أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف خوري لطيف - كنيسة الله التي إقتناها بدمه















المزيد.....

كنيسة الله التي إقتناها بدمه


شريف خوري لطيف

الحوار المتمدن-العدد: 4414 - 2014 / 4 / 4 - 22:40
المحور: المجتمع المدني
    


الكنيسة هي فردوسنا الأرضي التي كانت ثمرة خطة خلاص إلهية عبر آلاف السنين، وشعبها هم جماعة المؤمنين للكنيسة المجاهدة والذين يمثلون مع جوقة السمائيين للكنيسة المنتصرة، سحابة الشهود المسبِّحة والمرنمة لرب المجد، فإن كان ربنا هو أبينا السماوي فالكنيسة هي أمنا على الأرض وأغلى جوهرة حقيقية نملكها وإقتنيناها بالنعمة الإلهية، فهي السراج المضيء لظلمة العالم وهي الملكة المتوجة التي أجلسها المسيح عن يمينه و فُلك نجاتنا من هذا العالم، فليس طبيعياً أن تشذ جماعة من المصلين و يغردون خارج سرب سحابة شهوده التي ينبغي لها أن تسبح لإسمه القدوس!

فأي دفاع أو تبرير لما حدث من غناء وتطبيل وتصفيق داخل كنيسة العذراء ومار مرقس - شاتنى مالابري بفرنسا- لهو نوع من الإستهانة والتفريط في قدسية الكنيسة، فلا نلوم أبداً السادة المحترمين ضيوف الكنيسة فهم مرحِّب بهم كل حين لأنهم لا يعرفون شيئاً عن طقوسها ولا الآدابيات المتبعة لقدسيتها وعذرهم معهم وكان يجب توفير المكان المناسب للإحتفال بهم بحيث لا يكون أمام المذبح، فاللوم وكل اللوم على كاهن الكنيسة وشعبها المصفق، فالكنيسة تمنح محبتها بلا تمييز لجميع الناس ولكن المحبة لا تعني التفريط في أثمن ما نملك من مقدسات، فيكفينا ما حدث من حرائق وتدمير لحق بها في الفترة الأخيرة، نفسها المحبة التي لا تتعارض ولا تخلط الأمور إن نظرنا بعين الحكمة الفاحصة لعمق الأمور لتمييزها و لنضع كل أمر في موضعه الصحيح ! فمجاملات الكنيسة ودورها الخدمي والإجتماعي وتكريمها للناس شيء جميل ومحبب و مطلوب إجتماعياً وثقافيا ولكن هذا كله يتم في المكان المخصص له بقاعات ومسرح والمباني الخدمية الملحقة بالكنيسة و ليس بإنتهاك قُدسية مذبح و بيت العليِّ.

فحادثة الغناء داخل الكنيسة وإن كانت جائت بتلقائية فهي حادثة لم تأتينا فجأة، لأنها نتيجة طبيعية لما سمحنا به نحن من قبل من دخول قيادات وسياسيين بعد ثورة 25يناير ليجلسوا مكان خورس الشمامسة و الإكليروس أمام المذبح وليعقدون مؤتمراتهم ودعاياتهم الإنتخابية وتم إستباحة الكنيسة والتهاون فيها بالهتافات والتصفيق وكانت النتيجة حكم ديني إخواني إستباح الكنيسة ليعرضوا فيها بضاعتهم السياسية ومشروع دولتهم الدينية داخل الكنائس وعندما سقوط حكمهم كانت الكنائس التي دنستها أقدامهم هي أول ما نهبوها وأحرقوها و ولعوا فيها بالمولوتوف لتكتمل إستباحتهم عن آخرها، حين أدركوا أنهم سينزلون من فوق كرسي الحكم وهم يجرون أذيال خيبتهم وسيُقتلع شيطانهم مدحوراً في مساوماته ومخططاته ضد شعبها فخرج منها ناقماً عليها فأحرقها نافثاً سموم بُغضته، فكُنا كمن أعطينا القدس للكلاب و طرحنا دُررنا الثمينة تحت أقدام الخنازير كما قال رب المجد وكانت النتيجة أن إلتفتت الكلاب فمزقتنا أشلاءاً وهي تخرج حاملة معها بضاعتها العفنة لتنتقم وتدوس مقاديسنا وتحرق بيوتنا وتقتل أبنائنا وتنهش أجساد بناتنا !.

