أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عوني الداوودي - 20 ساعة بين مقتل صحفي مناضل، وإنتحاري إرهابي















المزيد.....

20 ساعة بين مقتل صحفي مناضل، وإنتحاري إرهابي


عوني الداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 4301 - 2013 / 12 / 10 - 22:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



في الرابع والخامس من شهر ديسمر 4|5| 12| 2013 الجاري حصلت حادثتين منفصلتين عن بعضهما... وفي مدينتين كوردستانيتين، إحداهما كركوك، وهي محافظة كبيرة كانت مساحتها ما يقارب الواحد وعشرين ألف كم مربع " 21000 " كم مربع قبل تقطيع أوصالها وسلخ أربعة أقضية هامة منها بغالبيتها الكوردية، وبعضها الآخر بكورديتها المطلقة، وإلحاقها بمحافظات أخرى .. وما بقي من مساحة حالياً.. فهي لا تتجاوز 9000 كم مربع، تسعة ألاف كم مربع ... وما حصل في يوم الأربعاء الفائت في كركوك هي عملية إرهابية نوعية تمثلت بالهجوم من قبل مجموعة إرهابية متدربة تدريباً جيداً ولها خبرات مكتسبة في القتال والقنص والهجوم والإرهاب.. متكونة من عشرة أشخاص على مجمع إستخبارات كركوك، ومركزاً تجارياً " جواهر مول " وأخذهم لرهائن وووألخ .. ورغم الحجم الكبيرللضحايا والخسائر المادية... لفت إنتباهي وجود كورديين ضمن المجموعة الإرهابية ــ طبعاً هذا لا يعني تبرئة الساحة الكوردية من الإرهابيين الكورد، بقدر ما شدتني حالة أحدهم وسآتي لذكره ــ فهو شاب في مقتبل العمر من مدينة هلبجة الكوردية يدعى " شكار فايق حمه أمين " كان قد ترك أهله بشكل سري قبل عام وأكثر، وهو لم يتجاوز السابعة عشرة ربيعاً إلى سوريا والمشاركة في ما يسمى بالجهاد " حقاً لا أعلم الجهاد ضد مَنْ ؟ " ضمن صفوف ما يدعى بـ " الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام " ويبدو بأن شكار قد نال تدريباً هناك وشارك في بعض العمليات القتالية، وأخيراً تم إرساله إلى العراق كإنتحاري، وقد فجر نفسه فعلاً في العملية ... وأخيراً مات شكار على أرض كوردستانية ضحى شعبه الكوردى من أجلها بما يقارب النصف مليون ضحية خلال خمسين عاماً من النضال لعدم إستباحتها وإغتصابها بما عرف في تاريخ العراق الحديث بسياسة التعريب المقيتة.... وبرأيي أن الفصل الأخير من عملية شكار هو فقط الجزء العائم من جبل الجليد على سطح الماء، أما الجزء الأكبر المخفي هو علامة إستفهام كبيرة "؟" تليها تساؤلات أخرى من قبيل " لماذا ؟ " و " كيف ؟ " و " ومن المسؤال ؟ " وهكذا ....
أحقاً يكفي القول أن شكار كان إرهابياً وإنتحارياً فقط، وقد نال جزائه العادل تلحقه اللعنات، دون التطرق والتوغل في التفاصيل الدقيقة لحياة المئات، بل الألوف من الشباب على شاكلة شكار، ودراسة الأسباب التي تجعل هؤلاء الشباب الانخراط ضمن صفوف التجمعات المتبنية لأسلوب العنف، ومتشربة بنظريات التكفير، وممارسة القتل للوصول لأهدافها، وعلى أي كل حال أن أهداف هذه المنظمات أبعد ما يكون عن التطبيق والتحقيق في عصرنا الحالي حتى لو سالت الدماء أنهاراً في الشوارع والأزقة والحارات، وفي النتيجة لا يعدو كل ما يجري أكثر من مؤامرة كبرى تطال المنطقة برمتها، وأبطالها كثر ودون حساب .... والخاسر الوحيد في مجمل ما يجري هي منطقتنا وفقدان آلاف الأرواح، والطاقات الخلاقة التي تتحلى بها الأجيال الجديدة دائماً ناهيك عن الخسائر المادية المقدرة بمليارات الدولارات، بينما أبناء المنطقة بأشد الحاجة لأي قرش لبناء البنية التحتية لبلدانها وإنتشال غالبية المجتمعات من العوز والفاقه والعيش الكريم ... شكار هو أسم يمثل شرائح مهمة وليست بالقليلة في كوردستان والعراق وفي عموم الشرق الأوسط، ودراسة حياة شكار لربما يدلنا على الأسباب الدافعة لإنجرار