أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ملحمة جلجامش















المزيد.....

ملحمة جلجامش


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4323 - 2014 / 1 / 1 - 18:55
المحور: الادب والفن
    


كتب هذا النقد للملحمة منذ أكثر من تسع سنوات، من هنا يمكن ان يكون بعض ما طرحته لا ينسجم تماما مع الحاضر، خاصة فما يتعلق بالحريات السياسية، فما هو متاح منها الآن لم يكن قبل اقل من اربع سنوات


الملحمة


ملحمة جلجامش ترجمت إلى العديد من لغات العالم، وقد بقيت حية منذ أن كان جلجامش ملكا على اوراك سنة 2700 ق م إلى هذه الساعة، وكان للملحمة الصدى الواسع في الأرض التي خرجت منها ـ الهلال الخصيب ـ فهناك ثلاث ترجمات في بلاد الرافدين ،طه باقر وسامي سعيد الأحمد وعبد الحق فاضل، وثلاث في بلاد الشام، فراس السواح و أنيس فريحة و وديع بشور، هذا بالإضافة إلى ما كتب عن الملحمة من دراسات وتحليلات عديدة، وكان لكل ترجمة من هذه الترجمات ميزة وأفضلية على غيرها، من هنا لم نقتصر على ترجمة واحدة وإنما أخذنا النصوص من أربع ترجمات متوفرة لدينا.
الملحمة تحتوي على الكثير من الأمور التي بحاجة إلى دراسة متخصصة، لما فيها من عمق واتساع فضاء، وقد حاولنا توضيح بعضها، والتوقف عند بعضها الآخر بما أملته علينا معرفتنا وفهمنا للنص-، وهناك محطات لم نتوقف عندها مثل أحلام جلجامش وانكيدو ـ أكثر من خمسة أحلام ـ، والعلاقة بين خمبابا والتنين التوراتي (الوياتا)، وعلاقة عشتار بعشاقها باستثناء تمو، والوقوف عند صراع جلجامش وانكيدو، وقد استخدمنا بعض الأسماء التي استخدمت في الترجمات حسب النص، مثل جلجامش وجلجميش وقلقامش، وأورك وأرك و أوروك، وخمبابا وهمبابا وهواوا، و اوتنا بشتم واوتنبشتم واوتانفشتم، وسيدوري وسابيتم صاحبة الحانة، واور شنابي وسرسنابو، ونرجو أن نكون قد قدمنا ما هو جديد من خلال هذ الدراسة
















