رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 18:57
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
(( الجنة ))
هناك مجموعة كبيرة من الأفكار وجدت في المنطقة حول خلق الإنسان والكيفية التي تمت بها، كذلك التماثل في الغاية التي أوجبت خلقه، فعند الهلاليين كان العمل بدل الآلهة، وفي التوراة [يعمل الأرض] وهذا التقارب في الفكر يدل على التأثير الذي تركته الثقافة الهلالية على التوارتيين، أما حديث التوراة عن تفاصيل الجنه والأنهار التي فيها [وكان نهر يخرج من عدن يسقي الجنة] ثم حديثها عن أفرع هذا النهر الأربعه. فهذه الفكرة تداولت عند السومرين ومن خلفوهم على هذه الأرض (أنظر إلى الشكل رقم (1)) إن مثل هذه اللوحة التي تكررت على مر العصور في المنطقة جاءت كتأكيد آخر على الاقتباس والنقل من فيض الثقافة الهلالية، وفكرة الأنهار تطرق لها المصريون والهلاليون، وذلك لأهمية الأنهار في حياتهم، فكما ذكرت الأسطورة المصرية (وشكلت حابي (أي النيل) تطرق لها الهلاليون بتفاصيل أدق.
أما ذكر الجنة وما فيها من نعيم فقد تعددت النصوص الهلالية التي تتحدث عنها، وقد أجمع علماء الآثار على أن الجنة ـ أرض الخلود ـ عند الهلاليين هي (دلمون) أي البحرين:
أرض دلمون مكان طاهر
أرض دلمون مكان مضيء
في أرض دلمون لا تنعق الغربان
... حيث لا أحد يعرف رمد العين
ولا أحد يعرف آلام الرأس
حيث لا يشتكي الرجل من الشيخوخة
ولا تشتكي المرأة من العجز
حيث لا وجود لمنشد ينوح
ولا لجوال يعول" "
إن هذه الكلمات تعطينا صورة عن فكرة الجنة التي اعتنقها الهلاليون في السابق، فلم يكن يحوي هذا المكان إلا الخصب المتجدد، والمتنوع، وهناك نص آخر يتحدث عن الجنة وما فيها، تطرقت إليه ملحمة جلجامش.
"هناك كان بستان الآلهة
وحوله انتصبت الشجيرات تحمل الجواهر
.. تتدلى فيه العناقيد وثمار من عقيق
جميلة كانت للناظرين
وأوراق الأزورد تغطيها الثمار
بدل الشوك والعوسج كانت الحجارة النادرة"" "
هذا الوصف لتلك الجنة جاء كاستمرار للأفكار الهلالية عن حياة أخرى غير حياة الأرض، أما حديث التوراة عن خلق الإنسان (ذكراً وأنثى) لتبرير استمرار الحياة البشرية عليها، فهذا الأمر لم يكن إلا ترجمة لأفكار هلالية تطرقوا لها في معتقداتهم الدينية (حملت أربع عشر قطعة من الطين وعملت من سبعة منها الذكور وسبعة الأخرى أنثى)" ".
وإذا عدنا إلى الأفكار الدينية الهلالية، وجدنا بأن الأنثى إن كانت ربه أم بشراً لها أهمية خاصة في حياة المجتمع الهلالي من خلال محافظتها على استمرار الوجود البشري على الأرض، فعملية الزواج المقدس التي كانت تتم بين الملك والكاهنة العظمى، يأتي كدليل على أهمية الأنثى، والمكانة الدينية التي احتلتها، وقد ضمت الأفكار الهلالية الكثير من الآلهة الأمهات وقد حملت رموزاً عديدة. من الخصب (عشتار) إلى الموت (اريشكيجال).
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