الشباب لهذه المنظمات، ليس هذا وحسب، بل سيدلنا أيضاً إلى خبراء عمليات غسيل الدماغ في كل منطقة من مناطق التوتر.. من ملالي وشيوخ، ومساجد وجوامع تمارس عملها جهاراً نهاراً تحت ستار وغطاء العبادة والتدين، بالتأكيد أن مسؤولية إنخراط الشبيبة بشكل عام أناث وذكور ضمن المنظمات والتجمعات العنفية التكفيرية لها أسباب عدة منها ما يتعلق بالتربية الأسرية، وإنعدام الحريات بسبب كثرة التابوات الدينية والإجتماعية المثقلة لكاهل الشباب والشابات ضمن منظومة ما يسمى بالعادات والتقاليد، والتي تؤدي بالنتيجة لتقليص الحريات بشكل مخيف، وأخرى تتعلق بشكل مباشر بمسؤولية الدولة أمام مواطنيها، وهي مسؤولية كبرى تتضمن مناهج التعليم، وفصل الدين عن الدولة، وتوفير أسباب العيش الكريم، وفرص العمل بشكل متساو، وإتاحة فرص المنافسات العلمية والفنية والرياضية للجميع بدون إستثناء .. أي على الدولة أن تأخذ زمام المبادرة لتبني أفراد المجتمع حسب المواصفات الإنسانية النبيلة بالإلتزام بمبدأ حقوق الإنسان كشعار لتطبيقة عملياً، وإشاعة الديمقراطية وحربة التعبير، وتشريع القوانين التي تحد من العنف بين الجنسين، وأن تتبنى تربية الفرد منذ نعومة أظفاره في الروضات والمدارس وإيصاله لبر الأمان، ومن ثم ليكون عنصر منتج لبلده وشعبه، فلمصلحة مَنْ هذا الهدر المجاني للطاقات الشبابية التي يمكن لها أن تكون أعمدة بناء على كافة الصعد والمستويات في الدولة والوطن !!؟؟؟ ..
شكار ... الذين في عمرك الآن في المدراس والجامعات والمعاهد والمصانع في بقاع كثيرة من أنحاء العالم بما فيها بلدك ... وأجبني عن .. كم عام دخلت المدرسة؟ وأفصح لي عن أسماء شيوخك وملاليك الذين ينعمون الآن بملذات الطعام والفراش الدافئ بأحضان زوجاتهم الـ " مثنى ثلاث ورباع " يحرثوهن " نسائكم حرث لكم، فأتوا حرثكم أنى شئتم " .. هم يحرثون في الأرض ويبلعون، ويبعثون بالشباب لحراثة الحوريات الموعودة !!! أي عدل في هذا شكار!؟ .. " وعلى السلطات المتبجحة بمحاربة الإرهاب إلقاء القبض فوراً على محرضي الفتنة والإرهاب من ملالي وشيوخ وإبداعهم السجون ومحاكمتهم بجرائم القتل ".
شكار.. أجبني لماذا فعلت هذا ؟ وبماذا ستجيب والديك الذين يتمزقون الآن ألماً لفقدانك ... شكار ... ألم تقرأ أو تسمع ما قاله الشاعر الفلسطيني الثائر الراحل محمود درويش " وأعشق عمري لأني إذا مت ، أخجل من دمع أمي " ...
أه .. شكار واحسرتاه على شبابك .. كم كانا بلدك وأهلك بحاجة أليك !!؟؟ وكم كنت أنا بحاجة لمثل روحك الوثابة في الذود عن الوطن واللغة والإنسان، .. واحسرتاه على شبابك يا بني ..
وداعاً شكار ولا ادري إن كنا سنلتقي يوماً أم لا !؟؟ لكن أعلم أني لا أكرهك رغم حماقاتك الكبرى المخلفة لضحايا كُثر، لأني أدرك أنك أنت أيضاً الضحية ... ضحية غول وآفة الفساد التي تضرب بلداننا ومجتمعاتنا دون رحمة.
أما ضحيتنا الثانية التي أبكت الحجر وجعلته ينطق ليكفر بالسلطة والمال والفساد، هو أيضاً شاب من هذه الأرض الطيبة، لكنه كان على النقيض تماماً من شكار، أنه الشهيد " كاوه كرمياني " شهيد الكلمة الحرة، شهيد وضحية آفة الفساد بمعناه الواسع ... كاوه كرمياني شاب متعلم وصحفي تقدمي جرئ، ورئيس تحرير مجلة " رايل " الكوردية، ومراسل جريدة " آوينة " المعتبرة ... أنه ينتمي لتلك الطبقات التي كُتب عليها في البلدان والأقاليم والحكومات الفاسدة أن تعيش تحت خط الفقر وفي أفضل الحالات بموازاتها.. متزوج وله طفل رضيع، وزوجته من عائلة معدمة مؤنفلة، أي من تلك العوائل التي أنفلها نظام صدام تحت راية البعث والله أكبر وأختار لعملياته الإجرامية تلك أسم أية في القرآن " الأنفال " أذكر هذا لأن شكار كان ضحية نصوص وآيات قرآنية وأحاديث مسخته لإنسان عدائي تكفيري، فصدام أستعان بهذه الآية من الكتاب المقدس لشكار، ليقتل ويسلخ ويذبح أكثر من 180000 ألف إنسان كوردي تحت ضوء النهار دون أي إحتجاج من آلاف الشيوخ والملالي الذين أوصلوا شكار لأن يقتل أبناء جلدته وغيرهم بدم ٍ باردٍ سواء في غرب كوردستان أو في جنوبها أو في أي بقعة أخرى من أرجاء المعمورة .. ولربما لو ألتقى شكار وجهة لوجه مع كاوه وزوجته لقتلهما بذات برودة الدم إنتصاراً بدون وعي منه لسياسات صدم الدموية بحق أبناء جلدته وخاصة في مسقط رأسه في مدينة هلبجة الشهيدة التي قصفها بالسلاح الكيماوي وقتل خمسة آلاف مدني فيها من أطفال ونساء وشيوخ خلال دقائق، إضافة إلى إلحاق الضرر والعاهات والجروح الجسيمة بخمسة عشرة ألف مواطن آخر ... فهنا تكمن المفارقة .
كاوه كرمياني .. إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معان ٍ سامية، وتبدو من سيرته أنه أختار الإصطفاف بجانب الضحية والإنتماء لطبقته المعدومة وهي الغالبية الساحقة في بلدان الفساد والإستهتار بمصائر الناس البسطاء... أن أغتيال كاوه كرمياني أثر بمشاعر وأحاسيس مئات الألوف بشكل مباشر وفعال لأسباب عدة: أولها أن هذا الإنسان كان بإمكانه أن يغتني ويصبح من أصحاب الجاه والنفوذ والأموال لو خضع لإبتزاز فساد المسؤولين وتجميل صورهم القبيحة، فكاوه وأمثاله هم السند والذخر الحقيقي للبلدان التي تصبو للعيش بكرامة، والإرتقاء بمجتمعاتها لمصاف المجتمعات الراقية التي تحترم الإنسان لوجوده ككائن بشري لا يختلف عن نظيره، لوناً وعرقاً وجنساً ومعتقداً ... هذا الإنسان نذر نفسه لكشف تماسيح الفساد، وأصبح قرباناً لمبادئه على يد مافيات الفساد ... كاوه كرمياني أغتيل على مرآى وأمام أنظار والدته بطلقات الغدر والفساد، لأنه أبى السكوت عن السرقات والمحسوبية والسير بالبلاد نحو إستنساخ دول حقيرة تافه لا باع لها في كل ما يجري في العالم غير أن تحت أراضيها بحيرات من النفط والغاز ...
فخلال يومين من الأسبوع الفائت نرى نقيضين لنموذجين من شبابنا يقضوّن بسلاح الفساد ، فالفساد هو الذي يوصل أبنائنا لتجمعات التكفير والإرهاب، وهو ذاته الفساد يغتال خيرة شبابنا الواعدين الذين يحملون الوطن والإنسان بين جنبات أضلعهم وبين تلافيف عقولهم النيرة ... وفي كلا الحالتين الخاسر الوحيد هو البلد والمجتمع، فالفساد لا دين له، ولا ينتمي لعرق أو دين معين، أنه آفة ونيران وبراكين تحرق الأخضر واليابس .
لربما بستنكر البعض ربط موت إرهابي فجر نفسه وتسبب بقتل وجرح العشرات، وبين صحفي ذهبت حياته من أجل الدفاع عن حقوق الفقراء والمعوزين ومحاربة الفساد .. فالربط هنا مسلط أساساً على الفساد والسلطة الفاسدة، وما تنتجه من كوراث على المجتمع والدولة.



#عوني_الداوودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين حرب البسوس وحرب المفخخات
- لا تلوموا أحداً من خارج محيطنا
- أطباق المزة والفشاقيش
- المطر وشوربة العدس الخرافية
- إفتراءات الدكتور وائل عبد اللطيف
- الشرق الأوسط على كف عفريت
- بلقيس العاشقة
- زهير كاظم عبود يطرق أبواب لم تُطرق من قبل
- التمييز الجنسي كارثة لا نعي أبعادها المدمرة
- عروس الثورات، الثورة السورية
- كحيوان الكسلان مر عام 2010 على أعصابي
- التمدن يكشح التخلف
- إلى جندي مجهول يتربع القمم
- عاللي جرى
- إيران، إيران. أين السعودية ؟؟
- تقييم الحوار المتمدن في سنته السابعة
- أمثل أبا فرات يُقتل ؟
- كركوك وتوابعها حكم التاريخ والضمير ، دراسة وثائقية عن القضية ...
- سيبقى الدكتور سلمان شمسة حياً بيننا
- جريمة التعذيب في العراق


المزيد.....




- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عوني الداوودي - 20 ساعة بين مقتل صحفي مناضل، وإنتحاري إرهابي