أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أنطونيوس نبيل - الإنجيل كما لم يكتبه المسيح














المزيد.....

الإنجيل كما لم يكتبه المسيح


أنطونيوس نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 4169 - 2013 / 7 / 30 - 04:57
المحور: الادب والفن
    


1.

لئن كان الترنمُ في محرابكِ نكهةً للخلود، يتبدى خلالها التنفسُ أشد مرارةً.. فالصمت بين يديكِ عواءٌ لافح، ينوس بين الشفتين، موحياً بشيخوخة العالم، ساكباً في أوردة الروح نبضَ الصحراء وفحيحَ رهافتها..

هكذا، يا جوليا، ما بين الابتهال الواجس والصمت المتفرس في غيابكِ، تقبعُ مسافاتٌ من الضوءِ المتخثر.. مسافاتٌ من الأشداق الفاغرة تزدرد الخُطى، لتتفل في وجهي حلماً موشىً بيوانع الرضوض.. هكذا، ينغمد ظلُ دفئكِ مُديةً في فمي، فأبتسم مرتجفاً.. هكذا، أعتنقُ فيكِ صليباً أضمّد اهتراءه بأعواد الثقاب، بينما أناملك تصوغُ من جمجمتي مرمدة..


2.

"حينئذٍ جاء يسوع إلى جوليا..وصوتٌ من السموات قائلاً":

أنا العقل الأب الموثوق للموت.. ها أنذا أهبك ابني اللعين.. وجهاً ينكأ بأظافر طفولته أحشاءَ الماء، فتنبجسُ الأسماكُ صديداً مؤتلقاً بالذاكرة.. ظلاً يخمش بتلات الأزهار المتصوحة، فتغادر صحراءها فراشاتٍ من لظىً، في تحنان صارم تنخس بأجنحتها نعاسَ المطر..

ها أنذا أهبك ابني اللعين.. همسةً ينحطم على جدرانها ما يحيق بك من سماءٍ زائفةٍ ومن جيوشٍ مدججةٍ بمناجل الضجيج.. كهفاً تغوص إلى غوره لتنصت ملياً إلى نبض روحك الشاحب..

هذا هو ابني اللعين.. فلتعمّده في مرارة توحدك وبفشلك المقدس فلتقمّطه.. عانقه كلما باغتك الشتاء الممزوج بالقهوة.. على نَصل ما بينكما من مسافات انثر شفتيك قبلاتٍ تدمي.. فلتكن كلماتُك أُماً ترأمه بحليب إرادتها، إذ أن جمالاً لا يتمرأى في عينيه الفادحتين لا يملك إلا هشاشةَ الاسم ورائحة الصمت الموبق.. إذ أنك دميمٌ ما لم تتجرد في أنفاسه من أغلال الفرح الرخيص، وتنفض عن نعليك دروباً تأبى إلا أن ترتكب الوصول..

3.

الآن، فلتتأملي المرآة التي ترنو إليَّ بينما أحدق فيكِ ؛ فبغتةً قد تشيخ لتصيرَ جداراً.. ستجدين عينيَّ صرختين مترعتين بأرق الخواء.. نافذتين على طوفانٍ أيقظته رائحتُك؛ ليعانقَ في روحي أكواناً ليس لها إلهٌ يطمسها بمخالب رأفته.. أكواناً ظلت موبوءةً بالضياء والذاكرة، إلى أن اغتسلت بين شفتيك من أوضار اللغة وبين نهديك من دنس الارتواء..

هأنذا احدق فيكِ، وما صمتي إلا ندوبٌ تلهج باسمكِ، وما لحمي إلا ظلٌ ممزوجٌ بالخل..

هأنذا أحدق فيك؛ كيما أتناثر حباتٍ من الزيتون، تتلقفها نواجذ المعصرة، لتتقيأها زيتاً ونوىً.. هاهو قدحُ "الزيت" يُصعّد حشرجته -بين كفّيك- لهيباً ليس في خفقانه سوى صدىً لأنفاسك.. وهاهي حفنةُ "النوى" -مُقلٌ من خشب الانتظار الناقع- تهفو والهةً إلى خصلةٍ من شعرك المخضل بالرؤى لتروّض بعثرتها، متخمةً بالثقوب الغائرة لا تني تتضرع لأناملك أن تُحيلها مسبحة..



#أنطونيوس_نبيل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسيح يبصق من جديد
- شذرات بنكهة الفشل المقدس
- على هامش الفشل المقدس
- حُبسة إلهية
- المطرقة أكثر دفئاً من البَرص
- آخر صلوات -إسماعيل أدهم-
- قوة اللامبالاة


المزيد.....




- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...
- كيف حوّل زهران ممداني التعدد اللغوي إلى فعل سياسي فاز بنيويو ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أنطونيوس نبيل - الإنجيل كما لم يكتبه المسيح