الملحمة والعصر

لا بد من الإشارة إلى أهمية الملحمة عالميا والوقوف على المكانة التي تحتلها، حيث أنها تشكل أول عمل أدبي متكامل أنتجه الإنسان على وجه الأرض، وقد اعتبرها بعض النقاد والمحللين أفضل ما أنتج من أدب العصر القديم، ومع أن هذا الكلمات يمكن أن يكون فيها إجحاف بحق الملحمة وبحق العصر الذي كتبت فيه ـ فجر السلالات السومرية ـ إلا أننا سنبدأ منها لنؤكد حقيقة أخرى، وهي أن الملحمة من أهم ما أنتج من أدب في تاريخ البشرية، وذلك من خلال إبراز المضامين الفكرية التي تحملها، ومن خلال الأسلوب الأدبي الفذ الذي حمل القضايا والهموم الإنسانية، والمتمثلة في التحرر والخلاص من الهيمنة الخارجية .
أن إرادة الإنسان تبرز وتسطع في الملحمة، وكأنها شمس تطرد وتحارب الظلام، ونستطيع التأكيد ـ بعد أن قرأة الملحمة ـ أن أول وأعظم عمل أدبي تناول مسألة الإرادة الإنسانية هو ملحمة جلجامش، لأنها ترسخ فكرة الإصرار والتصميم للحصول على الحرية والانطلاق نحو الفضاء الرحب، متخطية الصعاب والمعيقات ومتجاوزة التحديات، كما إنها الرائدة التي تناولت هذا الموضوع وبهذه الإرادة والتصميم .
أن إرادة جلجامش الإنسان تتفوق على حواجز الآلهة الوثنية، وهي تتخطاها وتحقق الانتصارات بشكل متواصل، وتم تجاوزها وتخطيها تباعا إلى أن وصل جلجامش هدفه ـ الخلود ـ، والملحمة تتناول موضوع صراع الإنسان و الآلهة، بشكل مباشر وصريح ـ حديث عشتار مع جلجامش ومطلبها الاقتران به، وقتل خمبابا حارس غابة الأرز، وبحث جلجامش عن الخلود بعد موت انكيدو، وبشكل غير مباشر المسار العام لأحداث الملحمة، وقد تم التطرق أيضا إلى الحياة السياسية في مدينة اورك، والتي قلبت مفهومنا عن نظام الحكم في ذلك العصر، والتي أوضحت بان مفهوم الحاكم المطلق لم يكن موجودا، بل هناك نظام حكم يعتمد على المشورة والمناقشة قبل التنفيذ، وهذه المنارة التي يجب الاسترشاد بها للخروج من حالة الضياع والتخبط الذي نحن فيه.
أن جلجامش الإنسان الذي ولد على هذه الأرض، قام ببناء مدينة حديثة وجعل فيها الأنظمة ـ الديمقراطية ـ مما جعلها رائدة عصرها في تكوين الحضارة والثقافة الإنسانية، إن مفهوم الحرية ـ الرأي والفكر ـ كان سمة العصر، والإنسان هو أعظم شيء، لا يوجد من هو أعلى منه مكانة، حتى القديسين والآلهة هم ما دون الإنسان، هذا ما يقوله لنا جلجامش في الملحمة التي كتبت في حدود 2700 ق م، وبقيت حية إلى هذا اليوم .
أن الاستمرارية التي فرضتها الملحمة على مر العصور، كانت نتيجة تناولها وطرحها للهموم والأفكار التي تورق الإنسان ـ الخلاص من القدر المحتوم ـ الموت والفناء ـ ولاحتوائها على المغامرة و الكائنات الأسطورية، لقد استمرت الملحمة حية ومتداولة وهي مكتوبة بين شعوب المنطقة أكثر من 2100عام، وهذا ثبت تاريخيا حيث اكتشف في مكتبة اشور بانيبال ألواح الملحمة، وأعوام حكم اشور بانيبال تننهي عام 626 ق م الميلاد، كما وجد علماء الآثار أجزاءً منها في إيران والأناضول وسوريا وفلسطين بالإضافة إلى العراق، هذا ويؤكد الانتشار الواسع للملحمة والزمن المديد الذي بقيت حية بين سكان المنطقة، أن احتواء الملحمة على قصة الطوفان جاء ليضيف بعداً آخر لها، يتمثل بالتأكيد على تواجد الرسل والرسالات السماوية، التي تميز منطقتنا عن غيرها، وإذا رجعنا إلى التاريخ نجد جلجامش شخصية حقيقية حكم اورك فعلا، وهو الملك الخامس الذي حكم المدينة، وينسب نفسه إلى تموزي الحاكم السابق للمدينة.

