أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - رائد الحواري - الثورة العرابية لرفعت السعيد















المزيد.....



الثورة العرابية لرفعت السعيد


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4287 - 2013 / 11 / 26 - 23:43
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


الأسلوب العلمي في كتابة
الأساس الاجتماعي للثورة العرابية
لرفعت السعيد

هذا الكتاب ينقسم إلى قسمين، قسم يتحدث بتفاصيل دقيقة ومفصلة عن أوضاع مصر بكافة جوانبها قبل الثورة العرابية، والقسم الثاني يتحدث عن الثورة، فقد أقنعنا وأمتعنا رفعت السعيد بهذا الأسلوب العلمي من الكتابة، فلم نعهد كاتب أعطا تحليل ووصف الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والسياسية اهتماما كهذا الاهتمام، حتى أن القارئ ينساق وراء تحليل الأوضاع وكأنه يقرأ عن أحوال مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ويتماهى مع الحديث حتى انه ينغمس في السرد الواقعي متناسيا أمر الثورة العرابية.
من هنا سنحاول إضاءة بعض الجوانب في هذا الكتاب الذي وضع مقدمته خالد محي الدين في عام 1966، بمعنى أن الكتاب صادر في بداية عام 67 عن دار مكتبة مدبولي، ورغم القدم الزمني له إلا انه يظل من أفضل الكتب التي تناولت أحداث وأحوال مصر قبيل الثورة العرابية وأثناء الثورة وما بعد الثورة، حتى أن المتتبع للأحداث في مصر يجد أن ثورة 1952 جاءت كامتداد طبيعي لثورة عرابي، فالثورة الثانية استفادة من التجربة العرابية، خاصة في مجال التحالفات بين أعداء الثورة أن كانوا من الداخل أم من الخارج، من هنا نجد ثورة 52 عملت على عزل وإخراج الملك من مصر، حتى لا تتكرر أخطاء الثورة العرابية عندما اكتفت بنقل الخديوي إلى الإسكندرية، فعمل من هناك على التحالف مع الباب العالي والانجليز والفرنسيين، للانقضاض على الثورة، ومن ثم القضاء عليها، وإذا تتبعنا انجازات ثورة 52 نجدها تكملة وإعادة ما قامت به ثورة عرابي، فعملية تحديد الملكية وضرب الإقطاع كان يمثل استكمالا لما قامت به الثورة العرابية، كما إن عملية مصرنة المؤسسات المالية والتجارية هي من احد الأهداف التي وضعتها ثورة عرابي أمامها لتنفيذها، لكن الانقضاض عليها حال دون ذلك، كما كان الجيش المصري هو العمود الفقري في كلتا الثورتين، وهذا يستدل منه على أن الجيش المصري هو العامل الحاسم في أي ثورة في مصر، وإذا ربطنا ما قام به الجيش المصري في أيامنا هذه عندما تدخل لينهي حالة النزاع السياسي بين أقطاب المجتمع المصري، نجد التكامل والتماثل في مسار ودور هذا الجيش الوطني، الذي لا يمكن إلا أن ينتمي وينحاز للشعب، حتى لو مرت عليه فترة من السبات.

