادنى من الشرعية.
ـ قرارات الامم المتحدة الاخيرة، التي تهادن او تساير او تماشي الاحتلال الانغلو ـ اميركي للعراق، وإشراك مختلف الدول في الاحتلال، تحت شعارات "بريئة" مثل "حفظ الامن" و"اعادة السلام" و"اعادة الاعمار" و"تقديم المساعدات الانسانية" وحتى "تسهيل جلاء قوات الاحتلال" الخ. والهدف ايضا هو: تلطيخ سمعة الاطراف المعنية وتعريضها للضربات المشروعة للمقاومة الوطنية العراقية، تمهيدا للاستفراد بوضع العراق، وتحويل الفوضى القائمة فيه الى "ستاتيكو" شبه دائم، كما كان الامر في لبنان ابان الحرب العبثية فيه، التي كانت الايادي الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية، وإن بقفازات "عربية" احيانا، تديرها من امام ومن خلف الستار.
وتضع العصابة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية اليوم نصب عينيها هدفا ستراتيجيا اكبر، ترى انه، بالوقائع التي حققتها الى الان على الارض، اصبح قاب قوسين او ادنى من التحقيق، وهو:
ـ الهيمنة الفعلية الحرة، المباشرة وغير المباشرة، على الاماكن المقدسة، الاسلامية والمسيحية واليهودية، بما تحتويه من مراكز الحج والسياحة الثقافية العالمية الشاملة، لتحويلها الى مراكز دولية مثلى، لا يمكن ان تضاهيها اي مراكز اخرى، لاستقبال جميع انواع المخدرات، من جميع الاماكن الممكنة، وتصديرها الى شتى انحاء العالم، باسهل الطرق الممكنة واقلها كلفة وخطورة، واكثرها عائدية.
واذا كان كارل ماركس قد طرح يوما مقولته النظرية حول "الدين افيون الشعوب"، للتحذير من استخدام الدين في تخدير الشعوب المظلومة لمصلحة الطبقات الاستغلالية والاستبدادية، فإن العصابة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية تطرح اليوم لا مقولة نظرية، بل مشروعا عمليا جاهزا للتنفيذ، تحت عنوان "الافيون دين الشعوب"، بحيث يتم تصدير المخدرات المادية الملموسة، تحت الغطاء الديني ذاته وانطلاقا من مراكز الحج الرئيسية. والعصابة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية اصبحت تمتلك منذ الآن المقومات الرئيسية لشبكة التوزيع العالمية، المؤهلة للتلبس تماما، كالحرباء، باللباس الديني المطلوب. ونواة هذه الشبكة، المتوفرة منذ الان تتألف من:
1 ـ العصابات الصهيونية اليهودية، الجاهزة بكل طيبة خاطر لاستخدام "اورشليم" في اي مخطط جهنمي، خاصة اذا كان يصب في هدف تدمير المجتمعات غير اليهودية والسيطرة عليها، ايا كانت.
2 ـ المافيا الصقلية ـ الايطالية، الكاثوليكية، ذات التقاليد والخبرة "التاريخية"، والتي سيكون بالنسبة لها العمل عبر القدس وفلسطين "نقلة نوعية" لم يكن بالامكان ان تحلم بها، وان تستطيع تحقيقها بقواها الذاتية.
3 ـ المافيات الروسية والبلغارية والبولونية والاوربية الشرقية الاخرى، الارثوذكسية ـ الكاثوليكية ـ اليهودية، ذات القدرات الهائلة في "بلدانها الام"، والتي تمتلك "قاعدة بشرية" واسعة خاصة بها في اسرائيل، بشخص اكثر من مليون يهودي روسي واوروبي شرقي، قسم كبير منهم يوجد في اسرائيل منذ وحتى مما قبل تأسيسها، وبعضهم كان او لا يزال يحتل اعلى المناصب في الدولة والمجتمع.
