أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عوني الداوودي - عاللي جرى














المزيد.....

عاللي جرى


عوني الداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 3207 - 2010 / 12 / 6 - 08:22
المحور: الادب والفن
    


لا أذكر متى وأين سمعت لأول مرة أغنية " عاللي جرى للفنانة " علّيا التونسية " وأحببتها. كل ما أعرفه، أو يمكن القول ما أتذكره، كحلم جميل، كان الزمن فيه جميلاً .
والحقيقة لا أعي على وجه الدقة إن كان زمن جميلاً. أم .. لا !! لكن الأكيد الذي ألمسه في حاضري هو هذا الشعور الخفي الذي يسري كدبيب النمل لكل خلية من خلايا جسدي. أنه إحساس يمكن أن تصفه بشتى الأوصاف، أو قل .. تنعته بشتى النعوت، لكن الطابع السائد لهذه المشاعر، جبروتية تغزوك على غفلة منك، كتسلق وصولي حقير حبال السلطة ليصبح لاحقاً دكتاتور طائش يتحكم بمصائر الملايين من البشر، ويخضع مقدراتهم لنزواته الطاغوتية، أو كأي جيش غازي لا يترك لك خيارات غير الإنزواء والإستسلام لخيار واحد، يدحرجك بقوة لماض ٍ بعيد، تبدو ملامحه متشابكة كأشجار غابة كثيفة.
أنه شعور يجمع تناقضاته بين جوانحه، شعور ما بين الحنين، والنقمة، بين الأرتياح، والقرف، النفور، والقناعة.
يتلفن صديقي سلام ... عوني أدر قناة تلفازك للمحطة الفلانية .. يابة ليش، بعدين تعرف، وإذا بها غنوة الدق على أوتار ماض بعيد لا تطله مخالبك، لتمزقه شر تمزيق، أو لربما تنحني إجلالاً لما قدمه لك من دروس في فن حماية قلبك من التلوث.

بعد أكثر من ثلاثة عقود تمر مطربة محدثة " أصالة " مرور عربات قطار تائه عن سكته فوق أشلائك المتناثرة على أكثر من محطة، ومدينة، وبلد، مع فارق يحمل بين طياته أكثر من تعبير، ودغدغة، وشجن ..
في ريعان الصبا لا تحملك العبارة، أو الجملة الموسيقية، لأكثر من الحط على أول غصن تركت قلبك الصغير عليه معلقاً .. لكن مع تقدم العمر، واتساع الأفق الفكري والثقافي، هناك دائماً فخاخ منصوبة لك خلف، وأمام، وما بين الحروف المتراصة، لتبدأ معها لعبة تفكيك العبارة، ووقعها، والكلمة الشعرية، وفعلتها، إيجابية كانت أم سلبية، وفي أكثر الأحوال تأخذ العبارة منك زمام المبادرة والفعل، لتمارس ساديتها عليك، والتلذذ بإنتقامها منك وإستهلاكك كأي بضاعة تباع في أسواق الخردة، وتأخذك لعوالم تمتد وتتقلص حسب الزمان، والمكان.

والمصيبة الكبرى تكمن عند شعورك بـالتغرب " التشيوء " عند ذاك سيكون المكان قاسياً عليك قساوة سياط جلاد أرعن لا يحترم حزن ضحاياه، أما إن كنت تمر بما يسمى بخريف العمر، هذا ( المصطلح الخرافي ـــ هناك شباب يمرون بخريف العمر، وعجائز يقضون أحلى الأيام بروح شابة مرحة !! ) يكون الإرتباط بالماضي البعيد، والجنون العاطفي والسياسي على أشده، وفي الحالتين لا تعدو بقضك وقضيضك أكثر من قربان يُنحر كل ساعة على مذبح التشبث بالزمكان الذي مضى دون عودة.

ما معنى أن تبكي عندما لا تكون بحاجة للبكاء، في حين أنك اليوم أحوج من أي وقت مضى لغسل أوجاعك ... لكن الدموع تأبى السقوط في زمن القحط، فهذه النفس اليباب اليوم بأمس الحاجة من أي وقت مضى للإرتواء من فيض الدمع المتساقط من عينين متعبتين من كثرة الرنو بعيداً للمح ولو بيرق من شأنه إضاءة عتمة دواخلك، ومن وقفة جادة أمام مرآت روحك التي قُضمت على مراحل وبهدوء دون رحمة.

قبل أكثر من مليون عام كنت تردد مع عليا :

" بس لما تيجي واحكيلك ... عاللي جرى
ومسح دموعي بمنديلك ... عاللي جرى
متغربين أحنا ... متغربين
تجري السنين وأحنا .. في جرح السنين
إلى آخر الأغنية :
وتاهت المراسيل .. بين النهار والليل
ما فضلش غير دمعة .. مرسومة بالمناديل "

أما اليوم ....

يلاحقنا الماضي البعيد حتى في فنجان قهوتنا،
وفي فراغ رشفة الكأس، في روائح التوابل والدخان
في التأمل لصلاة أمي ودعائها
في صخب الأطفال وضجيجهم
في نشرات الأخبار
والصلبان شاخصة

كان الحلم كبير، ولم يزل

تيتمت روحي .
في أحشائي ينمو القرف كالطحالب
وقلبي يتدحرج على الحجارات الحادة تتربص به السلاطعين أفواجا

لا تسل عن ماضِ ولى ... ولا عن حاضر ليس بمقدورك ترويضه.

كأسك صديقي ...
شتاء 2010



#عوني_الداوودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران، إيران. أين السعودية ؟؟
- تقييم الحوار المتمدن في سنته السابعة
- أمثل أبا فرات يُقتل ؟
- كركوك وتوابعها حكم التاريخ والضمير ، دراسة وثائقية عن القضية ...
- سيبقى الدكتور سلمان شمسة حياً بيننا
- جريمة التعذيب في العراق
- يقال عن السعودية ، والعهدة على الرواة
- متى ستستريح هذه المعبودة ، الأم العراقية ؟
- شهداء قلعة دمدم
- المسيجية في بلاد الرافدين شجرة باسقة وعملاقة ، ووارفة الضلال
- الأرقام والأحصائيات ، ياليتها نطقت، لكنها تفصح ، وتقول الكثي ...
- ما دخل تركيا بتمتع الكورد في العراق بالتمتع بالحكم الذاتي
- القرار 137 = العودة الى عصر الحريم
- قراءة في مؤتمرات المعارضة العراقية - سابقاً - حول الفدرالية ...
- النفط وكركوك كانتا ولا تزالان، وبالاً على الشعب الكوردي
- إمارة سوران في عهد الباشا الكبير محمد كور باشا الراوندوزي
- بخطوات واثقة يخطو الحوار المتمدن عامه الثاني
- عفوا مولاي زهير كاظم عبود ... لا أتفق معك
- سعدي يوسف لماذا تجعل الآخرين يسيئون الظن بك ؟
- أخي الكبير القاضي الفاضل زهير كاظم عبود الأكرم


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عوني الداوودي - عاللي جرى