فيأيها الرعاة يا من إئتمنكم رب المجد على كنيسته أسألكم بحق هذه الدماء المسفوكة لأجل هذه البيعة المقدسة ولأجل دمه الذي دشن به أرواحنا ومذبح كنيسته، أي شركة للنور مع الظلمة كما تسائل الإنجيل ؟! وأي مجد جنت الكنيسة من العالم غير كل إستباحة وتدنيس وخراب وحرائق مازالت الكنيسة تنزف بسببهم ؟! فأي تنازلات وتهاون عن مجد المسيح الذي ألبسه لنا وإقتنيناه سنجني بدلاً منه مجد العالم وكل أباطيله. فـ «غيرة بيتك يارب أكلتني»« مز69»، فيا رعاة خراف المسيح، يسوع يقول لكم: » لا تجعلوا بيت أبي بيت تجارة »« يو2 ». ولا للمساومات على أباطيل العالم ولا تنازلات ولا مفاوضات ولا دعايات سياسية تجرى داخلها فالآباء و الرعاة دورهم لا يتعدى خدمة الكلمة الإلهية المقدسة التي إئتمنهم عليها السيد المسيح، لا أن نجعل الكنائس منابر لألاعيب السياسة وخبث المرتزقة منهم وعبث الثعالب الصغيرة المفسدة للكرم للنيل منها، ولا للهتافات والتطبيل و التصفيق لتنجرف الكنيسة شيئاً فشيئاً في تيارات العالم كما يريدون لها، فقدسيتها تعني قدسية الذبيحة المقدسة، أي جسد و دم عمانوئيل إلهنا، قدسية الكنيسة تعني الحضرة الإلهية كل حين لأنها مسكن العليِّ وموضع قدسيته على الأرض. فهي صورة المسيح الممجدة وجسده، و يجب أن تنعكس صورته على شعبه الذي هو ميراثه و أعضاء جسده والممجدين فيه والذين أفرزهم عن العالم وأسماهم بقطيعه الصغير ومنحهم إسمه.

قدسية الكنيسة وآدابياتها علمتنا منذ طفولتنا عدم التصفيق والهتاف ولا الكلام بصوت مرتفع ولا لكلمات خارج كلمات الوعظ و التمجيد والتسبيح لصاحب البيت. وكل من يتهاون بتفريط في كنيسته ويصفنا بالتشدد والإنغلاق والإنعزالية وعدم الإستنارة فهو من يدعم إستباحة الكنيسة وأسرار المقدسة والنعمة الإلهية المزخرة فيها و يفرَّط فيها لحساب العالم، ولم يفهم معني الإستنارة الروحية الحقيقية التي طالبنا بها ربنا وإلهنا الذي هو أبو الأنوار والإستنارة والمُزخر فيه كل كنوز الحكمة والمعرفة، ودشن بأسراره الإلهية مذبحه وأعمدة كنيسته وأيقوناته بزيت الميرون المقدس كما دشن تماماً أرواح شعبه وقدسهم فيه، فالكنيسة هي الكرمة المقدسة الحاملة لعنقود حياتنا وأرواحنا والتي من القداسة أن نخلع نعلينا قبل دخولنا إليها لملاقاة حضن الآب وهيبته لا أن نهينه بمهاترات العالم، فالحضرة الإلهية لإلهنا يسوع حاضر بروحه القدوس كل حين حيثما إجتمع إثنين أو ثلاثة بإسمه كما أوصانا، فكيف في حضرته يتحول خورس ترانيم وتسبحة الشمامسة والإكليروس لمغنى وتصفيق وتهريج أمام مذبحه المقدس؟! لنحزن قلب الله فيقول لنا:« رعاة كثيرون أفسدوا كرمي، داسوا نصيبي. جعلوا نصيبي المشتهى برية خربة»« إر12: 10»؟! حاشا أن ندوس نصيبك ونهين قدسيتك و بيتك أيها الرب الإله.

