أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف خوري لطيف - متى تدُق أجراس الكنيسة بالسعودية ؟!















المزيد.....

متى تدُق أجراس الكنيسة بالسعودية ؟!


شريف خوري لطيف

الحوار المتمدن-العدد: 4387 - 2014 / 3 / 8 - 22:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سؤال صعب وغريب قد يعتبره البعض نوع من الجنون أو درب من الخيال! خصوصاً بعد الضجة الإعلامية و ردود الأفعال الأخيرة، وما بين نفي و تأكيد للخبر، ولم تهدأ الدنيا إلا عندما نفت الكنيسة المصرية خبر إقامة كنيسة قبطية بالمملكة السعودية ! وخروج الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة على القنوات لينفي خبر تدشين كنيسة بالمملكة، وسفره للسعودية مؤخراً كان لزيارة رعوية لأبنائه الأقباط العاملين هناك.
ليس ما يهمنا الخبر ذاته ولكن كمْ ردود الأفعال على هذا الخبر، وهي ردود لم تكن تحمل أكثر مما توقعناه ولا أكثر من المسكوت عنه منذ مئات السنين والذي يعلمه الجميع من ثقافات عربية لا تحمل روح المحبة ولا التسامح، وكأن الكنيسة ليست بيت من بيوت الله! فقد سبق لسفير الفاتيكان أن صرح عام 2008 ببحثه بناء كنائس بالمملكة للعمالة الأوروبية المسيحية بالسعودية، فكان الرد معروفاً مسبقاً وهو على بابا الفاتيكان وكنائسه أن يعترفوا بالإسلام أولاً لأن السعودية تحظر على الديانات الأخرى ممارسة شعائر دينها على أراضيها !
طبعاً ولأن الرد كان صدمة للعالم، فلا علاقة للإعتراف بالأديان بإقامة دور عبادة تتعبد فيها الشعوب حين تنتقل بين الدول، وإلا ما وجدنا معبداً للبوذيين في دول الغرب المتقدم فكرياً وحضارياً بأوروبا و أمريكا، ولما وجدنا كنائس في دول جنوب شرق آسيا عند من يعبدون البقر ويسجدون للشمس! فبحسب ما أذاعته وكالة الأنباء الفرنسية «ا ف ب» عام 2008: «المسيحيون في السعودية حوالي ثلاثة إلى أربعة ملايين وحتما نأمل أن تكون لهم كنائسهم»، فإقامة دور العبادة للأديان وللأخر مطلب إنساني ولا يخالف هذا ثوابت الدين في شيئاً، وليس له ثَمَّة علاقة بإعتراف أصحاب دين بدين الأخر!

فلا يخفى على البعض أن السعودية مازالت بها بقايا كنائس حتى الآن وقبل أن يحكمها الفكر الوهابي لـ «آل سعود»، فبخلاف كنيسة جبيل التابعة للمذهب النسطوري وهي كنيسة من القرن الرابع الميلادي و التي إكتشفت عام 1986، ورغم تخريب الزمن والتخريب العمدي لطمس حقيقتها إلا أن الصلبان المحفورة على الجدارن مازالت لم تخفِ معالمها، والأغرب أن هيئة الآثار السعودية لم تخرج بتقرير رسمي عن هذه الكنيسة حتى الآن ولا تصنفها ضمن آثارها التاريخية !

إلا أن الكثيرين لا يعلموا أن بالمملكة السعودية كنيسة حديثة هي « كنيسة جدة أو الكنيسة البريطانية بجدة»، وهي كنيسة أنجليكانية بريطانية من القرن التاسع عشر على الطراز المعماري الأوروبي بحيِّ البغدادية خلف فندق الأزهر ومسجد الجفالي، كان يصلي فيها البحارة البريطانيين والأوروبيين حين ترسو سفنهم بميناء جدة و كذلك تخدم الجاليات الأجنبية المقيمة قبل قيام الدولة السعودية والحكم الوهابي لـ «آل سعود»، و كانت الكنيسة خارج منطقة المباني قبل هدم سور جدة القديم 1947 بمنطقة السبع قصور بالبغدادية، و طرازها المعماري يختلف عن بقية مباني جدة في العصر الذي بنيت فيه وحتى اليوم، و رغم إنكار المسؤولين السعوديين لهذه الحقيقة وإدعائهم أنها عبارة عن منزل ملك للشيخ محمد على عبده، فإن كان إدعائهم صحيح فأين أبناء أو ورثة الشيخ عبده هذا منذ موته في أواخر خمسينات القرن الماضي و لأكثر من خمسين عاماً ؟! فلماذا لم يقوموا بهدم المبنى ضمن عمليات التجديد والتغييرات الكبيرة من هدم لكل ماهو قديم وإعادة بناء العمارات والأبراج الشاهقة بتلك المنطقة ؟!

