أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - مُجرّدُ دُمى - قصة قصيرة














المزيد.....

مُجرّدُ دُمى - قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 4297 - 2013 / 12 / 6 - 21:07
المحور: الادب والفن
    



كانَ الليلُ ساجياً وقد غلـّف المدينةَ بديجورهِ ،نام صاحبُ دكانِ الدُمى وهو يُفكر بكسادها وبرائحةِ الزهور البلاستيكية التي تتسلل إلى أنفه من دكان جارِهِ وبأصوات الطلقات ومفرقعات أعيادِ الميلادِ وجعجعةِ الرشاشات الأوتوماتيكية وأدواتِ الحرب الرائجة الآن كلعبٍ يرغب بها أطفال هذه الأيام غير راغبين باقتناءِ الدُمى التي تكدّستْ في دكانه ونال منها الزمن والغبار ثمّ تغيرت ألوانها وأصبحت سلعةً عتيقة، في ما مضى كان من المعجبين بالزهور البلاستيكية المزيفة لكن روائحها الآن تملأ أنفه وتسبب له دوارا علل ذلك إلى أنه كان لايشعر برائحة باقة ورد مزيفة موضوعةٌ بإناء زهور جميل ولكنها عندما تتكدس بدكان بيع الزهور البلاستيكية بهذا العدد الهائل لا يفصله عنها إلا جدارُ دكانهِ تشيع منها هذه الرائحة الراتنجيةِ المركزة فتضايقه وتصدع رأسه وعلى مثل هذه الأفكار خلد إلى النوم بيدّ أنه قبل أن يغط في النوم فكر بتغيير مهنته مُجاراةً للسوق وعلى ذلك لابد له من بيع محتويات دكانه ولن يجد أفضل من تاجر العتيق ليبيع لهُ تلك الدمى الكاسدة ، على أية حال كانت تلك فكرة خطرت بباله وبينما غطّ في نومه تسربت هذه الفكرة التي راودته إلى الدمى في دكانه وفي عمقِ نومه هيمن على روحه كابوسٌ مما ينشط في الرؤوس أثناء النوم، راحتْ الدمى تتجمهر في الدكان وقد شغلها المصير الذي ينتظرها إذا نفذ صاحب الدكان ما يفكر به ، في تلك الليلة عقدت الدمى اجتماعا دعتهُ مؤتمرَ القمّةِ كما في كل مرّة عندما يحتلك ليلها ويكون طويلاً وتشعر أنها بائرة وغير نافعة بيد أن هذه القمّة تختلف عن سابقاتها إذ علمت أن الأمر هذه المرة يتعلق بمصيرها، ناقشت تلك الدمى ما يمكن فعله ،كان قرارها واضحا ولابد من مثول صاحب الدكان أمام اجتماعها لمناقشته حول قراره الخطيروكان لها ذلك لما لها من سلطةٍ في الأحلام افترضها الكابوس مَثُلَ الرجل أمامها وراحتْ تستجوبهُ كما يحصل عادةً في المؤتمرات:
- يا صاحب الدكان إن قرارك القاضي بالتخلص منا خطير وهو كما تعلم يمس مصيرنا جميعا ومن حقنا أن نسألك ونعرض عليك أن تتراجع عن هذا القرار و إلاّ....
- و إلاّ ماذا؟ ما أنتم إلا دمى ولا وزر في ما أقرر بشأنكم أنسيتم أنني قد دفعتُ ثمنكم ؟وكنتم حين شرائكم ترفلون بالبهجة ، جباهكم تلمع من فرط السعادة ،أنسيتم؟.
- لكنك تعلم جيدا المصير الذي ينتظرنا في حال بيعنا لتاجر العتيق!
- كل ما أعلمه أن مصيركم يؤولُ إلى آلة الثرم لتتحولوا إلى مادة أولية يُصنَعُ منها أشياء أخرى ربما إبريق أو شبشب أو مرحاض أطفال فأنتم بعد الثرم لا تصلحون لصناعة زهور مزيفة أوما شابه ذلك
- بالله عليك لوكان فينا مثل الدمية تشاكي (1) المرعب أو مثل دمية إبسن(2) أو الدمية روبرت(3) هل كنت تقرر قرارك بهذه البساطة
- أنا لا أعرف هؤلاء ولكن إن كانوا مجرد دمى مثلكم فلا يُغير ذلك أي شيء ..!!، وهل فيكم من يمتلك ما امتلكوا من روح؟ ، أسقط في أيدي الدمى ولم تحر جوابا فقد كانت حجته قوية ، وبما أنها مجرد دمى عرائس و أولاد لا وجود لملامح شر في سحناتها وليس منها ما هو مثل تشاكي الشرير فعليها أن ترضى بمصيرها إبريقاً مكانه دورة المياه أو شبشباً تحت الأقدام.....أو مكنسة أزبال في أحسن الأحوال