فمن يتهمنا بالإنغلاق والتشدد لا يستطيع أن ينكر أن كنيستنا القبطية أول من شيدت المسارح و قاعات الإجتماعات والإحتفالات ومناسبات العزاء منذ القرن الأول الرسولي لخدمة أنشطتها الثقافية والدينية والتربوية والخدمية، فلسنا بمعزل عن العالم ولكن لكل مقام مقال ولكل إحتفال و مناسبة مكانها المخصص لها، فالكنيسة هي حضن الأم وتحضن الجميع فيها وهي الملكة المتوجة عن يمين الله والتي تحتوي فيها العالم لتقوِّمه وتقدسه فيها لا أن يحتويها العالم فيه فيُهينها، فنحن نؤمن بضرورة إنفتاحها على العالم لخدمة كلمته ونشر خلاصه للعالم بفرح بشارته التي أوصانا المسيح أن يُكرز بها للمسكونة كلها، لهذا فهي التي تؤثر بإستنارتها وجوها الروحاني على العالم وليس العكس، فالكنائس دعاها رب المجد بـ« المناير الذهبية»«رؤ1» لأنه أبو الأنوار والإستنارة، فإستنارتها من داخلها ومن كنوز أسرارها المقدسة وليست إستنارة مستمدة من العالم، لتنير هي العالم بمجدها وبكرامة وهيبة الرب العليِّ.

فمرفوض أي تنازلات تستبيح قدسيتها تحت أي إستفزازات ممن لا يفهمون معنى إحترام قدسية و آدابيات وطقوس الكنيسة، و لمن يصفنا بقصور فكرنا وإنغلاقنا وعدم إستنارتنا يقول لهم داود النبي:«بِبَيْتِكَ تَلِيقُ الْقَدَاسَةُ يَا رَبُّ إِلَى طُولِ الأَيَّامِ »« مز 93: 5».
لنسجد أمام هيكلك المقدس بخشوع لا أن نغني ونصفق أمامك « أَمَّا أَنَا فَبِكَثْرَةِ رَحْمَتِكَ أَدْخُلُ بَيْتَكَ. أَسْجُدُ فِي هَيْكَلِ قُدْسِكَ بِمخَاَفَتكَ»«مز5: 7». فلا أحد يقبل أبداً أن تتحول دور عبادته لملهى ومغنى و يتحول المُصلين لجمهور يصفق بيديه بدلاً من أن يتضرع بها بخشوع وإنسحاق قلب، فرق كبير بين مفهوم الإستنارة وما يحدث للكنيسة من إستباحة وإنتهاك لحُرمتها !، الكنيسة جوهرة النعمة الثمينة التي تتلألأء بقدسيتها والمُزخر فيها نعمة أسراره وأقامنا عليها وأوصانا برعايتها: « لترعوا كنيسة الله التي إقتناها بدمه »« أعمال20: 28».




#شريف_خوري_لطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا إما تتفكك الدولة !
- صليبك يا ماري، محنة برهامي
- الشفاء بالطب الإنجيلي !
- ارفعي حجابك، هذه ثورة !
- متى تدُق أجراس الكنيسة بالسعودية ؟!
- صراع الآلهة، و دول الحريق العربي
- عندما تُغتال آدمية الإنسان مرتين !
- أنَصَافُنا تَتَآكل
- الفراعنة، و قصة حب خالدة
- نون النسوة لا تُريده ذكر وسيم !
- الترهيب الفيسبوكي
- أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ ال ...
- كنيسة العذراء الأثرية بدير المِحرَّق أول كنيسة تُدشن بمصر وا ...
- لقد وقعنا في الفخ الدستوري!
- القبطي كائن ساقط قيد دائماً !
- يقولون أن المرأة نجسة !
- باسم يوسف، انتقد ولا تبتذل
- هل أنزل الله ديانات سماوية بشرائع متفرِّقة ؟
- مِحنة الإسلاميين مع الهوية المصرية ‘‘ أولاً: معضلة القومية ا ...
- لماذا تدعم أمريكا والغرب الإسلام السياسي ؟


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف خوري لطيف - كنيسة الله التي إقتناها بدمه