أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - البحث عن الحاضر الغائب -رواية-20-














المزيد.....

البحث عن الحاضر الغائب -رواية-20-


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4223 - 2013 / 9 / 22 - 19:41
المحور: الادب والفن
    


البحث عن الغائب الحاضر -رواية -20-
*************************
أقفلت الهاتف بعدما قلت لها اني أنتظرك و دققت لها مكان تواجدي . لم تجبني ، كانت حركة مني لأ زيد اشتعال مشاعرها لهبا . أقسم أنها ستأتي ، وأقسم أنها تحبني . لكني انتبهت لنفسي وأنا أدخل هذا التحدي الذاتي بكل هذا الهيجان وبكل هذه الوثوقية . حتى انني لم أنتبه للنادل وهو يضع أمامي قنينة الجعة . ربما قال لي بالصحة والراحة ، كعادتنا هنا حين نقدم شيئا لحد ما . لكنني لم أنتبه اليه .
تساءلت مع نفسي مرة أخرى ، هل هذه الحالة التي تجتاحني الآن ناشئة عن مدى الارتباك الذي اعتارني وما يزال وأنا افكر في كتابة موضع أو قصة أو بورتريه مستعار عن احد عملاء الاستخبارات المغربية ؟ ، أم أنني سكرت حبا قبل أن أذوق الكأس الأولى من الجعة ، فكان كأس الحب أقوى من براميل الجعة ؟ .
دخل كثيرون من رواد هذه الحانة ، لكنني لم أنتبه اليهم حين دخولهم ، أرى المكان ازداد ازدحاما ، باقات الدخان تتصاعد من عدة أمكنة ، قهقهات البنات أكثر من صوت الرجال ، تهمس هذه في أذن صديقها ، تطلب الأخرى سيجارة من احدهم ، لكن ما أثارني حقا هو ذلك الشيخ المترنح ، رجل تجاوز سنه السبعين ما يزال يرتاد مثل هذه الأماكن المنبوذة ، شيئ مقرف ، ففي مجتمعنا امثاله يجب أن يتوبوا ، ومكانهم النسب هو المسجد ، وليس هنا .
ثلاثة شبان يجلسون في طاولة مجانبة لي ، يبدو من خلال وجوههم التي يعلوها بعض الارتباك أنهم زبائن جدد ، قافلة جديدة تنضاف الى عالم النشوة والمتعة . لكنهم لا يستمتعون ، و لاينتشون ، وجوههم شاحبة ، ذاهلة وكأنهم يعون أنهم دخلاء على هذا العالم ، لكنهم مجبرون على دخوله لأسباب لا عد ولا حصر لها .
سقط الرجل المسن أرضا ، هرع اليه النادل وأحد الزبائن ، أجلساه على كرسي ، ارتاح قليلا ثم خاطبهما ، لست سكرانا ، لست سكرانا ، انه داء السكري الذي يؤزمني ويؤذيني ، كلما شربت بعض النبيذ .
في هذه اللحظة بالذات ارتعش جسدي ، وأحسست بقشعريرة شديدة ، وببرد مباغث ، انها سعاد ، سعاد تدخل الحانة . كان مشهد دخولها مضطربا بالنسبة الي ، لم يكن يليق بها هذا المكان ، لككني كنت مدفوعا الى ذلك ، مرغما على استدعائها الى هنا . ربما كانت طبيعة الموضوع وتأثيره على نفسيتي هما السبب الذي أدخلني دوامة جارفة كهذه . وها هي تتجرأ وتأتي الى هنا برجليها ، ياله من حب صادق وعنيف . حقا الحب الحقيقي لايفرق بين النار والجنة ان اجتمع الحبيبان في أحدهما . لو لم أكن بحاجة الى هذه الجلسة لأوقفتها عند الباب وسحبتهامن يدها الى أي مكان آخر . لكنني أحسست بحاجة شديدة الى هذا المكان ، الى شرب أكبر قدر من الجعات . ولو اضطر الأمر الى أن تحملني متكئا على كتفيها الى حيث تريد هي .
لا يهم حبيبتي ، قلت في نفسي .
نهضت لأرحب بها ، كانت متوترة جدا ، أعلم علم اليقين أنه لم يسبق لها أن دخلت مكانا شبيها . لكنها استحملته من أجلي . أحسست أنا ايضا بخجل كبير يلفني ، لكنني أحنيت له كبريائي .
جلست الى جانبي ، وقالت بصوت خافت :
-ما هذا المكان يا مصطفى ؟
لم يكن علي أن أكذب أو أبحث عن مسوغات غير تلك التي دفعتني الى دعوتها الى هنا ، قلت لها :
-أرجوك حبيبتي ..........ثم توقفت
كانت الدهشة قد ارتسمت على وجهها . بينما أنا أكاد أصاب بلوثة عشقية وأسقط كالشيخ الذي سقط قبل قليل وأخرجوه من الحان ، "حبيبتي " قلتها لها دون مقدمات ، لأول مرة أخاطبها بهذه الكلمة .
ابتسمت في وجهي ، بدأت علامات الخجل تنجلي عن وجهها ، ربما كان اعترافي العفوي ومناداتي المباشرة لها بصفتها حبيبة قلبي . كم يكون الكلام صحيا حين يكون خارجا من قلبنا كعضلة من عضلاته .
أحسست حقا اليوم انني أقوى من اي وقت مضى . لا استطيع أن أصف مدى فرحتي ونشوتي . كانت لغة عينيها كافية لأترنح عشق وحبا . فكرت في لحظة قصيرة في أمرنا ، وقررت أن نغادر الحان دون أن اشرب حتى الجعة الوحيدة التي وضعها امامي النادل .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الدخول الثقافي بالمغرب
- اعدموا الصحفي علي انوزلا
- البحث عن الغائب الحاضر -رواية -19-
- تجربة العدالة والتنمية الفارغة
- لذة السقوط
- عالم جديد في طور التكوين -2-
- طريق النسيان
- البحث عن الحاضر الغائب -رواية-18-
- سفر في مقهى -الرايس -
- عالم جديد في طور التكوين -1-
- وجع بوجهين
- لماذا تم تأجيل الهجوم على النظام السوري ؟
- البحث عن الحاضر الغائب -رواية-17
- انا من هنالك
- أنا من هنالك
- بعيدا عن السياسة في قلب السياسة
- البحث عن الغائب الحاضر -رواية-15-
- انجازات الملك محمد السادس الغائبة
- شعرية الانفجار عند ايمان الونطدي
- عندما يصبح الانسان نفسه كذبة كبيرة


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - البحث عن الحاضر الغائب -رواية-20-