أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - الضربة التأديبية, فأين المفر؟














المزيد.....

الضربة التأديبية, فأين المفر؟


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 4200 - 2013 / 8 / 30 - 08:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في البناية التي سكنتها لسنوات في مدينة جرمانا, لاحظ السكان أن الطابق الأرضي منها, و المفروض أن يكون ملجأً بحسب قوانين الدفاع المدني السورية, أن هناك حركة عمال بناء و أن قفل الباب الحديدي قد فتح أو كسر و دخل العمال ضمن ورشة بناء. امتعض السكان و سألوا العمال عن سبب وجودهم, فقالوا أن صاحبة المنزل تريد أن تسكن به. استغرب الجيران ذلك, فالطابق الأرضي ملك عام و لأهل البناء و قد دفعوا ثمنه كمرفق مشترك عندما اشتروا بيوتهم. عرفوا فيما بعد أن صاحب البناء الجشع قد باع الطابق الأرضي لسيدة و هي تريد أن تسكن فيه و بذلك تكون السيدة تعرضت لعملية احتيال كما تعرض كل السكان لذلك يوم رفض صاحب البناء استكمال الأعمال المشتركة من درج و مدخل فبقينا فترة بدون كسوة خارجية و بدون بلاط و نوافذ لبيت الدرج حتى جمعنا تكاليف و نفذنا تلك الأعمال بمالنا الخاص.
كالعادة, انقسم سكان البناء بين رافض و آخر متعاطف مع السيدة و البعض غير المكترث للموضوع طالما أنه لم يتعرض لباب بيته. المرحوم شقيقي الذي كان مالكاً للمنزل المقابل للبيت الذي كنت أسكن فيه كمستأجر, لم يقبل أن يتناول أي كان حقه و هو الفدائي السابق في الجبهة الشعبية و الذي خبر و عرف مالذي يعنيه الملجأ للمدنيين. صرخ بالعمال و طالبهم بالخروج من القبو, فهربوا بعيداً. أغلق الباب الحديدي بقفل جديد و ذهب مباشرة إلى البلدية ليقدم طلب فك عقد بيع بين صاحب البناء و السيدة. موظفو البلدية كانوا على معرفة بالموضوع و كانوا يعرفون أخي بحكم أنه متعهد بناء. حاولوا أن يخففوا من غضبه و أن يقدموا له ما يرضيه دون الآخرين, لكنه رفض و اتجه مباشرةً إلى القاضي الذي يقع مكتبه في نفس بناء البلدية.
تقدم بشكل رسمي مخبراً عن عملية احتيال و عن التعرض لملك مشترك تنص عليه قوانين الدفاع المدني عن ضرورة وجود ملجأ في كل بناء لحماية المدنيين من غارات الأعداء و الكوارث الطبيعية.
بعد صد و رد و سنوات من المحاكم, تم التصالح على أن تأخذ السيدة التي تعرضت لاحتيال صاحب البناء لنصف الطابق الأرضي على حساب الملجأ الذي لا لزوم له حسب القاضي النبيه الذي حكم بالقضية و بمعية موظفي البلدية المتواطئين مع صاحب البناء.
تذكرت اليوم, أيام حرب تشرين 1973 كيف قمنا بتحضير ملجأ متواضع في البناء الذي كنا نعيش فيه في ساحة النجمة بدمشق. لم يساعدنا أحد, فقد جهز المكان والدي و أصلح صنبور المياه و وضع خزان بجانبه و فتح بعض الفتحات للتهوية و أحضرت شقيقتي أدوات طبية للاسعافات الأولية. عند سماع صفرات الإنذار كنا ننزل جميعاً للملجأ المصطنع و يشاركنا فيه كل من كان عابراً.
نحن السوريين عشنا و نشأنا على فكرة أننا بلد مواجهة و أن علينا التحضير دائماً لحالات التعرض للقصف الجوي الاسرائيلي و لكننا لم نكن نرى أي من تلك التحضيرات أو الإجراءات الوقائية اللازمة.
هل يذكر السوريين آخر تجربة لصفارات الإنذار و جاهزية الملاجئ إن وجدت و ما إجراءات الأمان عند التعرض للقصف الجوي أو الغازات السامة أو الاشعاعات و غيرها؟ جميعنا يذكر أن الملاجئ التي بنيت في السبعينات في شارع الثورة و اتوستراد المزة و غيرها قد تحولت إلى محال تجارية و مقاهي أو لمكبات للقمامة و القاذورات.
بالمقابل اسرائيل, تجري تجارب دورية و تقيم دورات تدريبية للمدنيين في كل الظروف المذكورة و عمليات الصيانة للملاجئ و اجهزة الوقاية العامة و الخاصة لا تتوقف في أي ظرف.
قد يكون من السخرية أو الشطط الفكري, أن نقول أن هذا النظام لا يريد للسوريين أن يتعرفوا على هذه العمليات لأنها تضر بمصالحه فعلى السوريين أن يموتوا و عليه أن يستغل موتهم أبشع استغلال.
عندما قصفت اسرائيل أبو رمانة سنة 1973 قتل الكثيرين لعدم وجود ملاجئ كافية في المنطقة و عندما تحررت القنيطرة منع النظام الناس من العودة و بناء مدينتهم لكي تبقى شاهداً على همجية العدو, علماً أن مدن أوربية دمرت بالكامل في الحرب العالمية الثانية و لكن أعيد بناؤها بعد أن تم توثيق الدمار صوراً في المتاحف.
اليوم قلبي ينفطرعلى أهلنا في سورية, فبعد أن قصفهم النظام بالمدفعية و الطيران و السكود و بالكيماوي ها هو اليوم يتركهم لقدرهم أمام الضربة الجوية الغربية الموعودة و التي من المفروض أن تكون لمفاصل النظام الخائن الذي قطع مرات عديدة الخطوط الحمراء. فحتى الأبنية التي لم يدمرها فإن معظمها لا يتوفر فيه ملجأ أو أي إجراءات لمثل هذه الظروف و التي من المفترض أنها حاضرة دائماً بحكم أنه نظام ممانعة و مقاومة و أن أعداء الوطن متربصون به و بالشعب السوري منذ الاستقلال.
الأنكى من ذلك, أن النظام نقل بعض قطعاته العسكرية و الأمنية لتقيم بين المدنيين مستخدماً لهم كدروع بشرية لآلته التي مازال يقتل بها السوريين منذ ثلاثين شهراً
(الطغاة يجلبون الغزاة) قالها ابن خلدون و لكن هل هناك وصف لمثل هذا النظام سوى أنه يجمع بين الطغاة و الغزاة معاً؟
منذ سنتين و نصف و مالكم غير الله يا أهلنا في سورية و سيبقى كذلك دائماً, حماكم الحامي و حمى سورية.



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخمسين, بين ماضي الهزائم و حقيقة الانتصار
- في حضرة الموت السوري, ستولد الحرية
- التاج يسقط في الشام
- حصار الشعب الذي يريد
- من أين جاؤوا هؤلاء؟؟
- تقاطعات بين استراتيجيتين على حساب ثورة السوريين
- عيد ميلاد كندا و الولادة العسيرة لسورية الجميلة
- الرحمة للمناضل و الإمام المغيب الشهيد موسى الصدر.
- القصير.. الثورة لا تسقط
- إعادة هيكلة و ليس مهزلة
- شعار الثورة (الموت و لا المذلة) كهدف استراتيجي
- كلاب مسعورة في ريف بانياس
- مصر و العراق..دروس هامة للثورة السورية.
- تصحيح المسار لا يعني الفشل.
- جبهة النصرة..لنا أم علينا؟
- مآلات الثورة السورية 4
- الثورة السورية على مدار عامين (المقالة 3) – الجزء الثاني
- الثورة السورية على مدار عامين (المقالة 3) – الجزء الأول
- التمثال الغبي
- الثورة السورية أسباب و مقارنات 2


المزيد.....




- -نايكي- تُحيي فنًا عمره 5000 عام في أول تعاون لها مع علامة أ ...
- قتلى وجرحى ودمار جراء القصف الإيراني على إسرائيل
- مصر: الحكومة تضع حلولا بعد غلق إسرائيل أكبر حقولها للغاز.. و ...
- هل الهدف هو تغيير النظام الإيراني أو القضاء على البرنامج الن ...
- إيران وإسرائيل تعلنان أحدث حصيلة لقتلى الهجمات المتبادلة بين ...
- بعد أن أثار جدلا.. كاتس يتراجع عن تهديد سكان طهران
- حاملة الطائرات الأميركية -نيميتز- نحو الشرق الأوسط: هل تلوّح ...
- الجيش الإسرائيلي يسحب الفرقة 98 من غزة ويحشد عند حدود مصر وا ...
- فرقة -كوستروما- تؤدي عرضا بأوبرا القاهرة
- بن غفير يأمر الشرطة بإيقاف أشخاص يصورون أماكن سقوط الصواريخ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - الضربة التأديبية, فأين المفر؟