الأوضاع في مصر

الأوضاع في مصر كانت قبيل الثورة في أسوء ما يكون، حيث عمل نظام الخديوي على جعل الفلاح المصري يعيش بين نظام الإقطاع والعبيد معا، فهو قن عبد في ذات الوقت، فالأرض التي تشكل مصدر الإنتاج والثروة للمصري كانت "فالأرض التي انتزعت من المماليك تسربت إلى كبار الملاك .. فلو نظرنا إلى جدول توزيع الملكية في نهاية القرن 19 لوجدنا أن عدد الملاك الذين يملكون اقل من خمسة أفدنة" يبلغ 761,300 يملكون 1,113,900 فدان، بينما 11,900 شخص يملكون أكثر من خمسين فدانا مجموع ملكيتهم 2,243,500 فدان، أي أن 83,3 من الملاك يملكون 21,7%من الأرض بينما 1,3%من الملاك يملك 44% من الأرض" ص59، فتقسيم الملكية تشير إلى الفجوة الكبير بين فئات المجتمع المصري، فالغالبية منه تعيش في حالة من الفقر، وهناك أقلية محدودة العدد تتحكم في مساحة شاسعة من الأراضي، بما يعني ذهاب اكبر نسبة من الإنتاج الزراعي المصري إلى جيوبها.
ضمن هذه المعطيات كان الفلاح المصري والذي يشكل العمود الفقري للإنتاج القومي لا يعيش في حالة من الفقر المدقع وحسب بل ويعامل كعبد في مجال السخرة، "ولنترك ادوارد ديسي يروي ما شاهد ينفسه "اذكر أنني مررت بجماعة من المسخرين يعملون في رصف طريق لا يبعد عن القاهرة بأكثر من نصف كيلو. رأيت رجالا ونساء وأطفالا يعاملون تحت إجبار السوط وعلى كل عشرة شغاله كان هناك خول يمسك عصا يظل يضربهم بها باستمرار وبدون انقطاع بالرغم من أنهم منهمكون في عملهم ورئيس الأنفار يحمل سوطا يلهب به ظهر "الخولي" والمهندس يحمل كرباجا ليعاقب به رؤساء الأنفار .. كان المنظر نموذجا مصغرا للحياة الاجتماعية في مصر كلها وأبشع ما في هذا النموذج أن الجميع كانوا ينظرون إليه على انه مسألة طبيعية" ص57، ما يلفت النظر هو حالة القمع والبطش التي يستخدم على الفئة الدنيا من المجتمع، فإذا استثنيانا الفلاح المسخر، نجد الجميع يضرب ويضرب، بمعنى إنه أداة قمع وأيضا مقموع في نفس الوقت، وهذا يستدل منه على أن المجتمع المصري كان يتقبل حالة القمع والاضطهاد ويعتبرها طبيعية وضمن المسار ـ العادي ـ للحياة، كما انه يشير إلى أن العقلية العسكرية الجامدة التي لا تعرف إلا إطاعة الأوامر وتنفيذها دون تفكير هي عقلية المصريين في ذلك الوقت.

من هنا نجد وصف دقيق لحالة المجتمع المصري في فترة محمد علي وما بعده، حالة لا يمكن القبول بها من أي مجتمع إنساني "وفي أي اتفاق بيننا وبين الخديوي .. أو أي اتفاق بين الخديوي وبين أية قوة أخرى فإن المصريين أنفسهم لا يمكن أن يكون لهم أي صوت أو أي دور في هذا الموضوع .. فإذا كان من البلاهة أن يطلب مشتري قطيع الأغنام من البائع أن يبرز له موافقة مكتوبة من القطيع على عملية البيع .. فإننا سوف نتهم بالبلاهة إذا طلبنا موافقة الفلاحين المصريين على انتقال بلدهم من مالك إلى لآخر" ص51، وصف في غاية السوء لما تعانيه مصر كدولة ويعانيه الشعب، فكان الخديوي بمثابة فرعون حقيقي لمصر، لا يختلف أيا منهما عن الآخر، كلاهما كان المالك لمصر والأهل مصر، يستعبد الأرض والشعب معا، ولا يوجد من يقول له قف أو كلمة لا، الكل طائع وباستكانة، فكان لا بد من وجود من يقول لا، وبقوة حتى يتم وضع مصر في مسارها الصحيح، وهذا ما بدئه عرابي وأكمله عبد الناصر.

الاقتصاد المصري

الأوضاع الاقتصادية لا تقل سوءا عن بقية الأوضاع الأخرى، فهو يشكل صورة حقيقية لحالة التشويه التي يعاني منها المجتمع المصري، فهناك الغنى الفاحش وبجانبه الفقر المدقع، كما يوجد كم كبير من الفقراء وشريحة قليلة أغنياء، يتحكمون بثروة البلد وبأهل البلد، " يقول دافيد لاند أن مصر البلد الذي كان مصدر البقول والحبوب إلى كل حوض البحر المتوسط قد أصبحت في الوضع الذي كان فيه استيراد الأغذية من الخارج أمرا ضروريا للتغلب على المجاعة... وهكذا ارتفعت الأسعار بسرعة فأصبح ثمن القمح ثلاثة أمثال أو أربعة أمثال ثمنه في سنة 1864 وتضاعف ثمن الزيت والخضروات ثلاث مرات وارتفعت أسعار الحبوب والفول بنسبة 400% وارتفعت أسعار لحم الضأن وهو الغذاء الثابت للمسلمين من 4 بنس إلى شلن في الرطل، وكان الذين أثروا بسب رواج القطن سببا في ارتفاع الأسعار، بل تسببوا بإفراطهم في الكماليات في رفع الأسعار أكثر فأكثر" ص63، الفئة المستفيدة من الأغنياء عملت على دفع الفلاح المصري على زراعة القطن وإهمال إنتاج الحاجات الأساسية، مثل القمح والحبوب والخضراوات، وانعكس ذلك على ثمن السلع بحيث لم يقدر الفلاح البسيط على شراء مونته، علما انه كان ينتجها ويكتفي ذاتيا دون الحاجة لشراء أي جزءا منها، فقد كانت عملية المقايضة تعد إحدى الوسائل التي استخدمها الفلاحون المصريون في علاقتهم التجارية.
وكأن التاريخ يعيد نفسه، فقد أقدمت الحكومة المصرية في فترة ليست بالبعيدة على دفع الفلاح المصري على زراعة السكر والقطن بشكل أساسي، مما شكل تشويها وإشكالا للمواطن المصري، بحيث أصبحت وما زالت مصر تعتمد على القمح المستورد من الخارج، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، وهنا لا بد من التذكير أن الأنظمة غير الوطنية وغير المسئولة دائما تعمل على إحداث تشويهات وجعل الوطن والمواطن رهينة للضغوط الخارجية.


الوضع المصري بصيغة أدبية
(شعر محكي)

في حالة تردي الأوضاع وسوء الأحوال يتصدر الأدباء للواقع وأيضا للحكام المتنفذين، من هنا كان هؤلاء الأدباء والشعراء ينشدون للعامية والمضطهدين ما يضوح لهم الواقع وأيضا يحملهم على العمل لتغيره، عبد الله النديم احد الشخصيات التي صور الحال الاقتصادي والاجتماعي في مصر في النصف الثاني من القرن الثامن عشر فقال
"أهل البنوكا والأطيان صاروا على الأعيان أعيان
وأبن البلد ماشي عريان ممعاه ولا حتى حق الدخان
شرم برم حالي غلبان
ياما نصحتك يا بنجر وقلت ذلك أوعى بعجر
فضلت تسكر وتفنجر لما صبح بيتك خربان
شرم برم حالي غلبان
الحق عندك يا خويه ياللي طليت وشك بويه
ولبست سروال أبو اوايه ومشيت تقاد إلى النسوان
شرم برم حالي غلبان
بعنا العمايم بالطربوش والعرى بالتوب المقوش
صبحت بلادنا للمغشوش مورد وصانعها ظمآن
شرم برم حالي غلبان
أوعى تفوت دى الكار باهباب وتمشي ماسك لك في كتاب
يستهويك كل الأجاب وبعد عزك دا تنهان
شرم برم حالي غلبان
أحسن دا فن بناه مساكين سهروا ليالي فيه وسنين
وحصلوا منه التموين لكن رماهم في الحرمان
شرم برم حالي غلبان
شوف الجهالة يا سيدي اللي جلبناها بايدينا
حتى صبحنا يوم عيدنا نسمع بلادنا تنشدنا
شرم برم حالي غلبان" ص73و74،
الشعراء والأدباء وحدهم يبقوا مرآة الواقع، فهم من يستطيع أن يصور الواقع بصورة لا تمحى أبدا، فالمقال السياسي مع الزمن يفقد بريقه، لكن القصيدة أو القصة تستمر في تألقها عبر الزمن والجغرافيا، هذا ما أثبته عبد الله النديم من خلال قصيدته الشعبية، ما يميز هذه القصيدة تطرقها إلى السلوك الاستهلاكي الذي تفشى في المجتمع المصري، واثر ذلك على المجتمع والأفراد والوطن، وتوضح القصيدة عزوف البعض إلى حياة الرفاهية ـ شكلا ـ وأثر هذا السلوك على المواطن في المستقبل القريب جدا، وتشير القصيدة إلى تمكن أصحاب البنوك (البرجوازية الغربية) على التمكن في الاقتصاد المصري ومن ثم في الحالة الاجتماعية المصرية، فقد تفوقوا في مكانتهم على طبقة الإقطاع، نكتفي بهذه القصيدة لكي نعلم واقع الحياة في مصر والكيفية التي يعيش بها المصريين.