4 ـ الزمر والشراذم "المسيحية!" "العربية"، الضائعة والمضيّعة، على شاكلة الزمر اللبنانية مثل جماعة لحد، وجعجع، وعون، التي قاتل بعضها مع اسرائيل، وكان بعضها على استعداد (وقد باشر بالفعل في) جعل مناطق السكن المسيحية "الخالصة" "مقبرة" للنفايات الكيماوية السامة. فهذه الزمر الحاقدة، التي كانت المخدرات احدى ادوات "تربيتها" و"تدريبها"، والتي شارك بعض عناصرها في مجازر رهيبة مثل مجزرة صبرا وشاتيلا، والتي اشتهرت بقتل الاسرى والضعفاء والنساء والاطفال حتى في الاقتتال فيما بينها، والتي كان من "مبدئيتها" ان يتحول بعضها، في طرفة عين، 180 درجة، من الولاء لسوريا الى الولاء لاسرائيل، وبالعكس، ـ هذه الزمر والشراذم هي بالتأكيد مستعدة لان تفعل اي شيء، وفي خدمة اي كان، خاصة اذا احسن استخدامها، واجزل لها "العطاء" ووفر لها "الغطاء" الضروري. وماذا اجزل من "عطاء" تجارة المخدرات، وماذا افضل من "الغطاء" الديني لمثل هذه التجارة؟
5 ـ العناصر "الاسلامية!" الضرورية، المتغلغلة في شتى التنظيمات الاسلامية، "الجهادية" وغير "الجهادية"، والتي يعود لها ايجاد المبررات الضرورية لهذا العمل، وهي لن تعدم مثل هذه المبررات، في الظروف القاسية التي تمر بها شعوب المنطقة، والاجتهادات المتضاربة بشكل لا مثيل له، والتي تضيع معها جادة الصواب والعقل. ومن الامثلة على ذلك:
أ ـ ان تجربة لبنان، ومنها على سبيل المثال زراعة الحشيشة على نطاق واسع في البقاع، وانتشار المخدرات بشكل لا مثيل له في ظروف الحرب، وتحت سمع وبصر التنظيمات "الاسلامية!"، وبمشاركة فعالة وتغطية ضرورية من عناصر "اسلامية!"، هذه التجربة تثبت ان العنصر "الاسلامي!" هو جاهز ايضا، اذا وفرت له الظروف الملائمة والتبريرات المطلوبة.
ب ـ ان افغانستان اليوم هي "دولة المخدرات" الاولى في العالم. وبطالبان وبدون طالبان، وببن لادن وبدون بن لادن، فإن افغانستان هي دولة "اسلامية!"، وامراء الحرب والمخدرات فيها هم "اسلاميون!"، كل على طريقته. وقد اثبت الاميركيون، خلال السنتين الماضيتين، قدرتهم على التكيف مع هذا الوضع، والتعامل العملي المطلوب مع امراء الحرب والمخدرات "المسلمين!" الافغان.
ج ـ بالرغم من المكافحة الشديدة لتجارة وتعاطي المخدرات في ايران بعد انتصار الثورة الاسلامية فيها، فإن المخدرات عادت لتنتشر فيها بقوة لاسباب عديدة، اهمها الفقر، وبداية انتشار الفساد في الادارة، و"تكيـّف" شبكة تجارة المخدرات مع "الوضع الاسلامي" الخاص. وبفتح الحدود فعليا على مصراعيها مع افغانستان من جهة، ومع العراق، من جهة ثانية، فإن عصابات المخدرات الاقليمية، ولا سيما الافغانية والايرانية والعراقية، وجزئيا السورية واللبنانية والفلسطينية الخ، تعيش اليوم فترة "موسم" استثنائي و"عرس" حقيقي. ولا يحتاج المرء لكثير ذكاء ليستنتج بأن "الغطاء الاسلامي!" هو افضل "غطاء" يمكن لعصابات المخدرات الاقليمية، الممتدة من افغانستان الى لبنان، ان تستخدمه في الظروف الراهنة.
د ـ في ظروف الاحتلال اللاانسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الغاشم، واليأس الناجم عن التقاعس العربي و"التواطؤ" الدولي، استطاعت المخابرات الاسرائيلية و"العربية" ذات المصالح والاهداف المشبوهة ان تحقق اختراقات جدية في صفوف المنظمات الفلسطينية، الاسلامية وغير الاسلامية، والعناصر المخترقة هي التي كانت ولا تزال تلعب دورا حاسما في "اصطياد"، اعتقالا او تصفية جسدية، مناضلي وكوادر المقاومة. و"إخوة الشيطان" هؤلاء هم "خامة بشرية" قذرة جاهزة لكل "خدمة" اقذر يأمرهم بها اسيادهم. وبطبيعة الحال ان دور المخابرات المعادية والمشبوهة، بدءا من "السي آي إيه" والمخابرات العسكرية الاميركية، هو دور رئيسي، وهي لن تألو جهدا في تأهيل وتوجيه هذه العناصر الفلسطينية المخترقة، والاستفادة من مناخ "السلام الاميركي"، الذي يجري العمل على فرضه، لايجاد الضبط والربط الضروري بين الشبكة اليهودية والشبكة الفلسطينية لتهريب وتوزيع المخدرات، في فلسطين، وفي صفوف الحجاج المسيحيين والمسلمين الى القدس الشريف وكنيسة المهد الخ.
