|
أسباب التخلف العربي : صدمة حضارية ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4405 - 2014 / 3 / 26 - 09:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أسباب التخلف العربي : صدمة حضارية .. انتهيتُ في مقالتي السابقة الى نتيجة مفادها ،بأن "خيبة " أمل الجماهير العربية والاسلامية تحديدا ، من أنظمة الحكم التي استلمت مقاليد السلطة بعد الحدث المفصلي في تاريخ العرب المُعاصر ، "خسارة فلسطين " ، التي وبالمقابل ، فعلت كل شيء للحفاظ على مصالحها وسلطتها وطبقة المُنتفعين منها ، ولم تترك للجماهير بغالبيتها ، لا فُتاتا تقتات منه ولا هامش حرية تتنفس منه ، وابقت لها اي للجماهير حرية "عبادة " القائد المُلهم والحزب الطليعي . ولم تنجُ من هذه "الكارثة " الأحزاب الشيوعية والتنظيمات الماركسية التي هللت ،طبلت وزمرت لهذه الانظمة ، بل وكانت شريكة شكلية ديكورية في سوريا والعراق . وكان تبريرها لهذه الشراكة المُخزية شعاراتيا بامتياز ، فروجت لهذه الانظمة القمعية الاستبدادية بأنها انظمة مُعادية للاستعمار ، وتقف في صف الاتحاد السوفياتي (العظيم ) ، من اجل التحرر والسلم والاشتراكية ...!! وأستغرب ُ بشدة ، ممن يستغرب بعد كل هذا ، أن ترتمي الجماهير في احضان الاسلام السياسي ، وأن تبحث عن خلاصها من المُستبد الجديد "القومي ، الاشتراكي ، العلماني والثوري "، لدى ممثلي الاسلام الذي سوقوا انفسهم على أنهم فرسان النهار ورهبان الليل والذين سيعيدون للأمة أمجادها وعصرها الذهبي ، فقط لو تمكنوا من الوصول الى السلطة . ولا نُريد أن نُغفل دور البترودولار الذي سكبته الخليجيات وعلى رأسها مملكة الوهابية ، لشراء الذمم ، وإغراق المجتمع العربي بفكر غارق في الجهالة ، عبر وسائل إعلام مقروءة ، مسموعة ومرئية . استخدم فيها البترودولار كل ما يملك من قدرة ومهارة لشراء اقلام وتحويل ولاءات . كل ذلك بمساعدة "كريمة وسخية " من الانظمة العلمانية والاشتراكية ..!! كرر الاعلام الرسمي كذبة تقول بأن انظمة الحكم هي انظمة تحررية ، ليبرالية واستغلها الاسلام السياسي أعظم استغلال للبرهنة على فشل الليبرالية والاشتراكية . وبما أن الامة العربية تُعادي القراءة (وهذه ايضا من مأسي حكم "الثوار ") وتعتمد في ثقافتها على السماع ، فكان من السهل ، الترويج للتخلف الصحراوي ، ناهيك عن توزيع الطرود الغذائية والاُعطيات على مجموعة كبيرة من المُحتاجين والمُنتفعين .. أدى هذا العمل وعلى مدار عقود ، الى أن يتحول مُجتمع مدني مُتحضر نسبيا الى مجتمع صحراوي فكرا ومُمارسة . لكن الصراع الاقسى والأشد الذي يُمزق روح المجتمع العربي ، هو صدمته الحضارية ، فمن طرف واحد يملك المُسلمون (نظريا طبعا ) ثروات طبيعية هائلة ، لكن على الطرف الاخر لا قيمة فعلية لهم على الساحة العالمية . لم ولن يُقدموا للبشرية شيئا يستحق الذكر . فأين الخطأ اذن ؟؟ بالتأكيد في نظام الحكم ، فلو (هكذا تقول الجماهير ) تمكن الاسلاميون من الوصول الى السلطة وطبقوا تعاليم الاسلام لسادوا العالم ..!! لذا كان لشعار الاسلام هو الحل ، والذي لا يقول شيئا ، مفعول السحر في النفوس العطشى لأخذ دور فاعل في حياة البشرية . لكن ، وبعد مرور عقود ، على "الصحوة " ، ما زال الغرب الكافر هو السيد المُطاع ، سيد في العلوم ، التكنولوجيا ، العسكرة ، وسيد في حياته الخاصة . ولم "يحصل " العرب من الصحوة الا على القاعدة ، التكفير ، فقه الجنس وداعش ..!! هل سنسير على خطا الغرب الكافر ، أم أنّ تمسكنا بديننا يعتوره نقص وخلل ؟؟ هذا السؤال " في رأيي " هو السؤال الذي "يُعذب" أرواح المُسلمين ، هل نتخلى عن "ديننا " لنربح الدنيا ؟ هل نبحث عن نعيم الدنيا ونتخلى عن نعيم الاخرة ؟؟ ولكل هذه الاسئلة أجوبة في الفكر الديني الصحراوي ، والذي يُروج لنظرية الابتلاء ، وابتلاء الفقراء فقط .. ليفحص مدى ايماننا وطاعتنا ورضانا بقضاءه وقدره !! أنا أرى بأن العرب والمُسلمين على مفترق طرق ولا بد لهم الا أن يختاروا ، وأعتقد جازما بأنهم اختاروا القطيعة مع الاسلام السياسي والاسلام السلفي المُغرق الجهل والتجهيل . وما صمود نساء تونس وحربهن الجريئة في تثبيت حقوقهن المُكتسبة منذ ايام بورقيبة ،إلا دليل على ما نقول . نعم استطاع الاسلام النفطي وزميله السياسي ، بمساعدة ضخمة من انظمة الحكم التي "أطلقت " على نفسها لقب اشتراكية وعلمانية ، استطاعوا أن يعيدوا ماكينة التطور قليلا الى الخلف ، لكنها كانت خطوات الى الوراء من أجل أميال الى الأمام ..!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسباب التخلف العربي ، قراءة المُستقبل -بعيون - ماضوية ..
-
التدين والالحاد وما بينهما ...حوار مع الاستاذ سامي لبيب
-
حوكمة أم عقلنة ؟؟ تداعيات على مقال الاستاذة عايدة سليمان ..
...
-
ختان الاناث بين السادية والمازوخية
-
الناصرة وأزمة الحزب الشيوعي الاسرائيلي ..
-
كلمات على ضريح مجهول ..!!
-
ما هو السبب الحقيقي لتشظي أحزاب اليسار ؟؟
-
الأُسرة كوكيل أساسي في التربية للتعددية ..
-
ألمُمانعة والصمود ..بين بيرؤوس وبشار..!!
-
اليسار الالكتروني ( 2): وسائل تقليدية في عالم مُتغير ..
-
مشاكسات : اليسار الإلكتروني – الحوار المتمدن نموذجا
-
ال---- هو هي ، الحل ..؟!!
-
وأخيرا غرقت سفينة - نوح- ..!!
-
وظُلم ذوي القُربى ..شكرا للزميل غسان صابور.
-
الخُوار المُتَخلف ..!!
-
مُعاداة الشيوعية وهزيمة الاشتراكية ..
-
الذبح الحلال..
-
ظلال الجبال ..والاصطفاف ضد الاخوان .
-
ايغور ، بافل والمُستهلك العربي ..
-
- جرائم شرف -..أم جرائم قتل ؟؟!!
المزيد.....
-
-اجعل أوروبا عظيمة مرة أخرى-.. المجر تنسخ من ترامب شعارًا لر
...
-
القط لاري يسخر رئيس الوزراء البريطاني
-
مطالبة فلسطينية بفتح تحقيق دولي عن -إعدام- طبيب غزاوي شهير ع
...
-
إدارة بايدن - تعمل على إلغاء القيود المفروضة على إمدادات الأ
...
-
شولتس: ألمانيا لن تتورط في مغامرات -مخيفة- تتعلق بالأزمة الأ
...
-
حزب الله يصدر بيانا جديدا
-
تصرف غريب.. الرئيس الأمريكي يصدر أصواتا مريبة ويصرخ على الصح
...
-
ماسك ينتقد وكالة أنباء أمريكية ويصفها بـ-آلة الدعاية-
-
زاخاروفا: واشنظن كحكام روما القديمة حولت الأوروبيين إلى عبيد
...
-
بوتين يلتقي مواطني ياكوتيا
المزيد.....
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
المزيد.....
|