فالمبني متفرد بطرازه المعماري القوطي ومنارته التي كانت تحمل جرس الكنيسة مازالت واضحة المعالم حتى الآن، و إدعائهم بأن المنارة هي فنار قديم لهداية السفن درب من الأكاذيب، فمنارة الكنيسة لا ترتفع بالقدر ولا ترتقي لإرتفاع فنارات السفن والمبني من طابق واحد ولا يطل على الميناء بل يبعد أساساً عن بحيرة الأربعين بجنوب شرق المدينة، وإختلاف المبنى عن باقي نمط أبنية جدة القديمة والحديثة حيث نعلم جميعاً كيف كان المعمار السعودي قديماً في القرن التاسع عشر،فإدعائهم بإنه مبني على النمط الحديث الذي طرأ على جدة بعد إزالة سور جدة عام 1947 كلام فارغ لأن المبنى موجود قبل هذا التاريخ بمائة عام على الأقل.
والذي يدقق في هذا المبنى من الداخل والخارج يلاحظ أنه في الجهة المقابلة للمدخل توجد حجرة صغيرة حيث يقع هيكل الصلاة وهو مكان خدمة الكاهن، والمبنى مترامي الأطراف منقسماً لجهة يمنى وأخرى يسرى ذات أرضية خشبية، والأقواس الغائرة بالجدران تقول أنها كانت مكان للأيقونات واللوحات الجدارية، وأعمدة السقف الزيادة والبارزة فوق الجدران تؤكد أن سقفها كان عبارة عن أقواس تعلوها قباب، والمبني كله على شكل صليب رأسه مظلة مدخل الكنيسة ذاتها أسفل منارة تعليق الجرس .
و الحقيقة الوحيدة لبقاء هذه الكنيسة كما قال بعض السعوديين أنفسهم، أن المسؤولين بالمملكة لا يحق لهم هدمها ولا التصرف فيها، لأنها أملاك تابعة للكنيسة البريطانية التي لا تستطيع إعادة ترميمها إلا بتصريح من البلدية وهذا مالا يمكن التصريح به ولا إعطائهم رخيصة بإعادة الترميم، لهذا بقى وضع هذه الكنيسة على ما هو عليه إنتظاراً لإنهيار كامل لجدران المبني.

هذا بخلاف مقبرة الخوجات والتي تقع بـ «حي البلد» بجدة أيضاً لدفن غير المسلمين،و تعود قبل خمسة قرون لعام 1520 منذ عهد حرب البرتغاليين على جدة، وعلى سورها مكتوب:«شارع مقبرة الخوجات81» وهي نفس المقبرة التي ذكرها الرحالة و المستشرق ديدييه في كتابه وهي بجنوب جدة خارج السور القديم بالقرب من شارع الميناء حالياً، وبداخلها مئات القبور بشواهدها المرمرية، وتتولى مسؤولية الإشراف والصرف عليها كل عام إحدى السفارات الثلاثة الأمريكية والبريطانية والفرنسية بالتبادل .
ويذكر المستشرق الرحالة والمؤرخ الفرنسي شارل ديدييه « 1805- 1864» والذي قام برحلته للحجازعام 1954 وألف كتابه «رحلة إلى الحجاز» الذي نشره عام 1856،حيث يقول في الصفحة 174- 175 :{أتى زمن لم يكن فيه وجود غير المسلمين في جدة مسموحاً، كما هو الحال عليه اليوم، في المدينتين المقدستين، لم يكونوا يجرؤون على الظهور بملابسهم الأوروبية، وإن ماتوا فإن رفاتهم كان يحمل إلى جزيرة صغيرة في مرسى جدة لكي لا يدنس الأراضي المقدسة، لقد تغيرت الأمور اليوم: فالمسيحيون يتمتعون اليوم في جدة بكامل حريتهم، وبأمن يوازي ما يجدونه في مصر وأستانبول...}
كما يقول في صفحة 371 عن مشاركته في جنازة القنصل الفرنسي الذي دفن في مقبرة مسورة لغير المسلمين و مخصصة للأروبيين بعد خروجه من باب اليمن بجنوب جدة:{ وشاركت في وضعه في تابوته ... وتحدد موعد الدفن على أن يكون في اليوم التالي... ومهما يكن من أمر فإن جثمان قنصل فرنسا حمل إلى مثواه الأخير، كما لو أنه من عامة الناس، على أكتاف أربعة من العرب، كانوا حسب تقاليد البلد يجرون بالجنازة مسرعين، كنا نتبعهم أنا ورفيق رحلتي والسيد كول «القنصل البريطاني» والسيد دوكيه والإخوة ساوة..... و خرجنا من باب اليمن وبعد أن إجتزنا سهلا رمليا يغمره البحر في حالة المد، وصلنا إلى مقبرة صغيرة مسورة، ومخصصة للأوروبيين، الذين يدركهم الموت في هذه البلاد البعيدة، وكان ينقص مراسم التشييع الوقار والخشوع.} ثم يقول هامش الكتاب:« وخروج ديدييه وأصحابه من باب اليمن يعني أن المقبرة جنوب جدة ».. والسؤال هل تمت مراسم الدفن الرسمية بدون أن يصلي كاهن عليه صلاة الجنازة بالكنيسة؟!

