أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح3















المزيد.....

رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح3


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4312 - 2013 / 12 / 21 - 02:39
المحور: الادب والفن
    


الإنكريزي شاكو

في حدث غير متوقع ظهر أسم الإنكريزي حسب ما أخبرني به كاظم أبن محمد النويدر, كان رجلا قد حط في المنطقة لوحده أيام زمان حين كان جده يعاني العوز المادي في أطراف الهور هناك عند التلة المسماة إيشان أم ليرة , لا أظن هذه تسميته التأريخية لأن لا أحد يجرأ أن يصل لهناك فهو مسكون بالجن منذ الأف السنين كان وحده الإنكريزي حط رحالة وبنى خيمته , الناس تتوقع أن تراه في اليوم الثاني وقد اعتراه الجنون إن لم تأكله الجن, فقط هو من شجع الجد الذي أكله النمل أن يذهب معه, قد يكون النمل نوعا من الجن القاتل, سألته وكيف تعرف أن هذا النمل هو من الجن, قال:
_أليس الجن مخلوق من نار؟.
_قلت نعم._
_قال النار لا تقتلها إلا قطرة الماء!!!!.
عجبت حقيقة من هذا التخريج من رجل لا حظ له من التعليم ولا من الثقافة الدينية إلا ما يكفي لتأدية المشاعر الدينية ,لكن تذكرت أن أباه كان ذكيا يستحق لقب النويدر.
ذهب الجميع الى التلة على ظهر مركبة زراعية لنصل بعد دقائق الى شبه مرتفع يطلق عليه القرويون إيشان هناك وجدنا مجموعة صخور تبدو لمن يعرف جغرافية المنطقة وبيئتها ان تلك الاحجار لا يمكن ان تكون من ذات المكان الارض طينية رسوبية ليس من السهل ان تجد فيها صخور بركانية كالتي صفت عل قبر الإنكريزي , تفحص احد اصدقائي من الذين شاركونا في هذه الرحلة فقد كان دقيقا للغاية ليفجر لنا زلزالا لا يزال يفعل في عقول الناس مالم تفعله اكبر البراكين , لقد وجد نقوشا غريبة مرصوفة بدقة على تلك الحجارة .
كان المساح الذي رافقنا الرحلة منهمكا بأجراء قياساته الطبوغرافية للمنطقة ,كل العلائم التي يمكن قراءتها على وجه زميلنا تبشر اننا امام جملة من الاكتشافات التي ستغير من الكثير مما يعتقده الناس من افكار ينسبها الكثيرون للجن او يعتقدون ان المكان عبارة عن قبر لاحد الاولياء او الصالحين او لربما كان مكانا مقدسا لا يجوز لاحد الدخول اليها , في احدى المناسبات الدينية طلب الحاضرون من رجل الدين الذي يزورهم سنويا ان يفسر لهم ظاهرة الإيشان وما علاقتها بالجن , رد عليهم بعد يومين ان هذا المكان هو مقر لاحد القديسين المغيبين وان الجن مكلفون شرعا لحماية هذا المكان المقدس , فيما سأله احد الحاضرين عن موضوع الليرات الذهبية التي يجدونها في المكان طلب من السائل ان يجلب له واحدة لغرض معرفة من بعثها ولمن .
في نهاية يوم شاق عدنا على ظهر العربة ذاتها الى دار مضيفنا الذي كان يبدو محرجا من كيفية تدبير امر ضيافتنا خاصة ان اكثر الضيوف هم من خارج المنطقة , كان الاحتفال بالضيوف على اعلى درجات الكرم الا انه مازال يبدي اعتذاراته من التقصير في الضيافة ,كان حضورنا مناسبة مزدوجة أهمها أن الكهرباء ضيف أخر جديد يدخل القرية وتنير البيوت والطرق لأول مرة وبدون إستئذان ,سهل هذا الامر علينا ونحن نعقد اول جلسة لدراسة الوقائع التي توصلنا اليها وكان اكثر ما يهمني ما استنتجه المساح من ان هذه المنطقة ترتفع بحدود المتر والنصف من اطرافها الى حدود المترين في المنتصف يعني أن المكان عبارة عن مرتفع حقيقي يتمحور حول قمة بارزة خاصة أن هذه القمة لست مدببة كما في التلال الاعتيادية بل تبدو بشكل مستعرض, احتمال أن تكون تحتها بناء أو ما شابه ,لم أجد بقايا القصر الذي كان يحدثني جدي عنه بل مجموعة من الصخور المتناثرة أكثر ما يلفت فيها شكلها الهندسي ولونها المائل للاحمرار المشوب بخطوط غامقة .
لم يشأ مضيفنا أن نفتح الصندوق أمام الضيوف خوفا مما قد يكون فيه وطلب مني أن نفتحه لوحدنا بعد ذهاب الضيوف غدا إلى المدينة ,فسرت الأمر أولا على أنه تدبير أحترازي خوفا على الضيوف ,فكرت أيضا أنه قد تكون إحدى فيروسات اللعنة مخفية في هذا الصندوق البلوى التي لم يتجرأ أحد من قبلنا أن يفك القفل منه, أعدت حسابتي بعد أن أوينا جميعا للفراش تحت السماء الممتدة بلا نهاية أقلب تتابع الأحداث والصور والاستنتاجات شعرت حينها كم أحتاجك يا جدي ,أنت أعرف مني كيف يمكنك أن تذلل العقبات وتخترق الصعاب حتى هؤلاء القرويون يستعملون ذكاءهم بامتياز معي, اللعنة.