- يا للأسف أجابت الدمى وكنا نظن أنك ذو قلبٍ رحيم!
- أي قلب رحيم وقد كسدتم وراج بيع الأسلحة والأزهار المزيفة في السوق بشكل لا يُصدق وكنتم تنصتون عندما نصحني بعضهم وهم يرون حالي وقلة حيلتي أن أغير بضاعتي إلى الأسلحة والأزهار المزيفة وعندما كنت أحتج بحجج واهية مثل أن الدمى جميلة كادت تشبه البشر و إنها لاتقل عن الأسلحة والأزهار البلاستيكية مقاربة للواقع قيل أن ذلك مجانبٌ للصواب فهي لا تتحرك ولا تتكلم و إن فعلت ذلك ليس في حركاتها وكلامها ما يشبه الواقع كما في لون ورائحة الأزهار وفرقعات الأسلحة التي كادت تشابه الحقيقة إذ أنها تطلق الرصاص البلاستيكي وينفجر بارودها تماما كما في الأسلحة الحقيقية وكان علي أن أقر بذلك لكنني لا أجد تفسيرا لرغبة الأطفال من الإناث والذكور بشراء الأسلحة والمفرقعات في حين كان الأجدر بهم إقتناء الدُمى بينما كان الكبار مواضبين على شراء الأزهار المزيفة وتتذكرون كم أصابكم من الحزن وأنتم تواصلون الصبر والإنتظار في دكاني تنظرون لبعضكم تلك النظرات الحائرة ربما بسبب الكساد والبقاء طويلا على الرفوف و الأتربة التي تتراكم عليكم ولسان حالكم يقول ما بيدنا حيلة فنحنُ مجرد دمى إن لم تحركنا أيدي الآخرين فإننا لا نتحرك ، أتذكرون كم كنت أردد في داخلي: وأطفالنا ماذا دهاهم؟ !!!! لا يرغبون بالدمى الجميلة ويفضلون ما يتيسر لهم من السلاح القادم من خارج الحدود و إن كان لُعَباً إذ أنني طالما سمعتُ عن عينٍ فُقئتْ و كفّ احترقت بمفرقعات لها أصوات قنابل الحرب وربما مات بعضهم جرّاء ذلك والآن لا مفر من الإعتراف بأنكم قد اندحرتم وذهب الزمن الطويل الذي أنفقتموه على الرفوف ببريقكم ولمعانكم وروائحكم المميزة قبل أن تخرجوا من علبكم إلى هذه الدنيا، وحالما مرّ تاجر(العتيق) وهو يصيح : بلاستك عتيق للبيع ومع دفقات من رائحة الورد البلاستيكي الخانقة التي تقتحمُ أنفي من جهة جاري بائع الزهور المزيفة اتخذتُ هذا القرار أفلـَسْتُ مُحقا باتخاذه إذ أنه ليس من المعقول أن تستمر الأمور هكذا إلى أمدٍ بعيد ، ولم يكد يكمل كلامه حتى راحت الدمى تصرخ بوجهه وتتقدم نحوه وهي غاضبة وبينما كان يتراجع وقع من فوق السرير واستيقظ و قد ازدادَ إصراراً على بيع تلك الدمى الكاسدة التي لا يعلو صراخها إلا بوجهِ رجل نائم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-بيت الدمية للكاتب النرويجي هنريك إبسن.
2-روبرت الدمية قصة للكاتب الأمريكي روبرت يوجيني أوتو
3-الدمية القاتلة تشاكي سلسلة أفلام ألفها دون مانسيني



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صحراء - نص مدوّر
- الرماد
- طفل حطلة
- الرغيف
- كتاب الريح- قصيدة
- شجرة ملعونة - قصة قصيرة
- الضحية- قصة قصيرة
- المَخاضةُ - قصة قصيرة
- أزهار جابر السوداني الفجائعية- قراءة إنطباعية
- إخطبوط - تهويمات
- قبائل الأحلام-قصة قصيرة
- حقيقة الأشياء - قصة قصيرة
- مطر أحمر قصة قصيرة
- طقوس - نص مدور
- الخندق الأخير - قصة قصيرة
- بان كي مون
- زمن ميّت- قصة قصيرة
- الطين
- ثلاجة الموتى- قصة قصيرة
- ليلة القبض على المدينة- قصة قصيرة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - مُجرّدُ دُمى - قصة قصيرة