أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - الجيش الحر و انتقام النظام















المزيد.....

الجيش الحر و انتقام النظام


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 4306 - 2013 / 12 / 15 - 12:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من أصعب البديهيات التي تعامل بها النظام الأسدي مع ضباط الجيش السوري النظامي هو التقدم بالرتب العسكرية و استلام المناصب الحساسة بالجيش دون الولاء التام و الكامل لآل الأسد و ليس للنظام بالمطلق فلعل حتى مصطلح النظام يهدد عرش بيت آل الأسد..
لا يتقدم الضابط في رتبته العسكرية بدون شق الأنفس و دون تقديم فروض الطاعة و مع ذلك يظل بعيداً عن مفاصل أساسية في تركيبة الجيش و قواته و أجهزته إذا لم يكن منتمياً عشائرياً و ليس مذهبياً فقط للعائلة الحاكمة أو من محظياتها الشخصية. و مع ذلك, فإن بقاء الضابط في الجيش يظل تحصيل حاصل و عنوان لفكرة صورية عن تنوع الجيش العقائدي الذي إزاح حتى الفكر البعثي من هذه العقيدة و استبدلها بالطاعة المطلقة لحافظ الأسد و ذريته من بعده في استنساخ لتجربة كيم ايل سونغ التوريثية التي ستصل يوماً بكارثة دولية انسانية مع امتلاك كوريا الشمالية لترسانة نووية و استلام الحفيد المخبول للسلطة هناك و تنفيذ حكم الإعدام بوزير دفاعه بقنصه بقذيفة آر ب ج لمخالفته أومر القائد الجديد العشريني.
كلنا يعرف حالة العزل التام التي يعيشها ضابط الجيش السوري النظامي و يدرك أن هناك تباين واضح و تفاوت في المعاملة يتجاوز كلياً منطق التراتبية العسكرية لأي جيش في العالم و الكل يعرف أن مساعد في المخابرات العسكرية أو المخابرات الجوية له من السلطة و التأثير أكبر من أي ضابط حتى و لو كان برتبة عالية و خاصة من يخدم في القطعات العسكرية الميدانية.
لقد وضع حافظ الأسد موضوع ولاء الجيش و عناصره له شخصياً, أولوية كبيرة و تعامل بكل قسوة و حزم مع أي ضابط معارض أو حيادي سلبي أو حيادي بشكل عام في مشاعره و ليس في مواقفه.
منذ أن اغتصب حافظ الأسد السلطة في تشرين الثاني 1970 زج بمئات الضباط المعارضين لسلطته في غياهب معتقلات المزة و تدمرو صيدنايا و سرح المئات من غير الموالين ابتداءاً من رفاقه في الخدمة العسكرية و الحزب و نفى العديدين في السفارات السورية في العالم. حتى أقرب المقربين منه و أدوات قمعه الدموية لم تسلم من ذلك عندما لم توقع صكوك الطاعة لزريته من باسل و بشار و ماهر كإحالة العماد حكمت الشهابي للتقاعد و تقليص صلاحيات اللواء علي دوبا بعد أن رفعه لعماد و نقله كمعاون لوزير الدفاع كمنصب فخري لا سلطة له و كتسريح اللواء علي حيدر و من ثم اللواء شفيق فياض و غيرهم ممن لم يقدم كل واحد منهم فروض الطاعة المطلقة للناشئ الجديد النحيل بشار الأسد صاحب العقدة المصطنعة.
مع قيام الثورة السورية, لم يكن من الخيال أن يعلن ضابط في الجيش النظامي انشقاقه, كان ذلك الكفر بعينه حتى و لو كان من ضابط يشعر طوال حياته العسكرية بالمذلة و الهوان من وضعه و من وضع الجيش نفسه. مع أول انشقاق للملازم عبد الرزاق طلاس كان الاعلام و النظام و مواليه في حالة نكران تام لفكرة انشقاق ضابط من الجيش العقائدي و كلنا يذكر الالتباس الذي حصل و حفلات الطبل و الزمر للموالون عندما تشابه شكل الملازم طلاس و شكل جندي منشق في الحرس الجمهوري اعلن انشقاقه قبل طلاس فكانت السخرية و التشكيك بأنهما لنفس الشخصية.
