|
في مفهوم السيادة وأشياء أخرى
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4262 - 2013 / 11 / 1 - 20:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مفهوم السيادة وأشياء أخرى *********************** نتوفر في المغرب على سياسيين كلاسيكيين تقليديين ، لا يمتلكون أي حيوية تواصلية مع جماهيرهم داخل الوطن ، فكيف يمكن لهم أن يدافعوا عن سيادة المغرب وحقوقه الطبيعية ؟ . ان تشريح الداء هو الطريق الوحيد الى البحث عن الدواء المناسب لهذا الداء . فالنظام المغربي ما يزال يعتمد على سياسات تقليدية في ملامسة اشكالية الصحراء المغربية ، ولم يستفد أدنى استفادة من حركية الديبلوماسية ، سواء الرسمية أو الشعبية ، كما طورتها مجمل الأنظمة المعاصرة . فهو لا يزال يعتمد على قنواته الضيقة القديمة ، ولم يشرك مختلف المنظومات الموازية في مقاربة مصير جزء هام من ترابه . فلطالما اعتمدت الديبلوماسية المغربية على المقاربة الأمنية التي يمارسها النظام المغربي كآلية وحيدة لتصريف مختلف نشاطاته . وهذا ما جعل مجموعة من مشاكله تتراكم الى حدود الرؤية التعجيزية للحل . وهو ما يدفعنا الى التذكير كغيرنا من الوطنيين الأقحاح الى البحث عن السبل الكفيلة لوضع حد لهذا الملف المفتعل ، الذي جعله بعض المتهورين بقرة حلوبا ، أو ورقة خاسرة لتصفية حسابات ضيقة . المغرب ليس بلدا طارئا على جغرافية افريقيا ، بل هو البلد الذي تضرب جذوره في أعماق التاريخ . جغرافيته التاريخية مجتزأة في ظروف استعمارية معلومة في كتب التاريخ الحديث . وأي مساومة على شبر من أراضيه التي استرجعها باتفاقات وبمعاهدات دولية لا يمكن التهاون في الدفاع عنها بكل ما أوتي من قوة ورباط الخيل ، من قبل الصادقين في الدفاع عن هويتهم الجغرافية والتاريخية ، بعيدا عن جميع فنون الاسترزاق . سواء تم اعتماد تكتيكات سياسية وديبلوماسية ، أومساعي توضيحية وتصحيحية للمغالطات المفبركة في سياقات تاريخية ميتة . ان مسألة السيادة الوطنية مسألة محسوم فيها ، فنحن لسنا في بداية تشكيل العالم ، كما أننا لم نخرج توا من حروب استعمارية تقسيمية . وسيادة الموقف من سيادة الوطن . فحين كتب جون لوك ومونتسيكيو عن مفهوم السيادة ، فقد كانا مؤطرين بهدف تحديد مفهوم جديد لتقسيم السلط ؛ انطلاقا من مبدأ التعدد الموحد . ونحن اذا ما عدنا الى اعلان حقوق الانسان والمواطن لسنة 1789 الفرنسي، فسوف نجده يعلن بدقة أن : مبدأ أي سيادة يكمن أساسا في الأمة " ، بمعنى ان لا سيادة خارج الأمة ، بما يتضمنه من اجماع وتشاركية ؛ وهما الحلقتان المفقودتان في ملف الصحراء المغربية . والأمة هنا لا تعني وضعا اجتماعيا ثابتا ، بل هي تطور لا يقف عند المرحلة الحاضرة ، بقدر ما يرتبط بماضي الأفراد ومستقبلهم . من هنا تبرز الخطيئة الكبرى للنظام المغربي في ما يخص اشتغاله السلطوي على هذه القضية . فبتنا نعيش ضغوطا استفزازية وابتزازية أكثر ما نعيش وضعا قانونيا وحقوقيا . وهو ما كبد الشعب المغربي تضحيات كان في غنى عنها ، لو أن النظام المغربي تعامل مع قضية الصحراء المغربية برؤية منفتحة وديمقراطية . السيادة مفهوم مجرد في حقل العلوم الانسانية ، بينما اعتمد النظام المغربي على شخصنته في القصر الملكي وفي وزارة الداخلية والاستخبارات المدنية والعسكرية ، دون أن يحمل الشعب صاحب السيادة الشرعية مسؤولية الدفاع عن أرضه . مع أن الدفاع عن الأرض بمثابة الدفاع عن العرض . وهذا يوضح بجلاء اعتماد النظام المغربي على مفهوم ما قبل التقليدية السياسية للسيادة ، حيث يتكئ هذا المفهوم على السلطة المطلقة للملك ، ويغيب حتى السلطة الممثلة للشعب ، لأن ذهنية النظام المغربي ذهنية انعكاسية وليست تمثيلية ، تسلطية وليست تشاركية ، أنوية مفردة وليست جمعية شاملة . لكني واحد من أولئك الذين يدافعون عن جميع رموز السيادة من خلال مبدأ المواطنة والالتصاق بالهوية المكانية والزمانية ، دون الانطواء تحت أي انتماء حسير وضيق . فالوطن للجميع ، وجميع أراضيه وخيراته للجميع . وهنا مكمن الداء ، وهو هذا " الجميع " ، فلحد الآن ما زال النظام المغربي بجميع توابعه عاجزا عن استيعاب مفهوم الجميع . فهو يعتمد مبدأ الفردانية التي تذوب فيها كل الحشود والجماهير بجميع مصالحهم وطموحاتهم وقدراتهم ، ولا ادل على ذلك من اهداء بعض المتفوقين لمجهوداتهم ل"الملك " ، دون ذكر معاناة وتضحياة آبائهم وأمهاتهم . هنا نجدنا أمام تعارض شديد الانفصام والانفصال بين السيادة الوطنية والسيادة الشعبية ؛ رغم أن فلاسفة ومفكرين عديدين منحوا هذين المرتكزين اشباعا نظريا خصبا وغنيا . لا تعارض بين السيادة الوطنية ، وبين السيادة الشعبية الا في الأنظمة الديكتاتورية التي تعتقل فيها -السلطة العليا - كل السلط الأخرى وتخضعها لرغباتها . انه منطق السلطة المطلقة . لكن في زمن النسبية المطلقة . وهذا ما أجمله روسو في عقده الاجتماعي حين اعتبر الملك جزءا من الكل ، وليس كلا لا يتجزأ . فلسفيا ووجوديا ، نجدنا أمام شكل من التدبير السياسي الزمني خارج فلسفة العصر . فرغم ايمان الجميع بنسبية الوجود وموجوداته ، بكل محمولاتهما المعرفية والعلمية والاجتماعية ، الا أننا في ممارسة السياسة في المغرب ؛ كغيره من الدول المتخلفة ؛ نعتمد على اطلاقية الحاكم وسلطته المقدسة . وهو ما يحيلنا توا الى خلل عميق في تمثلنا لواقعنا وللزمن الذي نعيشه باستعارة رديئة . الصحراء مغربية ، جغرافيا وتاريخيا ووجدانيا وقانونيا . نقطة والى السطر . والحكم الذتي الذي منحه المغرب لهذه المنطقة هو من مخرجات التفاعل السياسي المعاصر ، حفاظا على الأمن الاقليمي والمناطقي . وأي ضوضاء او جلبة في الموضوع انما هو محض ابتزاز ، سواء كان من قبل ممثلي جبهة البوليساريو أو من الجزائر أو من دول غارقة في التخلف أكثر من المغرب ، أو من قبل دول لها حسابات استراتيجية بعيدة المدى للسيطرة على مقدرات الشعوب وخيراتها . والا فان تحليلا مؤسساتيا وعلميا دقيقا سينسف كل ادعاءات الاستقلال المزعوم لأراضي دولة عريقة لها تاريخ حضاري حافل وغني ، سواء باعتبارها معبرا لانتقال الحضارات الانسانية ،أو باعتبارها دولة ذات امتداد جغرافي امتد من طنجة الى تومبوكتو في عصر الدولة المغربية الذهبي . ومن يغفل قراءة التاريخ ، حتما سيغفل قراءة المستقبل . وأخيرا لا بد من افر اد تعريف جديد لمفهوم السيادة ، فهذا المفهوم شهد تطورا كبيرا ، ولم يعد يلتصق برأس الدولة ، بقدر ما اصبح يتفرع الى جميع أفراد الشعب . كما أن السيادة مفهوم جغرافي وذهني ، وهو ما يترتب عنه ضرورة منح السيادة للمواقف والأفكار ؛ باعتبارها ناتجة عن واقع معين يمتلك قدرا كبيرا من الشرعية القانونية والحقوقية .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مثقفو أحوال الطقس
-
حروب الظلام
-
غربة الشعر ،منظور جديد
-
رحيل أقسى من الخنجر
-
مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟ -3-
-
الأنبياء لا يندهشون
-
مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟ -2-
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-22-
-
حصن اللغة
-
الياس العماري وقضية علي أنوزلا
-
ضد مركزية الثقافة وتركيزها
-
يوم خارج التقويم
-
مؤشر الحلم والكابوس - قصة قصيرة -
-
ملامسة قشرة الحياة
-
لبن الأمل
-
خطاب البرلمان والعودة الى الوراء -1
-
مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟
-
موسيقى عسكرسة
-
المغرب وسياسة اللاسياسة
-
اله الدم
المزيد.....
-
صانعة المحتوى بيوتي يومي تتزوج في إيطاليا.. ماذا كشف بسام فت
...
-
تقرير: بريطانيا تستعين بشركة أمريكية لتنفيذ طلعات تجسس فوق غ
...
-
المجلس الأمني الإسرائيلي يقر خطة نتانياهو -للسيطرة على مدينة
...
-
الجزائر ترد على باريس وتلوح بـ-نقض- الاتفاق حول إعفاء حاملي
...
-
المجلس الأمني الإسرائيلي يقر خطة نتانياهو -للسيطرة على مدينة
...
-
فرنسا تواجه أكبر حريق منذ 1949.. دمار هائل في كوربيير وإجلاء
...
-
قرار إسرائيل السيطرة على مدينة غزة يثير قلقا دوليا وحماس تعت
...
-
رئيس الكونغو الديمقراطية يعيّن شخصيتين معارضتين في الحكومة ا
...
-
تنديد دولي بخطة إسرائيلية لاحتلال غزة
-
نيويورك تايمز: هكذا سقطت جماعة مؤيدة لفلسطين ضحية قانون بريط
...
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|