أيقظنا صياح الديكة وغارات الذباب وأشعة الشمس التي أشرقت باكرة لنبدأ نهار ينتظر منا الكثير والكثير من القضايا لا بد لنا من حسمها .الإجازة قصيرة جدا والوضع الأمني والقانوني لا يسمح لنا بالبقاء أكثر دون ترخيص أصولي حكومي لعملنا ,إضافة لما نرتبط به من مسؤوليات علينا جميعا التفكير بها واتخاذ أقصى قدر من التدبير, أول من غادرنا المساح الذي رسم خارطة للموقع وضح فيها الكثير من الشواهد والتوقعات مستندا إلى خبرة عميقة بالمواقع الأثارية أكتسبها من تعامل حسب ظروف عمله كونه موظف في دائرة الأثار والتراث ,لقد تنبأ أن الموقع عبارة عن مدينة مدفونه تحت كتل طينية والواضح منها الطول المقدر بأربعمائة متر وبعرض مئة وسبعون متر , وهذا يكفي لأن يشجع الفريق على الاستمرار رغم الصعوبات والمخاطر.
أستأجرنا سيارة توصلنا إلى المدينة لتوديع أصدقائي بعدما وصلنا إلى نتيجة محددة أننا أمام كنز أثاري سيكشف عن وجه هذه الأرض وجزء مهم من تأريخنا , هذا الكشف سيخلده العلم وقد يكون مفتاحا من مفاتيح التأريخ , أو قد يكون مجرد حلم إنها مجرد أطلال ,في الطريق أخبرني مضيفي أنه سيطلعني على سر أشبه بالكنز بعد أن نترك الأصدقاء يسافرون إلى أهاليهم وسنعود بمفردنا, كنت أتشوق لمعرفة هذا السر ولماذا أراد أن يكون الأمر محصورا بي هل لأني من معارفه وقد قابلته يوما عندما كان صغيرا ويعرف علاقة عائلتي بهم , لا أظن أن الرجل نسي هذا ولكن قد يكون أنه لم يعثر يوما على من يستأمنه هذا السر , ألح علي فضولي أن اعرف موضوع أو مضمون هذا السر لكنه لم يمنحني فرصة كان ثرثار كثير الحركة لا يمكنك توقع ما يريد أو ما سيفعل كـأنه الزئبق يتحرك بين يديك .
في الطريق ونحن نعود إلى القرية قلت له هل أن هذه الأرض ملك لأشخاص محددين أم أنها من أملاك الدولة أجاب بالظن لأن جميع الأراضي هنا موزعة بين عوائل الشيوخ ولكن لا أظن أن أحد ما يهمه أمر الأرض وإن أحتاج الأمر إلى أذن هناك من يمنحك بدون مقابل ,أسكن روعي كلامه وزاد الأمل بأننا سوف نعمل بهدوء وبدون عراقيل, كان علي أن أحسب لكل قضية حساب خاص هذا ما تعلمته من جدي ألا أترك صغيرة ولا كبيرة إلا ويجب تحديد مسار لها , كان يقول لي عليك أن تهتم بالتفاصيل ولكي تنجح عليك أن تهتم بتفاصيل التفاصيل وإن أردت أن تخرج سالما فتجنب كل ما يثير الأخرين ضدك لأن الحياة مصالح والكل تقاتل من أجل مصالحها إلا القلة ,فلا تكن من أهل الكثرة وتجنب موقف أهل القلة.
وصلنا حوالي الساعة الرابعة مساء كان الجو كدر مشوب بحرارة عالية ورطوبة تمنع الفرد أن يتنفس بدون جهد ,شعرت هنا أنني ارتكبت الكثير من الأخطاء باستمراري لأكثر من ربع قرن أدخن أنواع السجائر متدرجا من قليلة الثمن وصولا إلى أنواع محددة كانت عوامل الميزانية هي التي تجبرني على الأختيار المهم طلبت أن نأخذ قسط من الراحة قبل ذهابنا للإيشان وافقني وقال كان هو المخطط لأننا لا نريد أن نثير الريبة في أذهان المجاورين وقد يفسدوا علينا العمل ,كما أننا بانتظار شخص يساعدنا على أداء المهمة ,لا تخف أنه ليس غريبا عنا هو شقيق زوجتي ويعرف الكثير ورجل مناسب للمهمة بضخامة جسمه وقوة عضلاته, استغربت من هذا الوصف حقيقة هل نحن ذاهبون للمبارزة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح2
- رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ج1
- كتب إبراهيم في ليلة الوداع الاخير
- أتجاهات التغير ومسالك الطريق العربي
- الديمقراطية ومستقبل العراق وسيناريوهات المستقبل ج2
- الديمقراطية ومستقبل العراق وسيناريوهات المستقبل ج1
- الديمقراطية والسلطة والشعب
- تنمية الأسس الحداثية في التفكير
- العراق أولا ....
- العراق بين التخطيط والتخبط
- انا ورجائي _ كلمات تشبه الشعر
- مستقبل الانتخابات العراقية في ضوء التبدلات والتحولات المحلية ...
- التوقعات الانتخابية في العراق
- الودود والحبيب .... دراسة في المعاني اللغوية
- حديث الورد والصباح قصيدة قصيرة
- الأفك والكذب وما بينهما
- في معنى الجريمة والإجرام بين الدلالة الأصلية والمصطلح
- مانديلا إنسان بوطن
- حكاية ريما وصباح رائق _ قصة قصيرة
- العجز العقلي


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح3