أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - البحث عن الحاضر الغائب -رواية-25-














المزيد.....

البحث عن الحاضر الغائب -رواية-25-


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4283 - 2013 / 11 / 22 - 17:17
المحور: الادب والفن
    


تابع أحمد كلامه ، وهو يسأل عبد المنعم :
-هل قلت شيئا مفيدا ، أم تراني أرطن بلغة لاتناسبنا ؟ . هل أصارحك أخي عبد المنعم ، نحن لسنا في حاجة الى جهاز استخبارات ، مادامت مهمته هي الدفاع عن النظام وتتبع الأخبار التي تنتقده ، هذا يسمونه حرس ملكي وليس جهاز استخبارات .
لا حظ أحمد أن وجه عبد المنعم تغير قليلا ، وبدى عليه بعص الامتعاض . لعله الخمر وقد بدأ يتلاعب بقدراته الذهنية ؛ حدث عبد المنعم نفسه .
لكن اجابة أحمد كانت مفاجئة لعبد المنعم الذي اندهش من شفافية بديهية أحمد الذي استرسل في كلامه :
-لا تعتقد أن رأيي الأخير نتيجة تأثير الخمر ، لا ، لا . لقد قرأت كثيرا عن مهمة الاستخبارات ووظائفها وتاريخ انشاء السي أي إي ، والكا جي بي ، وكثيرا من الأدوار التي أدوها ، داخل وخارج البلاد . أعرف أن لدينا عملاء وضباط استخبارات خارج الوطن ، لكن وظيفتهم منحصرة في تتبع أخبار وحركات وسكنات مواطنينا المقيمين خارج الوطن ،فقط .
في هذه الأثناء ، وبعدما ساد صمت طفيف بينهما ، لاحظ أحمد أن حانة الفندق بدأت تمتلئ ، وأخذ طلاب المتعة يقتربون من الكونطوار . أحس الصديقان أن حريتهما في الكلام تقلصت الى حدودها الدنيا . كان هناك الكثير من الكلام بينهما ، وخاصة من جانب أحمد . لكن تأجيله أصبح حتميا . حياتنا نفسها مؤجلة ، بسبب الانحشار الفظ في أمور تافهة ، وبسبب العلاقات المشبوهة وغير السوية . أحلامنا مؤجلة ، مشاعرنا مؤجلة ، وهذه الكثرة مجرد زبد .
جال أحمد بعينيه في أرجاء الحانة ، لفتت نظره فتاة غاية في الجمال .صدفة ؛ وهو يجول بعينيه رآها وهي تحدق به من بعيد ، وهي تحدث صديقتها الشقراء ، كأنها كانت تتقصده هو بالذات . شعرها الأملس المنساب حول رقبتها بشعيراته الدقيقة اللامعة . وجهها يقترب من شكل بيضة ، أنفها الدقيق كأنه شقي لوزة ريفية محفورتين بفنية عالية ، شفتاها مرسومتان بعناية الهية معجزة ؛ تغريان بتقبيل أبدي .
أشار اليها برأسه ، ابتسمت له ولبت دعوته في الحال . تساءل مع نفسه عن سرعة استجابتها ، ووضع الأمر والفتاة بين هلالين وختمهما بعلامة استفهام كبرى .
هنا ابتسم عبد المنعم . وقرر أن يغادر أحمد ، سلم عليه بيده بحرارة ، وهمس في أذنه :
-الجميع يدرك ما تدركه ، لكن كلهم يخافون من اعلانه ومناقشته ، وضعنا يشبه البراز ، اذا حركته ذاعت رائحته أكثر .
باشارة منه برأسه قامت صديقة عبد المنعم من مكانها وتبعته .
أصبحت علامات الاستفهام قاعدة ذهنية عند أحمد . تعلم أن لا يطمئن الى أحد ، تعلم أن يحذر من كل شخص ، ويضعه في كفتين . لعبة ذهنية صعبة ومتعبة ، لكنك حين تتحكم فيها تنفتح لك مرآة الحياة التي لا ينظر اليها الا القليل .
جاءت اليه ، اقتربت منه ، تلاصقت به . قبلته على أخذه ثم قالت :
-أهلا
-أهلا ، جميلة جدا ،س بحان الخالق ، هل قمت بعملية تجميل ؟ ،
حين طرح سؤاله كان ينتظر احمرارا في خدودها ، كل فتاة في مثل هذا السؤال الاطرائي تخجل وتحمر وجنتاها . لكنها عكس انتظاره ، نفت ببرودة ، وكان الأمر أصبح لديها مكرورا ومعلوما .
ابتسم في وجهها ابتسامته التي يسميها "ابتسامة الفخ " ، لأنه يمهرها بالكثير من السذاجة والعفوية والاستقبال .
لكن أول حركة صدرت منه تجاهها كانت وضع يده على كتفيها وتقبيلها من شفتيها بعمق عميق . وكأنه كان ينفث وهو يمص الشفتين كل ثقل الليلة بأفكارها وهواجسها ووساوسها .
هو نفسه لا يعلم مغزى ودافع هذه الحركة بالضبط . لكنها تبقى في مثل هذه الأماكن شيئا عاديا ومألوفا ، واختلاف قراءاتها تأتي من اختلاف نوعية الأشخاص الذين يأتونها .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سعدي يوسف بين حرية الابداع وحرية الشطط في الابداع
- في ذهني فكرة
- البحث عن الحاضر الغائب -رواية-24-
- ايران حصار بصيغة الانفتاح
- فرار الى قمة الحلم
- عودة المثقف ومثقف العودة . أي مثقف وأي عودة ؟
- قمم صارت سفوحا
- البحث عن الحاضر الغائب -رواية-23-
- في مفهوم السيادة وأشياء أخرى
- مثقفو أحوال الطقس
- حروب الظلام
- غربة الشعر ،منظور جديد
- رحيل أقسى من الخنجر
- مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟ -3-
- الأنبياء لا يندهشون
- مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟ -2-
- البحث عن الحاضر الغائب -رواية-22-
- حصن اللغة
- الياس العماري وقضية علي أنوزلا
- ضد مركزية الثقافة وتركيزها


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - البحث عن الحاضر الغائب -رواية-25-