هـ ـ لسنوات طويلة جدا احتل "الاسلاميون!" في السودان مركز القوة والقرار الاول، في السلطة وفي الشارع السودانيين. وقد فشلوا بامتياز في تقديم الحلول للمشاكل المزمنة لهذا البلد العربي البائس. وطبقوا بشكل معكوس تماما شعارهم المفضل "الاسلام هو الحل". وسقطوا "اسلاميا" واخلاقيا الى درجة خيانة ابسط تقاليد الوفاء وتسليم كارلوس يدا بيد للمخابرات الفرنسية، وطرد بن لادن إرضاء للاميركيين، واخيرا لا آخرا الاعتقال غير المبرر، الذي دام سنوات، للدكتور حسن الترابي احد ابرز المفكرين الاسلاميين عالميا والقائد الاسلامي السوداني الابرز. وهذا كله ادى بالطبع الى شق صفوف الحركة الاسلامية في السودان وتساقط الكثير من عناصرها. وهذا يتيح "فرصة تاريخية" للسي آي إيه والموساد للاصطياد في هذا الماء العكر وتجنيد مجموعات مشبوهة، تحت مختلف الاجتهادات والفتاوى "الاسلامية" الزائفة. ولا سيما بعد "الرصيد السياسي" و"الاخلاقي الانساني" الكبير الذي "تفضلت" السلطة "الاسلامية" في السودان بمنحه للادارة الاميركية، وبشكل أخص للمخابرات الاميركية، بتمكينها من لعب دور "وسيط الخير" و"عراب السلام" في السودان. هل سيكون "الحل الاميركي" للسودان حلا حقيقيا؟ هذا امر مشكوك فيه. وهو بالتأكيد لن يكون افضل من "الحلول" الاميركية لفلسطين ولبنان والصومال وافغانستان والعراق الخ. ولكن هناك "حقيقة سودانية" لا بد من الاعتراف بها، وهي: لقد طحنت الحرب العبثية المشبوهة السودانيين بشكل لا مثيل له، فذهب ضحيتها ما لا يقل عن المليوني قتيل، واكثر منهم بكثير من المعاقين والمشردين، وتحول السودان شديد الغنى بخيراته الطبيعية الى احد افقر بلدان العالم، وعاد قرونا الى الوراء لترجع فيه "تجارة الرقيق" بالذات. ولذلك ليس من الخطأ تسمية القطاع السوداني من وادي النيل "وادي الدموع"، ذلك ان النيل اصبح له فعلا رافد اضافي هو الدموع الحرى لابناء الشعب السوداني المظلوم، الذي ابتلي بقادته وأولياء اموره وأصدقائه اكثر مما ابتلي بأعدائه. وقد حدث ذلك كله بمشاركة، وعلى مسؤولية، "الاسلاميين!"، وتحت الشعارات "الجهادية!" "الاسلامية!". ونستطيع ان نستنتج، والحالة هذه، ماذا سيكون "الحصاد المخابراتي والمافياوي" الاميركي في السودان، حينما يقوم "الاسلاميون!" هؤلاء انفسهم بالاعتراف للاميركييين، وبمنحهم، دور "الاصدقاء" و"حمائم السلام" و"ملائكة الرحمة" للشعب السوداني. واذا سارت السلطة السودانية الحالية في الخطأ حتى نهايته، وسمحت بتواجد قوات اميركية وحليفة لها في السودان، بصفة "مراقبين" و"قوات فصل" و"قوات حفظ سلام"، على غرار ما جرى في البلقان، فإن قواعد هذه القوات ستتحول الى مراكز رئيسية لتوريد وتوزيع المخدرات على "الاصدقاء" السودانيين، بدون حسيب ولا رقيب.
