رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4138 - 2013 / 6 / 29 - 01:54
المحور:
الادب والفن
إنسان
الآن كل شيء بدأ، تنسحب الأنوار ويقدم الظلام، هو يبحث عن المكان، قدماه يتخبطان بأشياء، رأسه يدور في كل اتجاه، عيناه تحاولان التقاط ومضه لتلافي تلك الأشياء، ويطلق لعقيرته العنان فتردد له، أمواج صراخ متتالية، فيعيدها ثانية وثالثة وتتبعها الأمواج متلاحقة ويأتيه صوت متقطع .
- لا .. هنا ... أب ...
- يوجس خفيه، يحاول معرفة مصدره ومصدره فيفشل بذلك، يدوس على شيء فتهور قدمه إلى أسفل ثم بقية جسمه، يحاول استمساك جسده فلا يستطع، تتخبط أعضاؤه ذات اليمن وذات الشمال، يتلوى، منقلبا رأسه إلى الأسفل، تتحسن يداه المكان، لا يوجد ما يحس، يستشعر قلبه بالمكان، فلا يترك أي إحساس، يستشمم أنفه فلا يستجيب، يستحرك قدميه، يديه، ولا حراك، فقد جسده الإحساس بالسقوط، واستسلم لواقعه، ولم يعد يبالي له، تمرد على إرادته، هو لم يبقى له من ذلك الجسد إلا رأسه المكدس بتلك الأفكار، رفع جفونه إلى اعلي وإلى أسفل، هما كل ما استطاع أن يحافظ عليه، ويمضي زمن والخمول يجثم على أعضائه لتبدأ بفقدان أجزائها، يستنهض سبابته بتلك الجموع الجاثية، وقدماه بالساعية، وأذناه بالسامعة، ولسانه بالمهللة، وعيناه بالخاشعة، وجبهته بالساجدة، وفرجه بالحافظة، وشعره بالراعشة، فترد على خطابه .
- الهاوية، وما أدراك ما الهاوية، الخمول فيها سايره، والتمرد عليها نادرة،
فيستذكرها بسحره فرعون وأصحاب الأخدود وبآل ياسر، فتجيبه .
- تلك أجسام أسلاف عمالقة، تتحمل العاقبة، ونحن أعضاء نفس صاغرة ترضى بالهاوية .
ويلقي عليها ألقصيده، ( الآن خذي جسدي لغما ) ثم ( جسدي هو الأسوار فليأتي الحصار ) .
فتسقط كلماتها عليه كالصاعقة .
- ذاك من القوم الجبارين الكافرين ولا نأخذ بهم .
فقد الحيلة والوسيلة لرد تلك الأعضاء، لقد كانت مجمعة على عدم العودة، والقبول بواقعها الجديد، تناثرت الأفكار في المكان وهي تئن وجعا وحسرة على جسدها .
وكلما بلية الأعضاء وفقدت المزيد منها تبعثرت الأفكار وتبعتها محاولة إقناعها بالالتحام معها، ولكن هيهات من مجيب، وينسلخ اللحم كليا ولا يبقى منها إلا الرميم وتلاشت في المكان، أصبحت وحيدة تمضي زمنها في إلا مكان ولم يبقى منها إلا هذا،
أعوذ با ... الرحمن ... لا تقنطوا ...
رائد الحواري
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