جمال الدين الأفغاني ومحاولته لتغير الأوضاع في مصر

بعدما شاهد الأفغاني أحوال مصر السيئة عمل من خلال محفل ماسوني على تغير الأحوال لكن التيار كار جارفا، ورغم لجوءه إلى النخب من المستنيرين والتجار والضباط والأعين ومع هذا لم يوفق، فقد كانت التأمر الغربي الفرنسي والانجليزي متفق على إبقاء مصر في حالة من الضعف حتى يمكنه من التحكم بها والسيطرة عليها ـ مباشرة أو غير مباشرة ـ

ارتباط الحكومة المصرية بمعاهدات اقتصادية مهلكة

ضعف حكومة الخديوي وانجرارها وراء اللهو والتقليد وسوء إدارتها للبلاد، جعلها تحت رحمة الرأسمال الغربي، فتم التوقيع على اتفاقيات اقتصادية مهلكة ومنهكة للوطن وللمواطن معا، والكاتب يعطينا بعض من صور هذه الاتفاقيات " كان سعيد باشا رجلا خفيف الظل .. وذات يوم زاره أحد الماليين الأوروبيين ... وفجأة صاح سعيد بخادمه "أغلق الشباك بسرعة فلو أصيب هذا السيد فسوف يطالبني بتعويض لا يقل عن عشرة آلاف فرانك.
وإذا كان سعيد مغرما بالنكت... فان ما قاله لم يكن نكتة بل حقيقة واقعية فمنذ ذلك الحين ظلت خزائن الخديوي نهبا لطلبات غربية تثير الضحك والاشمئزاز معا .
فإذا سرق شخص بسبب إهماله هو فان الحكومة هي المخطئة بسبب عجزها عن المحافظة على الأمن والنظام ثم يطالب بالتعويض... وإذا أبحر شخص بقاربه وتسبب بإهمال في جنوحه فان الحكومة هي المخطئة لأنها تركت رمالا على الشاطئ في تلك الجهة ثم يطالب بتعويض.. وفي احد القضايا نجح احد النبلاء النمساويين واسمه كاستيلا بمساعدة حكومته في انتزاع مبلغ 700,000 فرنك على أساس أن ـ28 ت صندوقا من شرانق الحرير تلفت بسبب تعرضها للشمس عند تأخر سفر القطار من السويس إلى القاهرة" ص111، إذن الاتفاقيات الجائرة عملت على امتصاص الاقتصاد المصري ثم تركه ناشفا لا رطوبة فيه، كل ذلك بسبب غبن الخديوي وتعامله باستهتار، فلم يكن في حقيقية الأمر أكثر من شخص متنعم ـ مركزا واقتصادا ـ بمصر، فمصر لا تعني له أكثر من بقرة حلوب، سيقتلها أو يرميها للوحوش عندما يجف حليبها.
يعطينا الكاتب نموذج آخر عن عقم الخديوي الذي يغرق مصر والمصريين في مستنقع من الوحل من خلال تعامله الغبي مع الغرب، ".. هكذا ارتفع ديرفيو إلى شريك ذو النصيب الأكبر للخديوي، لكن ما هي مهمة ديرفيو؟
والفوائد.ثم اقرضه فإذا ما اتسعت العملية اقترض له من أوروبا ومن العملات والخصم .. والفوائد .. كون ديرفيو ثروة طائلة .. وإذا كان سعيد قد مات تاركا دينا قدره 3,300,000 جنيه.. فان إسماعيل بفضل تسهيلات ديرفيو وخدماته .. قد ارتفعت دبيونه إلى 91,000,000 مليون وأفلس إسماعيل وأفلست مصر .. لكن ديرفيو ازداد ثراء وبنى بيتا فخما في باريس .. وأسس هناك بنكا ضخما" ص115، ثروة مصر لم تكن للمصريين بل للغرب، من خلال الخديوي الذي لم يهتم بتاتا بمصر وإلى بشعبها، فكان مجرد لاهي مستمتع بمقدراتها، من هنا قدم مصر على طبق من ذهب للأوروبيين، فلا يمكن لشخص يملك أدنى مستوى من المسئولية أن يقدم على هكذا اتفاقيات ومعاهدات، لكن حياة الفجور واللهو كانت هي الأهم بالنسبة للخديوي، وأي خديوي إن كان إسماعيل أم سعيد أم فاروق، فسلالة محمد على بعد إبراهيم فعلت العجائب في مصر والمصريين، فبعد تحجيم طموحها في مصر وضربها في بلاد الشام، فرضت عليها الهيمنة الغربية، ومن وثم انطواءها تحت ظل الباب العالي، ولم يعد حكامها يهتمون سوى برفاهية ونعيم العيش، مهملين كافة الأمور التي تهم مصر والمصريين، من هنا نجد الانزلاق السريع والواسع نحو خراب وتهديم مصر، وتجويع وتحقير المصريين. ضمن هذه الظروف كانت مصر تشكل مرتع وارض خصبة للغرب، وفي نفس الوقت مكان للجوع والذل والاضطهاد للمصريين، فكان الفرد الأوروبي يعتبر مصر مصدر ثروة له وارض خصبة يمكنه أن يحقق فيها أحلامه وطموحه الاقتصادي، من هنا نجد الهجرة إليها كانت في ذروتها ما بين "1857 -1861 دخل البلاد أكثر 120,000 أجنبي، بمعدل 30,000 كل عام" ص112.


الثورة العرابية

إذا عدنا إلى مقارنة أحوال المصريين مع أحول الأوروبيين، والكيفية التي تعامل بها الخديوي مع الغرب، وقارناها مع تلك التي تعامل بها مع المصريين، نجد بان هناك فجوة هائلة لا يمكن لها أن تستمر إلى الأبد، من هنا جاء احمد عرابي كشخص ثائر على هذه الأحوال وعلى نظام الحكم.
هناك ميزة وخصائص لا بد أن تتوفر بمن سيقوم بهذا الانقلاب وهذه الثورة، إلا وهي المبدئية، والتي تعني عدم الانسياق وراء المغريات أو التهديدات، بمعنى رفض الترغيب أو الترهيب، كما تعني رفض بيع الذات مقابل الثروة أو المنصب، كما تعني العمل على تحقيق مصالح الشعب وضرب مصالح الغربيين والإقطاعيين معا.
تعلم احمد عرابي على يد "صراف الناحية ميخائيل غطاس فلازمه خمس سنوات تعلم فيها القراءة والكتابة والحساب ... ومن غطاس إلى الأزهر حيث أقام الفتى أربع سنوات كاملة ثم عاد إلى قريته ليناديه الفلاحون "الشيخ احمد" ص 127، مكان التعليم جعلته يعي وحدة المجتمع المصري، فلا فرق بين طائفة وأخرى، كل المصريون مصريين، ومن خلال هذه الروح الوطنية يتم انطلاق عرابي إلى إكمال حياته ليصل إلى أعلى المراتب العسكرية من خلال سلوكه المثالي والصادق، من ثم يعمل على تخلص مصر من جور واستعباد الخديوي والغربيين معا،

مبدئية احمد عرابي

هناك شواهد تؤكد على نزاهة ومبدئية احمد عرابي فقد واجه الترغيب في زمن تستفحل فيه الرشوة والركض خلف الغنى المادي ـ الاقتصادي أو المنصب ـ فقد رفض عملية بيع ذاته مقابل مبالغ باهظة من المال "لقد رفض عرابي أن يصبح أداة في يد السلطان مقابل كرسي الخديوية .. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يعرض فيها كرسي الخديوية على عرابي فقد عرض عليه محمود سامي البارودي .. وكان وقتها ناظرا للجهادية "أن يندى به خديويا لمصر لكن عرابي يرفض قائلا : لا يا محمود باشا فانا لا أريد إلا تحرير بلادي وليس لي طمع أصلا في الاستئثار بالمنافع الشخصية... أبلغني باتون أمس أن روتشيلد مستعد لان يعطي عرابي 100,000 فرنك سنويا ومدى الحياة إذا ما ترك مصر" ص133، هذه الشواهد تؤكد نزاهة وصلابة عرابي أمام المغريات، منهما كانت الجهة التي تطلقها، وبصرف النظر عن الدوافع التي تنطلق منها ـ إن كان نبيلة أم خبيثة ـ فالرجل يسير في درب يعرف طريق واحد له.


أخلاقيات عرابي اتجاه الطرف المعادي

احمد عرابي كما بغض وكره نظام الخديوي كذلك كره القتل والتنكيل في الناس، فهو يعامل الأعداء ـ بعد أن يقعوا في يده، معاملة حسنة وأخلاقية، تنم عن تربيته الدينية والأخلاقية التي ترسخت في نفسه أثناء تواجده في القرية ومن خلال فترة تعليمه في الأزهر، "والحقيقة أن عرابي كان يتخذ موقفا مبدئيا من إراقة الدماء .. ومن الاغتيالات وقد كان النديم داعية الثورة يفاخر دائما أنهم "ملكوا زمام الحرية مع حفظ الأرواح والأعراض مع أن فرنسا أهلكت في حرب الباستيل عشرات الألوف من الأرواح...
ـ هل قتلتموه
فقلت له : من تعني؟ فقال اعني الخديوي
فقلت له "إننا لا نقتل أحدا بغير حكم شرعي فلا يليق بك أن تتكلم بهذا الكلام
ثم يلتفت الضباط جميعا مطالبين بقتل الخديوي ويظل هو يحاورهم .. إن هذا حرام ولا يجوز شرعا ... ورد محمد عبيد قائلا "الرد على كلام سعادتك بسيط .. أنا اقتله وتحاكموني عليه بالإعدام ، ويسقط في يد عرابي ويصيح في فزع " أمسكوا الرجل ده .. كتفوه أحسن ده متهور" ص135و136، هذا النهر المتدفق من الأخلاق هو الذي قاد الثورة، وليس رجل آخر، يتمسك بالرحمة حتى مع اشد الطغاة والمفسدين للوطن، فهو لم يبحث عن انتقام بقدر تحقيق العدل وإزالة الظلم عن الناس، من هنا كان يترفع عن الإقدام على أي عمل يمكن أن يكون نابعا من الانفعالات والدوافع الانتقامية التي تمتلئ بها النفوس.


أهداف الثورة العرابية

كل ثورة لا بد أن تنادي بأهداف تسعى لتحقيقها، وكل ثورة لا بد أن تنطلق من واقعها، وتعمل على إزالة الظلم عن الشعب الذي هو وقودها ومحركها، من هنا نجد أهداف الثورة العرابية تمس بشكل مباشر غالبية المجتمع المصري، والمقصود هنا هم الفلاحين تحديد وما يتعلق بحياتهم
ـ إلغاء السخرة التي يفرضها الباشاوات الأتراك على الفلاحين
ـ القضاء على احتكار الباشاوات لمياه النيل وتحكمهم فيها
ـ حماية الفلاحين من المرابين اليونانيين الذي ينشبون أظافرهم في أجساد الفلاحين مستعينين بالمحاكم المختلفة
ـ إصلاح النظام القضائي المليء بالفساد
ـ كفالة حق التعليم للرجال والنساء على السواء
ـ كفالة حرية الانتخابات للبرلمان الجديد
ـ إلغاء الرق .. وحول هذه النقطة يتكلم عرابي مشيرا إلى تأجيج الاجانب بان منح السلطة للمسلمين سوف يعني ازدهار تجارة العبيد من جديد.. إن الذين يملكون العبيد والذين يرغبون في استمرار الرق هم الأمراء والباشاوات الأغنياء وحدهم وهؤلاء هم الذين تناضل حركة الفلاحين من اجل التخلص من تسلطهم. أن مبادئ الحرية والإصلاح تقتضي بان الناس جميعا متساوون بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العقيدة وان استمرار الرق يتنافى تماما مع هذه المبادئ" ص171، لم يكن الغرب يهتم لا لمصلحته فقط، فرغم الحرية التي تطرحها الثورة، ورغم توافق مصالحها مع مصالح الغرب في ضرب الرق وتجار الرق، إلا أن المصلحة العلى للغرب تحول دون انحيازها اتجاه الثورة المصرية، وتبقى أسيرة لعدائها لكل ما هو شرقي، وهنا لا بد من ربط ما جرى في الماضي وما يجري في الحاضر فيما يخص حقوق الإنسان التي يرددها البعض، فمرة يطالب الغرب بتحقيق الحرية والحقوق، ومرة يتجاهل ويغمض بصره وبصيرته، فالمصلحة هي التي تتحكم بمواقف وأعمال الغرب وليس غيرها