و ـ إن بعض "الاسلاميين!" لم يجدوا في نفوسهم اي وازع اخلاقي او قومي او ديني يمنعهم من "الافتاء" والتخطيط وتنفيذ التفجيرات في مدينة الرياض السعودية، ضد مجمع سكني يقطنه مواطنون عرب عاديون، ذنبهم الاول والاخير العمل لتحصيل لقمة العيش ولا يتحملون اي مسؤولية عن السياسة الاميركية وسياسة النظام الحاكم في المملكة، بحيث أوقعوا فيهم عشرات الاصابات بين قتيل وجريح، من الضحايا البريئة بكل معنى الكلمة، ـ مثل هؤلاء "الاسلاميين!" واشباههم لن يكون لديهم اي وازع اخلاقي او ديني يمنعهم من التحول الى ناشري سموم المخدرات بين صفوف المواطنين العرب والمسلمين الذين يؤمون السعودية لأي داع كان بما في ذلك الداعي الديني. والشيء ذاته يقال عن الذين نفذوا المجزرة الرهيبة التي ذهب ضحيتها مئات الاشخاص، في احد اهم الاماكن المقدسة الشيعية، في عملية اغتيال السيد محمد باقر الحكيم. فأي وازع يمنع هؤلاء وامثالهم من تحويل هذه الاماكن المقدسة ذاتها الى مراكز لشبكات المخدرات.
و ـ واخيرا لا آخرا يمكن ذكر امثلة متتالية كثيرة عن الوضع في الجزائر والمغرب وصحراء البوليساريو وتونس وموريتانيا وغيرها، وامكانات المخابرات الاميركية والاسرائيلية والغربية للتغلغل، ولا سيما عبر مهمة "سهلة" كتجارة المخدرات، لا تتطلب من القائمين بها "الخيانة المكشوفة" للوطن والدين، ولا التخلي عن او الغدر بالتنظيمات التي يكون الانتماء اليها، بل "المزايدة" في "التمسك بها" وفي "خدمتها".
من اجل الوصول الى هدفها الستراتيجي، على الصعيد الذي نحن بصدد مناقشته، فإن العصابة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية اصبحت تمتلك الان وضعا ستراتيجيا ملائما في مركزين دينيين رئيسيين، هما مركز القدس وفلسطين، والمركز العراقي. وهذا الوضع هو الاحتلال، الاسرائيلي لفلسطين، والاميركي للعراق. ولتثبيت هذا الوضع الايجابي بالنسبة لهذه الطغمة، وللسير في مخططها الجهنمي، فهي بحاجة الى حل معضلة "العقبات" التي تمثلها استقلالية وصمود الساحة السورية ـ اللبنانية، وايران، والسعودية وبلدان الخليج العربي الاخرى. إذ انه اصبح من الواضح تماما ان الامبريالية الاميركية وشريكتها الصهيونية العالمية، وبالرغم من كل الاراجيف، لم تعودا تحتملان وجود اي دولة عربية او اسلامية ذات حد ادنى من الاستقلالية، حتى لو كانت تلك الدولة من اقرب حلفاء اميركا "تاريخيا" كما هو الامر بالنسبة للسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي. فقد بلغ الشطط بالاميركيين حدا لا يطاق، اصبحوا معه يعتبرون حتى القيام بالواجبات الدينية البسيطة، كالصلاة والدعاء والزكاة ومساعدة الايتام والارامل والفقراء اعمالا "ارهابية" تهدد "الامن القومي" لجزيرة كريستوف كولومبوس التي تبعد آلاف الاميال عن شبه الجزيرة العربية.
فهل تقدم اميركا، مع او بدون اسرائيل، بشن الهجوم على سوريا ولبنان واحتلالهما؟
وهل تقدم على احتلال ايران؟
وهل تقدم على افتعال احداث في السعودية، او اي بلد خليجي آخر، لايجاد الحجة لاحتلاله، او لاجبار حكامه على طلب "النجدة" وتحقيق الاحتلال باسم "الصداقة" و"الانقاذ" وما اشبه من الاكاذيب، على طريقة اكذوبة الدمقراطية واسلحة الدمار الشامل في العراق، علما ان الاكاذيب اصبحت سياسة قومية عليا للدولة الاميركية، تخضع لها جميع المؤسسات الاميركية، وتكيـّف على قياسها الدستور والقوانين الاميركية.
