أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - حصار الشعب الذي يريد














المزيد.....

حصار الشعب الذي يريد


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 4177 - 2013 / 8 / 7 - 10:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في حادثة تعيدنا لمقولة: (لو كان الفقر رجلاً لقتلته) وقف رجل وسط مبنى تجاري في مشروع دمر بدمشق, ممسكاً بقنبلة يدوية و بصوت هادر و حزين صرخ بالحاضرين: (إملؤوا هذا الكيس طعاماً لأولادي و إلا فجرت نفسي و المكان). المتواجدين في المكان لم ينبطحوا أرضاً و لم يقرعوا أجراس الإنذار لتخبر رجال الشرطة بعملية السطو و ذلك لعدة أسباب منها أن الجميع اعتادوا على مناظر البؤس و الفقر في شوارع دمشق و بأعداد اللاجئين من المناطق الأكثر تدميراً على أيدي قوات الأسد الآثمة و ثانياً لمعرفة الجميع و ثقتهم بأن رجال الشرطة هم قطاع طرق و لصوص و ليس بهم يمكن أن يستنجد المظلوم أو المصاب.
تدافع الناس باتجاه الرجل و أخذوا يهدؤون من روعه و غضبه و قد جمعوا له بعض المال. رفض المال و قال: (اريد فقط طعاماً لأولادي و لا أريد نقوداً).
ملؤوا له الكيس طعاماً, حمله و غادر وسط حزن متبادل بينه و بين الناس.
في حادثة أخرى حدثت معي, إذ طلبت من أحد أقاربي أن يسلم مبلغ محدداً لعدة عائلات سورية منكوبة. اعتذر الرجل عن ذلك لأن ما جمعه خلال سنوات عمله أوشك على النفاذ بسبب ندرة الأعمال و ضيق الحال. إقترحت عليه أن أحول المبلغ إلى حسابه المصرفي في أحد المصارف الخاصة. طلب مني أن أحول المبلغ إلى اليورو و ليس للدولار الأمريكي فبعد صدور مرسوم العملة الأجنبية الأخير صار اقتناء دولاد أمريكي واحد سبباً للهاوية. قبلت ذلك و ذهبت للمصرف المقابل لمنزلي في بلاد الغربة. طلبت من الموظفة أن تحول لي المبلغ إلى يورو ثم ترسله إلى حساب صديقي. الصدمة الكبرى عندما سألتني عن الدولة التي سأرسل لها التحويل فقلت لها (سورية) بحثت الموظفة عن بلد اسمه سورية في قائمة الدول فلم تجدها و طلبت مني مساعدتها. وجدت كل الدول التي تبدأ بحرب السين على القائمة إلا سورية؟؟.

هاتين الحادثتين, تجعلني أتساءل عن سبب حالة الفقر التي يعيشها بلد يعتبر من أغنى دول العالم نسبة للمساحة و عدد السكان و ما يمتلكه من ثروات طبيعية و إمكانيات بشرية و هذا بدراسة اقتصادية علمية لأهم مراكز البحث العالمية؟.
الفقر في سورية متأصل منذ استلام عائلة الأسد للحكم بسورية و خاصة بعد منتصف الثمانينيات حيث هبطت قيمة العملة السورية إلى مستوى كبير و بقيت لعقود يتلاعب بها قصر الرئاسة السورية الذي كان يحول كل عائدات النفط السوري إلى ميزانية القصر الخاصة. و لكن المستوى الدنيء الذي تعاملت به سلطة الأسد الإبن في النهب و اللصوصية كان دون أي روادع وطنية أو أخلاقية أو حسابات مصلحية مع بعض المنتفعين.
الثورة كانت رد فعل طبيعي على الممارسات اللصوصية على مستوى الاقتصاد و على مستوى السياسة معاً, لكن هذا التعامل الوحشي لآلة النظام الهمجية مع مناطق الثورة ثم تعميم التدمير و الخراب على كامل الوطن و تحويل مليارات الدولارات و اليورويات إلى دول حليفة للنظام و بحسابات شخصية كروسيا البيضاء و رومانيا و حتى دبي على مرأى العالم و تحت أعين مراقبي التحويلات المالية من و إلى سورية. لكن أن يحول مغترب سوري مبلغ من المال للداخل السوري فهذا من المستحيلات. أليس هذا مدعى للتأمل في سبب آخر لإفقار الشعب السوري في الداخل و إيصاله للمجاعة حيث سيكفر الكثيرين و بتحريض من النظام بالثورة و بالحرية و بالديمقراطية؟؟
إن من أوصل رجلاً إلى حافة الانتحار كي يطلب طعاماً لأولاده هو الفقر و ضيق الحال و انسداد الآفاق أمامه بعد أكثر من سنتين و نصف على الثورة و لكن المسؤول عن حالة الفقر هذه هو النظام أولاً و أخيراً و لكن بين أولاً و أخيراً هناك المعارضات الفاسدة و هناك إمراء الحرب الجدد المتقاطعي المصالح مع النظام في ديمومة الفوضى و التشرزم و الأنكى هو هذا العالم الذي بحجة حصار النظام يحاصر السوريين الصامدين في الداخل في استنساخ لتجربة العراق التي لم تصب النظام العراقي بأي ضرر و لكن أصابت شعب العراق بالفقر و الحاجة حتى يومنا هذا.
هؤلاء جميعاً ليسوا سذجاً و كلهم يعملون على ضرب عزيمة شعب أراد أن يمسح من تاريخه, عقوداً سوداء من حكم العصابات المافوية الهمجية و يتوجه إلى بناء دولة حريات و حقوق و مواطنة و ديمقراطية حقيقية و لو بعد فترة من الزمن.
ليس من مصلحة أي منهم أن تقوم دولة ديمقراطية في هذا الشرق التعس لأنها تعني تغيراً جوهرياً في ميزان القوى السياسية و الاقتصادية في المنطقة و في إعادة لرسم خرائط الشرق من جديد.
عندما نعرف أن الفقر الذي يعيشه السوريين ليس رجلاً و لكنه نظام و أجهزة و معارضات متسلقة و دول لها مصالح و مطامح في وطننا, فكيف لرجل بسيط أن يقتل كل هؤلاء؟



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أين جاؤوا هؤلاء؟؟
- تقاطعات بين استراتيجيتين على حساب ثورة السوريين
- عيد ميلاد كندا و الولادة العسيرة لسورية الجميلة
- الرحمة للمناضل و الإمام المغيب الشهيد موسى الصدر.
- القصير.. الثورة لا تسقط
- إعادة هيكلة و ليس مهزلة
- شعار الثورة (الموت و لا المذلة) كهدف استراتيجي
- كلاب مسعورة في ريف بانياس
- مصر و العراق..دروس هامة للثورة السورية.
- تصحيح المسار لا يعني الفشل.
- جبهة النصرة..لنا أم علينا؟
- مآلات الثورة السورية 4
- الثورة السورية على مدار عامين (المقالة 3) – الجزء الثاني
- الثورة السورية على مدار عامين (المقالة 3) – الجزء الأول
- التمثال الغبي
- الثورة السورية أسباب و مقارنات 2
- التحليل السياسي في الثورة السورية 1
- التكوينات الطائفية من موقع المقاوم إلى موقع العدو
- تشيخوف في الثورة السورية
- في نهاية العام الثاني للثورة...ما العمل؟ أيضاً


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - حصار الشعب الذي يريد