|
الديانات الثلاث ودخول الجنة
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4211 - 2013 / 9 / 10 - 22:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الأنا المطلقة تتحكم في الكثير من الناس، حيث تكون (الأنا) هي صاحبة الحق، وهي من يمتلك الحق، وما دونها باطل بامتياز، المشكلة تبقى قابلة للحل أو للنقاش إذا كانت هذه (الأنا) فردية، لكن عندما تصبح جماعية أو اجتماعية فيكون الحديث عن التغير فيها يساوي صفرا. هناك الديانات السماوية الثلاث، اليهودية، المسيحية، الإسلام، كلها تبشر أتباعها بالجنة والفردوس "خالدين فيها أبدا"، هذا وضع طبيعي جدا، ومن حق كل ديانة أن تستخدم المرغبات وتقدم الحوافز لأتباعها، فلكل من هذه الديانات فكرتها الخاصة عن أسباب اقتصار دخول الجنة لأتباعها دون غيرهم من الملل. الديانة اليهودية تعتمد في طرحها على أساس العنصر المنحدر من الجنس الخالص والنقي المصطفى من البشر، ألا وهو سلالة ونسل إبراهيم عليه السلام، فلانحدارهم من هذا الظهر النبوي المختار ربانيا، أعطاهم الحق دون غيرهم دخول الجنة. فكان العنصر والجنس النقي هو الأساس في فتح أبواب الفردوس لهؤلاء القوم. أما الديانة المسيحية، فقد تجاوزت العرق والسلالة إلى الأممية والعالمية، واعتمدت على فكرة التضحية، حيث تم تقديم ـ أضحية ـ ربانية عن كافة الخطايا التي أقدم على فعلها البشر منذ آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وتتمثل في تقديم الرب ابنه يسوع المسيح ليصلب على الصليب، معذبا ومتألما لكي يخلص البشر من كافة الخطايا والآثام التي أقدموا أو سيقدموا عليها، ويتمثل شرط دخول الفردوس عند الديانة المسيحية، الإيمان بان يسوع المسيح هو المخلص لنا والمضحي بنفسه عنا. أما الديانة الإسلامية فهي أيضا عالمية، تعتمد أساسا على الإيمان بالله وبان محمد رسول الله، وكل من يؤمن بهذه الكلمة وينطق بها لا بد أن يدخل الجنة، وهناك حديث نبوي يخبر فيه النبي (ص) أبو هريرة بأن من قال لا اله إلا الله محمد رسول الله دخل الجنة، واخبره بان لا يخبر بها أحدا، لكي لا تكون مبررة لعدم الإقدام على العمل. في كل هذا لا يوجد أي مشكلة، فلكل الناس الحق في اعتناق ما يريدون من أفكار، ما دامت هذه الأفكار لا تتحول إلى أعمال أو أفعال تضر الآخرين، أما إذا تحولت تلك الأفكار إلى أفعال وأعمال توقع الضرر والأذية لهم وبهم، فلا بد من التصدي لها، وإيقاف القائمين على نشرها عند حدهم، وهنا بيت القصيد. لقد أمسى الفكر الديني تحديدا يتعامل بعقلية الاستعلاء والفوقية على المجتمعات الإنسانية، التي لا تتوافق معه في الفكر أو العقيدة، وأخذت تلك الجماعات الدينية تقدم على فعل (الشياطين) التي تحاربها، وبقناعة، وإيمان بأنها تقوم بواجب ديني أو رباني، سيخلص البشر من الشرور الدنيوية والسماوية، فهي صاحبة اليد الربانية التي تعمل على تنفيذ القرارات السماوية على الأرض، وهي عمليا الحاكم بأمر الله، مدعومة بفكرة الجنة التي حبى الله بها هذه الديانة دون تلك. اليهود يقتلون ويهجرون الفلسطينيين من وطنهم بحجة تحقيق الوعد الرباني لهم في ارض كنعان التي منحها لهم، هكذا دون أي مبرر عقلي، والمسيحي يقوم بالاغتصاب والسرقة الأوطان ويقتل الناس ويعمل كافة المحرمات ما ظهر منها وما بطن، وسيدخل الجنة ما دام هناك تضحية بابن الله ـ المسيح ـ، والمسلم يقتل نفسه قبل أن يقتل الآخرين ويخرب ويدمر الأوطان، ويقدم على الكذب والسرقة واكل الحرام، وسيدخل الجنة ما دام ينطق بكلمة لا اله إلا الله محمد رسول الله. هنا تكمن المصيبة، إيقاع الأذية بالآخرين، وبعقلية ونفسية هادئة مطمئنة، وبدون أي شعور بالذنب اتجاه الآخرين اللذين يقعون ضحايا تلك الديانات، نحن على يقين بان العديد ممن يقدمون على تلك الأعمال والأفعال الشرشرة هم على يقين بأنهم يخدمون العدالة السماوية، فاليهودي الذي جاء من بلد كان يعيش فيه حياة سوية، ويعمل في البناء أو الزارعة أو التجارة، استقدم إلى فلسطين ليشرد أهلها ويحل محلهم، والمسيحي جاء من أقصى الأرض ليحرر العراق ويقيم ويرسخ الديمقراطية في بلد (الدكتاتورية)، والمسلم يترك زوجته وأولاده وبيته ليجاهد في سوريا والعراق، فيقتل الصغير قبل الكبير، ويخرب ويدمر الوطن، وبهذا الفعل ستقام الخلافة الإسلامية. من هنا نقول بضرورة عزل الفكر الديني عن العمل السياسي، فهو يبدو لمن يقوم به بأنه يخدم العقيدة السماوية، لكنه على ارض الواقع يخرب ويدمر الأوطان ويقتل ويشرد الناس، في العقائد الثلاث نجد استخدام الفكر الديني لغايات سياسية تكون وبال على الآخرين، هذا ما حدث في فلسطين وفي العراق وفي سوريا وليبيا، فكل طرف يدعي بأنه يعمل لتحقيق الرغبات والواجبات الدينية التي يتطلبها الدين من المؤمنين به، فلا بد من الإقدام على الفعل ـ حتى لو كان دمويا ـ ما دام يعد واجبا دينيا سماويا. رائد الحواري
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التخندق القبلي في المجتمع العربي
-
أوهام الشيوعيين الفلسطينيين
-
رجوع الشيخ والانسجام بين الشكل والمضمون
-
الاسود يليق بك
-
إنتقائية التاريخ
-
العشيرة العربية
-
ثروة الإيمان
-
العقل العربي والاحتكام للنص
-
طيور الحذر وتشكيل النص
-
إنسان
-
محاضر
-
مكان
-
صفوف الحياة
-
الضياع
-
عالية ممحدوح وتقليد الذات
-
واسيني الأعرج في بلده فلسطين
-
كيف سقينا الفولاذ
-
مشكلة العقل العربي
-
أبن تيمية والتعددية الفكرية والنذهبية
-
الجيل الرابع من الحروب ودول الطوائف العربية
المزيد.....
-
الرهبان الكمبوديون يكرمون قتلى الاشتباكات الحدودية مع تايلان
...
-
-الأوقاف السورية- تعلّق على فيديو السيارة في الجامع الأموي
-
منظمتان يهوديتان أمريكيتان: احتلال غزة بالكامل سيؤدي إلى خسا
...
-
منظمتان يهوديتان أمريكيتان: احتلال غزة بالكامل سيؤدي إلى خسا
...
-
حاخام يهودي: ندمت لتأخري في وصف ما يجري في غزة بالإبادة
-
كيف يدان اليهودي إذا نطق بالإبادة في غزة؟
-
دول عربية وإسلامية ترفض سيطرة إسرائيل على غزة
-
فيديو يثير الغضب.. شخص يتجول بسيارة داخل الجامع الأموي
-
لجنة وزارية عربية وإسلامية ترفض خطة إعادة احتلال قطاع غزة
-
وفاة جمال الدين بودشيش شيخ أكبر طريقة صوفية بالمغرب
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|