كل شيء هو متوقع، بوجود ادارة اميركية تديرها عصابة انغلو ـ ساكسونية ـ صهيونية مجرمة، ولا تتمتع بحد ادنى من شعور المسؤولية، تجاه مصير شعبها ذاته، وجنودها الذين تلقي بهم الى التهلكة في ظروف لاانسانية، فكيف بها تجاه "الاغيار"!
ولكن الامور على الارض ليست بهذه البساطة. فالواقع ان سياسة الاحتلال لا تسير كما يرام، بالنسبة للاسرائيليين والاميركيين على السواء:
1 ـ فبعد اكثر من قرن كامل من قرار المنظمة الصهيونية العالمية، في مؤتمرها في مدينة بال بسويسرا بزعامة تيودور هرتزل، بإنشاء دولة اسرائيلية، يعيش فيها اليهود "كمواطنين احرار" حسب زعمهم، هربا من "الغيتوات" الاشبه بـ"زرائب بشرية"؛ وبعد اكثر من ثلاثة ارباع القرن على "وعد بلفور" واكثر من نصف قرن على قيام اسرائيل "واحة الدمقراطية" في "صحراء" الشرق الاوسط، ـ بعد كل هذا الزمن، فإن سياسة الاحتلال واغتصاب الاراضي والتوسع لم تحل مشكلة "اليهودي التائه" وبالاخص "عقدة الغيتو" في نفسه المريضة. وها ان سياسة الاحتلال ذاتها تدور كل هذه الدورة الزمنية المأساوية لتصل الى "حل!" الجدار الامني العازل. لا شك ان هذا الجدار هو مأساة انسانية يومية للمواطنين الفلسطينيين الذين لا يد لهم ولا حيلة ولا ادنى مسؤولية عن "العقد التاريخية لليهود". ولكن من زاوية النظر اليهودية ذاتها، فإن هذا الجدار هو اكبر نكسة في تاريخ الحركة الصهيونية، وتاريخ اسرائيل، منذ نشوئهما، إذ انه يعود باليهود القهقرى الى الوراء... الى "عقدة الغيتو" المميتة، التي سيكون لها آثار مدمرة على "المجتمع" الاسرائيلي، من داخله بالذات.
2 ـ ان الاحتلال الاميركي لافغانستان، ثم ولا سيما للعراق، اثبت فشله التام في كسر شوكة الشعب الافغاني، وخصوصا الشعب العراقي. كما اثبت فشله في تركيب نظام حكم محلي جدير بالحياة، في كل من البلدين. واذا كان نظام الحكم الدمية في افغانستان، الذي وضع على رأسه عميل قديم للسي آي إيه، بشخص قرضاي، لا يوجد ابعد من كابول، وبحماية الجيوش الاميركية و"الحليفة" المزعومة، فإن شخصيات "الحكم" الدمية في العراق لا "يحكم" اي منطقة عراقية على الاطلاق، وهذه الشخصيات لا "توجد" في الحياة السياسية العراقية الا بقوة انتماءاتها العشائرية والمذهبية التي "تعطي" الاحتلال اكثر مما تأخذ منه. ومع كل يوم يمر يتضح اكثر فأكثر ان الاحتلال الاميركي في العراق يغرق اكثر فأكثر في مستنقع لا يكاد يبان له قرار. وقد بدأ هذا الاحتلال بسرعة، اكثر مما جرى في فيتنام ذاتها في حينه، يتحول الى "مشكلة اميركية" داخلية وخارجية معا.
وهذا لا يعني ابدا، الا لمسطحي التفكير، ان الابواب اصبحت موصودة امام العصابة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهوينية، التي تمسك بزمام الحكم، واكثر، في اميركا واسرائيل، واكثر. فالمأزق الاحتلالي المزدوج، الاسرائيلي والاميركي، يدفع هذه العصابة لأن تناور وتبحث عن مخارج اخرى. وهي، للاسف، موجودة.
ويأتي على رأس هذه المخارج: "لبننة" المنطقة العربية، ومنطقة الشرق الاوسط والقرن الافريقي وافريقيا الشمالية ككل، وتحويلها الى "جنة" لتجارة المخدرات، ولا سيما الاماكن المقدسة واماكن الحج.