والمفاجأة، عندما قمت بالبحث عن معالم مدينة جدة عبر موقع الخرائط العالمية بالقمر الصناعي لـ « جوجل إيرث» كانت المفاجأة التي توقعتها وهي ظهور مبني الكنيسة واضح جداً بمعالم مدينة جدة ومكتوب عليه« الكنيسة القديمة ».
ورغم تصريح الفاتيكان بأنه لا يمانع من إقامة مساجد في إيطاليا، ولو كانت دولة الفاتيكان نفسها تسكنها جاليات مسلمة كان صرح ببناء مسجداً لهم داخل الفاتيكان ليصلون ويمارسون حقهم الإنساني في العبادة، هكذا تقول أبسط الحريات الإنسانية للأسوياء وغير المعاقين ذهنياً والذين يعرفون جيداً أنهم لا يملكون مفاتيح الجنة لإدخال أحد و يحترمون قيمة الإنسان كصورة لخالقه يتعبد له بطريقته وحريته في ممارسة شعائره، ويعرفون أن مفهوم الإيمان هو قناعة فكرية وقلبية للوصول لإيمان سليم وحالة تجلى مُثلى من السمو الروحي . فما أصعب أن تتعبد وتمارس ما تؤمن به وكأنك مجرم هارب و مطارد كل ذنبك أنك تريد أن تتقرب لإلهك!.

فبأي منطقٍ تكلمني اليوم لتقنعني بسماحة الدين وبالمحبة و أنت تفعل عكس ما تقول ؟! وبأي منطق تدشن مركزاً لحوارات الأديان في فيينا بالنمسا وأنت ترفض أبسط قواعد الحوار بل تفتقر إليها حين ترفض إقامة كنيسة تخدم العمالة والجاليات الأجنبية التي أتت من بلادهما لتخدمك وتخدمون بلدك؟! وكيف تبني جسوراً للتواصل و الحوار للتقارب بين الأديان وحل مشكلات الصراعات الدينية بالمنطقة و في جو من التصعيد والطائفية و التوتر الديني وأنت لا تعترف بأديان الأخر؟! في حين لاترى بعين الحكمة دول الغرب وكيف تستغل هذه الحالة الطائفية لأ طماعهم السياسية خصوصاً بعد الثورات! و ذهبت لتدشن مركزاً للحوار في أوروبا، وسط من رفضت أن تقيم لهم كنيسة على أرضك ؟! فأي منفعة تسديها لتفيد بها العالم وأنت ليس لديك الثقة فيما تقنع به الأخر؟! أليست الأديان يُسر لسعادة الإنسان، أم هي عُسر للإكتواء بنار من جعلوا أنفسهم أوصياء على الناس وكأنهم يملكون مفاتيح الجنة والنار ؟!



#شريف_خوري_لطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع الآلهة، و دول الحريق العربي
- عندما تُغتال آدمية الإنسان مرتين !
- أنَصَافُنا تَتَآكل
- الفراعنة، و قصة حب خالدة
- نون النسوة لا تُريده ذكر وسيم !
- الترهيب الفيسبوكي
- أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ ال ...
- كنيسة العذراء الأثرية بدير المِحرَّق أول كنيسة تُدشن بمصر وا ...
- لقد وقعنا في الفخ الدستوري!
- القبطي كائن ساقط قيد دائماً !
- يقولون أن المرأة نجسة !
- باسم يوسف، انتقد ولا تبتذل
- هل أنزل الله ديانات سماوية بشرائع متفرِّقة ؟
- مِحنة الإسلاميين مع الهوية المصرية ‘‘ أولاً: معضلة القومية ا ...
- لماذا تدعم أمريكا والغرب الإسلام السياسي ؟
- سد النهضة، و سياسة تجويع المصريين
- هل أعلن السيد المسيح عن عقيدة لاهوته ؟
- هل كانت ثورات بريئة.. وماذا بعد السقوط ؟!
- الإسلام وعلاقته بالنُصرانية والمسيحية {1}
- حمادة يقلع .. حكاية تعرية وإغتصاب شعب


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف خوري لطيف - متى تدُق أجراس الكنيسة بالسعودية ؟!