أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - تخطي














المزيد.....

تخطي


رائف أمير اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 4201 - 2013 / 8 / 31 - 17:23
المحور: الادب والفن
    


فقط... اغنية الحب التي كان يرددها أثناء سيره المتطاير فرحا للقاء حبيبته كانت قد اختلطت مع اغاني حب أخرى للحظات ثم عادت دون ان يحس أو يعي ما قد جرى.
لم يحس بجروحه الكثيرة التي ملأت جسده ... ولا الدماء التي أدمت كل ملابسه ... ولاصراخ الجرحى من حوله ... ولا الجثث الكثيرة القريبة منه ولا أجزائها التي اصطدمت به .. ولم يتذكر حتى صوت الانفجار الكبير ولا عصفه الذي اسقطه أرضا وجعله يغيب عن كل مجريات الزمان والمكان .
فقط ... الأغنية المقرونة بصور حبيبته هي من يبهج عقله الآن وهي من توازن ضغط دمه رغم النزف الشديد ...فهو الآن قد توازن مع آخر ارتفاع للضغط كان قد حدث من جراء الشعور بالاقتراب من اللقاء.
غيبوبة مصحوبة بحلم جديد ... بشعور متسام .... بتحليق حر من دون جسد .... ليلحق بضحكاتها المجنحة ... وانثنائاتها السابحة ... في سماء تطرزت نجومها بكلمة .. أحبك...
(رق الحبيب ... وواعدني)، مازالت ترنم عاطفته رغم ركلات المهرولين ... ورغم صافرات الإنذار ... ورغم أنين كل خلايا جسده ...
كانت هي قد وصلت الى نفس المكان الذي التقته به من قبل وجلست في نفس المقعد. كانت تريد ان تبقى على نفس زاوية النظر ... لتتذكر أشارة يده الى جمال تلك الشجرة وهي تطل بظلها الاخضر على ماء النهر العريض الذي أتخذ العشاق مرساه معبدا للحب.
لكنها مثل المرة السابقة كانت قلقة وتترقب أن يفلت حبيبها من أسنان بعض الثواني التي سبق أن نهشت حبيبها الأول،الثواني التي اقتادت زوجها ووالد طفليها الى المجهول، رغم انها اطمأنت الى ثوان أخر أطلقت عبرها رسالة من هاتفها الخلوي لتخبره بالوصول ...
راودها طيفه في المقعد المجاور وتذكرت انها قالت له ... ان ذاكرتي الصورية قوية جدا ... فنبأتها ذاكرتها ... بحركات يده وهو يشير الى قلبه وهو يقول ... انا هو ياحبيبتي ... انا زوجك المفقود بجسد آخر ... انتبهي نحن حتى متشابهان بأول حرف من اسمينا.... حبيبتي ... الأبطال لايموتون ... للأبطال روح واحدة ... وأبطال حبك ... سيبقون يرفعون راياته فوق الشمم ... جسده كان قد رفعها فوق الجبل .... وجسدي سيرفعها فوق النجوم ...
اندفعت من ذاكرتها سريعا صورة الجبل الذي تسلقته بعد إنتهاء الحرب بحثا عن زوجها المفقود ... فلم تكن تستطيع ان تصل اليها قبلها كونها كانت مناطق محرمة ... انسابت الآن دموعها وهي تتذكر دموعها التي انسابت فوق سفوح الجبال وهي تلهث وراء خيال لصدى صوته... تذكرت ان صوته كان يملأ كل المكان ... فلم تعثر على بقعة محددة يمكن ان تجده فيها ...... تذكرت انها بالمقابل أطلقت صرخة محمومة بالحب .... لن انساك أبدا ... ستبقى معي الى الأبد ... وأبناؤك ... لن يلوثوا بقبلات زوج غيرك ....
أهتزت المرسى من تحتها وتموج ماء النهر متزامنا مع صوت انفجار آت من بعيد ... من نفس اتجاه قدومه المفترض... قلقت من جديد.... أخرجت جهاز الهاتف بسرعة لتتصل به ... لم يرد، رغم انها كررت الطلب عدة مرات ...
سارعت ذكريات أخرى الى التدفق الى ذهنها ... كل السنوات التي قضتها مع زوجها كانت على هذا الحال ... كانت قلقة عليها كلما التحق الى وحدته العسكرية ... كانت تهاتفه أول بأول ... في كل المعارك التي تشترك فيها وحدته ...
زاد تبريرها لنفسها في تلك اللحظات بأنها لم تخن وعدها لزوجها المفقود ... ولم تنسى صرخاتها فوق الجبل.... فهي رغم انها بقت دون زواج او حب لمدة خمس وعشرين عاما رغم الحاح اهلها ومن طلب يدها، ورغم ان ولديها الآن هم قد تزوجوا وبقيت وحيدة ... بانها تراه هو زوجها ... بجسد آخر... مادامت الحرب في بلدها قد بقيت حرب... يتخللها سلام زائف مشابه للفترة التي كان يقضيه فيها زوجها مجازا من وحدته ...
طمأنها كلام اثنان من الاشخاص الماران من امامها ان الانفجار في اتجاه آخر ... وان خطوط الهاتف مربكة ... واثنان آخران، بأن الانفجار هو في معسكر قريب لعتاد ارادوا التخلص منه .. فذكرتها كلمة معسكر بتنقلاتها مع زوجها المفقود في كل المعسكرات التي ينتقل اليها ... كان لهما بيت في كل واحد فيه ... أرادا ان لايفارقا بعضهما .... بعد ان تلوعا من فترات تباعدهما أيام حبهما قبل الزواج ... وأسعدها الآن ان لايتطابق حبيبيها في نفس الشكل ونفس السلوك ... كي لاتكن النهاية نفسها. خصوصا ان الحبيب الجديد كان يردد لها ان لاتخاف عليه وان لاتخاف حتى على نفسها ... قائلا (عمر الشقي باق)، وان مابقي من عمرهما الذي تعدى الخمسين ... سيكون حافلا بالسعادة ... وأعجبها أنه كان يقول ذلك بثقة عالية بالنفس لم يكن يملكها حبيبها الأول ... وكانت تلك الثقة مدعمة بما عرفته عنه من معرفة فلسفية وعلمية كبيرة كانت لاتفقه منها الكثير بعد.
كانت ثقته العالية بنفسه تلك ... وقرائتها كتاباته الغريبة والعالية المستوى هي سبب انجرارها اليه ... وتصديق لكل مايقول .. وهي سبب لاختراقها كل الحواجز التي صنعتها لنفسها...
استفزت صورة قدماها الجميلتان منطقة الحس في دماغه فاستبدلت خيالاته الطائرة بالعودة الى جسده فحس بآلامه الشديدة وأن يعود الى وعيه قليلا ... لم يحتمل تلك الآلام، فعاد الى غيبوبته من جديد ليرى امامه شبح ابيض مبتسم يقول له .... إنهض .... لم يحن دورك الآن ... فهناك من ينتظرك، فنهض ...
رأى وهو يئن .. ماحل بجسده وماحل بالمكان .... آثار خراب ... بقايا سيارة منفجرة ... وبقايا من الجثث والجرحى يسعفهم الخيرون ....
ابتعد عن ذلك الضجيج ليخرج هاتفه الخلوي ... ويتصل بحبيبته ... وهو يقول ... لاتقلقي ياحبيبتي .... سأتأخر قليلا ... بسبب الازدحام .......
28/8/2013



#رائف_أمير_اسماعيل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظل الزمن
- حوار فلسفي
- مسيرة
- مرآة الزمن
- سعيد العتال
- مشروع صفر
- شارع الاطباء
- الصرح الزراعي
- الوطن وحقوق الانسان
- وجهها
- فلم الماتريكس.. جنة الأحلام على أرض أجهزة الكمبيوتر
- أرجوحته
- انبثاق
- هروب الزمن
- نظرية الأوتار من وجهة نظر فلسفية- قراءة في كتاب الكون الانيق
- الديمقراطية من وجهة نظر مادية
- الفلسفة .. التشكل الجديد
- التسلسل المنطقي لمداخل فهم العقل الانساني


المزيد.....




- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - تخطي