مسؤولية الحرية

لينا سعيد موللا

الحوار المتمدن-العدد: 4297 - 2013 / 12 / 6 - 23:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

عندما أصدر ابراهام لنكولن مرسوم تحرير العبيد في الولايات المتحدة الأمريكية في 1 كانون الثاني من عام 1863، اعتبر قراراً ثورياً أنهى حقبة طويلة من حياة الرق والعذاب للسود الذين استقدموا من أفريقيا للعمل في المزارع وخدمة البيوت .

لكن المدهش أن بعض هؤلاء السود شعر بالضياع، فبعد أن اعتاد على حياة الرضوخ والاستسلام للواقع البائس، جاء قانون تحريره ليحمله المسؤولية عن نفسه لأول مرة بعد زمن الرتابة والذل، قانون ألزمه على التعامل مع حقوقه بكل جدية وحذاقة .

بعد قرابة 150 سنة من صدور هذا المرسوم، فاز رجل أسود برئاسة أميركا، نحن نتحدث عن الدولة التي أدهشت العالم بدستورها والحلم الذي تحمله ويتطورها الحضاري .

اليوم أتساءل :
ماذا لو خرج قانون عصري يساوي الرجل بالمرأة في كل شيء، وأشدد بكل شيء ؟

سنرى كثيرات منهن، يتبرمون، لأنهم اعتادوا الرجل الطاغية !!! سيرفضون تحت عدة ذرائع غير مقنعة .

أذكر أيضاً أن بعض الجزائريين إبان الاستقلال عن فرنسا قرر الانتقال إلى بلد المستعمر (( ولم يكن عددهم قليلاً )) مع أن الاستقلال تكلف مليون شهيد !!!
ذلك لأنهم اعتادوا التبعية للقوي مهما كان ظالماً ومستبداً .

وفي بلدنا المجروح نصادف البعض يترددون في قبول الديمقراطية، لأنهم لم يعتادوا الحرية، بل أدمنوا العبودية للديكتاتور، لأنهم لا يقوون على مسؤولية الكلمة، بل البقاء في سلطة قاسية تهيمن عليهم .

لا شك أن البناء المجتمعي يستغرق وقتاً .. لكني توقفت عند ظاهرة أؤلئك المترددين في قبول الحرية، حتى نسمعهم وحتى هذه اللحظة يتشدقون بعبارة أن الديمقراطية لم تخلق للسوريين أو العرب .

الحقيقة أن الحرية لا تلبق بهم، لكنها مطلب سواد الشعب المتعطش إليها، وعلى تضحيات هؤلاء ستتحقق .

ولسخرية القدر أنه وفي زمن ما، سيصل أحفاد مريدي استمرار العبودية إلى أرقى المناصب وربما لتولي أعلى هيئة تشريعية تتعلق بالحقوق ومنحها ..

البعض يخاف التغيير حتى لو كان في صالحه، لكن المستقبل والتطور لا يبنى بسواعد الجبناء، وإنما على الاحساس بالمسؤولية، على المغامرين والمضحين فقط .

قادمون

لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية

#لينا_سعيد_موللا (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل