أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - طيور الحذر وتشكيل النص














المزيد.....

طيور الحذر وتشكيل النص


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4145 - 2013 / 7 / 6 - 02:28
المحور: الادب والفن
    


التداخل بين المدارس الأدبية يثري النص ويعطيه عناصر القوة، خاصة إذا امتلك الكاتب لغة شاعرية، هذا ما فعله إبراهيم نصر الله في رواية "طيور الحذر" ففي بداية الرواية يتحدث الصغير عن حالته داخل رحم أمه، فيعجب ب(حنون) الأنثى ذات الصوت الهادئ وبتغريد العصافير،ـ من هنا يتم تشكيل عقلية الصغير المرتبطة بالطبيعية من خلال تعلقه بالعصافير وبالمرأة المتمثلة (بحنون) فكان أول عمل (فانتازيا) قام به الكاتب هو جعل الصغير يصف لنا حالته وهو مازال في أحشاء أمه، ورغم حديث العلماء عن تأثير الجنين بما يسمع وما يحدث في العالم المحيط به، إلا أن إبراهيم نصر الله أعطانا صورة فنية وأدبية من خلال مقدرته على وصف حالة الصغير وتحديد العناصر التي تأثر بها.
ينتقل الكاتب إلى وصف حالة بطل الرواية بعد الولادة وكيف انه كان يجد السكينة بين يدي (حنون) دون غيرها من النساء، وكيف كان يشعر بالراحة والسكينة عندما يشاهد ويسمع تغريد العصافير، وثم يبدأ الحديث في الرواية عن واقع العمال وظروف العمل الصعبة والقاسية، فموت زوج عائشة أثناء العمل في الكسارات، ثم قطع رجل الزوبعة والذي لقب بهذا الاسم لسرعته في الجري، يشكل اهتمام الكاتب بمسألة الطرح الطبقي، خاصة أن كافة أبطاله الايجابيين كانوا من أصول فقيرة، وطرح صورة أبو نبيل التاجر بطريقة سلبية، وكذلك الأمر بالنسبة لتاجر الخضار الذي عمل عنده الصغير، من هنا تبدأ الرواية بطرح الحالة الواقعية للفلسطيني في مخيم الوحدات تحديدا وبداية تشكله قبل أن تكون عمان بحجمها الحالي، فالرواية من منظور تاريخي تشكل وصف دقيق لمدينة عمان في بداية هجرة الفلسطينيين إليها عام 1948.
يتناول الكاتب حالة القمع التي تعرض لها الفلسطينيين من خلال حديثه عن كيفية التي كان يعامل بها المستمع لصوت عبد الناصر، فهذا الصوت من المحذورات التي تودع المستمع في السجن، وكذلك تم الحديث عن اعتقال أب الصغير حيث وجد في بيته باروده، ثم يتحدث عن حالة العزلة التي تعرضوا لها من الأهالي الذين توجسوا خيفة منهم، فكانوا يحذرون الاقتراب أو الحديث معهم، وهنا يعود نصر الله مرة أخرى إلى الفانتازيا من خلال الصغير الذي يقوم بتكسير الحيطان ـ التي لها آذان ـ بالشاكوش انتقاما منها ولجعلها غير قادرة على السمع والتنصت، فلا تعود قادرة على التجسس، وهنا كانت الصورة الواقعية من وجهة نظر الصغير حيث أن عملية تكسير الحيطان تمثل ، من وجهة نظره ـ عملية منطقية، وعملية غير منطقية من وجهة نظر الكبار.
إن المعني بكلمة (الحيطان لها آذان) هو الحذر من الوقوع تحت عيون الرقيب أو المخبر، فكان في المشهد السابق ـ الصغير يحطم الحيطان ـ يمثل رمزية التمرد عند الجيل الجديد من الفلسطينيين، وتمرد على حالة التشرد والقمع، وأيضا تمرد على المكان، الذي لا ينتمي له الفلسطيني، فكأنه هنا يكسر الواقع بمكانه وزمانه معا، وأيضا يعطي المشهد حالة الجنون ـ غير المنطقي ـ عند الكبار، من هنا استطاع إبراهيم نصر الله أن يقنع المتلقي للنص الروائي ويجعله يتوقف أمام هذه الحالة، جاعلا من روايته ليست للمتعة وحسب بال للتفكير أيضا.
من المشاهد المثيرة التي يعطيها الكاتب في الرواية ، عندما يقع الصغير وينكسر إحدى أضلاع قفصه الصدري، فيعرف بان في جسده قفص، فيقول "يجب أن يكسر كل الأضلاع" في صدره حتى لا يكون هناك أي سجن للعصافير، وهنا نجد الرمزية التي تمثل عشق الجيل الجديد للحرية وتناقضه مع السجن.
الرواية يتكامل اسمها "طيور الحذر" مع فكرتها، ففي اغلب فصول التي رقمت من الأعلى إلى الأسفل نجد ذكر العصافير وأنواعها وأيضا الحديث عن اصطيادها، فكان عمل الصغير يتركز على صيد العصافير ثم ينتف بعض من ريشها ثم يطلقها في الفضاء، وذلك لكي يتشكل لديها الحذر من الفخاخ التي تنصب لها، ورغم أن الأطفال كانوا يصطادوها ليأكلوها، فالصغير كان المنقذ عمليا لها من الصيد والموت معا، وعندما أقدم على خطأ الثناء التدريب في معسكر الأشبال، وقرر المدرب أن يطعمه من لحم الحية عقابا له، كان بقية الصغار ـ الذين يعرفونه ـ يطالبون المدرب بإطعامه عصفورا، وهو يقول "أطعموني الحية".
الكاتب يصف لنا بداية تشكيل سن المراهقة عند جيل المخيم وكيف كان ينعكس على تصرفات الصغار ـ ذكورا وإناثا ـ وكذلك أعطى المرأة دورا حيويا والتي كانت حاضرة وبقوة في الرواية حتى أنها تتفوق على حضور الرجل، وأخيرا نقول أن إبراهيم نصر الله رغم حذره في التعرض للنظام في الأردن إلا انه استطاع أن يمتعنا أولا ثم يجعلنا نفكر بحالتنا وكيف استطعنا أن نتعايش في جحيم اقتصادي واجتماعي ومكاني، فهذا العمل يشكل احد أهم الروايات التاريخية رغم ما فيها من فانتازيا ورمزية

رائد الحواري



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنسان
- محاضر
- مكان
- صفوف الحياة
- الضياع
- عالية ممحدوح وتقليد الذات
- واسيني الأعرج في بلده فلسطين
- كيف سقينا الفولاذ
- مشكلة العقل العربي
- أبن تيمية والتعددية الفكرية والنذهبية
- الجيل الرابع من الحروب ودول الطوائف العربية
- نهج الاخوان
- رباعية إسماعيل فهد إسماعيل
- الشرق والغرب عند توفيق الحكيم
- العامة في يوليوس قيصر والعرب الآن
- الطرح الطبقي في عصفور من الشرق
- المفكر الامام البوطي
- خذني الى موتي
- المرأة ملاذ الشاعر من الواقع
- الرفض في القصة الفلسطينية


المزيد.....




- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - طيور الحذر وتشكيل النص