الطرح الطبقي لثورة عرابي

الثورة العرابية وضعت نصب أعينها ضرب الإقطاع والقضاء على أهم مظاهر الاستغلال المنتشرة في مصر، وهذا ما جعل الثورة تتبنى بطريقة أو بأخرى الطرح الطبقي، فهي منحازة للفلاحين والفقراء، وتتحامل على الفئات المستغلة للفقراء، ونعتقد من هنا كان البعض يعمل على تجاهل هذه الثورة رغم أهميتها، ورغم عدم تأثرها بالفكر الماركسي، حيث إن مصر كانت في تلك الفترة تنطلق من واقعها وليس من خلال التأثير بهذا الفكر أو ذاك، كما أن الفكر الماركسي في ذاك الزمن لم يكن قد انتشر كما هو الحال بعد الثورة البلشفية في روسيا، كما أن قائدها يحمل الفكر الديني وهو من خريج الأزهر الشريف، وليس من جامعة كادحي الشرق، لكن أصحاب المصالح دائما يتحسسون من تناول الصراع الطبقي، وطرح هموم ومشاكل ومتطلبات الفئات الفقيرة، مهما كانت الدوافع الفكرية لهذا الطرح، فالمعارضة تكون دائما حاضرة عند الحديث عن الاستغلال.
على العموم الثورة العرابية تناولت هذا الأمر بإسهاب وتحليل واقعي وبعيد عن المغالاة " والنديم متحدثا باسم الثورة يهاجم "حياة البذخ التي يحياها الأغنياء والحكام الذين يرتدون ثياب العز ويتمتعون بأسباب المدينة وينعمون بالمراقص والغانيات والمغنيات وينفقون الأموال عن اليمين وعن الشمال وما هي في الحقيقة إلا أموالهم هم ... أموال الفلاحين البؤساء .. الذين هم أساس النعمة وأسبابها، يجمعونها بعرقهم ودمائهم من فلاحة ارض وتربية الماشية ليأخذها الأغنياء ويبعثرونها على ملذاتهم ومتعهم.
... وفي تحدي بالغ يوجه النديم حديثه إلى الأعيان قائلا
تعال فانظر إلى سلم رفعتك ومعدن حياتك ونبع ثروتك .. أخيك ، استغفر الله ـ بل خادمك الفلاح انظر إلى ثوبه المهلهل ولبدته التي لا تستر يافوخه ورغيفه الذي لا تكسره قوتك ومشه الذي تعاف النظر إليه .. انظر إليه وهو يقطع يومه في عذاب وعمل .. وهو صاحب الفضل عليك وأنت لا تنظره إلا بعين المقت ولا تعامله إلا بيد الإهانة ولسان السب" ص172و173، أحول مصر كانت تدفع المتنورين للحديث الصريح عما يجدونه من ظلم واضطهاد للفلاح البسيط، فالهوة الطبقية كانت واضحة ولا مجال للتستر عليها، البعض القليل يتنعم بالثروة والغالبة العظمى تأن تحت الجوع والفقر.
وها هو عرابي يخاطب الأتراك والشركس عن مصدر ثروتهم قائلا "أتيتمونا فقراء لا تملكون أرضا ولا فلسا فصرتم الآن أصحاب أراض وأملاك تحرموننا من خيرها"ص178
هذه دعوة الناطق الإعلامي للثورة العرابية، فما كان من الفلاحين إلا أن أخذتهم الشجاعة بعد أن وجدوا من يقف معهم ويساعدهم في تحقيق العدل الذي افتقدوه طويلا قبل أن تأتي الثورة وتطالب بحقوقهم، فنجدهم اخذوا بسلوك جديد اتجاه الإقطاعيين ، يتميز يأخذ الحق المسلوب، وأيضا تحقيق (دكتاتورة البوليتاريا ـ الفلاحين ـ ) بطريقة (ثورية) "وكان بعضهم لا يكتفي بمثل هذا الكلام بل كانوا يعمدون إلى الأرض ويقتسمونها قائلين هذه القطة لك وهذه لي .. بل يقولون لصاحبها اخرج من البلاد كما جئتها فكان أصحاب الأراضي يزدادون خزفا وحسبانا لبلاء أعظم فانقطع كثيرون منهم عن التردد إلى أرضهم ولزموا منازلهم... وهكذا ولأول مرة في تاريخ مصر يشكوا الباشاوات الأتراك من ظلم الفلاحين ويتحدثون عن معاناتهم " ص178
إذن الثورة حققت لأول مرة بأن جعلت الفلاح يتكلم ويعمل بصوت عالا، آخذا حقوقه المسلوبة دون خوف أو عقاب من احد.




