أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خالد الصلعي - ضد مركزية الثقافة وتركيزها














المزيد.....

ضد مركزية الثقافة وتركيزها


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4253 - 2013 / 10 / 22 - 12:33
المحور: المجتمع المدني
    


ثقافة أمة ما لا تتحدد مناطقيا ، أو بثنائية المركز والهامش . الثقافة هي تبادل الخبرات والمواهب ، وتلاقح الأفكار . فلا يمكن تشبيهها مثلا بالمصب الذي تصب فيه الأنهر وهو البحر ، ولا بالهرم الذي يصعد الى نتوء جارح .
من يعاكس صيرورة التطور الانساني الايجابي ، لايمكن أن ينتصر لمفهوم الثقافة الذي يتغذى من ديمقراطية العطاء والابداع أينما نبتت وطلعت بتلاته. فلا يمكن مثلا أن نتحدث عن عدالة اجتماعية ونحن نقص أجنحة طيور العدالة ، ونمركز الثقافة في منطقة او منطقتين بعينهما ، من أجل رؤية سياسية حسيرة وتقليدية .
المغرب حاول قبل ثورة المعلوميات أن يركز الثقافة في مدينتين ،هما الرباط والدارالبيضاء . فمنذ الاستقلال وكل الأنشطة الثقافية الكبرى لم ترتبط الا بهاتين المدينتين ، وبقيت جميع المدن تابعة لهما ، او ملحقة بهما ، الى درجة أن الاعلاميين والصحافيين لم يكن باستطاعتهم ممارسة مواهبهم وشغفهم الا اذا رحلوا الى هاتين المدينتين وجعلوهما مستقرين لهم . ولم يكن لكتاب ان أن يصدر الا اذا مر بمحور العاصمتين الاقتصادية والسياسية . وهو ما جعل كثيرا من المبدعين في مختلف التخصصات يحجمون عن اتيان الابداع والاستمرار فيه ، او الانكماش على هوامشهم برا بالتربة والحضن اللذين منحهم شرعية الوجود الابداعي .
بل ان الأمر أنتج ظاهرة سلبية لا تزال مستمرة الى يومنا هذا ، وأعني بها ظاهرة المحسوبية والرشوة والشللية والقبلية ، وهي الظاهرة التي لا تتسق أنطولوجيا مع مفهوم الثقافة . وقد كانت للسياسة هنا دورها الفتاك الذي وأد كثيرا من المشاريع الثقافية العظيمة . بل ان النخبة المثقفة نفسها تواطأت مع هذا الدور ومع هذه الوظيفة ، خاصة في المرحلة التي حصر فيها المثقف نفسه في خانة الايديولوجيا الضيقة ، فهيمن مفعول الايديولوجيا على مفهوم الثقافة .
حدثت تحولات كونية مهمة ، تشبه الزلزال القوي الذي يجعل سافل الأرض عاليها ، ويمنح للهوامش حق الوجود الموضوعي ، فأصبح العالم نفسه ، بالعبارة التقليدية ،قرية صغيرة ، أشبه بمركز مفتوح . لم تعد للمركز سطوة على الهامش ، واستقل الهامش بفعله ونتاجه واحلامه . بل ان المركز فقد هيبته القمعية القديمة ، وبدأ يخشى من واقع ما بعد الحداثة - أستخدم مفهوم ما بعد الحداثة في تعدد وتفتت وتجزيئ الذات هنا تجاوزا - .
فاذا كانت مركزية الولا يات المتحدة نفسها عالميا قد اهتزت ، واذا كان مفهوم الدولة القطرية لم يعد يؤخذ به في العلوم السياسية الحديثة الا كدولة ضعيفة ومستلبة ، فان مفهوم المركزية نفسه تكاءل ، وقد تجاوزه العصر ، عبر التكتلات الاتحادية على مستوى الجغرافيا ، والتجمعات الاقتصادية على مستوى تبادل البضائع ، والوحدات العالمية على مستوى التكنولوجيا ، حيث يتم تصنيع العديد من المنتوجات عن طريق توزيع أجزاء المنتوج على أكثر من دولة ، فتجد الهاتف مثلا وقد تشاركت فيه خمس او ست دول .
أمام هذه الحقائق الجديدة ، لم يبق من مبرر لتركيز الثقافة في مركز معين ، خاصة وأن دور الاعلام والدعاية تعاظم بشكل ملفت ومقلق ، كما أن منافذ هذا الاعلام والدعاية لم تعد محصورة في المركز ، فقد تجد مثلا أن جريدة محلية تستقطب أكثر مما تستقطبه الجريدة الوطنية ، وقد تجد عدد المتتبعين لشريط "يوتيوب " ، منتج من قبل أحد الهواة الهامشيين ، اكثر من عدد متتبعي التلفزة المغربية .
ولعل هذا ما تفطن اليه المركزيون في المغرب الذين يقفون وراء تسويق ثقافة المخزن ، وهم يعتمدون على وكلاء الثقافة المبعوثين من مناطق أخرى لترويج نوع من الثقافة لا يخدم الا رؤيتهم التعتيمية التي تروم بدافع نوستالجي يحن الى أيام هيمنة وزارة الداخلية على الثقافة والاعلام .
وهذا لا يعني أنهم لا يوظفون بعض مرتزقة الثقافة من داخل الهامش نفسه ، بل هم من يهيمنون على جزء مهم من الفعل الثقافي داخل مدينة طنجة مثلا . وأتمنى من كل الفاعلين الثقافيين بالمغرب أينما وجدوا أن يقوموا بدراسة للفعل الثقافي بهوامشهم ، لتعرية واقع متجاوز .
لست بصدد تضخيم الذات او التمركز حول الذات ، فطنجة مدينة ٌقدرها ان تكون منفتحة ، واذا كان انفتاحها يشمل الخارج ، فان الداخل أولى بهذا الانفتاح . لكن أن تسود عقلية ما قبل التسعينيات ، ويتم تهمش طاقات أبنائها والتضييق على مواهبهم ، وخنق تنفساتهم ، أظن أن الواقع والممكنات لا تسمح بهذه الطرق الستالينية العتيقة .
لا بد اذن من خلق ثقافة تواصلية جديدة بين مكونات وبنيات الداخل ، وبناء منظومة حوارية ترتكز على العطاء النوعي ، وعلى أهم ممكنات الرافد المحلي والوطني والانساني ، تجاوزا لشوفينية مركزية لم يعد لها من مبررات وجودها أي عنصر يمكن أن يعيد التاريخ الى الوراء .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم خارج التقويم
- مؤشر الحلم والكابوس - قصة قصيرة -
- ملامسة قشرة الحياة
- لبن الأمل
- خطاب البرلمان والعودة الى الوراء -1
- مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟
- موسيقى عسكرسة
- المغرب وسياسة اللاسياسة
- اله الدم
- الانسان العربي : القيمة والحقيقة -1-
- البحث عن الحاضر الغائب -رواية-21-
- الأم خط أحمر
- كأنه الموت .....
- شعرية الانفجار عند ايمان الونطدي -2-
- لاسقوف للعبارة
- المغرب وريح الشركَي
- عالم جديد في طور التكوين -3-
- انصفوا عمال الانعاش الوطني
- البحث عن الحاضر الغائب -رواية-20-
- عن الدخول الثقافي بالمغرب


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خالد الصلعي - ضد مركزية الثقافة وتركيزها