توالت الانشقاقات من المقدم حسين هرموش إلى العقيد رياض الأسعد و ما تبعهم فكان مع كل واحد منهم تذاع قصص النكران و التسخيف لسبب الانشقاق.
من المفيد هنا تصور حالة الانشقاق التي يقوم بها الضابط في الجيش السوري, فهو محاصر بأجهزة أمنية و استخباراتية لا يمكن للضابط أن يستأمن حاجبه أو سائقه الشخصي أو مرافقه فكلهم عناصر مخابراتية محتملة ناهيك عن مراقبة الاتصالات و التحركات و الارتباطات العائلية و كم من الضباط وقعوا في مصائد الانشقاق و تعرضوا للتصفية الميدانية المهينة والانتقام من عائلة كل من يحاول الانشقاق. لا يمكن تخيل الضغوط النفسية و العصبية لضابط يفكر بالانشقاق و هو يرى بأم عينه مصير اهله و عائلته من بعده.
في الجانب الآخر من القضية, لنحاول أن نرى مالذي حدث مع الضباط المنشقين و مالذي تعرضوا له من تهميش و حصار و تشكيك و تخوين من قبل جهات معارضة و أجهزة أمنية إقليمية و دولية, فبدل أن يستقبل هؤلاء الضباط المنشقين استقبال الأبطال لوقوفهم مع شعبهم ضد نظام الاستبداد و الوحشية و خلق الظروف الموضوعية لتوحيدهم و تشكيلهم لقيادة عسكرية منظمة و منضبطة لقيادة الجيش الحر و لعملياته الحربية في حماية المدنيين و المتظاهرين ليكونوا نواة جيش وطني خالص مع مسيرة الثورة, فقد أقصي العديد منهم عن العمل الميداني و حوصر في فنادق خمس نجوم و من حاول العمل على تشكيل قيادة عسكرية كانت إشاعات المس بالنزاهة و قلة الكفاءة تخرج من مواقع للمعارضة السورية قبل مواقع النظام الرسمي السوري.
في جردة سريعة لكل الضباط أصحاب الرتب العسكرية العالية المنشقين عن الجيش النظامي نستنتج اضمحلال و تقلص المشاركة بالعمل العسكري أو بالثورة ككل و غياب الكثيرين منهم عن الساحة تماماً. أين العميد مصطفى أحمد الشيخ و اللواء محمد حسين الحاج علي و اللواء عدنان سلو و العميد فايز قدورعمر و اللواء عبد العزيز الشلال و العميد زاهر الساكت و اللواء محمد نور عز الدين خلوف و العميد مناف طلاس و اللواء محمد فارس و القائمة تطول و تطول مع كل الاحترام التقدير لكل من لم نذكرهم و سيذكرهم التاريخ الوطني بحروف من ذهب؟؟؟
لو وضعنا اختصاص كل ضابط من الضباط المنشقين بجانب رتبته العسكرية لكان لدينا لبنة اساسية و شبه متكاملة لقيام جيش وطني لا يفتقد للتفكير الاستراتيجي و لا للتخطيط للعمل الميداني اليومي و تحت قيادة عسكرية وطنية منضبطة و بتغطية سياسية من معارضة أو معارضات لكن أساس العمل العسكري موحد و مقاد و منضبط و لكان تشجيعاً و استقطاباً لرفاق لهم مازالوا تحت سيطرة النظام و قرار انشقاقهم مؤجل.
لقد كان من الواضح و بسابق إصرار و ترصد, عملية تهميش كل هؤلاء الضباط على الرغم من تضحياتهم الكبيرة و كانت الجهات التي مارست هذا التهميش هي نفسها التي أطلقت العنان للنزوات و الصبغات الدينية و المذهبية لقيادة مجموعات و كتائب عديدة غير منسجمة و بولاآت متفاوتة المصالح و الأهداف و بعناوين تتقصد استحضار الشعارات الدينية في ثورة شعاراتها مدنية خالصة كالحرية و الكرامة و العدالة و سورية لكل السوريين.
