أنطونيوس نبيل
الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 17 - 06:42
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إذا أتاكم ملك الموت وفي يد أحدكم بذرة، فلا يغرسها.. بل يزدردها -عارياً منها ليعتنقَ أبديته- كيلا يُثبِّط من عزم فشله المقدس أنه قد أتمَّ عمله.. يائساً يغادر خبزَ غربته، صارخاً يدلف إلى كهوفِ الغلسِ الملتوية..
صرختئذ، وإن تصعَّده الأمر، على روحه أن تتشظى نثاراً دقيقاً يُلهب أعين الملعونين ذوي الأجفان المتآكلة.. فما أن يمنحهم نزراً من البكاء؛ حتى تتفتقَ البذرةُ المرموسة بجيفته -بازقةً ما استقبسته من شرر الصقيع، وما أصمَّها من صريف الديدان- تتقيأ قشورها الصدئة المزغبة، وتنبق من أحشائها شجرةٌ عملاقة: بين أوراقها المتماتنة تستطيع الريح أن تغمس شفتيها في قصص الموتى، وعلى بدنها -الكاظ بالأخاديد المبهمة- يرقُم الغيثُ وجوهاً لم يعد هناك مَن يشبل عليها بقبلة، ولا مَن يثقُب ببصقةٍ خرسها الصادي..
شجرةٌ مهولة، لكنها في وهنٍ تحدج ظلال الواجفين.. تتفحصهم مراراً.. تفتش بينهم عن نثيرةٍ من مسيحها المأمول: الذي من أجله -فقط- ستُفصِح عن صليبٍ طالما ادَّخرته في سويداء رحمها المخشوشب.. صليبٌ أرضعته نقيعَ عظامها وحرصت عليه من الأشباه: أشباه المسحاء الذين تتمنطق أرواحهم الصماء ببثورٍ من قيحِ اللغة، حيث الكلمة ما هي إلا طفحٌ صوتي على وجه الرعدة التي تتأمل ذاتها القاحلة في مرايا حناجرهم..
#أنطونيوس_نبيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