ان التجربة اللبنانية كان لها وجهها المشرق، بدون ادنى شك، من وجهة النظر الوطنية والقومية، ولا سيما لجهة دحر الاحتلال الاسرائيلي بدون اتفاقات وبدون قيد او شرط، كما كان يجري في الانسحابات الاسرائيلية من بعض الاراضي العربية المحتلة الاخرى. ولكن من جهة ثانية، علينا ان نعترف ان مخطط "التفكيك الداخلي" للبنان قد نجح هو ايضا. وجرى تكريس هذا التفكيك في الدستور ذاته. والنتيجة كما نرى: نظام اجتماعي ـ سياسي تنخره الطائفية والعشائرية والمحسوبية والفساد، وشعب مظلوم يعيش كالدخيل على ارضه، وقوى سياسية ونقابية مصادرة الارادة وشبه مشلولة، والسفير الاميركي يسرح ويمرح وينتقل في زياراته "الودية" بين مختلف المناطق ومختلف القوى السياسية، بالسهولة التي يتنقل بها المرء بالمصعد من طابق الى آخر. في الماضي كان يقال ان اصغر طائفة ـ دولة هي دولة ضمن الدولة، وأقوى من الدولة ذاتها في لبنان. اما بعد، في عهد "جمهورية الطائف"، وبالحضور الفعال للعامل "القومي"، بشخص "الوجود السوري" البائد، فليس سرا على احد ان دولة المافيات، بكل اشكالها، اصبحت هي "الطائفة" او "الحزب" او "النقابة"، الاقوى من اي طائفة او حزب او نقابة اخرى، وطبعا اقوى من الدولة ذاتها في لبنان. وهذا يطال الدولتين اللبنانية والسورية معا. وهذه "الحالة" "اللبنانية" و"السورية" هي حالة مثلى لعمل جميع اشكال وجنسيات المافيات، بدءا من مافيات القتلة المأجورين وانتهاء بمافيات المخدرات، باشراف ومساندة "السي آي إيه" و"الموساد" وكل اصناف المخابرات الغربية المعادية على المكشوف، او المعادية بلبوس "الصداقة" الزائفة.
وكل الدلائل تشير ان مخطط تعميم هذه "الحالة" "اللبنانية" هو جار على قدم وساق ضمن السيناريو التالي:
ـ ضغط شديد سياسي وامني واقتصادي وعسكري من الخارج، ضد البلد المقصود.
ـ تفجير واستغلال شتى التناقضات الداخلية.
ـ استقطاب وزرع ورعاية وتنمية المجموعات المشبوهة، تحت شتى الاغطية، ولا سيما الغطاء الديني.
ـ استخدام كل قواعد الحرب والخدع الحربية في هذا المخطط الجهنمي، ومن ذلك "القرقعة" في مكان والضرب في مكان آخر. وفي هذه اللحظات نرى كيف تقوم ضجة كبرى ضد سوريا، ولكن يجري الضرب في السعودية.
واذا تجردنا جدلا عن التصنيفات التقليدية: رجعي ـ تقدمي، ملكي ـ جمهوري، تقليدي ـ عصري، محافظ ـ اصلاحي، الخ. فلا يمكن سوى الاعتراف بأن النظام السعودي يمثل حجر اساس في الاستقرار والاستقلال النسبيين للمجموعتين العربية والاسلامية معا. وان ضرب الاستقرار في السعودية، سيشكل ضربة قاصمة لتماسك كل من هاتين المجموعتين، مما يسهل السيطرة على اي من دولهما، وعلى الكثير من الحركات الشعبية فيهما، وبالاخص بعض الحركات "الاسلامية!". والمخدرات ستكون بمثابة "المدفعية الثقيلة" الستراتيجية، للفساد والافساد، التي ستستخدمها العصابة الانغلو ـ ساكسونية ـ الصهيونية لدك اسوار النظام السعودي، اكثر بكثير مما تفعله الان متفجرات الجماعات المسماة "اسلامية!" و"ارهابية منحرفة" او "متطرفة".
