أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - شجرة برتقال














المزيد.....

شجرة برتقال


رائف أمير اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 4345 - 2014 / 1 / 25 - 13:11
المحور: الادب والفن
    


فرَ المشيعون كلهم ، حين سمعوا الجثة بداخل التابوت المحمول فوق الرؤوس تصرخ بصوت ضاحك ... أولاد الكلب ... الى أين تأخذونني..
كانوا قبلها قد سمعوا قهقهات منخفظة الصوت، لكنهم لم يتأكدوا انها منطلقة من أحشاء جثة. بل أن هذه المرة قد رأى البعض منهم رأسها المكفن وهو يرتفع عن مستوى التابوت بعد أن أزاح من فوقه غطائه.
تشجع افراد عائلته وبعض الخيرين أن يحملوها مجددا والتوجه بها الى المستشفى هذه المرة. فأكد لهم الاطباء موتها ...مبررين ماحدث بأن الدماغ قد يبقى حيا بعد موت الجسد لفترة ومن الممكن ان يؤثر في لحظات على حركة الجسد .. فالميت، هو ميت فعلا .. والدماغ قد( لفظ انفاسه الاخيرة).
حفروا له القبر وتجمعوا حوله ليدفنوه، لكنهم فزعوا مرة أخرى لسماع قهقاته أثناء التلقين .. ومع ذلك أستقر جدالهم الى أن يكملوا الدفن.
كان الميت رجلاً غريب الأطوار .. وغريب حتى في حادث موته. فقد حدث انه كان مع عائلته في حديقة البيت عصر يوم وهم يشربون الشاي. وأثناء انتباههم الى قطة صغيرة كانت تمشي فوق سياج البيت الخارجي، تزحلقت القطة وسقطت.. فضحكت العائلة وضحك هو أيضا ... لكنه لم يتوقف عن الضحك الطويل الا لحظة توقف فيها قلبه.
الصفة الغالبة عنه كانت هي الجدية ... الجدية مع عائلته ومع الاخرين .. الجدية في الوظيفة ... لكن الجميع كان ينتابهم شعور في انه كان يخفي شيء ما في تعاملهم معه .. لكنهم لم يمسكوا عليه يوما تعاملا غير نظيف .. فأحبوه رغم مايخفي .. ورغم مايظهر من شرود يتضمن جملاً غريبة .. أو تصرفاً غير منضبط. فكثيرا ماكان يضحك عاليا عن حوادث لاتستحق الضحك، بل كانت أحيانا تستحق البكاء .... والعكس بالعكس .. وتلك.. كانت من الملاحظات التي انتبه لها الناس منذ طفولته.
أثار استغراب زوجته في ليلة الدخلة أنه ضحك لمدة ربع ساعة بعد اكمال مايتطلب، دون ان ترى ماهو مضحك.بينما كان يبكي لولادة أطفاله ويكرر .. نحن .. لاهو.
وأثار استغراب الموظفين ومنهم مديره في شطحاته .. فقد دخل عليه يوماً وهو يزمجر .. هل هؤلاء العلماء أغبياء؟.. كيف يعتقدون ان في الكون كله مائة وثلاث عشر عنصرا ذريا فقط .. ونكر انه تفوه بذلك بعد ان رده المدير .. ماذا؟ .. ماذا تقول ؟ ومادخلنا نحن في ذلك؟ نحن دائرة تجارية فما دخلنا بالعناصر؟
ونكر أنه قال لزوجته ... توجد شجرة برتقال وبرتقالة تسقط وصراخ طفل، حين سألته يوما .. ماذا بعد الموت؟ . وأستبدلها بعد انتهاء لحظات شروده... اسألي غيري.
كان يصلي فترة.. وفترة يعلن امام المقربين منه .. انه لايصدق بالدين .. ولا بأي شيء... ويقول: الحقيقة أكبر.
وكان يمضي أحيانا ساعات لوحده في شرود تام ... في البيت .. أو في مكان خال من الناس.
وأحيانا تمضي شهور ولايلاحظ عليه الا ماهو طبيعي جدا.
أحبه أولاده جدا .. وعشقته زوجته حقا.. وظلت تتردد على قبره .. لكنها تعجبت يوما بأن الشجرة التي نبتت لوحدها بجوار قبره هي شجرة برتقال.
سنوات مضت .. وكبرت الشجرة .. فحملت في أحد المواسم ثمرة برتقالة واحدة.
حرصت عليها جدا .. ودفعت لحارس المقبرة مبلغا من المال لكي يحافظ عليها
ومرة .. زارت قبره.. وبينما كانت تبكيه، سقطت البرتقالة... وصرخ طفل في حضن ام كانت تزور احد القبور القريبة ... حاولت ان تلتقط البرتقالة ... لكنها تدحرجت فوق منحدر شديد يؤدي الى النهر ... سقطت في النهر وطافت .. سارت مع تموجاته وكأنها تتراقص .. ثم اختفت.
21/1/2014



#رائف_أمير_اسماعيل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبور
- تخطي
- ظل الزمن
- حوار فلسفي
- مسيرة
- مرآة الزمن
- سعيد العتال
- مشروع صفر
- شارع الاطباء
- الصرح الزراعي
- الوطن وحقوق الانسان
- وجهها
- فلم الماتريكس.. جنة الأحلام على أرض أجهزة الكمبيوتر
- أرجوحته
- انبثاق
- هروب الزمن
- نظرية الأوتار من وجهة نظر فلسفية- قراءة في كتاب الكون الانيق
- الديمقراطية من وجهة نظر مادية
- الفلسفة .. التشكل الجديد
- التسلسل المنطقي لمداخل فهم العقل الانساني


المزيد.....




- فنانون إسبان يخلّدون شهداء غزة الأطفال بقراءة أسمائهم في مدر ...
- فنانون إسبان يخلّدون شهداء أطفال غزة بقراءة أسمائهم في مدريد ...
- الفنان وائل شوقي : التاريخ كمساحة للتأويل
- الممثلة الأميركية اليهودية هانا أينبيندر تفوز بجائزة -إيمي- ...
- عبث القصة القصيرة والقصيرة جدا
- الفنان غاي بيرس يدعو لوقف تطبيع رعب الأطفال في غزة.. الصمت ت ...
- مسرحية الكيلومترات
- الممثلة اليهودية إينبندر تحصد جائزة إيمي وتهتف -فلسطين حرة- ...
- الأبقار تتربع على عرش الفخر والهوية لدى الدينكا بجنوب السودا ...
- ضياء العزاوي يوثق فنيًا مآسي الموصل وحلب في معرض -شهود الزور ...


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - شجرة برتقال