الديمقراطية والحرية

بعد هذه المقدمة نبدأ بالدخول إلى روح الملحمة، الروح الحية التي تجذبنا إليهاـ رغم البعد الزمني الكبير بينناـ وسندخل من باب الحرية والديمقراطية التي كانت سائدة في ذلك العصر، وحتى يمكننا فهم طبيعة الحكم في اورك نتناول مسألة تتعلق بحياة الناس العامة، وكيفية اتخاذ القرارات بشكل جماعي فيما يتعلق بمستقبل المجتمع، إن كانت تلك الإجراءات المقترحة تتفق أو تتعارض سياسة الحاكم أو الملك، ونستطيع القول أن هناك نظام ديمقراطي وجد في مدينة اورك، تمثل في مجلس شيوخ (الحكماء) ومجلس شباب (المحاربين)، وكانا يعقدان الاجتماعات للنظر في أمر (أجا) حاكم مدينة كيش الذي أرسل مبعوثين إلى اورك، يحملون معهم إنذارا نهائيا لتسليم اورك للملك الغازي، وكان قرار الشيوخ وتسليم المدينة، ولكن مجلس الشباب اجتمع وبحث الأمر ولم يوافق على التسليم، وقد أثبت قرارهم تاريخيا
" إن رسل (أجا) بن (أنميبارا جيسي)
ساروا من كيش إلى جلجامش في اوراك
وقال لهم
علينا إلا نذعن لبيت كيش ولنحارب بالسلاح
لكن مجلس شيوخ المدينة المنعقد أجاب جلجامش
لنذعن إلى بيت كيش ولا نحارب بالسلاح
إن جلجامش سيد كللاب مرة أخرى
عرض الأمر على محاربي مدينه وطلب القرار
فأجاب مجلس المحاربين المنعقد جلجامش
لن نذعن لبيت كيش ولنضربه بالسلاح" بشور ص190
أن هذا الأسلوب الديمقراطي كان سمة ذلك العصر، ولم يكن لحاكم أن يتصرف بمصير الشعب كما يشاء، وكان مثل هذه الاجتماعات تتكرر كلما تطلب الأمر، وها هو مجلس الشيوخ في اورك يجتمع للنظر في سفر جلجامش وانكيدو إلى غابة الأرز،
"في الساحة العامة اجتمع الشيوخ
أنت شاب، والشباب كثير الحماسة
أنت طموح وطموحك ذهب بك بعيدا
سمعنا بان خمبابا لا كسائر الخلائق
أسلحته ثقيلة لا تقهر
لخمبابا زئير كهدير الطوفان
النار تنبعث من فمه، يتنفس موتا
لا احد يجرؤ على الوقوف في وجهه" فريحة ص27+28
نجد هنا المعارضة من الشيوخ بكل عنفوانها، فهم يخاطبون الملك بكلمات حادة " أنت شاب ... كثير الحماسة وطموحك ... بعيدا" وهذا يؤكد حرية الاختلاف وحرية الرأي وحرية المعارضة، وهذه المعارضة مبنية على حجج ومعلومات، وليس فقط لمجرد الاختلاف والمعارضة، فكان الخوف على جلجامش باني مدينة اورك وسيدها، من دفعهم لمثل هذا الكلام الغليظ، وجعلهم يذكرون أمامه معلوماتهم عن حارس الغابة ـ خمبابا ـ، الذي يمتلك قوة كبيرة تتجاوز قوة البشر بكثير.
هذا الحضور لمجلس الشورى في اورك يجعلنا نفتخر ونشعر بالارتياح لما كنا عليه، ويجعلنا نندفع أكثر للمطالبة بهذا الفعل الاجتماعي ـ حرية الرأي ـ الذي يحمي الأمة من كافة الأخطار والتهديدات والمشكلات الداخلية والخارجية، ونندهش تماما عندما نفكر بهذه المدينة التي مارست فعل الديمقراطية قبل أكثر من 4700 عام، ونحن في هذا الزمن ـ العربي ـ مازلنا عاجزين وخائفين عن التقدم خطوة نحوه، وها هم الغربيون إلى غاية هذه الساعة ما زالوا يفتخرون بمجلس شيوخ روما، الذي تواجد في حدود 500 ق م، ونحن أصحاب مجلس الشيوخ والشباب قبلهم ب 2200، لا نذكر تاريخنا الديمقراطي المشرف، ولا نعرف عنه شيئا.
هذا على صعيد الديمقراطية في الحكم أو الشورى، أما في حالة النفور الشعبي من الحاكم، فكان يسمح للناس أن يشكوا همهم وطرح مشاكلهم ويتحدثوا عن سلبيات الحاكم بكل حرية وبدون أية ضغوطات أو تهديد، وهذا ما تخبرنا به الملحمة
"أشراف اوروك كئيبون في منازلهم
طغيانه لا يكبح إن بالنهار أو الليل" بشور ص 190
"نواحهم أناتهم بلغت مسامع الآلهة في السماء" فريحة ص12
من خلال هذه النصوص التاريخية يتأكد لنا نحن سكان الهلال الخصيب أننا أول الشعوب التي مارست حق المعارضة وإبداء الرأي بكل حرية وبدون خوف، ونحن أول من استخدم النظام الديمقراطي أو الشورى في العالم، فنحن السباقون في هذا المضمار، ونحن من علم الآخرين الديمقراطية



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة الوعي لتوفيق الحكيم
- غالي شكري واسرار الارشيف الثقافي السري
- اعمدة الحكمة السبعة
- ( النص القرآني) السحر والدين
- جزر منعزلة أم جغرافيا واحدة
- النص القرآني) يعقوب واولاده عليهم السلام
- النص القرآني (اول الكتب السماوية)
- ( النص القرآني ) عدم نضوج علم الكتابة
- مدخل الى النص القرآني
- أيهما خطر الكيماوي العربي أم النووي الإيرني؟
- الدين بين التطور والنزول من السماء
- الماركسية والدين
- الثورة العرابية لرفعت السعيد
- السادات والبحث عن الذات
- غطاء العقل العربي
- الثابت والمتحرك والعقل العربي
- أوراق بعيدة عن دجلة
- المسألة الطائفية في مصر
- الفدائي الصغير بين الشكل الأدبي والمضمون
- ماركو فالدو والتقديم الهادئ


المزيد.....




- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...
- أمسية ثقافية عن العلاّمة حسين علي محفوظ
- ثبتها الآن.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على نايل سات واستمت ...
- عروض لأفلام سوفيتية وروسية في بوينس آيرس
- -مصر القديمة.. فن الخلود-.. معرض لقطع أثرية مصرية في سيبيريا ...
- آخر ما نشره -نعم.. الموت حلو يا أولاد-.. كتاب وفنانون ينعون ...
- مطالبات واسعة في مصر لإلغاء حفل مطربة كندية شهيرة لهذا السبب ...
- ناشرون تحت المقاطعة: سوق الترجمة الإسرائيلي في مهب الحرب على ...


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ملحمة جلجامش