المواجه مع الانجليز والغرب

لكن تسامح عرابي مع الخديوي لم يكن كذلك أثناء تهديد الغرب ـ فرنسا وانجلترا ـ له، فقد اتخذ موقفا صارما من أي تدخل في مصر، وكان تهديده بكلماته يتوازيا مع أفعاله وأعماله " " لقد أمرنا نبينا الكريم وقرآننا العزيز ألا نبدأ الحرب ولا نسعى إليها ولكن تعاليم ديننا تحضنا على مقاومة أي اعتداء على وطننا وعلى أن نستشهد في سبيله، إن أي اعتداء علينا سوف يوقع بكم أضرارا جسيمة، لسوف تصادر أموالكم هنا وسوف ندمر قناة السويس ونحرمكم من أية طرق للمواصلات، إن طلقة رصاص واحدة ضد مصر سوف تعني حربا دينية شاملة تمتد من دمشق حتى الهند، إن المسلمين جميعا يرون أن مصر هي مفتاح مكة والمدينة وأن سيولا من الدماء سوف تنهمر من كل أسيا وأفريقيا دفاعا عنها، ولتعلم إنجلترا أننا مصممون على القتال، على الشهادة في سبيل الله فقد حضنا نبينا الكريم على الاستشهاد، فإما أن نستشهد كرماء وإما أن نعيش حياة حرة كريمة منتصرة" ص199، ما يلفت النظر في هذا الكتاب الذي وجه عرابي للانجليز هو البعد القومي لمصر وأيضا البعد الديني، فقد كانت مصر في النص الثاني من القرن التاسع عشر تشكل الدولة الأهم عربيا وإسلاميا لتحقيق مصالح وأماني العرب والمسلمين، فوزنها الكبير كان يدفع كافة المناطق العربية والإسلامية إلى التعلق بمصر، خاصة بعد أن تبين لهم القوة التي تستطيع مصر أن تشكلها في وجه الباب العالي وأيضا على الدول الاستعمارية.
رغم التفاوت الكبير بين عدد وعتاد الجيش المصري والجيش الانجليزي، ووقوف الباب العالي والخديوي ضد الجيش المصري الذين تحالفوا مع الانجليز لضرب الثورة العرابية، كل هذا لم يكن لينجح في اكتساح الثورة، لكن كعادة كافة الأعداء دائما يلجئون إلى الخيانة لكي يصلوا إلى غايتهم، استخدم الانجليز والخديوي هذا الأمر للانقضاض على الثوار"لا تحسبوا أن انتصار القوات الانجليزية كان بسبب كفاءة قواتها ولكن سببها الخيانة وحدها .. الذي هزم عرابي ليس الجنرال ولسلي لكن الذي هزمه هو السلطان باشا وزملاء سلطان باشا الخونة... واصدر الخديوي قرارا بان يعطي كل من يترك جيش عرابي مرتب شهر ونصف .. وتولت نياشين الخديوي وإنعاماته على الخونة" ص211، من هنا دائما تكون الضربة للثورة من الداخل اشد لاما من تلك التي تأتي من الخارج، الجيش المصري يوقع الخسائر الكبيرة في القوات الانجليزية الغازية، ويفرق شملها، لكن عنصر الخيانة من الخديوي حال دون تنعم المصريين بحريتهم وتحقيق مصريتهم وعروبتهم وإسلاميتهم بصورة مستقلة.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السادات والبحث عن الذات
- غطاء العقل العربي
- الثابت والمتحرك والعقل العربي
- أوراق بعيدة عن دجلة
- المسألة الطائفية في مصر
- الفدائي الصغير بين الشكل الأدبي والمضمون
- ماركو فالدو والتقديم الهادئ
- عمارة يعقوبيان والفساد الطاغي في مصر
- التشدد والتكفير
- استنساخ قرطاج في بغداد ودمشق
- الديانات الثلاث ودخول الجنة
- التخندق القبلي في المجتمع العربي
- أوهام الشيوعيين الفلسطينيين
- رجوع الشيخ والانسجام بين الشكل والمضمون
- الاسود يليق بك
- إنتقائية التاريخ
- العشيرة العربية
- ثروة الإيمان
- العقل العربي والاحتكام للنص
- طيور الحذر وتشكيل النص


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - رائد الحواري - الثورة العرابية لرفعت السعيد