وبعد السعودية، او الى جانبها، سيأتي دور اي دولة خليجية، ودور ايران، ودور ـ خصوصا ـ سوريا، التي تأتي على رأس اللائحة، والتي يجري تجميع كل العناصر الضرورية للشروع في ضربها انطلاقا من "خاصرتها الرخوة" ـ لبنان، ولنقل جراثيم "العدوى اللبنانية" ـ الطائفية، العشائرية، الخ ـ اليها.
ولا يجب ان يغيب عن البال ان المافيات اللبنانية والسورية تنتظرها، في هذا المخطط الجهنمي، "جائزة كبرى" خاصة بها، ولا يزاحمها فيها مزاحم، وتتمثل في: العودة لاباحة زراعة المخدرات في سهل البقاع، على الطريقة الافغانية، وتحويل المرافئ البحرية والجوية اللبنانية والسورية الى مراكز انطلاق ممتازة، لتهريب المخدرات الى اوروبا الغربية واميركا بالذات، دون الحاجة للمرور بخطوط طويلة تمتد مئات وألوف الكيلومترات، كما هو الحال بالنسبة للمخدرات الآتية من افغانستان.
وكما "أفتى" فيما مضى "مفتي" بر الاناضول للسلطان سليم الاول بـ"شرعية" "فتح" مصر المسلمة، بحجة أن اهلها "نجسون" لانهم يغتسلون ويتوضأون ويشربون من مياه النيل، التي يبول فيها الكفار المشركون اليهود والنصارى، فلن يكون مستغربا، ولا سيما في زمننا العكر، ان يوجد من "يفتي" بتغطية تحويل الارض العربية، بما في ذلك بالاخص الاماكن المقدسة، الى مراكز زراعة وتهريب للمخدرات، بحجة "شرعية" غزو الغرب "الكافر" بـ"سلاحه!". وطبعا ان "السي آي إيه" و"الموساد" واضرابهما ستكون اول المصدقين على مثل هذه "الفتاوى"، وربما "مصدرها" الاول.



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يجري تحضير لبنان لحكم دكتاتوري -منقذ!-؟
- أسئلة عبثية في مسرح اللامعقول
- الجنبلاطية والحزب التقدمي الاشتراكي
- وليد جنبلاط: الرقم الاصعب في المعادلة اللبنانية الصعبة
- القيادة الوطنية الجنبلاطية والنظام الدكتاتوري السوري
- القضية الارمنية
- سوريا الى أين؟
- سنتان على الحرب الاميركية ضد العراق2
- سنتان على الحرب الاميركية ضد العراق
- وماذا بعد الانسحاب السوري من لبنان؟
- جنبلاط، القضية الوطنية والمسيحيون الدجالون
- المفارقات التاريخية الكبرى في الازمنة الحديثة وتحولات المشهد ...
- المسيحية العربية والاسلام في المشهد الكوني
- من هم مفجرو الكنائس المسيحية في العراق؟! وماذا هم يريدون!؟
- الامبريالية الاميركانو ـ صهيونية و-شبح الارهاب-: من سوف يدفن ...
- العراق على طريق -اللبننة- الاميركية!
- أضواء على انشقاقات الستينات في الحزب الشيوعي اللبناني: الاضا ...
- مؤامرة اغتيال فرج الله الحلو


المزيد.....




- غيتار بطول 8 أقدام في موقف للمركبات الآلية يلاقي شهرة.. لماذ ...
- ساعة ذهبية ارتداها أغنى راكب على متن -تيتانيك-.. تُباع في مز ...
- اغتيال -بلوغر- عراقية وسط بغداد.. ووزارة الداخلية تفتح تحقيق ...
- ثوران بركان إيبيكو في جزر الكوريل
- -إل نينو- و-لا نينا- تغيران الطقس في أنحاء العالم
- مكسيكي يقول إنه فاز بشراء أقراط بـ28 دولارا بدل 28 ألف دولار ...
- سيناتور روسي يقيم جدوى نشر أسلحة نووية أمريكية في بولندا
- هذا هو رد بوتين على المساعدات لأوكرانيا من وجهة نظر غربية (ص ...
- الولايات المتحدة تطور طائرة -يوم القيامة- الجديدة
- الجيش الروسي يستعرض غنائمه من المعدات العسكرية الغربية


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جورج حداد - حرب الافيون العالمية الاولى في القرن 21: محاولة السيطرة على العالم عبر السيطرة على سوق المخدرات