كان التركيز بيناً في تنصيب مدنيين لقيادة تلك الكتائب, يعملون بفطرة البقاء دون أدنى معرفة بالعمل العسكري في حرب فرضها النظام حرب متكاملة العناصر و الأسلحة لوجستياً و استخباراتياً و تسليحاً. أليس هذا كله في تقصد اعتباطية و رداءة الاداء العسكري و عبثية المعارك في بعض المناطق و الأهم عدم قيام نواة جيش وطني حر يجمع بعد سقوط النظام بقايا الجيش النظامي الذي لا يخل من وطنيين و شرفاء لديهم القدرات و الكفاءات لترميم جيش المستقبل و إعادة بنائه؟
كل تلك الأسئلة لازمة التحقيق فيها و إعلاء الصوت من وجه كل من شارك بقصد أو بغباء و قلة خبرة من سياسيي المعارضات الأغرار و ضرورة إعادة المسار و التوجيه في حال إنقاذية لوضع العمل العسكري على الأرض اليوم و غداً.
في الظاهرة الأكثر مأساوية و سوداوية لمصير الضباط المنشقين الذين آثروا البقاء و القتال على أرض الواقع بكل بسالة و عنفوان وطني أسطوري نتلقف بين الحين و الآخر أخبار سقوطهم بأيدي الغدر و الخيانة و تغيب الحقائق عنا لنفس الأسباب السابقة و بنفس الجهات.
في ذكرى استشهاده السنوية نسأل جميعاً, من قتل العقيد يوسف الجارد أبوفرات؟ و ما علاقة اغتياله بتصريحاته الوطنية قبل زمن؟ نفس السؤال يطرح مع اغتيال الرائد ياسر فريد الحمود و المقدم ياسر العبود و محاولة اغتيال العقيد رياض الأسعد و محاولة اغتيال العقيد قاسم سعد الدين و الاغتيال الجبان للرائد أحمد الجهار و الملازم الأول محمد القاضي.
قد تكون هذه الاغتيالات بأيدي غادرة من قبل كتائب متطرفة ساعد العالم كله بالتصريح بدخولها أرض الصراع في سورية و ربما من قبل كتائب مفبركة صنيعة نظام جهز لمعركته هذه على مدار عقود من الخسة و التلاعب المخابراتي حين استقدم مقاتليين اسلاميين من ساحة العراق و غيرها لتشويه الثورة السورية و تشويه سمعة الجيش السوري الحر الذي يحتضنه الشارع السوري الثائر و ربما من أمراء حرب يدركون أن الفوضى فرصة ذهبية لبناء الثروات و الحدود على حساب الوطن و دماء شهدائه و لكن بالنهاية إنها حالة انتقام النظام الأسدي من كل ضابط انشق عن صفوف طاعته العمياء عندما امتلك الغيرة الوطنية و الشآمة السورية الأصيلة و قرر خلع ثوب العار الأسدي الدموي.
بيد النظام أو بأيدي حلفائه و استخباراته أو بأيدي من يدعي الثورة و يقتل شرفائها إنه انتقام الأسد من الأحرار و لا شيء آخر.



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراتيجية المفاوضات في مسيرة الثورة السورية
- حصاد الرؤوس الكبيرة
- هي هجرة أخرى ..فلسطينيون سوريون
- سوريون..و لا نخجل
- التصويتات على تأديب الأسد
- الضربة التأديبية, فأين المفر؟
- الخمسين, بين ماضي الهزائم و حقيقة الانتصار
- في حضرة الموت السوري, ستولد الحرية
- التاج يسقط في الشام
- حصار الشعب الذي يريد
- من أين جاؤوا هؤلاء؟؟
- تقاطعات بين استراتيجيتين على حساب ثورة السوريين
- عيد ميلاد كندا و الولادة العسيرة لسورية الجميلة
- الرحمة للمناضل و الإمام المغيب الشهيد موسى الصدر.
- القصير.. الثورة لا تسقط
- إعادة هيكلة و ليس مهزلة
- شعار الثورة (الموت و لا المذلة) كهدف استراتيجي
- كلاب مسعورة في ريف بانياس
- مصر و العراق..دروس هامة للثورة السورية.
- تصحيح المسار لا يعني الفشل.


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - الجيش الحر و انتقام النظام