أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - مانديلا وشروطُ التقدمِ الموضوعية














المزيد.....

مانديلا وشروطُ التقدمِ الموضوعية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4300 - 2013 / 12 / 9 - 09:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتمد الزعامةُ الديمقراطية المتطورة على تطور الشعب وميزاته، فهي نتاجُ الخصائص الذاتية للفرد ومستوى تطور شعبه معاً.
وليست هذه الصلابة والأفق السياسي المفتوح والتضحية سوى خصائص تشكلت في مجتمع متطور مختلف عن الكثير من البلدان الإفريقية.
وضع المهاجرون الهولنديون الذين يُطلق عليهم محلياً اسم (البوير) الأساسَ الصناعي الحضاري لتقدم هذا الجزء الجنوبي من إفريقيا، الذي اختاروه لطبيعته المعتدلة ولبعده عن العمق الإفريقي ولكنوزه وإطلاله على المحيطين الهندي والأطلسي.
احتاج المهاجرون الأوربيون إلى عقود طويلة لكي يتلاءموا ويغيروا هذه الطبيعة الخام لإفريقيا حيث الثروة الزراعية والحيوانية تحتاج إلى جهود طويلة من أجل تطورها، وقد تداخل المستعمرون الهولنديون والإنكليز في عملية السيطرة على هذا الجزء ودارت بينهم حربان، وأَخضعتْ إنجلترا هذه المستعمرة الأوروبية الإفريقية المتداخلة المشاكسة، وحين سيطر عليها البوير تماماً كرسوا نظاماً عنصرياً في منتصف القرن العشرين، مما دلَّ على جذورهم العنصرية الفكرية السياسية، التي أرادت إقامة حواجز غير ممكنة بينهم وبين الشعوب السوداء.
لقد تقدمت القبائلُ الإفريقية تدريجياً في جسم البوير السياسي الجغرافي، مقدمةً قوةَ العمل الرئيسية في المهن الصعبة الرثة في البدايات النهضوية، وحين تحول البوير إلى الطبقة الصناعية المالية الحاكمة في غالبية فروعها فإن قوى السكان الإفريقية تحولت إلى الطبقة العاملة الصناعية التي تشتغل في المصانع ومناجم الذهب والماس.
لقد تحولت جنوب إفريقيا إلى أكثر البلدان تقدماً في إفريقيا وغدت أكبر منتج للذهب والماس وغدت أكبر قوة مصنِّعة للسيارات والسلع المعمرة الأخرى وتحولت دول إفريقيا إلى الزبائن الرئيسيين لها.
هذه الأعمال الإفريقية الشاقة وهذه الأسواق المفتوحة كانت تتناقض مع البناء السياسي الذي أقامه الإفريقيون الجنوبيون البيض العنصري، حيث لم يُسمح للسود إلا بأعمال محددة ومُنعوا حق المشاركة السياسية وحق المُلكية، إضافة إلى عدم مساواتهم مع البيض في تقاضي الأجور وعزلهم في مناطق ومساكن خاصة، فحكمَ أربعةُ ملايين أبيض بقية السكان البالغة تسعة وعشرين مليوناً.
ولكن القوى التقدمية وخاصة جماعة الحزب الشيوعي لجنوب إفريقيا الذي أسسه المثقفون الأوروبيون في بداية القرن العشرين لعبت دوراً طويلاً في التصدي للسياسة العنصرية، والتحضير للتحول الديمقراطي ولالتحام شعب جنوب إفريقيا في شعب واحد.
وحين فرض البوير العنصريون سياسة الفصل العنصري تحرك الإفريقيون خاصة للكفاح المسلح ضد النظام، فتحولوا إلى فصيل مختلف عن بقية القوى التقدمية وخاصة البيضاء التي تؤيد النضال السلمي الطويل.
وكان الزعيم مانديلا من هذه القوى الشعبية ذات الجذور الإفريقية ولكن الكفاح المسلح الذي خيض لم يكن هو المحول للتغيير، فعلى أثر سجن مانديلا الطويل تحول هذا إلى رمز وطني وعالمي فتجمعت قوى السود والبيض ضد النظام الذي غدا متجاوَزاً من قبل التطور في القارة الإفريقية خاصة والعالم.
إن ضخامة الطبقة العاملة الجنوب إفريقية ونضالاتها الإضرابية والسياسية صدّعت النظام، وأزّمته، ولم يجد سوى التحول الديمقراطي وإعادة لحمة الشعب، فكان التغيير ذا فائدة كبيرة للطبقة المالكة الرأسمالية البيضاء، كما عكس رغبة الدول الغربية في التغيير السلمي الذي يحافظ على أكبر رأسمالية متطورة في القارة بدلاً من تسليمها لليسار الإفريقي وهروب الأقلية البيضاء.
التغيير أضفى تحولاً سياسياً على البلد ولكن التغييرات الاقتصادية والاجتماعية لصالح الأغلبية الشعبية مشت ببطء، فغدا التحول العميق يتطلب انصهاراً أكبر للسود والبيض في بنية اجتماعية واحدة.
أسَّس مانديلا التحولَ الديمقراطي الوطني العام، وتحتاج التحولات العميقة في أوضاع الشعب العامل في غالبيته السوداء إلى نضال أكثر تطوراً وزعماء اشتراكيين ديمقراطيين ذوي صلات بمختلف طبقات الشعب.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعسفُ وجذروهُ
- الوضع الإيراني والتحولات
- أتجمعٌ تحديثيّ أم تجمعٌ طائفيّ؟
- تلاقي المستغِلين فوقَ التضاريس
- التحللُ الفكري والانهيارُ الاجتماعي
- تآكلُ الماركسيةِ في البحرين
- إن لم تكنْ ثورةً فماذا تكون؟
- حول تقرير اللجنة الرقابية
- الجماعةُ السياسيةُ وتجاوزُ المذهبيةُ
- إنّهُ المثقفُ العضوي!
- لماذا الهجومُ الواسعُ ضد العرب؟
- التقدمي كإقطاعي
- لماذا لم تتطورْ معيشةُ الشباب؟
- الرعبُ والإرهابُ
- الانهيارُ الثقافي والعقلانية
- مطرٌ فوق بيوتِ الطين
- تناقضٌ مجهولٌ مدمرٌ
- الرمزيةُ وأهمّيتُها
- المغامرةُ السياسيةُ بين الماضي والحاضر
- مجابهةٌ خاطئةٌ بين التجارِ واليسار


المزيد.....




- براد بيت يتحدث بصراحة عن تجربة تعافيه من الإدمان على الكحول ...
- جاي زي يفاجئ الجمهور في إحدى محطات جولة بيونسيه الباريسية
- من الدهنية إلى الحساسة..أسس اختيار المكياج المناسب لنوع البش ...
- رئيس وزراء قطر يكشف دور الدوحة بوقف إطلاق النار بين إيران وإ ...
- ترامب يصب غضبه على إسرائيل ويُبدي عدم رضاه عن إيران بعد خرق ...
- -حرب نووية أُوقفت في ساعات بينما حربنا ما زالت مستمرة-: غزيو ...
- ما بعد وقف إطلاق النار: أي دروس تستخلصها إيران من المواجهة م ...
- هدنة هشة تحت النار.. تل أبيب تحذر وطهران تنفي إطلاق الصواريخ ...
- ترامب يطالب إسرائيل بعدم إلقاء المزيد من القنابل على إيران
- احذر من تأثير -تشات جي بي تي- على دماغك وقدراتك الذهنية!


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - مانديلا وشروطُ التقدمِ الموضوعية